لقد اشترك الاثنان، سعيد مرزوق وعبدالعزيز فهمي، في فيلم (زوجتي
والكلب)، في
تقديم فيلم متكامل يحوي مشاهد قوية ومعبرة وجميلة كثيرة، أهمها:
المشاهد الشاعرية الشفافة التي تجمع الريس مرسي وزوجته في الفراش..
أيضاً مشهد عودة الريس مرسي إلى
الفنار، وفرحة الأصدقاء برجوعه إليهم، فهي ـ حقاً ـ فرحة يشترك
فيها البحر والكلب والأصدقاء، بمصاحبة توليف متقن للمونتاج، ساهم
كثيراً في تجسيد هذه الفرحة
وصياغتها بشكل موحي ومؤثر. وهناك أيضاً
مشاهد الفلاش باك، التي عاشها الريس مرسي
مع زوجته، ومقارنتها باللحظات الآنية التي يعيشها في بعد وحرمان
ولوعة في هذا
المكان البعيد والمقفر. كما أن المشاهد التي تناولت حالة الحرمان
الجنسي لدى (نور
الشريف)، قد استطاعت أن تجسد بحق أحاسيس القلق والفراغ، فقد كان
التركيز على
الصور العارية إيحاءً موفقاً للوسيلة
الخاطئة التي اتخذها نور لإشباع رغباته الجنسية. كما لا تفوتنا
الإشارة إلى أن استخدام سعيد مرزوق للجنس كان ذكياً، ولم
يكن ـ قط ـ مبتذلاً.. بل إنه كان تعبيراً موفقاً عن الوحدة
والحرمان وأزمة الإنسان
في بُعده عن أقاربه والمدينة، ووجوده في عزلة قاتلة كهذه. ثم أن
سعيد مرزوق قد
استحدث تقليداً جديداً في الفيلم
المصري، وذلك عندما وصلت للريس مرسي رسالة من
زوجته، فنراها وهي بجواره تقرأ له بصوتها وبجسدها.. دلالة على
قربها منه ومن
واقعه ولا تنفصل عنه كإحساس وشعور. كذلك مشهد قصاصات الصور العارية
وهي عائمة على سطح البحر، وتخيُل نور بأنها حقيقية قافزاً معها
ومداعباً إياها في البحر.. حقاً، إنه أسلوب جديد ومعبر تماماً عن
تلك الحالة من القلق والحرمان الجنسي الذي يعيشه
نور
.
لقد استخدم سعيد مرزوق شخصية الكلب بشكل موفق، حيث أعطاها أبعاداً
كثيرة، لتصبح رمزاً وبطلاً حقيقياً وهاماً في فيلمه هذا.. فقد كان
رمزاً لوحشية الإنسان
وبدائيته مثلما كان رمزاً للإخلاص
والوفاء والطيبة.. كذلك أظهره للدلالة على الشبق
الجنسي، وذلك عندما يقارن ـ في مشهد معبر ـ بين لسانه ولسان نور
وهو يشاهد الصور
العارية على مائدة الطعام. كما أن مرزوق عن، دما يظهر الريس مرسي
وهو يضرب الكلب
بقسوة، يشير إلى أن الكلب هو أقرب لمرسي مثل صديقه نور، وبالتالي
يكون بمثابة المتنفس الوحيد لغضبه من صديقه وشعوره بالضياع
والحرمان.
أما بالنسبة لاختيار
مرزوق لأماكن التصوير، فقد كان ذكياً وموفقاً ولصيقاً بمضمون أحداث
الفيلم، ولم
يكن مجرد خلفية إضافية تتحرك فيها الشخصيات.. فالبحر، بكل ما يحمله
من رموز
وإيحاءات، قد أعطى إحساساً بجو الرهبة
والقلق والمجهول، خصوصاً أثناء هيجانه
وتلاطم أمواجه بأحجار الشاطئ.. هناك ـ أيضاً ـ الفنار الذي يمثل
دليل الهداية
للسفن الضالة ويشكل ـ في نفس الوقت ـ السجن والمنفى المعزول عن
العالم بالنسبة
لشخصيات الفيلم.. وهذه، في مجملها،
إيحاءات تناسب وتقوّي المضمون والسرد الدرامي
للفيلم، بل وتساهم في تجسيد حالات القلق والتوتر والحرمان التي
تعيشها شخصيات الفيلم
.
كما لا تفوتنا الإشارة إلى أن استخدام سعيد مرزوق للمونتاج جاء
موفقاً
إلى حد كبير، وكان له الدور الأساسي والبارز في تحليل الشخصيات
وخلق حالات وعلاقات
متباينة بين المشهد والآخر، إضافة إلى
خلقه لذلك الإيقاع المشوق في الفيلم
ومساهمته في تصاعد الحدث الدرامي
.
حقاً.. نحن أمام فيلم سينمائي متكامل إلى حد
كبير، فجميع عناصر الفيلم الفنية
والتقنية تجانست بشكل مدروس لتشكل وتعطي عملاً
قوياً وجميلاً ذو مستوى فني وتقني جيد، استطاع ـ بحق ـ أن يجد له
مكاناً هاماً
وبارزاً في ذاكرة السينما المصرية . |