مهرجان «أفلام السعودية» في الدمام.. البنات يخطفن ربع الجوائز
قاعة الحفل غصّت بالحاضرين وكشفت عن شعبية الفن السابع
الدمام: ميرزا الخويلدي
انتهت الأيام الخمسة لمهرجان «أفلام السعودية» وانفض السامر في وقت متأخر
من مساء أول من أمس بتوزيع الجوائز، في ليلة شهدت حماسا منقطع النظير
لجمهور عبر عن تعلقه بالفن السابع، حتى إن صالة جمعية الثقافة والفنون
أغلقت مبكرا بعد أن غصت بالحاضرين، تاركة حشدا من الشباب في الخارج لم
يسعفهم المكان لحضور العرس السينمائي.
مهرجان «أفلام السعودية»، الذي أقيم في الدمام، جاء تحت رعاية وزير الثقافة
والإعلام واشترك فيه ٦٦ فيلما، و٣٤ سيناريو، تنافست على مسابقة الأفلام
الروائية وأفلام الطلبة والأفلام الوثائقية ومسابقة السيناريو.
وكان لافتا حضور الفتيات السعوديات في هذه المسابقة، حيث حصلت ثلاثة أعمال
لشابات سعوديات على الجوائز وهو ما يمثل 25 في المائة من جوائز المهرجان.
وأعلنت لجنة التحكيم الفائزين في مسابقة جوائز أفلام الطلبة، حيث حصل فيلم
«ضائعون» للمخرج محمد الفرج على النخلة الذهبية. بينما حصل فيلم «ليس هكذا»
لأسامة الصالح وهو أحد الطلبة المبتعثين على النخلة الفضية، وحصل فيلم
«دورة عنف» للمخرجة نورة الفريخ على النخلة البرونزية.
وفي مجال جوائز الأفلام الوثائقية، حاز فيلم «الزواج الكبير» للمخرج فيصل
العتيبي على جائزة النخلة الذهبية، في حين حصل فيلم «حمال» للمخرج محمد
شاهين على جائزة النخلة الفضية. وحصل فيلم «البسطة» للمخرج والإعلامي محمد
الحمادي على النخلة البرونزية.
وفي جوائز الأفلام الروائية، حصل فيلم «شكوى» للمخرجة هناء العمير على
النخلة الذهبية، وحصل فيلم «حورية وعين» للمخرجة شهد أمين على النخلة
الفضية، ونال فيلم «نملة آدم» للمخرج مهنا عبد الله على النخلة البرونزية.
وفي مجال السيناريو حاز فيلم «نذر» للمؤلف والناقد المسرحي، عباس الحايك
على جائزة النخلة الذهبية، لأفضل سيناريو، بينما حصل سيناريو فيلم «رياض»
للشاب مالك صفير وهو أحد الطلبة المبتعثين في الولايات المتحدة على النخلة
الفضية، وحصل سيناريو فيلم «صالح» لحسين علي المطلق على النخلة البرونزية.
وشهد الحفل تكريم لجان تحكيم الأفلام، والتي ضمت عبد الله آل عياف،
والدكتور عبد الله الحبيب، وبسام الذاودي. أما لجنة السيناريو فقد شملت عهد
كامل، محمد حسن أحمد، وفريد رمضان.
وتم تكريم المشاركين في الورش التدريبية التي قدمها السيناريست محمد حسن
أحمد في كتابة السيناريو، والمؤلف الموسيقي أحمد حداد في موسيقى الفيلم،
والمخرج مالك نجار في الإخراج، والتي استفاد منها 45 متدربا.
يذكر أن جوائز المسابقات تبلغ ١٨٠ ألف ريال سعودي، تمنح للفائزين على هيئة
منح مالية لتنفيذ مشاريعهم القادمة.
حضر الحفل الختامي للمهرجان سلطان البازعي، رئيس مجلس إدارة الجمعية
السعودية للثقافة والإعلام، وعبد العزيز السماعيل، مدير عام الجمعية، ومدير
المهرجان أحمد الملا، وعدد كبير من الفنانين والمخرجين والمثقفين السعوديين
والجمهور.
وأعلن أحمد الملا، أن عروض المهرجان شهدت حضورا جماهيريا كبيرا يزيد على
1500 مشاهد يوميا. وبلغت حصيلة الزوار الذين توافدوا على المهرجان 7500
مشاهد في خمسة أيام.
ويسعى المهرجان ليكون محركا لصناعة الأفلام ومعززا للحراك الثقافي في
المملكة، وتوفير الفرص للمواهب السعودية من الشباب والشابات المهتمين في
هذه الصناعة، والاحتفاء بأفضل ما تنتج، وخلق بيئة لتبادل الأفكار بينهم.
والمهرجان برأي سلطان البازعي «هو جزء من البرنامج الوطني لصناعة الأفلام
الذي بدأ في ستة من فروع الجمعية وسيمتد ليغطي بقية الفروع خلال العام
الحالي. ويسعى إلى تبني الشباب وتعزيز من قدراتهم الفنية في امتلاك أدوات
العمل على هذه الوسيلة الاتصالية الهامة».
وكشفت الأيام الخمسة للمهرجان عن مدى الحماس الذي لف الشباب السعودي الذين
شاركوا في فعالياته من مختلف أرجاء البلاد، وبعض المشاركات جاءت من طلبة
سعوديين مبتعثين في الولايات المتحدة، كما استقطب المهرجان نحو 400 شاب
وشابة من مختلف أرجاء المملكة عملوا على تنظيم وخدمة المهرجان وزواره.
وتحدث أحمد الملا في الحفل الختامي مساء أول من أمس، قائلا: «لقد أذهلنا
الحماس الذي تدفق في حديث مدربي الورش وهم يصفون المتدربين والمتدربات وما
أنتجوه من تطبيقات خلال ساعات التدريبات المكثفة، واللمعة التي لمحناها في
أعين أعضاء لجان التحكيم وهم يتبادلون الإعجاب والدهشة، سرا حول الأفلام
المشاركة، إضافة إلى الروح المفعمة بالحيوية والبحث عن المعرفة التي تجلت
في الحوارات والنقاشات الليلية من طرف صناع الأفلام مع الشخصيات المستضافة
من المبدعين الكبار والنقاد والأدباء من مختلف دول الخليج. وهذا ما جعلنا
نشاهد حضورا جميلا، شد من أزرنا على مدار عروض المهرجان بما يزيد على 1500
مشاهد يوميا».
أما المخرجون المشاركون في هذا المهرجان، فاختاروا شابا ليتحدث في الحفل
الختامي، هو المخرج محمد الهليل، الذي قال: «نرى لنتعلم، نتطلع لأن نعمل
بتكاتف، لتعزيز ثقافة صناعة الأفلام، كفن بالمجتمع السعودي، بمختلف فئاته
العمرية، وبالأخص الشباب، كونهم الشريحة الأهم في المجتمع، ومحور الحراك
الفكري والثقافي».
وأضاف: «للتو بدأنا، وأمامنا الكثير، فمثل هذه المهرجانات، هي التي تقوم
بتطوير صناعة الأفلام، وتحمسنا في الاستمرار، يمكن أن أقول، لن أجد فنا
أجدى لي، أن أسير بين سطوره بشكل حثيث، كي أخدم الوطن، وشعب هذا الوطن،
بأفضل ما لدي». ومضى يقول: «إن مشاركة كهذه هي مقدمة لرد الجميل لبيتنا
الكبير الذي يحوينا ويقينا، ومعادن الأفراد في ميادين الحياة، تتفرع منهم
صفات على المصاعد الإنسانية والاجتماعية والثقافية والعلمية والعملية:
الصدق، الإخلاص، العطاء، التفاني، الإنجاز والقيادة».
الحماس الذي شهده المهرجان يضيف رصيدا إضافيا للفن السابع الذي يسير بخطى
متعثرة في المملكة، لكنه يستقطب جمهورا عريضا ومبدعين محليين في صناعة
الفيلم. فالسعودية التي لا تملك صالة عرض سينمائية واحدة، تعتبر من أكثر
الدول استهلاكا للفن السابع، سواء عبر المشاهدة المنزلية، أو عبر السفر
للدول المجاورة كالبحرين مثلا لمتابعة آخر العروض السينمائية.
ولم تكن السينما غائبة في المملكة بهذا المعنى حتى مطلع عام 1980 من القرن
الماضي، فقد كانت تتخذ لها مكانا مهما في المدن الكبيرة كالظهران وجدة
والطائف، وكان الناس يسيرون ببطء نحو دور السينما العفوية. في الوقت الذي
كان فيه أهالي الشرقية، وخصوصا موظفي شركة أرامكو، يتعرفون على الأفلام
الأجنبية والبوليسية عبر صالتين للسينما في رأس تنورة والظهران، عرف الناس
في جدة وعلى امتداد سنوات طويلة تناهز الأربعين عاما، العروض السينمائية
التي كانت تقدم في أكثر من عشرة مواقع للعرض بعضها لا يتعدى أحواشا أو
صالات وسط الأحياء السكنية، وقيل إن فؤاد جمجوم كان لديه محل خاص لتأجير
أجهزة السينما في حي البغدادية سنة 1960.
ومع هذا الاهتمام بالسينما برزت صناعة سينمائية سعودية وإن بشكل خجول، فلم
يحتج الشباب السعوديون في طفرتهم نحو السينما سوى لبضعة برامج إلكترونية
واتصال عبر الشبكة العنكبوتية لكي يلحقوا تجاربهم بركب الصناعة السينمائية
في العالم، مستفيدين من تقنيات عصر الديجتال في التصوير والمونتاج
والإخراج، وكذلك في المؤثرات البصرية والصوتية، وساهم الإنترنت في إيصال
أحدث التقنيات والنظريات الفنية لكي يستعين بها الشباب في إعداد موادهم،
وما كان حلما الوصول إليه قبل سنوات، أصبح اليوم حقيقة بفعل تقنية الاتصال،
أما الانتشار، فهو الآخر استفاد من التقنيات المعاصرة، فأصبحت الأفلام
تنتقل ويجري تداولها عبر المواقع الإلكترونية، لتؤسس فضاء سينمائيا ثريا،
تختمر داخله التجارب الهاوية للشباب السعوديين.
وقد أبانت التجربة السينمائية السعودية عن إمكانات هذه الصناعة الفنية
وقدرتها على التأثير في الرأي العام ومطاولة قضاياه الحساسة. والأهم من حجم
ونوعية الأفلام السينمائية السعودية، ما تطرحه من موقف من الفن السابع،
الذي رغم كونه محظورا، فإنه ينمو وينتشر، ورغم عدم وجود صالات عرض سينمائية
فإنه يجتذب مواهب شبابية من الجنسين اتجهت نحو الأفلام الوثائقية التي
تتناسب وحجم الإمكانات المتواضعة لهؤلاء الشباب. |