|
ظل بالقرب منها ربع قرن منذ عام 1994 وحتى رحيلها فى 15 أكتوبر2018، يعمل معها
كمدير تصوير علي مستوي العمل السينمائي، وصديق مقرب تثق فيه لدرجة ائتمانه علي
أنه يقوم بتوصيل أسماء يحيي الطاهر عبدالله الي الدرس من كبريت للسويس وأن يعود
بها الي المنزل.. إنه محمد شفيق مدير التصوير وأحد أبرز صناع سينما المخرجة
الراحل عطيات الأبنودي، والتي يبلغ رصيدها أكثر من 25 فيلماً تسجيليًا، منذ أن
بدأت رحلتها مع عالم السينما بظهور أول أفلامها "حصان الطين" في عام 1971، وهو
الفيلم الذى حصد العديد من الجوائز الدولية، منها الميدالية الذهبية في مهرجان
قليبية بتونس، والجائزة الأولى في المهرجان الأول للشباب بدمشق عام 1972،
والجائزة الكبرى في مهرجان غرونوبل بفرنسا في عام 1973، والميدالية الذهبية من
مهرجان مانهايم بألمانيا في العام نفسه.
"عالم الكتاب" التقت شفيق، فى محاولة للحصول علي شهادة إنسانية وفنية عن عالم
عطيات الأبنودي ما وراء الكاميرا، وهو العالم الذى يمتلك كثيراً من خيوطه بحكم
الصداقة والعمل؛ وإلى نص الحوار.
·
بداية نريد أن نتعرف علي بدايات التعاون بينك وبين المخرجة الراحلة عطيات
الأبنودي؟
تعرفت علي المخرجة الكبيرة عطيات الأبنودي منذ عام 1994، واستمرت علاقتى بها
حتى لحظاتها الأخيرة، وكان أخر الأفلام التسجيلية التي قدمناها معاً هو فيلم
"أيام الديمقراطية"، والسبب في أن نتعرف ببعضنا البعض يعود لكوننا ننحاز
للأفلام التسجيلية، وكنت ببداياتي أشارك في تصوير الأفلام التسجيلية في المركز
القومي للسينما، وعندما شاهدت "الأبنودي" بعض أعمالي طلبتنى للعمل معها؛ وكانت
البداية من خلال تقديمنا فيلم "نساء مسؤولات"، و"راوية"، وغيرها من الأفلام
التسجيلية القصيرة.
فى بداية معرفتى بها كانت تحرص عطيات الأبنودى علي أن تستعرض وجهة نظرها حيال
القضايا التي تقدمها، ودعني أقول لك أننى بالفعل شعرت بأنني أمام مخرجة تمتلك
رؤية موسوعية خاصة واهتمامها بتفاصيل الموضوع الذى تقدمه أكثر من أي شيء، إضافة
إلى سرعة إلتقاطها للأحداث الصغيرة، والشكل الإنساني لمعالجة الموضوع أيضاً،
وكيفية متابعة الموضوع؛ وهي كلها كانت بمثابة ركائز أساسية فى توطيد العلاقة
الفنية والإنسانية بيني وبينها.
·
وفي رأيك .. هل تأثرت بها.. أم هى من تأثرت بك كمدير تصويرعملت معها؟
دعني أقول لك؛ إنني كنت أرى في شخصيتها الروح الحقيقية من خلال ملبسها،
وانحيازها للبسطاء والفقراء، ووقوفها أمام الطبقة المخملية والنخبة بقوة
وصلابة، كما تعلمت منها أن النساء في أحيان كثيرة أكثر قوة من الرجال، وأكثر
شراسة منه في مواقف كثيرة، وهو ما كان بمثابة مفاجأة لى لاكتشاف النساء في
الحياة بشكل عام، وحتي أن بدأنا تصوير فيلم "أيام الديمقراطية" وهو فيلم يتناول
المرأة المصرية المرشحة في الانتخابات، حيث سافرنا لتصويره الي جميع المحافظات
لتصوير لقاءات مع المرشحات، وخلال سفرنا سوياً تعرفت إلي عطيات الأبنودي
الإنسانة التي تحب كل الناس من خلال السينما ورصد أحوالهم فيها.
وأخيراً، أؤكد تأثرى بها لدرجة أنني أستطعت أن أنفذ الي عقلها واستوعب طريقة
عرضها للأفكار وأسلوبها السينمائي فى عرض الأحداث، حيث بعد أن علمنا عدد من
الأفلام الأولى تركتنى أعمل لوحدي دون توجيه منها ومن هنا كانت ثقتها فى أو دون
وجودها معي خلال التصوير.
·
امتلكت الأبنودي في رصيدها أكثر من 25 فيلماً تسجيلياً .. فى رأيك ما أكثر
الأفلام التي تعاونت فيها معها وشعرت بتأثرها وغيرتها علي إنجازه بشكل به
حرص منها كبير؟
3 أفلام "نساء مسؤولات، أيام الديمقراطية، راوية"، ودعني أقول لك إن خطاب عطيات
الأبنودي السينمائي بشكل عام كان حول القضايا المجتمعية، وعلي وجه الخصوص
القضايا التي تمس البسطاء، لأنها كانت فعلاً من البسطاء حتى أصدقائها أيضاً
كذلك، وأذكر أنها وحتى أخر أيامها كانت تحرص علي أن تشارك في "قعدة ستات" في
السويس وهن مجموعة من الفلاحات البسطاء والتي كانت تحرص علي الاستماع لمشكلاتهن
ومناقشة قضاياهم وكأنها ليست واحدة تسكن القاهرة طوال الوقت.
وأتذكر هنا موقف كان له وقعه على؛ ففى أحد الأيام اتصلت بها للزيارة وسألتها عن
الفاكهة التي تحبها حتي أشتريها لها، فقالت لي: "أشترى برتقال وموز"، قمت بشراء
ما طلبته واشتريت لها بعض التفاحات، وعندما ذهبت إليها رفضت أكل التفاح وقالت
لي: "سبب رفضى التفاح هو أنه عندما كنت طفلة صغيرة لم يكن لدى نقود لشرائه، ومن
هنا لم أكله طيلة حياتي حتي اليوم".
·
استمر زواجها بالشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي أعواما طويلة وانفصل كل
منهما، نريد أن نتعرف علي تأثير الإنفصال علي سينما عطيات الأبنودي؟
بالفعل كان انفصالهما له تأثيره السلبي الذى أنعكس عليها؛ حيث كانت متضررة جداً
من عدم تحمل زوجها المسؤولية، وبالنسبة لتأثير ذلك سينمائياً أستطاعت أن تعرض
الجاب الآخر للمرأة من خلال كيفية تحملها المسؤولية، وكيف أنها قادرة على بناء
أسرة بمفردها، وكيف يستطيع الرجل أن يتخلى عن مسؤولياته وهو ما لم تستطع المرأة
فعله مهما كانت المعوقات، وكنت أرى علاقتها بأسماء يحيي الطاهر عبد الله تمثيل
لغريزة الأمومة، وكنت دائما فى حالة من الذهول من مدى اهتمامها بأسماء، حيث
إننى قمت لفترة بمهمة توصيلها إلى دروسها من منطقة كبريت إلى السويس والعودة
بها للمنزل مرة أخري إلى عطيات الأبنودي، كان اهتماماً وحباً جارفاً لأسماء.
·
عطيات الأبنودي احتفظت باسم الشاعر الراحل حتى بعد انفصالهما، كما أسست
شركة إنتاج باسم "أبنود فيلم" فى تفسيرك لماذا حرصت المخرجة الراحلة علي
الاحتفاظ باسم زوجها رغم الخلافات الكبيرة التي نشبت بينهما عندما نشرت
مذكراتها؟
عطيات الأبنودي بشكل عام إنسانة لا تستطع أن يتوقعها أحد، حيث أنها لا تتعامل
بالشكل النمطى الذى يتعامل به الكثير من الناس، بمعنى أن عطيات الأبنودى لم
تكره زوجها بعد الانفصال، كما أنها عندما كانت تحب تكون مخلصة فى حبها، ما أريد
أن أقوله أن حياتها الخاصة لم أكن أقترب منها أحتراما لخصوصيتها.
·
فى تقديرك لماذا توقفت عطيات الأبنودي عن تقديم أفلام منذ عملها الاخير"صنع
فى مصر" عام 2006 وحتي وفاتها فى 15 أكتوبر 2018؟
يعود ذلك إلى التدهور العام في المجتمع، وعدم الاهتمام بالأمور الجادة من قبل
القائمين علي صناعة السينما، أو اهتمامهم بالسينما التي تقدم معاناة الناس، حيث
إنها لم تجد أية شركات متحمسة لتقديم هذا النوع من السينما أو إنتاجه، وهي
أيضاً لم يكن لديها استعداد لتقديم أية تنازلات فيما يخص فنها؛ سواء علي مستوي
إختيار موضوعات ضعيفة فنياً لإرضاء السوق، أو القبول بأى تمويل لإتمام
أفلامها...رحمها الله رحمة واسعة.
ببلوجرافيا، أبرز أفلامها:
1.
أغنية توحة الحزينة.
2.
سوق الكانتو.
3.
الأحلام الممكنة.
4.
نساء مسؤولات.
5.
الساندوتش.
6.
مناظر من لندن.
7.
بحار العطش.
8.
نساء البترول.
9.
إيقاع الحياة.
10.
عام الوزير مايا.
11.
حديث الغرفة رقم 8.
12.
مفكرة الهجرة.
13.
القتلة يحاكمون الشهيد.
14.
أحلام البنات.
15.
أيام الديمقراطية.
16.
بطلات مصريات. |
