فيلم (العهد
The Pladge)
قد أخرجه النجم الأمريكي شون بن عام 2001، في ثالث تجربة إخراجية
له. مشكلة الفيلم إنه من بطولة الممثل الكبير جاك نيكلسون..
والمشكلة ليست لأن وجود هذا الممثل العبقري قد أساء إلى الفيلم، بل
لأن المتفرج كان ينتظر من الفيلم الكثير، وتوقع أن يكون هذا الفيلم
واحد من إبداعات جاك نيكلسون، خصوصاً إذا عرفنا بأن الفيلم كان أحد
الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية بمهرجان كان الدولي في عام
إنتاجه.
وقد بُني هذا التصور
الانطباعي لفيلم (العهد)، نتيجة ذلك المستوى المتواضع للسيناريو،
الذي لم ينجح بالاستفادة من رواية المسرحي الكبير (فريدريك دورنمات)،
والتي ارتكزت على مضمون فكري بسيط لكنه عميق للغاية، ويحتاج إلى
لغة تجسيد محكمة الصنع درامياً وتقنياً، وهو فرضية أن الإنسان من
الممكن أن يدفع حياته كلها ثمناً لعهد قطعه على نفسه. والرواية
يخيم عليها جو ساخر مأساوي، يستعرض فيها الكاتب موقفه من الحياة
والبشر، ويدخل بخطى محكمة إلى أعماق القلب البشري ليحلله ويتهمه
ويدافع عنه. وبدلاً من أن يتبنى الفيلم هذه السخرية الحزينة التي
يتميز بها أدب دورنمات، والنظرة التأملية الساخرة للعالم، اتجه
سيناريو الفيلم إلى الأسلوب الأمريكي المعتاد، في تجسيد عناصر
الإثارة والترقب والمفاجأة في شد انتباه المتفرج.
يحكي الفيلم عن قلق وعذاب
رجل شرطة سابق، أخذ على نفسه عهداً، بأن يعثر على قاتل تخصص في
اغتصاب الفتيات الصغيرات وقتلهن. وبالرغم من العثور على القاتل
وانتهاء القضية، وبالرغم من إحالته على التقاعد، إلا أنه يواصل
البحث والتحقيق وحده عن القاتل. حتى تصل به الأحداث في قرية نائية،
عندما يتعرف على نادلة بار مطلقة مع ابنتها الصغيرة، ويعيشان معاً
قصة حب، لتتأكد فيما بعد شكوكه في أن هناك من يلاحق الطفلة
الجميلة. هنا يعيش البطل صراع نفسي، بين علاقته المتينة بصديقته
وابنتها وحرصه لحمايتهما بشتى الطرق، وبين قسوته المنبعثة من
لاوعيه ودفعه للطفلة البريئة لاجتذاب القاتل واستخدامها كطعم بشري
للقبض عليه، وذلك ليثبت لنفسه ولزميله الضابط الشاب صدق حاسته،
والوفاء بالعهد الذي قطعه على نفسه لوالدة الضحية البريئة. ويكاد
فعلاً أن يحقق مبتغاه، لولا أن أموراً طارئة تحدث لتعرقل كل شيء،
وتحطم آماله، وتجعله هو مركز الاتهام. ولابد من الإشارة إلى أن
قيام جاك نيكلسون ببطولة هذا الفيلم، بأدائه الأخاذ وخبراته
التمثيلية الطويلة، قد ساهم كثيراً في إخفاء الكثير من عيوب
الفيلم.
الفيلم بشكل عام ليس
سيئاً، حيث يحتوي على بعض المناطق الدرامية البوليسية والنفسية
الجيدة، ولكن أفضل ما تميز به درامياً، هو ترك مساحة كبيرة للمتفرج
الإيجابي ليصدر حكمه على نوازع البطل دون مصادرة على رأيه، مع عدم
التأكيد أو النفي طوال أحداث الفيلم على صدق إحساسه بوجود القاتل
من عدمه. وهو ما أعطى المسار الدرامي قليلاً من التشويق والترقب. |