لا كرامة لفيلم فى وطنه
فيلم الميدان الذى نافس على الأوسكار.. لم ير النور
فى مصر
رشا عبدالحميد
رغم أنه خاض المنافسة على جائزة الأوسكار أفضل فيلم وثائقى، وشاهده
العالم، لكنه لم ير النور فى بلده..هكذا تحدثت وكالة الاسوشيتد برس
عن الفيلم المصرى «الميدان».
خسر الفيلم جائزة الأوسكار، لكن ذلك لم يمنع صوله على اهتمام واسع
من جانب الصحف ووكالات الأنباء الغربية، لا سيما «الأسوشيتيد برس»،
التى أسهبت فى الحديث عنه بشكل مفصل فى تقرير لها تزامن مع الإعلان
عن جوائز الأوسكار.
وذكرت الوكالة أن الفيلم لم يعرض فى أى مهرجانات مصرية أو فى دور
العرض بعد مشاكل مع الرقابة، وفق الوكالة رغم أن الرقابة سبق أن
أعلنت أن الفيلم لم يتقدم رسميا بطلب العرض فى مصر.
ونسبت الوكالة لصناع الفيلم أنه حجب «بسبب انتقاد تلك الحكومات
المدعومة من الجيش فى البلاد، ولكنهم مازالوا يأملون فى الحصول على
موافقة لتوزيع الفيلم على نطاق أوسع».
وقال كريم عامر، منتج الفيلم، مستخدما مقولة لإحدى الشخصيات
المحورية فى الفيلم لوصف تصرفات الحكومة المضادة للثورة «إنها نوع
من السياسة المقنعة فى البيروقراطية».
وقد سمى الفيلم باسم «الميدان»، فى إشارة إلى ميدان التحرير أو
ساحة الحرية، حيث تجمع الملايين من المصريين للاحتجاج على نظام
الرئيس الأسبق حسنى مبارك، والمخلوع الرئيس الإسلامى محمد مرسى،
كما يروى الاضطرابات الأخيرة فى البلاد، منذ تنحى مبارك وحتى اغسطس
2013 قبل أن تقوم قوات الأمن بفض ميدانى رابعة العدية ونهضة مصر.
فيروى الفيلم القصة من خلال أعين ثلاثة من المتظاهرين من خلفيات
مختلفة، أحمد حسن وهو شاب ناشط من الطبقة العاملة، خالد عبدالله
ممثل بريطانى مصرى نشأ فى الخارج، ومجدى عاشور وهو احد أعضاء جماعة
الإخوان المسلمين، والتى تم وصفها كمنظمة إرهابية من قبل الحكومة،
ويتتبع الفيلم مساراتهم الايديولوجية من الأمل إلى خيبة الأمل.
ويتمسك عاشور بالاحتجاج فى الساحة حتى بعد أن منعت الجماعة أعضاءها
من التظاهر، لأنه وكما يقول لا تزال مطالب الثورة لم تحقق من
الزعماء المؤقتين للدولة، أما عبدالله فيناضل من أجل إقناع والده
المنفى ان نشاطه من شأنه أن يؤتى ثماره، وحسن يعانى من إصابة فى
الرأس اثناء رمى الحجارة على قوات الأمن ويشعر بالاكتئاب.
ويقول حسن اثناء مشاهدته للجرحى المحتجين تنقلهم سيارات الاسعاف
«إن الناس الأحرار والصالحين يدعون بالعملاء والخونة، والعملاء
والخونة يطلق عليهم أبطال».
وقالت مخرجة الفيلم جيهان نجيم، التى نشأت فى مصر، إنها أرادت ان
تروى القصة بطريقة تسمح للمشاهدين بالشعور أن هذه هى الطاقة والروح
الموجودة فى الميدان.
ويتضمن الفيلم لقطات لأجساد مغطاة بالدماء حطمتها الآليات
العسكرية، ويسحب رجال الشرطة اجساد المحتجين عبر الشارع ومشاهد
وحشية أخرى، ويقول احد المحتجين «جيشنا يقتلنا، إنهم يقتلوننا، لقد
نسوا مصر».
واكتسب الفيلم شهرة فى الغرب، وفاز بالجوائز فى مهرجانات صندانس
وتورنتو ومونتريال.
والفيلم متاح فى مصر فقط من خلال اليوتيوب والتحميل غير المشروع،
وبعد أن أعلنت الاكاديمية ترشيحات جوائز الأوسكار تم طرح الفيلم
على الانترنت عبر قراصنة،، وأشار عامر إلى أن هناك اكثر من 1.5
مليون شخص شاهدوا الفيلم عبر الانترنت، قبل أن يقول «ما كان رائعا
بالفعل هو أن نرى القدرة الساحقة للانترنت لإظهار الحقيقة من
الخيال».
فيما قال أحمد عواض، رئيس الرقابة على المصنفات الفنية، للوكالة،
إن لفيلم لم يتم منعه فى مصر لأى اسباب سياسية، ولكنه لم يعرض لأن
منتجى الفيلم لم يقدموا الأوراق المناسبة، وقال إن ما يقوله صناع
الفيلم من منع عرض الفيلم هى مجرد دعاية تهدف إلى زيادة جذب
الانتباه والاهتمام للعمل.
وأضاف حول منافسة الفيلم على الأوسكار «انا سعيد جدا لترشح الفيلم
للأوسكار، لأنه مستوى عال جدا من الفن، ونحن لسنا ضد الفيلم ولكن
هناك قوانين ولا استطيع ان اقوم باستثناءات».
وعلى الجانب الآخر اكدت جيهان نجيم ان فريق العمل قدم الفيلم
للرقابة فى سبتمبر وحصل على تصريح شفهى بعرض الفيلم فى احد
المهرجانات ولكنها أوضحت ان الفيلم لم يتلق خطابا رسميا فى هذا
الشأن، ولم يشعر صناع الفيلم بالراحة بالاستمرار بدون تصريح رسمى
بالنظر إلى المناخ السياسى المتوتر، واضافت أنها تستأنف تقديم
الأوراق الإضافية.
وبعض المصريين الذين شاهدوا الفيلم قالوا ان الفيلم مقدم اكثر إلى
الجمهور الغربى ليعرفهم ويفسر لهم تاريخ البلاد أخيرا وأنه يلقى
الضوء على بعض الاحداث ولا يلتقط الفارق فى السياسة بعد الثورة،
وفق الوكالة.
اما جو فهيم، وهو ناقد سينمائى، فيقول إن الفيلم ليس تحفة فنية
ولكنه يعتقد أنه مهم بالنسبة للجمهور المصرى لأنه يمكن أن يكون
بمثابة سجل للاضطرابات السياسية فى البلاد، موضحا «انه تذكرة
للتاريخ المضطرب فى الثلاث السنوات الماضية».
اما نجيم التى حصلت الشهر الماضى على جائزة نقابة المخرجين كأفضل
فيلم وثائقى عن فيلم «الميدان»، فتقول الفيلم هو قصيدة للنشطاء
الذين كانوا السبب فى قيام الثورة.
ويقول عامر: «على الرغم من النكسات فالذى تغير فى مصر هو ان صوت
الشباب المصرى الذى ولد فى هذا الميدان غير مستعد للتنازل واعتقد
ان هذا هو ما يسجله ويعرضه فيلمنا. |