يتواصل عرضه في دور السينما... ويحقق إيرادات عالية
فيلم «القناص الأميركي» مثير للجدل ولنزعات دموية وخطابات كراهية
الوسط - منصورة عبدالأمير
تمكنت أخيراً، وبعد طول مكابرة، من مشاهدة فيلم «القناص الأميركي»
American Sniper،
الذي يثير كثيراً من الجدل منذ بدء عروضه قبل أكثر من شهر في دور السينما
في جميع أرجاء العالم. ردود الفعل تجاه الفيلم تفاوتت وتناقضت، ففي الوقت
الذي خرج فيه بعض مشاهدي الفيلم «الأميركان» من دور العرض الأميركية
ليعبروا عن تعطشهم للدم ورغبتهم العارمة في قتل «الوحوش»، «الأوغاد»،
«حثالة القمل»، في إشارة إلى العرب، وذلك عبر تغريدات ملأت موقع التواصل
الاجتماعي «تويتر»، في الوقت ذاته انطلقت حملة انتقادات واسعة للفيلم من
مفكرين ومثقفين أميركان.
الصحافية رانيا خالق التي تكتب في موقع
Electronic Intifada
أجرت عملية بحث سريعة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، وضمنتها في مقالها
لتبين مدى تفاعل الجمهور الأميركي مع الفيلم، ولتكشف حجم الكارثة الأخلاقية
التي تسبب فيها الفيلم. وتقول إحدى التغريدات، التي نقلتها رانيا «الفيلم
عظيم وأنا الآن أريد فعلاً أن أقتل بعض الأوغاد ال...»، فيما تقول تغريدة
أخرى «القناص الأميركي يجعلني أريد أن أقتل بعض العرب ال...». وتقول تغريدة
ثالثة «من الجميل أن نرى فيلماً يصور فيه العرب على حقيقتهم، إنهم حثالة من
القمل تريد تدميرنا».
الفنان جيمس وودز قال في إحدى تغريداته «في كل مرة يسحب جندي أميركي
الزناد، فإنه سيقضي على تهديد آخر لجندي أميركي». أما الممثل سيث روغين
فغرد قائلاً بأن الفيلم ذكره بفيلم شكّل حملة دعائية للقناصين النازيين وهو
فيلم
Inglourious Basterds.
الفيلم مقتبس من رواية تحمل نفس الاسم نفسه «القناص الأميركي» كتبها القناص
الأميركي كريس كايل، أشهر قناص في تاريخ العسكرية الأميركية إذ حقق أعلى
رقم في عدد الأشخاص الذين «قنصهم».
حقيقة، ولأن الفيلم من إخراج كلينت ايستوود، تصورت أنني سأكون على موعد مع
فيلم غاية في القوة والرصانة السينمائية. أليس هو مخرج روائع كثيرة، لعل
أقربها بالنسبة لي
Mystic» River 2003»
وفيلم
«Million Dollar Baby 2004».
نتذكر كم كانا فيلمين رائعين نالا إعجاب النقاد والمشاهدين. وما دام
ايستوود يعود بعد انقطاع عامين بهذا الفيلم كمخرج ومنتج، فنحن إذن على موعد
مع التميز. وما دام فيلمه أثار هذا الجدل، فهو بكل تأكيد فيلم مؤثر، رصين
وذو قيمة فنية عالية. الفيلم فاز بجائزة الأوسكار لأفضل مونتاج صوتي على
أية حال، عدا عن أن أرباحه على شباك التذاكر بلغت، حتى كتابة هذا المقال،
320 مليون دولار أميركي، والفيلم على رأس قائمة الأفلام التي حققت أعلى
الإيرادات في الولايات المتحدة في عام 2015. وعدا عن الأرقام القياسية التي
حققها الفيلم، فقد أثار انتباه الجميع من مشاهدين عاديين إلى نقاد وصولاً
إلى سياسيين ومفكرين.
الفيلم يروي القصة الحقيقية لكريس كما جاءت في كتابه، ويسرد يومياته في قنص
العراقيين أثناء الغزو الأميركي للعراق. يفترض، بحسب ما يبدو، بأن الشخصية
التي يطرحها الفيلم هي شخصية وطنية وبطولية. لا يبدو سبب ذلك واضحاً لي
كمشاهدة غير أميركية، لكن ربما يرجع الفيلم بطولة كريس لمهاراته العالية في
قنص المدنيين الأبرياء و»غير الأبرياء»، العزل والمسلحين، الرجال والنساء،
الكبار والصغار. كريس على أية حال حقق رقماً قياسياً في عدد الأشخاص الذين
قتلهم برصاصاته الغادرة. يرسل إلى العراق بمهمة واحدة فقط وهي حماية الجنود
الأميركان وإنقاذ أرواحهم من المدنيين حاملي السلاح!، الإرهابيين!،
القتلة!، وغير ذلك من أوصاف جاءت إما على لسان شخصيات الفيلم وعلى رأسهم
كريس (الذي يقوم بدوره برادلي كوبر) أو على لسان جمهور صالات العرض
الأميركي.
واقعاً، لم أجد في الفيلم أي تميز يجعله يستحق ما قرأت عن ترشيحه لعدد من
جوائز الأوسكار ومنها جائزة أفضل فيلم. ولأنني أقف من هذا الفيلم موقفاً
معيناً، لم أشأ الاعتماد على وجهة نظري، لجأت لمواقع نقدية عديدة، فجدت أن
النقاد الأميركان أنفسهم لم يعطوا الفيلم أكثر من 6 نقاط من عشر. صحيح أن
نسب المشاهدة عالية والجمهور أعطى الفيلم نقاطاً أعلى، لكن الجمهور في
الأغلب تحركه دوافع أخرى لا علاقة للمهنية بها.
الفيلم، حقيقة، مثير للاشمئزاز في تمجيده لشخص يمتهن القتل، يقتل الأطفال
والنساء بدم بارد، فقط لأنه يشتبه بهم. يهدد الأهالي ويهاجمهم في البيوت.
ويكون سلوكه ذاك رمزاً للشجاعة الأميركية. وليس ذلك فحسب بل على المشاهدين
أن يتعاطفوا معه، هذا المواطن البسيط الودود، رجل العائلة الطيب، الزوج
المحب... الذي اضطره «الأوغاد» أن يسفك دماءهم ويقنص أطفالهم ونساءهم.
أحاول ألا أصاب بالقرف وأن أقف من الفيلم موقفاً محايداً، لكنني أعجز عن
التجرد من إنسانيتي. وعلى الرغم من أن الفيلم أثار إعجاب قطاع كبير من
الجمهور الأميركي، الذي تحمس بعضهم لإرتكاب جرائم قتل بشكل ... مقرف ..
غاية في القرف، إلا أننا سنقول أن هؤلاء هم الجهلة المغيبون ... الذين يمكن
اللعب بعواطفهم وتوجيه وعيهم بفيلم سينمائي. على أية حال ذكرني ذلك بقصة
ساخرة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبل فترة تحكي قصة الذئب الشهير
في قصة «ليلى والذئب» وهو يشتكي من ليلى التي تسببت له بمشاكل عديدة حين
أكلها وجدتها!!!
تشومسكي: كلنا قناصون!
لكن، وكما انطلقت تعبيرات مقززة مؤيدة للفيلم متعاطفة مع القتل والقتلة،
فقد انطلقت أيضاً انتقادات حادة من مفكرين أميركان. على رأسهم المفكر
والبروفيسور الشهير نعوم تشومسكي الذي لم ينتقد الفيلم وحسب بل انتقد وسائل
الإعلام التي مجدته وأثنت عليه. تشومسكي تساءل في محاضرة ألقاها في نهايات
شهر يناير/ كانون الثاني 2015 عما يمكن أن يقوله فيلم يتحدث عن قاتل ذي دم
بارد، عن الشعب الأميركي.
انتقد التقارير الصحافية التي مجدت الفيلم وقال بأن هذه التقارير أهانت
النخبة المثقفة في أميركا، التي تشغل نفسها بنقاشات حول أعمال درامية لا
يشاهدها أحد فيما يتوجه الأميركان لمشاهدة أفلام عائلية وطنية تحقق أرقاماً
قياسية في يوم افتتاحها.
وعرف تشومسكي «الأفلام العائلية الوطنية التي «تدوخ» الأميركيين!» بأنها
«فيلم يتحدث عن القناص الأكثر فتكاً في التاريخ الأميركي، شخص يدعى كريس
كايل، استخدم مهاراته لقتل بضع مئات من الأشخاص في العراق».
وواصل «أول عملية قتل لكايل كانت لامرأة كانت على ما يبدو تسير في الشارع
وتحمل في يدها قنبلة يدوية، وذلك أثناء مهاجمة قوات المارينز الأميركية
لقريتها. وحين يقتلها بطلقة واحدة يقول كايل «أكره المتوحشين اللعناء الذين
أقاتلهم»، ثم يواصل «متوحشين، حقراء، أشرار... هؤلاء من نقاتلهم في العراق.
ولهذا يطلق كثير من الناس، وأنا منهم، لقب المتوحشين على العدو. لا يوجد
طريقة أخرى لوصف ما نواجهه هناك». تشومسكي أشار إلى أن صحيفة النيويورك
تايمز وصفت الفيلم بأنه «عظيم، ملتزم بالقيم السينمائية، ومعمول بشكل جيد»
في المقابل، فإن جيف ستين من النيوزويك وهو ضابط مخابرات أميركي سابق، قال
إنه فيلم مروع».
وأضاف تشومسكي «كريس اعتبر أول شخص قتله إرهابياً، وهي المرأة التي كانت
تسير في الشارع، وفي الواقع لا يمكننا أن نصف كريس بأنه قاتل سيكوباتي،
لأننا جميعاً كذلك لتسامحنا أو صمتنا عن السياسة الرسمية».
عقلية القناص كريس كايل، بحسب تشومسكي توضح ما يجعل الأميركان قادرين بكل
سهولة على تجاهل «الحملة الإرهابية الأكثر تطرفاً في التاريخ الحديث،
والواضحة بشكل كبير، وهي حملة أوباما العالمية للاغتيالات بإطلاق طائرات
بدون طيار، وهي تهدف بشكل رسمي لقتل الناس الذين يشتبه في كونهم يخططون
لإيذائنا».
تشومسكي أوصى بقراءة بعض تقارير مشغلي هذه الطيارات، والتي وصفها بأنها
«مروعة» وبأن هؤلاء الطيارين يحملون نظرة «لاإنسانية للأشخاص الذين
يستهدفونهم».
انهى تشومسكي حديثه خلال الأمسية بسؤال للجمهور «هل نحن جميعاً، على الأقل
ضمنياً، قناصون أميركيون».
من جانب آخر، أشارت صحيفة الغارديان في تقرير نشرته في 24 يناير/ كانون
الثاني 2015 إلى أن لجنة الأميركان العرب لمحاربة التمييز العنصري
American-Arab Anti-Discrimination Committee
بعثت برسائل إلى مخرج الفيلم كلينت ايستوود وبطله برادلي كوبر طالبتهما
بإدانة التهديدات التي أطلقها بعض مشاهدي فيلمهما ضد العرب والمسلمين
الأميركان. وقال متحدث باسم اللجنة «نريد من ايستوود وكوبر أن يقولا لا
تستخدموا فيلمنا لنشر الكراهية أو التعصب». وأضاف «إذا أرادا أن يمضيا
قدماً في هذا الأمر، يمكنهما على الأقل القول إن العرب في أميركا أميركيون
فقط كغيرهم». لكن كوبر وايستوود لم يستجيبا لهذه المناشدات ولم يعلقا
عليها. أحد مسئولي اللجنة أخبر صحيفة الغارديان بأن «خطابات الكراهية في
وسائل التواصل الاجتماعي ارتفعت بشكل عنيف بعد عرض الفيلم».
هورنبيرغر: نحن الأخيار وهم الأشرار
من الانتقادات الحادة التي وجهت للفيلم أيضاً، ما جاء في مقال كتبه جاكوب
هورنبيرغر من مؤسسة مستقبل الحريات
The Future of Freedom Foundation
في 20 يناير 2015 كتب فيه «كما أشار المسئول النازي هيرمان غورينغ، من
السهل على أي نظام أن يجعل شعبه يدعم حرباً. كل ما يجب عليه فعله هو أن
يخبر الناس بأنه تم مهاجمته ثم يتهم المعارضين له بأنهم يفتقدون الوطنية
وبأنهم يعرضون البلاد للخطر».
هورنبيرغر أشار إلى أن الفيلم لم يقدم أسباب حرب العراق، إذ كتب «ليس من
المستغرب، أن الفيلم، والكتاب الذي بني عليه، صورا حرب العراق بحسب العقلية
التقليدية التي تقول بأن «فريقنا» الذي يتكون من الأخيار يقف في مقابل
«فريقهم» الذي يتكون من الأشرار».
ويضيف «في الفيلم يشاهد كايل تقرير تلفزيوني عن تفجير سفارتي الولايات
المتحدة الأميركية في كينيا وتنزانيا والمدمرة الأميركية يو إس إس كول
USS Cole.
ولأنه اعتبر الهجمات عدوان على الولايات المتحدة، فقد قرر الانضمام إلى
الجيش. لكن ما لم يتم الإشارة إليه هو أن تلك الهجمات، تماماً مثل الهجوم
عام 1993 على مركز التجارة العالمي، كان رداً على ما كانت الإمبراطورية
الأميركية تفعله في الشرق الأوسط، بما في ذلك العقوبات التي قتلت الأطفال
العراقيين والمساعدات الخارجية غير المشروطة للحكومة الإسرائيلية، وتمركز
القوات الأميركية في الأراضي الإسلامية المقدسة، ومناطق الحظر الجوي فوق
العراق التي قتلت المزيد من الناس، بمن فيهم الأطفال، ودعم الولايات
المتحدة الطويل وشراكاته مع الأنظمة الديكتاتورية الوحشية والقمعية»
.
ويواصل هورنبيرغر «لم يكن مستغرباً ما جاء في الفيلم بأنه بعد كل جولة قتل
لكايل، كان يعود باضطراب في عقله. والرجل الذي بدا لطيفاً ودوداً يحمل روح
دعابة في بداية الفيلم، تحول إلى شخص يعاني من داء العظمة، عابس، وغاضب على
الدوام. وغني عن القول، فإن زواجه من امرأة رائعة أحبته كثيراً، تفكك، كما
حدث لكثير من الجنود الأميركان الذين خدموا في العراق والذين عادوا مضطربي
العقول. وبطبيعة الحال، يعزى كل ذلك إلى اضطراب ما بعد الصدمة. الواقع هو
أن السبب الحقيقي لذلك هو الشعور بالذنب، ذنب كبير، لقتل الناس ظلماً
وتدمير بلادهم، الذين لم يكونوا يفعلون سوى أنهم يمارسون حق الدفاع عن
أنفسهم بحسب ما تنص عليه بنود القوانين الدولية».
من الانتقادات التي وجهت للفيلم من بعض الدوائر، هو كونه مؤيداً للحرب، أو
موالياً للحزب الجمهوري، إلى انتقاد المخرج مايكل مور الذي قال فيه «تعلمت
منذ صغري أن القناصين جبناء» وذلك في تغريدة على صفحته على موقع التويتر.
كلينت ايستوود: فيلمي معاد للحرب
أخيراً استجاب مخرج الفيلم ومنتجه الممثل الشهير كلينت ايستوود للانتقادات
الكثيرة والحادة التي وجهت لفيلمه. استجابته وتصريحه شكلا مفاجأة... ربما
غير سارة وخصوصاً لمنتقدي فيلمه، الذين رأوا أن ايستوود كان من المفترض أن
يقدم فيلماً مناهضاً للحرب، وأن يقدم تصريحاً عبر الفيلم يقول فيه بأن
أميركا كان يجب ألا تخوض حرباً في العراق.
قال ايستوود «إن أكبر تصريح معاد للحروب يمكن لفيلم أن يقدمه هو أن يظهر
حقيقة ما تفعله الحرب لأسر أولئك الذين يتوجب عليهم أن يذهبوا إلى الحروب
مثل كريس كايل». أشار إلى أنه قبل بدء إخراج الفيلم، ذهب مع بطل الفيلم
برادلي كوبر إلى ولاية تكساس للقاء أرملة كايل وبقية عائلته، وكما أكد فقد
كانت الزيارة ذات قيمة كبيرة لبرادلي، لأنه تعرف على تاريخ الأسرة ومشاعرهم
حول الوضع برمته.
صحيفة «لوبس» الفرنسية نشرت في 12 فبراير/
شباط 2015، مقالاً كتبه كلينت ايستوود، نشرت صحيفة الحياة ترجمة له في 18
فبراير 2015. المقال بعنوان «قناص أميركي»... حياة متنازعة، كتب ايستوود
فيه
«بدأت
قراءة كتاب «سنايبر» (قناص) لصاحبه كريس كايل قبل ضلوعي في مشروع إخراجه.
حينها تخيلت شخصية كريس كايل على وجه مختلف من صورته حين بدأت إخراجه.
وصورتي عنه تغيرت بعدما قابلت كاتب السيناريو، جايسون هال الذي بدأ العمل
على النص قبل وفاة كايل وأمضى معه وقتاً طويلاً. والتقيتُ أرملته وأولاده
ووالديه. وأدركت أن الموازنة بين مشاهد الحرب في العراق ومشاهد حياة كريس
الشخصية والعائلية، حيوية، وقد تكون وراء نجاح الفيلم. فالمشاهدون يفهمون
الشريط فهماً غريزياً، ويرون أمامهم رجلاً متنازعاً بين ما يحسب أنه
«واجبه» وبين اضطراره إلى فراق ناسه.
وفي فقرة أخرى كتب «تعديلاتي على سيناريو جايسون هال كانت قليلة، أبرزها
تغيير مشهد قنــــص امرأة. ففي كتاب كريس كايل، يدور الكلام على قتل امرأة
فحـــسب. ولكن في دردشتي مع هال، اكتشفت أن كايل حذف من القصة أن طفــــلاً
كان برفقة السيدة. فهو خشي رد القراء إزاء قتل امرأة وطفل. كــــان
السيناريو أميناً لصيغة الكتاب، لكنني عدَّلتُه وصوَّرت مشهد قنــــص
السيدة والطفل. وأعتقد بأن ضغط كايل على زناد سلاحه لقتل الطــــفل كان
أصعب قرار أخذه، وهو أبلغ طبيب الأعصاب والصحة العقلية أنه قتل 160 شخصاً.
وأعتقد بأن العدد أكبر ويناهز الثلاثمئة. لذا، في الفيلم، يتوقف برادلي
كوبر عن الكلام حين يُسأل عن عددهم. والصمت قــبل استئناف الكلام إشارة إلى
أن الرقم الذي ذكره غير دقيق... والأغلب أن كايل نفسه لم يعرف عدد ضحاياه،
فهو كان يطلق عليهم النار من بعيد، ويجهل مصيرهم بعد إصابتهم. وأعتقد بأنه
لم ينسَ للحظة أنه يطلق النار على بشر مثله. وهو سعى إلى عقلنة أفعاله من
طريق وصف أهدافه بالمتوحشين والبرابرة».
وفي فقرة أخرى «رؤيتي تختلف عن رؤية كريس كايل. والحال أن عملية كتابة
سيناريو وإخراجه، تقلب الشخص الحقيقي - كريس كايل - إلى شخصية خيالية. ولقب
البطل أطلقه رفاق كريس عليه، مزاحاً. وهو كرهه ورفض أن يُنعت به. وحين
يقترب جندي معوق من كايل وابنه، ويقول للابن أن والده بطل، يبدو الانزعاج
على كريس».
وعن الحروب التي خاضتها بلاده، كتب ايستوود «كنت في الحادية عشرة حين وقع
هجوم بيرل هاربور عام 1941. مذ ذاك تناسلت الحروب: حرب كوريا، وحرب فيتنام،
وحرب أفغانستان، وحرب الخليج. وعارضت الحرب على العراق. فصدام حسين من غير
شك شخص طالح، ولكن إذا بادرنا إلى إطاحة كل الطالحين لن تتوقف عجلة الحروب.
وفكرة فرض الديموقراطية في كل أصقاع العالم نبيلة، ولكن من قال إن
الديموقراطية هي النظام الأمثل في كل الدول؟ وأميل منذ بضعة أعوام إلى
الأفكار الليبرتارية التي تعارض تدخل القوى الأجنبية. وأمضى الروس عقداً من
الزمن في أفغانستان، ثم طُرِدوا... الردود على الفيلم متباينة، وبعضها
صاخب، أُرحب بها على أنواعها. فالناس لن تشاهد فيلماً لا يؤثر فيها». |