الفنان
عليه أن يطلق العنان لخياله الفني، ويحرر طاقاته الفنية الخلاقة من كل
القيود، وذلك إذا أراد المساهمة في
استحداث وابتكار أشكال فنية جديدة.
بهذه
العبارة بدأ الناقد البحريني
حسن حداد
كتابه الأخير الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ بيروت، الكتاب جاء في 149 صفحة من القطع المتوسط،
بعنوان ( محمد خان .. سينما الشخصيات والتفاصيل الصغيرة).
يتمحور
الكتاب حول مسيرة المخرج المصري محمد خان، ويضع الكاتب أهم المراحل التي مر
بها المخرج منذ مولده في القاهرة العام
,1942
مروراً بدراسته للفن السينمائي في فرنسا، وصولاً لمجمل أفلامه في السينما
المصرية، مع تسليط الضوء على أسلوبه الذي أثر في السينما المصرية على حد
قول الكاتب.
منذ بداية
الكتاب يزعم الكاتب أن ''السينما المصرية تعيش تخلفاً في مواكبتها لكل
جديد''، وهو في الوقت نفسه لا يتجاهل ''التاريخ الطويل الذي تعدى السبعين
عاماً'' من صناعة السينما في مصر، معللاً ذلك ربما بعدم تقديم المخرجين
والمنتجين لأفكار تجديدية،
قائلاً ''أن مخرجي السينما المصرية ومنتجيها
يفتقدون الجرأة الفنية في تقديم موضوعات وقضايا جديدة غير مستهلكة''، لأنهم
على حد تعبير الكاتب '' لا يستطيعون التخلص كثيراً من الشكل والأسلوب
لسنمائي التلقيدي، لعدم وضوح الرؤية الفنية السينمائية لديهم''.
ويقول
الكاتب: '' سنتوقف طويلاً أمام أحد هؤلاء المخرجين إن لم يكن أهمهم، حيث
يمثل تجربة سينمائية خاصة بالنسبة للسينما المصرية''.
وقبل أن
يتعرض الكاتب لأهم ملامح وأسلوب محمد خان السينمائي ومناقشة ميزاته،
قام ''باستعراض كامل وموسع لمجمل أفلامه،
لرصد تطوره الفني والتقني من خلالها، والتعرف على ما حملته من مضامين
وأفكار وشخصيات، كونت ما يسمى بـ (سينما محمد خان).
بدأ
استعراضه أفلام خان بفيلم ''ضربة شمس'' لنور الشريف ونورا، وهو الأول لخان
في مشواره السينمائي، ويقول عنه حداد ''باع خان كل ممتلكاته قبل عودته إلى
القاهرة،
ومايختمر في عقله هو أن ينتج أفلامه بنفسه، رغم شعوره بالخوف من دخول
المغامرة، واتضحت قدرات محمد خان في فيلم ''ضربة شمس'' كمخرج جديد يمتلك
أسلوبا خاصاً يميزه عن بقية المخرجين المصريين على صعيد النقاد''.
ثمّ عرّج
على فيلم ''الرغبة'' لنور الشريف ومديحة كامل، ويعد الفيلم الثاني لخان
وأخرجه عام
,1979
ويقول حداد : ''يصل خان بهذا الفيلم إلى مرحلة أكثر وعياً
ونضجاً في السيطرة على حرفيته الفنية والتقنية،
نجح خان بهذه التجربة في
تجاوز سلبيات كثيرة وقع فيها خلال فيلمه الأول، مثبتاً أنه فنان متميز''،
''وفي (الرغبة) يقدم لنا معالجة جديدة لرواية جاتسبي العظيم، ولكنه لا ينسى
المحاولة في أن تكون المعالجة محلية''.
واعتبر
خان وقتها نقلاً عن الكاتب أن ''الفيلم فيه شغل تقني محدد جداً، وكانت كل
لقطة فيه مدروسة، وكان التمثيل جيداً وعلى أي الأحوال كان هذا الفيلم
تمريناً سينمائياً مفيداً لي''.
وانتقل
حداد إلى فيلم خان الثالث، وهو''الثأر'' لمحمود ياسين ويسرا، الذي انتج عام
,1980
والقصة لخان والسيناريو لفايز غالي، ويقول حداد :''محمد خان في ''الثأر'' يختلف إلى حد كبير
عن محمد خان
''ضربة شمس'' و''الرغبة'' من ناحية المضمون الدرامي، فخان هنا لم يهتم برسم
شخصياته بدقة، ولم يغص أكثر في أعماقها''.
واعتبر
الكاتب الفيلم بمثابة هبوط خفيف لمستوي خان الاخراجي قياساً بفيلميه السابقين.
ثم انتقل الكاتب إلى أحد اهم افلام خان وهو
''طائر على الطريق'' للراحل أحمد زكي وآثار الحكيم، وفريد شوقي، وفيه يري
الكاتب أن خان ''بدأ مرحلة جديدة في سعيه لتقديم سينما مختلفة، وحاول كسر
تقاليد قديمة ومستهلكة في السينما المصرية(ويضعنا أمام أنماط جديدة للفيلم
المصري)، وعن هذا الفيلم يقول خان: ''طائر على الطريق بدايتي، وفي الأفلام
الثلاثة السابقة كنت ابحث عن شكل خاص،
وفكرة الفيلم جاءت حين تأملت سائقاً معيناً وأحسست به''، ومنذ ضربة شمس وأنا أحب سينما الفرد،
لكن المضمون أقوى، أقصد فهماً وتأملاً أعمق للشخصية''.
وانتقل
حداد إلى فيلم ''موعد على العشاء'' لسعاد حسني وحسين فهمي، وفيه يتجلى
أسلوب محمد خان السينمائي، على حد قول الكاتب:''في فيلمه هذا، يثبت محمد
خان أنه أحد المخرجين الشباب المجددين وأهمهم''.
ويقول خان
عن هذا الفيلم: ''أعتز بهذا الفيلم وأشعر بأنني تقدمت في احتكاكي
بالممثلين''.
ثم انتقل الكاتب إلى فيلم ''نصف أرنب'' ليحيى الفخراني
ومحمود عبدالعزيز وسعيد صالح مع النجمة هالة صدقي،
والفيلم أنتج عام
,1982
يقول عنه الكاتب: ''أثبت محمد خان
-في
ثالث تجربة إخراجية لهذه النوعية من الافلام-
مقدرة أكبر في إثارة المتفرج وتشويقه ومفاجأته، إضافة لاهتمامه بشخصياته
وبقضية اجتماعية خطيرة ومهمة''،
ففي الفيلم يعترف السيناريست بشير الديك بأنه:''تم إعداد السيناريو له في
ثلاثة أسابيع فقط، وكان الهدف من صنعه حل مشكلة مادية، فقد كان خان يمر
بأزمة مالية''.
وبعد
''نصف أرنب'' انتقل حداد إلى فيلم يعد من أهم أفلام خان، وهو''الحريف''
لعادل إمام وفردوس عبدالحميد، ويقول الكاتب حول الفيلم: '' فيلم ''الحريف''
محطة جديدة لمحمد خان في بحثه عن أطر جديدة لمحتوى أفلامه، حيث ينجح في كسر
إحدى دعامات السينما التقليدية في مصر.. إنها الحدوته''، وشارك خان في
كتابة القصة مع السيناريست بشير الديك.
وبعد
''الحريف'' ينتقل الكاتب إلى فيلم''خرج ولم يعد'' ليحيى الفخراني وليلى
علوي وفريد شوقي، واستوحى سيناريو الفيلم من رواية ''براعم الربيع'' للكاتب
''ه.أ بيتش'' كما ينقل الكاتب، وحول هذا الفيلم يقول حداد: '' ''خرج ولم
يعد'' عمل جميل تخلى فيه محمد خان عن نظرته الحزينة التي ضمنها جميع أفلامه السابقة''.
ويقول
محمد خان حول هذا الفيلم: ''لو تحدثنا عن ''خرج ولم يعد'' اعتقد بأنه تمت
فلسفته أكثر مما يجب، وعندما أنجزه كنت أحس بأنني أعمل قطعة شيكولاته،
الفيلم بالنسبة لي له مذاق وطعم وفيه جديد أيضاً''.
(يتبع)
الوطن البحرينية
في 14 مارس 2007
|