يعزز فوز فيلم «12 سنة عبدا» بجائزة الـ«بافتا» التي أعلنت في
السادس عشر من هذا الشهر، من احتمالات فوز هذا الفيلم بالأوسكار،
وهو الاحتمال الذي لم يكن مستبعدا على أي حال.
هذا الفيلم الذي أخرجه البريطاني ستيفن ماكوين حول وضع الرق الأسود
في القرن التاسع عشر قبيل الحرب الأهلية الأميركية نافس أربعة
أفلام أخرى في الدورة السابعة والستين من جائزة الأكاديمية
البريطانية لفنون الفيلم والتلفزيون هي ذاتها التي سينافسها في
معركة الأوسكار القريبة، في 2 مارس (آذار) المقبل، وهي «نصب
أميركي» (أميركان هاسل) و«كابتن فيليبس» و«جاذبية» (غرافيتي) و«فيلومينا».
و«جاذبية» تمتع بفرصتين في سباق الـ«بافتا»، إذ علاوة على اشتراكه
في سباق أفضل فيلم، اشترك أيضا في مسابقة «أكثر الأفلام البريطانية
تميزا» أمام «فيلومينا» (ترشيح مزدوج أيضا) و«مانديلا: المسيرة نحو
الحرية» و«اندفاع» و«إنقاذ مستر بانكس» و«العملاق الأناني».
«جاذبية» (توزيع وورنر وتمويلها) اعتبر بريطانيا (نسبة لأن بذرة
المشروع تبعت شركة بريطانية) كذلك الحال مع «إنقاذ مستر بانكس»
و«اندفاع» وهي جميعا أفلام معتبرة أميركية أو، في أفضل الأحوال،
أميركية - بريطانية، ومن توزيع شركات مثل وولت ديزني ويونيفرسال،
وهذا دلالة على اختلاط الأوراق الإنتاجية، بحيث بات من الصعب
اليقين من هوية الفيلم الممنوحة ما يدفع بعض النقاد على إرجاع
الهوية إلى مخرج العمل، وهو بدوره ليس اختيارا صائبا.
في قسم «أفضل فيلم ليس باللغة الإنجليزية»، تفنن على تسمية «فيلم
أجنبي» أم مزيدا من التحديد؟ ذهبت الجائزة إلى الفيلم الإيطالي
«الجمال العظيم» لباولو سورنتينو (وهو الفيلم المرشح كذلك لأوسكار
أفضل فيلم أجنبي). في المقابل أخفق في الحصول على هذه الجائزة فيلم
«وجدة» للسعودية هيفاء المنصور و«الأزرق اللون الأكثر دفئا»
للتونسي الأصل عبد اللطيف كشيش.
ازدواجية الانتساب تلعب دورها أيضا في هذا المجال، فوجود جائزة
مخصصة للأفلام التسجيلية لم تمنع «فعل القتل» لجوشوا أوبنهايمر
(ومن إنتاج نرويجي/ دنماركي / بريطاني مشترك)، من الاشتراك بمسابقة
أفضل فيلم أجنبي أيضا. وما خسره هناك فاز به هنا عنوة على أفلام
أخرى في هذا القسم لم يتم عرضها للصحافة أو اشتراكها في مهرجانات
كبيرة. بصرف النظر عن مستويات هذه الأفلام، ومنها «سمكة سوداء»
«كذبة أرمسترونغ» و«نسرق أسرارا» (الفيلمان الأخيران من إخراج
أليكس غيبني) إلا أن «فعل القتل» تميز بصوت أعلى. بالنسبة لكثيرين
هو فيلم رائع، لكن ذلك لا يمنع من القول إنه فيلم يوظف الأمور كما
يشاء خالطا بين التسجيلي والواقعي ومعيدا صياغة أحداث بأشخاص جدد.
* النوم مع الأسماك جائزة فيلم الرسوم المتحركة الطويلة نالها، كما
كان متوقعا «مجمد» (وعن جدارة حين مقارنته بالفيلمين اللذين نافساه
عليها «جامعة الوحوش» و«ما أحقرني 2»)، بينما جائزة الأنيميشن
للفيلم القصير ذهبت إلى فيلم «النوم مع الأسماك» الذي أخرجه ثلاثة
من بينهم عربي اسمه يوسف الخليفة (لجانب سارا وولنر وجيمس ووكر).
أما جائزة الفيلم الروائي القصير فنالها فيلم ثنائي الإخراج هو
«الغرفة 8» من تحقيق صوفي فينر وجيمس غريفيث.
في الجوانب المهنية نال المكسيكي ألفونسو كوارون بافتا أفضل مخرج
عن «جاذبية» ومن منافسيه ستيف ماكوين «12 سنة عبدا» وديفيد راسل
«نصب أميركي» ومارتن سكورسيزي «ذئب وول ستريت» والأربعة ينافسون
كوارون أيضا على أوسكار أفضل مخرج. المخرج الخامس «بافتاويا» هو
بول غرينغراس عن «كابتن فيليبس»، وهو الاختيار الذي استبدلته لائحة
الأوسكار بألكسندر باين عن فيلمه «نبراسكا».
«نصب أميركي» من كتابة إريك وورن سينجر و(مخرجه) ديفيد أو راسل وهو
فاز بجائزة أفضل سيناريو أصلي، عنوة على سيناريوهات «بلو جاسمين»
و«جاذبية» و«داخل ليوون ديفيز» و«نبراسكا»، وفي قسم السيناريو
المقتبس، نال البافتا «فيلمومينا»، كتابة جف بوب وستيف كوغن، عنوة
عن سيناريوهات أفلام «12 سنة عبدا» و«وراء الشمعدان» و«كابتن
فيليبس» و«ذئب وول ستريت».
في الموسيقى عاد «جاذبية» إلى الواجهة ففاز عنه ستيفن رايس (وهو
يستحقها فعلا) عنوة عن موسيقيين مهرة ثلاثة منهم ذوو أسماء أشهر
منه مثل جون ويليامز عن «لص الكتاب» وهانز زيمر «12 سنة عبدا»
وتوماس نيومان «إنقاذ مستر بانكس». المرشح الخامس هو هنري جاكمان،
الذي وضع موسيقى (جيدة أيضا) لفيلم «كابتن فيليبس».
ثم هو «جاذبية» مرة رابعة في سباق أفضل تصوير (قام به إيمانويل
لوبشكي، وخامسة في سباق أفضل صوت وسادسة في مجال أفضل مؤثرات بصرية
(في هذه المسابقة الأخيرة فاز على «أيرون مان 3» و«ذا هوبيت: دمار
سموغ» و«باسيفيك ريم» و«ستار ترك داخل الظلام»).
لكن جاذبية خسر أمام «غاتسبي العظيم» في مسابقة «التصميم الإنتاجي»
وأما فيلم «اندفاع» في سباق التوليف.
رجالي ونسائي حين يأتي دور التمثيل والممثلون نجد أربع مسابقات في
هذا الجانب تشابه أيضا الأربعة الموجودة في إطار سباق الأوسكار:
أفضل ممثل في دور رئيس وأفضل ممثلة في دور رئيس ثم أفضل ممثل مساند
وأفضل ممثلة مساندة.
البريطاني شيويتل إجيوفور هو رابح بافتا أفضل ممثل رئيسي عن «12
سنة عبدا». بذلك تجاوز أربعة مرشحين، ثلاثة منهم لديهم حظوظ في
الأوسكار وهم كرستيان بايل «نصب أميركي» وبروس ديرن «نبراسكا»
وليوناردو ديكابريو «ذئب وول ستريت». الممثل الخامس هو توم هانكس
عن دوره في «كابتن فيليبس» وهو الممثل الذي استبعد من قائمة
الترشيحات الرسمية للأوسكار واستبدل بماثيو ماكوهوني عن «دالاس
بايرز كلوب». المنافسة هنا كانت صعبة وهي في الأوسكار لا تقل
صعوبة.
في القسم النسائي فازت كايت بلانشيت بالبافتا عن دورها في «بلو
جاسمين» وهي بذلك تجاوزت آمي أدامز عن دورها (المحدود في الواقع)
في «نصب أميركي» وإيما تومسون عن «إنقاذ مستر بانكس» وجودي لينش عن
«فيلومينا» كما ساندرا بولوك عن «جاذبية». كلهم، باستثناء إيما
تومسون مشاركات في سباق الأوسكار أيضا.
على صعيد الممثلات المساندات نالت الـ«بافتا» جنيفر لورنس عن «نصب
أميركي» وانهزمت أمامها كل من جوليا روبرتس «أوغست: مقاطعة أوساج»
ولوبيتا نيونغو «12 سنة عبدا» وأوبرا وينفري «الخادم» وسالي هوبكنز
«جاسمين الحزينة». كلهن باستثناء أوبرا وينفري يتنافسن على الجائزة
نفسها في سباق الأوسكار.
«بافتا» أفضل ممثل مساند ذهبت لبارخاد عبدي، الذي لعب دور أحد
متزعمي القراصنة الصوماليين في «كابتن فيليبس» (وهو مرشح للأوسكار
عن دوره هذا) وأخفق في نيلها كل من برادلي كوبر عن دوره في «نصب
أميركي» ودانيال برول عن «اندفاع» ومات دامون عن «وراء الشمعدان»
ومايكل فاسبيندر عن «12 سنة عبدا».
جوائز الـ«بافتا» هي المحطة الرئيسة الأخيرة قبل جوائز الأوسكار.
البعض يرى أن لها تأثيرا على من سيفوز بالأوسكارات في مختلف
المجالات. لكن الحقيقة أن معظم أعضاء الأكاديمية الأميركية صوتوا
قبل إعلان الـ«بافتا». وسيكون من المصادفات إذا ما تطابقت النتائج
بنسبة كبيرة. |