عرض فيلمه الجديد
"شانتراباس"
مهرجان كان يلقي "نظرة ما" على
أيوسيلياني
كان - محمد رضا
يُحتفى بالمخرج أوتار أيوسيلياني، الذي يعرض له مهرجان “كان” فيلمه الجديد
“شانتراباس” (125 دقيقة) في تظاهرة نظرة ما ضمن برنامج “عروض خاصّة”، بأنه
من السينمائيين- المؤلّفين في فرنسا، ثم يختلف البعض في تحديد أهميّته في
هذا النطاق . البعض يراه من بين الأساسيين ومنهم من يراه من بين الثانويين
في هذا المجال . ولو أن تحديد القيمة يبدو هنا مرتبطاً بعدد أفلامه (12
فيلماً طويلاً في 50 سنة) التي آخرها هذا الفيلم، أكثر من ارتباطه بتقييم
فعلي لأعماله من هذه الزاوية تحديداً .
من بين ال 12 فيلماً هناك 9 أفلام روائية و3 وثائقية طويلة بالإضافة إلى
عدد محدود من الأفلام القصيرة) والجامع بين أعماله أسلوبه القائم على رصد
شخصيات متعددة عوض الاكتفاء بشخص واحد وخلال ذلك، نراه عادة ما يرصد “ثيمة”
حياة مراقباً إياها عن بعد كما لو أنه جار للمكان فتح نافذته وأخذ يرقب من
بعيد ما تفعله الشخصيات الأخرى .
ليس الوحيد الذي يرصد شخصيات متعددة في قالب واحد من الأحداث، لكنه في هذا
الإطار من أبرزهم اليوم وأكثرهم عرضة للتناسي كون أفلامه متباعدة . حين نال
“حدائق في الخريف”، جائزة لجنة التحكيم الخاصّة في 2007 كان مرّ خمس سنوات
على إنجازه الفيلم السابق “صباح الاثنين” الذي نال عنه جائزة اتحاد النقاد
السينمائيين الدوليين في مهرجان برلين في ذلك العام .
شخصيات أيوسيلياني هي في واقعها مجموعات من مختلف القطاعات ينطلق المخرج من
وسط البيئة التي يعيشونها . لا يوجد خط قصصي واحد يتبلور أو يتميّز أكثر من
سواه، بل خطوط عدّة ولو أنها تنبع من تلك النقطة المركزية ألا وهي البيئة .
هذا، وتحبيذ واضح لاقتصاديات الصمت، ما جعل عديدين يعتبرونه أقرب، في
سينماه، إلى الكوميدي الفرنسي جاك تاتي، لولا أن تاتي كان لديه ما يثير
مشاهديه من ضحك ناتج عن القيمة الكبيرة لفن العرض والتعليق الساخرين، في
حين أن أيوسيلياني عادة ما يرقب بلا انفعال، حتى حين يكون لديه مشهد كبير
مفاجئ يجيء بلا بناء درامي مسبق، كحال الأحداث الصغيرة التي تتوزّع في
أركان فيلمه .
في هذا السياق، فإن اللقطات البعيدة هي الأنسب لترجمة هذه الاهتمامات . لو
كان أيوسيلياني بالفعل جاراً يشهد من نافذته ما يمر به جيرانه من أحداث،
فإن بعده عن كل منهم هو بعد الكاميرا ذاتها . المسافة واحدة . في القليل من
المرّات يقدم على لقطة قريبة لكن هذه اللقطة لن تكون لوجه . وفي ذلك أيضاً،
وإلى جانب الصمت الذي يستخدمه كلحاف يغطّي به أناسه (مرّة أخرى الجار لا
يسمع ما يدور، فإذا كان هذا مفهوم أيوسيلياني فإننا لن نسمع أيضاً ما يدور
في غالب الأوقات) هناك اقتصاد اللقطات وهو في ذلك ذات الاقتصاد الذي يمارسه
المخرجون المتأمّلون الآخرون مثل أنجيلوبولوس، زاخاروف، تاركوسكي أنطونيوني
الخ . . . على اختلاف مشارب هؤلاء وتنوّع أساليبهم . اقتصاد يمنح المونتاج
دوراً مخالفاً للبناء السردي الذي أسسه ايزنشتاين وطوّره غريفيث وسارت عليه
معظم السينما.
إذاً، اقتصاد في اللقطات من حيث قلّتها عدداً وتنويعاً . اقتصاد في الكلام
ثم هناك اقتصاد في الموسيقا . الموسيقا التي يستخدمها المخرج قليلة في
أفلامه، وليست بهدف مصاحبة حالة درامية متصاعدة، وعادة، وربما دائماً إذا
لم أكن مخطئاً، مقطوعة بيانو كلاسيكية .
في أحاديثه اعترض أيوسيلياني على أن سينماه تشابه سينما جاك تاتي . إنه
اعتراض نجده بين كثيرين من المخرجين الذين يعتبرون المقارنة تقتنص قدراً من
فرديّتهم . لكن أيوسيلياني يستند إلى أهم الفروقات ليجعل منها كل الفرق:
تاتي كوميدي، هو راو حكايات . وفي فيلمه الجديد “شانترباس” الذي عرض في
مهرجان “كان” ما يؤكد هذا الاعتبار . اوسيلياني يروي حكايات متعددة تدور في
فلك عالمه وهمومه: من السينما إلى رصد الحياة ومن وضع خيالي صرف إلى وضع
مستوحى من الواقع الذي يبدو مستقى من ذكرياته الخاصّة . في كل ذلك، يعبر
المخرج المساحة بين الجانبين الواقعي والخيالي بأسلوبه المنتظم وغير المثير
لا لتفاصيل الواقع ولا لشطحات الخيالي متحدّثاً عن هجرته وعن الحرية التي
كان يتوق إليها ليعبّر من خلالها عن وجوده الخاص . كل ذلك في حكاية تقع في
جورجيا زمن انضوائها تحت ستار الاتحاد السوفييتي .
####
نقاد المهرجان أشادوا بجهودها
الإنتاجية
أبوظبي تنقب عن الذهب في عالم
السينما
ركزت أشهر المجلات الفنية والسينمائية العالمية على انطلاق صناعة سينمائية
مزدهرة في العاصمة الإماراتية من خلال مشاريع هيئة أبوظبي للثقافة والتراث،
وشركة “ايميج نيشن” التابعة لشركة أبوظبي للإعلام، مُشيرة إلى أن أبوظبي
تدخل الأروقة السينمائية العالمية بقوة وتميز .
وعبرت إدارات شركات الإنتاج في هوليوود ومنتجون عالميون عن انبهارهم
بالدخول الإنتاجي والاستثماري لهيئة أبوظبي في عالم السينما العالمية .
وتوقع محللون أن تقوم استثمارات هيئة أبوظبي في مجال الإنتاج السينمائي
بإعادة القطار إلى سكة الإنتاج المتميز بعد الأزمة المالية العالمية
والكساد الذي عمّ هوليوود .
ورحبت شركات الإنتاج بالدخول “الذكي والباهر” لأبوظبي في مجال الإنتاج
السينمائي العالمي، في وقت تحتاجه شركات الإنتاج التي تعاني الأزمة المالية
العالمية .
وتناولت مجلة “فراييتي” احدى أهم المجلات السينمائية المتخصصة ومجلة
“هوليوود ريبورتر” المهتمة بالصناعة السينمائية في هوليوود و”سكرين دايلي”
وهو موقع رائد ومتخصص في الصناعة السينمائية، في تحقيقات من أروقة مهرجان
“كان” نشاط هيئة أبوظبي للثقافة والتراث وشركة “ايميج نيشن” كشركة مستثمرة
في صناعة السينما العالمية .
وأشارت المطبوعات الفنية العالمية المتخصصة إلى مشاركة رموز صناعة السينما
في العاصمة الإماراتية أبوظبي، وبشكل خاص من خلال حضور بارز في “سوق
الفيلم” المقام على هامش مهرجان كان السينمائي .
ويضم الجناح هيئة أبوظبي للثقافة والتراث ومشاريعها ومبادراتها السينمائية
لجنة أبوظبي للأفلام ومهرجان أبوظبي السينمائي إلى جانب “إيمج نيشن
أبوظبي”، و”توفور 54” .
وقالت مجلة “فراييتي”: يتيح جناح أبوظبي الفرصة أمام المؤسسات القيادية في
مجال السينما والإذاعة والتلفزيون في الإمارة للترويج لأبوظبي كمركز عالمي
لصناعة السينما، حيث تتمتع شركات الإنتاج المشترك العالمية بتسهيلات لتنفيذ
أعمالها ويتم تسويق الإنتاج السينمائي والموارد الإنتاجية الإماراتية في
السوق العالمية، بالإضافة إلى إفساح المجال لصناع السينما العالميين
والإقليميين لتقاسم التجارب في مهرجان أبوظبي السينمائي الفريد من نوعه،
الذي لا يزال يستقطب الاهتمام العالمي على نحو متسارع في الوقت الذي يستعد
فيه منظموه لإطلاق نسخته الرابعة في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل .
وأقامت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث التي تقدم “مهرجان أبوظبي السينمائي”،
ضمن فعاليات مهرجان كان، حفلا خاصا للترويج لصندوق التمويل السينمائي “سند”
الذي أطلقته لدعم الإنتاجات السينمائية المتميزة في المنطقة العربية من
خلال تقديم مِنح بقيمة إجمالية تبلغ 500 ألف دولار كل عام .
وأشارت “سكرين دايلي” إلى ما يقدمه صندوق “سند” من منح مالية في مجالين هما
مرحلة التطوير ومرحلة الإنتاج النهائية لكل من الأفلام الروائية الطويلة
والأفلام الوثائقية الطويلة التي يصنعها مخرجون من العالم العربي، حيث تصل
منحة التطوير إلى 20 ألف دولار، في حين تصل قيمة منحة الإنتاج النهائية إلى
60 ألف دولار . وأشادت “هوليوود ريبورتر” بتعيين ماري-بيير ماسيا مشرفة على
الصندوق، وهي السينمائية المخضرمة التي رأست وأشرفت على أكبر مهرجانات
السينما في العالم .
ويعد صندوق التمويل وسيلة فعالة يمكن للمهرجان من خلالها مساندة مخرجين من
المنطقة ليكون لهم صوتهم الخاص ويأخذوا مكانهم في المجتمع السينمائي
الدولي، خاصة مع وجود قدر مذهل من الإمكانات المبدعة الكامنة التي لم يُكشف
النقاب عنها بعد في العالم العربي . ومن هذا المنطلق، تعد المنح بمثابة حجر
الأساس في إيجاد حركة سينمائية حيوية هنا خاصة أنها كما يؤكد بيتر سكارليت
المدير التنفيذي للمهرجان “تتيح فرصاً دولية ودعماً يسعنا تقديمه” .
وكشفت صحيفة “لوس انجلوس تايمز” عن قيام أبو ظبي باستثمار600 مليون دولار
في صناعة السينما بهوليوود لتكون من بين أكبر المستثمرين في العالم .
وقال مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والثرات محمد خلف المزروعي “إن الهيئة
تحضر هذا العام من أجل عدد من الأنشطة، من أبرزها الإعلان عن برامج الدورة
الجديدة لمهرجان أبوظبي السينمائي الدولي الذى سيعقد في أكتوبر المقبل” .
وأضاف أن هناك أنشطة أخرى منها حضور افتتاح فيلم “لعبة نزيهة” للمخرج
الأمريكي دوج ليمان الذي تشارك الإمارات في إنتاجه، إضافة للإعلان عن عدد
آخر من الأنشطة السينمائية الجديدة، وخاصة الإنتاج السينمائي الإماراتي .
وقال مدير لجنة أبوظبي للأفلام ديفيد شيبرد “نأمل برفع مستوى الوعي حول
مبادراتنا الأخيرة لدفع صناعة السينما في المنطقة، بينما نقوم أيضاً
بالترويج للأفلام الإماراتية في السوق العالمية” .
وجاء في تقرير لصحيفة الاندبندنت البريطانية من أروقة مهرجان “كان”
السينمائي الدولي في دورته الحالية المتواصلة في فرنسا، أن سوق الإنتاج
يعول على دخول شركة “ايميج نيشن أبوظبي” برصيدها الضخم .
وأشارت وكالة الأنباء الفرنسية ومحطة تلفزيون “فرانس 24” إلى الأهمية
الكبيرة لدخول أبوظبي إلى صناعة السينما . واعتبرتا أن أبوظبي تنقب عن
الذهب في عالم الاستثمار السينمائي الكبير . وكانت أبوظبي أعلنت أنها
ستستثمر مليار دولار في شركة إعلامية ستنتج ثمانية أفلام روائية طويلة
بالتعاون مع هوليوود .
####
مخرج تونسي يحضر ببطاقة
صحافية
سينمائيون: أسباب متعددة وراء الغياب
العربي
كما سبق القول وبات معلوماً، تغيب السينما العربية مرّة أخرى عن الحضور،
وذلك بسبب تقصير متعدد الأطراف والمسببات . فمن ناحية يغيب دعم الدولة للفن
السينمائي غياباً شبه تام وشامل في معظم الدول العربية التي انتجت سابقاً
أو حتى الآن أفلاماً، ومن ناحية أخرى، يفضّل المنتجون الخاصّون طرق باب
الأعمال التي يعتبرونها كفيلة باسترداد تمويلهم رغم الإخفاقات البيّنة
للسينما العربية التجارية .
هناك بالطبع حالة من الركود في الأفلام التجارية وتراجع الطموح الذي واكب
المخرجين العرب لمعظم السنوات الماضية وتحديداً منذ الستينات وحتى مطلع هذا
القرن .
يقول المخرج التونسي فريد بوغدير الذي أنجز بضعة أعمال لافتة جابت مهرجانات
السينما العالمية بنجاح كبير مثل “حلفاوين”: “أتيت هذا العام متسلّحاً
ببطاقة صحافية ولست كمخرج . إبداعي متوقّف منذ سنوات . التمويل جفّ من أمام
أمثالي والأفلام المنتجة في تونس معظمها لا يستحق العرض في مثل هذه المحافل
وأحياناً في أي مكان” .
لكنه وبنبرة تفاؤل يقول: “لكني عائد إلى حالة الإبداع في العام المقبل” .
والشكوى ذاتها تصدر من المخرجة أسماء البكري التي اكتشفت أن المكتب التجاري
المصري المكلّف بتسهيل مهام السينمائيين المصريين نسي أنها ستحضر المهرجان
او لعلّه نسى أنها تحضر المهرجان لتشاهد أفلامه فلم يصدر لها أي بطاقة
تخوّلها الدخول، فقالت وهي ترتشف فنجان قهوة في مطعم صغير: “الأحوال
الإنتاجية في مصر كما هي في العالم العربي . إنها انعكاس لحالة الإحباط
والتخبّط الذي تمر به السياسة العربية في هذه المرحلة . من كان يصدّق أن
مأساة كبيرة، كتلك الحرب التي قادها العدو “الإسرائيلي” في غزة تهز العالم
الغربي وتدفعه للاهتمام إعلامياً وسينمائياً بها، بينما تبقى السينما
مشغولة بحواديت البيت ومشاغل القلوب” . نسألها عن جديدها فتقول: “جديد؟ أي
جديد إذا ما كان المنتجون توقّفوا عن تمويل أي مشروع لا يتناسب وأفلام
“الهلس” الذي يقدّمونها؟ لدي مشروعان واحد عن حصار غزّة، والثاني عن الحاصل
في بلادنا من أوضاع تطرّف وتفرقة لكن أحداً لا يريد التعامل مع هذه
المواضيع . يفضّلون الأفلام الهابطة التي يقدمون على إنتاجها” .
ترى المخرجة أن الحال العربي ليس أفضل: “هاهي السينما العربية تعجز عن
التواجد في أكبر مهرجان للسينما العالمية وأعتقد أن ذلك ليس صدفة، بل نتيجة
القبول بخطّة غير معلنة لتهميش السينما والثقافة وإحلال سياسة الجهل
الكامل” .
وتقول المخرجة اللبنانية جوسلين صعب التي قدّمت في المهرجان فيلماً مدته
(20 دقيقة) هو “شو صار؟” أن الوضع ما عاد يتحمّل السكوت عنه: “السينمائي
العربي الذي يحمل طموحاته على كفّه طوال الوقت متّجه الآن إلى الغرب باحثاً
عن التمويل أو إلى بعض المهرجانات العربية الكبيرة التي ستقدّم، إذا ما
أرادت، دعماً مالياً لقاء عرض الفيلم فيها . لكن التمويل الغربي بات صعباً
ودعم المهرجانات ليس حلاً . المطلوب إعادة النظر في غياب الثقافة العربية
عن النشاط من الأساس وفي غياب السينما العربية عن الحضور بالتحديد .
المسألة ليست عدم وجود فيلم على شاشة “كان”، بل عدم وجود سينما عربية جيّدة
في الأساس وهذه مهمّة وطنية .
####
أوراق ناقد
الكرسي لمن سبق
في مطلع كل عرض نقف، نحن مجموعة من النقاد السينمائيين عند الحاجز الحديدي
الموضوع عند أسفل سلّم الصالة بانتظار فتح الباب الكبير والبدء باستقبال
الروّاد . بعضنا الآخر يأتي متأخراً بعد أن يتم إدخال المنتظرين مفضّلاً
عدم الانتظار . لكن المسألة هي أكثر من انتظار فتح الأبواب أو عدم فتحها .
هناك من يختار الوصول إلى ذلك الحاجز باكراً والوقوف عنده قبل نصف ساعة من
فتح الباب الكبير، لديه الرغبة في أن يكون أوّل الداخلين للتأكد من أنه
سيحصل على الكرسي الذي يفضّله . إذا ما تأخر، يفكّر، سوف يضطر للجلوس في
مكان جديد قد لا يعجبه . وإذا ما تأخر كثيراً فالأماكن الشاغرة سوف تختفي
إذ يتدفّق الحضور، وجلّهم في العروض الصحافية من النقاد والصحافيين،
ويحتلّون ما هو مُتاح .
خلال فترة الانتظار التي يتكوّم عندها الناس تباعاً بلا صف واحد يستطيعون
الانضواء فيه، يمتد البعض منا على طول الحاجز كما يفعل صيادو السمك لا
ينقصنا في ذلك سوى الصنّارة وخطّافها والسمك طبعاً .
لكن المثير هو نوعية المناقشات والأحاديث التي تدور بين المنتظرين . نقاشات
مفيدة عن الأفلام التي تمّت مشاهدتها تصلح لأن تكون في جلسة حقيقية أو في
ندوة، وبحث في التيارات السينمائية ومشاكل المهرجانات وما يجب فعله، وما لا
يجب لتحسين وضع السينما .
هناك أحياناً الوضع الذي قد تتعرّض إليه حين وقوفك . مثل أنك تريد المشاركة
في نقاش قائم بين صديقين او زميلين بينما هناك ثالث يريد لفت نظرك إلى
موضوع لا يهمّك، وهذا حدث يوماً حين أصرّت سيّدة عجوز أن تتحدّث لي عن حال
المطارات واحتمال إغلاقها مع مزيد من سحاب البركان الآيسلندي بينما كان
زميلاي (واحد كندي والآخر تشيلي) يتحدّثان عن فيلم جان-لوك غودار واحد مع
والثاني ضد .
في أحيان أخرى تجد أنك جئت متأخراً حتى على الصف الأول في ذلك الفوج
المتكوّم والمنتظر . ليس لديك إلا أن تطلب من زميل يعرفك ويجلس عادة في ذات
المكان الذي تجلس فيه أن يحجز لك . وهناك منافسة بيني وبين صديقين على
المقعد الذي أفضله . هذان الصديقان هما الصحافي اللامع عبدالستّار ناجي،
وناقد كندي لا زلت أجهل اسمه حتى الساعة، لكننا وبكل ديمقراطية نرضى بمبدأ
الكرسي لمن سبق مدركين أن الأول في الوصول سيسارع لحجز كرسيين مجاورين لا
بأس بهما .
وقبل يومين وصل هذا الناقد متأخراً بعض الشيء ليجد أن المنتظرين عند الحاجز
الحديدي بلغوا نحو ثلاثين شخصاً . أحد هؤلاء كان يقف مباشرة أمامي، وهو
يأكل بيتزا . تحت صحن البيتزا صحن حلوى غربية إذ يبدو أنه لم يستطع الحصول
على مقعد في مطعم أصلاً فحمل طعامه معه . لكن أمام هذا الشخص كانت هناك
مساحة خالية وجدتها مهدورة . تقدّمت صوبها فسارع بوضع يديه لمنعي، علماً
بأننا لسنا في صف منتظم . حين طلبت منه إنزال يده لأنني أريد الوقوف في ذلك
الفراغ البشري القريب، قال وهو يمضغ لقمته: “كلنا مستعجلون” . رددت عليه
بكلمة “ صحيح”، ثم زحت يده من أمامي ووقفت حين المكان الشاغر . يومها لم
أحظ بالمقعد المفضّل بل بالمقعد المفضّل رقم (2) .
م .ر
الخليج الإماراتية في
21/05/2010 |