أكد مدير مهرجان الخليج السينمائي مسعود أمرالله علي أن الأفلام التي
عرضت خلال فعالية «ليالي السينما الخليجية» جاء من قبل مهرجان الخليج السينمائي
الذي تولى تنظيم برنامج الفعالية وترشيح الأفلام المشاركة. وأشار أمرالله علي
الذي يشغل أيضاً منصب المدير الفني لمهرجان دبي السينمائي الدولي، أن تأسيس
صندوق دعم السينمائيين الذي أعلنت عنه الوزارة كان أمراً خططت له الوزارة منذ
فترة ووجدت في هذه الفعالية مناسبة للإعلان عنه. «الوسط» حاورت أمرالله علي حول
الفعالية، السينما الخليجية، والمرحلة المقبلة في عمر هذه السينما.
·
جاءت فعالية «ليلة السينما
الخليجية» مفاجئة، لم يبدُ أنه قد خطط لها منذ فترة كافية، كما إن اختيار
شهر رمضان لإقامة فعالية سينمائية ربما لم يكن مناسباً. كيف جاء البرنامج،
ومن المسئول عن هذا التخطيط السريع والإعلان المفاجئ للفعالية، وزارة
الثقافة أم مهرجان الخليج السينمائي؟
- وزارة الثقافة أعلنت عن تنظيم نشاط سينمائي في إطار «المنامة عاصمة
الثقافة العربية» في شهر أغسطس/آب منذ فترة. أما بالنسبة لنا فقد التقيت قبل
فترة وجيزة المخرج البحريني محمد راشد بوعلي وناقشنا فكرة تقديم برنامج للسينما
الخليجية والمحلية ضمن أنشطة المنامة عاصمة الثقافة العربية بحيث تكون روح
البحرين والخليج حاضرة فيه وعلى هذا الأساس بدأنا نشتغل على البرنامج، صحيح
خلال فترة قصيرة لكن البرنامج جاء ضمن هذه المعطيات.
·
على أي أساس تم اختيار الأفلام
التي شاركت في الفعالية، ومن تولى عملية التنظيم، وزارة الثقافة أم
المهرجان؟
المهرجان هو من تولى عملية الاختيار وتصميم البرنامج. وعموماً، من
الصعوبة بمكان إقامة مثل هذه البرامج لأسباب عديدة، أولها أنت تريد أن تتحدث عن
تاريخ منطقة بأكملها خلال 25-30 عاماً، فالبرنامج الذي أعلنت عنه وزارة الثقافة
يستعرض السينما بين الماضي والحاضر ما يعني أن هناك حاجة إلى أفلام قديمة وأخرى
حديثة. لذلك فإنه من الصعب تقديم برنامج يشمل التاريخ الكامل لست دول واختيار
أفلام تبرز تاريخ المنطقة أو تقدم لمحة كافية عما يحدث في الخليج من خلال
الأفلام. وهكذا تم اختيار الأفلام الأكثر قرباً أو التي يمكن الوصول إليها بشكل
أسهل من خلالنا، بحيث تكون متوافرة في هذه الفترة القصيرة. ما حدث هو أنه يجب
تقديم أفلام قديمة وحديثة، أفلام للطلبة وغير الطلبة، أفلام من إخراج شباب
وأخرى لفتيات، أن نبرز الأفلام التي أخذت بعداً أكبر وقدمت في مهرجانات وما إلى
ذلك.
في النهاية هذا هو المزيج الذي يقدم شكل البرنامج، وهكذا جاءت ليالي
البرنامج موزعة إلى ليلة الوثائقي وغير ذلك. لديك تركيبة مختلفة، وأنت تريد أن
تقدم لمحات خلال ستة أيام، وهي فترة قصيرة لتقديم برنامج شامل، ولكن يمكن أن
تعطي فكرة عن الخليج.
·
التقيتَ وزيرة الثقافة الشيخة مي
بنت ابراهيم آل خليفة، عما تمخض هذا اللقاء وهل كان لذلك أية علاقة بتأسيس
صندوق دعم السينمائيين الذي أعلنت عنه الوزارة إبان الإعلان عن برنامج
الفعالية؟
أعتقد أن قرار الصندوق قد اتخذ قبل اللقاء، والتظاهرة فقط أثارت بعض
الأفق أمام فتح مثل هذا الباب. فحين ناقشنا عمل البرنامج، كان هناك حديث حول
طرح شيء للبحرينيين، كما إن محمد بوعلي قدم فكرة من هذا النوع، ولذا جاءت
مناسبة لأن تكون هناك سينما خليجية وأن يعلن شيء للبلد. كل شيء كان مرتباً قبل
ذلك، ومجرد بدء التحرك على النشاط نفسه تحرك موضوع صندوق الدعم.
·
هذه التظاهرة السينمائية تنظم في
إطار اختيار المنامة عاصمة الثقافة العربية، وهناك تظاهرات عديدة بالسينما
اتخذت أشكال مختلفة في الأعوام الأخيرة في مختلف الدول الخليجية. كيف يمكن
لمثل هذه التظاهرات التي قد لا تتكرر، أن تتوافق مع جهود مهرجان الخليج
السينمائي وتدعم السينما الخليجية؟
نحن في النهاية نعمل لهدف الترويج للسينما الخليجية وإعطاء دفعة
للشباب المتحمسين بشكل جميل جداً، وللطاقات الكثيرة التي بدأت تخرج من الخليج،
والتي نعتقد أنه سيكون لها أفق أكبر، والتي نريد أن ندفع بها.
سبق أن عملنا مع دول خليجية أخرى وكل مناسبة تأتي يجب أن لا تفوت،
سواء تكررت أم لم تتكرر فهذا أمر مرهون لعوامل عديدة. السينما الخليجية كلها
مرهونة بعوامل غير معروفة. أنت تريد أن تضع البذرة وتعرف أنه بمجرد وضعها ستنبت
في مكان أو لحظة ما. لذلك يجب أن تدعم مثل هذه التجارب بشكل كامل حتى تحقق
النجاح ومن ثم يبدأ قطاف هذا النجاح. إذا فشلت مثل هذه التظاهرة فلن تعاد، لكن
إذا نجحت فليس هناك مبرر لأن لا تعاد، فهي تخلق حالة مسئولة أمام المتفرج،
وحالة أمل لدى صانع الفيلم ما يدفعه لأن يعمل بشكل أفضل. لذا يجب المحافظة على
مثل هذه التظاهرات في كل دولنا. لا نعرف إذا كنا مستمرين أو غير مستمرين، وما
هو مصير السينما، لكن اليوم لو قارننا وضع السينما بوضعها في التسعينيات، سنجد
أننا اليوم نعيش بفرح، لكن لدينا مطالبات. في السابق لم يكن لدينا مطالبات لأنه
لا وجود للسينما. في فترة من الفترات وحين كنت أُسال عن معوقات السينما
الخليجية كنت أجيب بأن الضرب في الميت حرام، ولا يمكننا التحدث عن السينما
الخليجية لأنها غير موجودة، كأنك تسألني لماذا لا ينبت التفاح في الإمارات؟!
اليوم تغير الوضع، أصبحنا نتنفس صوراً سواء عن طريق القنوات
التلفزيونية التي لا حدود لها وهي لا تخدم السينما، ولكن تخدم فكرة الاعتياد
على الصورة، فحين تتسمر أمام التلفزيون وتشاهد الصور، فإنها تبقى معك لذلك
يمكنك أن تختزلها في السينما، بحيث تذهب إلى السينما وتشاهد الصورة التي تعودت
عليها في التلفزيون.
كذلك فإن مادة المجلات كانت في السابق مكتوبة أكثر من مصورة، اليوم
أصبحت مادتها أساساً مصورة والمقال يبدو كشرح للصور. لغة الصورة بدأت تدخل
حياتنا سواء عن طريق الهاتف النقال أو الإنترنت أو اليوتيوب، كل شيء يخدم
الاتجاه للصورة، لذلك تغيرت قناعاتنا اتجاه الصورة. في وقت ما كانت الصورة
محرمة اليوم هناك تحفظات فقط على بعض الصور وبعض الأفلام.
لذلك أرى أنه كلما تنثر البذور كلما تقطف ثمارها. لا يمكنني اليوم أن
أكرر عبارة الضرب في الميت حرام لأن هناك أملاً وهناك أفلاماً، ويكفي أن مهرجان
الخليج يستقبل تقريباً ما بين 350 إلى 450 فيلماً سنوياً من المنطقة. هذا رقم
مهول جداً للأشخاص الذين يحبون دخول هذا المجال. ليس المهم من فاز ومن لم يفز،
ولكن هذا يعطي مؤشرات أن هناك أشخاصاً بدأوا يحبون السينما ويدخلون هذا المجال.
وأي نشاط تعمله فأنت تدفع في هذا الجانب وتنبه المسئولين إلى وجود حراك سوف
يفرض نفسه بقوة، سواء على المجتمع أو على الجمهور أو الحكومة.
تجربة مسابقة أفلام من الإمارت بدأت فردية جداً، مجموعة شباب أرادوا
تنظيم تظاهرة سينمائية وعرض أفلامهم بسوء تقنيتها وبالتشويش فيها. بعد ثلاثة
أعوام تأتي وزارة الإعلام وتعترف بهذا الكيان وتدعمه من خلال الجوائز والترويج
له ومن خلال إرسال المخرجين لتمثيل أفلامهم في دول أخرى. ما أريد قوله هو أنه
إذا لقيت البذرة هذه الفرصة فقد تثمر يوماً، وأعتقد أن الإعلان عن دعم
البحرينيين قطاف لهذا النشاط فليكن في اتجاه ثمرات أخرى ربما تولد.
·
هل يمكن القول أن الجهود التي
بدأت في مسابقة أفلام من الإمارات ونضجت في مهرجان الخليج السينمائي، أثمرت
الآن؟
مسابقة أفلام من الإمارات خطوة أولى ومهرجان الخليج في الخمس سنوات
التي مضت هو الخطوة الثانية، والآن نحن نعمل في اتجاه الخطوة الثالثة وهي دعم
الشباب الذين تأسسوا وفهموا السينما في اتجاه الفيلم الطويل.
إذا قدمت كل دولة خليجية فيلماً روائياً طويلاً في هذه المرحلة فسوف
نصل في مكان ما للسينما التي ننتظرها وليس فقط السينما القصيرة. السينما التي
سوف تنقل صورتنا بشكل أوضح إلى الآخر. رؤيتنا الآن في مهرجان الخليج تتمركز حول
الوصول إلى هذه المرحلة. الخمس سنوات المقبلة هي سنوات الفيلم الطويل الحقيقي
السينمائي المتكامل من الناحية التقنية والبصرية والسيناريو وطرح الموضوع، ومن
ناحية عكس صورتك كخليجي في السينما بشكلها الحقيقي وليس الإعلامي. هناك فرق
كبير بين الصورتين، وخلط كبير بين صورة الخليجي الغني والخليجي البائس. السينما
تقدم الحياة، ونحن نريد أن نقدم حياتنا كما هي، ولغة السينما هي اللغة الأجمل.
سعدت كثيراً بسماع خبر قبول الفيلم الروائي الطويل الأول لهيفاء المنصور في
مسابقة مهرجان فينيسيا، هذا قطاف مسابقة أفلام من الإمارات فالمرة الأولى التي
تعرفت فيها هيفاء على السينما كانت من خلال هذه المسابقة. أعتقد أن هذه هي
الثمرات التي كنا ننتظرها. اليوم بدأنا بالاخضرار وفي تكوين الثمرات. اليوم
نريد أن نجني. الآن أعلننا للمرة الأولى عن دعم فيلم روائي طويل خليجي من دول
مجلس التعاون بمبلغ مائة ألف دولار وهو مبلغ جيد لإنتاج فيلم روائي طويل وهكذا
فإننا ماضون في اتجاه دعم الفيلم الروائي الطويل ونريد أن نستثمر كل الجهود
التي مرت خلال 12 عاماً وتشكلت خلالها أسماء مهمة سوف تحمل على عاتقها السينما
الخليجية.
·
هل ترى أن الشباب الذين تأسسوا
من خلال مسابقة أفلام من الإمارات ومهرجان الخليج السينمائي، جاهزون لتقديم
عمل روائي طويل الآن؟
نعم أعتقد أن بعض الأسماء جاهزة ويجب أن لا نكون قاسيين. حين بدأنا
مسابقة أفلام من الإمارات ومهرجان الخليج تساهلنا معهم في الدورات الأولى وقلنا
أن الشباب لا يزالون في بداية الطريق. الفيلم الروائي الطويل سوف يأخذ نفس
المراحل التي أخذها الفيلم القصير واليوم نضجت الأفلام القصيرة. محمد بوعلي
لديه فيلم مهم جداً، وخالد المحمود سافر إلى برلين، والشباب الآخرون بدأوا
يُقبلوا في مهرجانات مختلفة، وهذا اعتراف بالفيلم القصير وإن هناك تجارب قصيرة
حققت تكاملاً من نوع ما. لكن هذه ثمرة جهود 12 عاماً. مع الفيلم الطويل لا نريد
أن نقول أن الأمر سوف يتطلب 12 عاماً، لكني أقول أن تجربة المخرج الأولى سوف
تكون المفتاح الذي يمكنه من تقديم فيلم روائي طويل متمكن.
انتهينا من بدايات الفيلم القصير في فترة قياسية، إذا ما قسناها بعمر
السينما وهو 115 عاماً، ونحن حرقنا مراحل عديدة بشكل سريع جداً على مستوى
منطقتنا. إذا تحدثنا عن بعض الأسماء في الأفلام القصيرة فسنجد أنه تم التركيز
عليها بشكل أكبر فكان لها حضور أكبر. اليوم لو أردنا أن نذكر أبرز مخرج فيلم
قصير في المغرب أو مصر فسوف نعجز لكن في الخليج تشكل نوع من الأسماء وأصبح
معروفاً حتى في مصر.
أصبح لدينا تشكيل سينمائي جيد يجب أن نستغله ونبني عليه. معظم الشباب
لم يكونوا مؤسسين ولم يكن لديهم مصادر لمشاهدة السينما، فلا دور السينما ولا
المحطات التلفزيونية تقدم لهم السينما الحقيقية، بل ليس لديهم المثل الأعلى
الذين يتجهون إليه باستثناء بعض الأسماء في الخليج.
خلال عشر سنوات استطاع هؤلاء الشباب من تحقيق شيء. الأفلام بدأت في
الأغلب فردية من إنتاج خاص، لكن أن نصل خلال عشرة أعوام إلى هذه المرحلة فهذا
استثناء، وعلينا أن نستغل هذا النجاح وهذا الحماس لكي نبني سينما حقيقية
بصورتها الخليجية.
·
لكن معادلة الفيلم القصيرتختلف
عن تلك المعمول بها في الفيلم الروائي الطويل، وهكذا فإن تمكن الشباب من فن
الفيلم القصير لا يعني نجاحهم في الروائي الطويل، ما قولك؟
بالتأكيد المعادلة تختلف، ولذلك أقول إن هذه هي بداية الفيلم الطويل،
نحتاج الى سنوات طويلة لكي نحقق معادلة الفيلم الطويل تماماً كما حدث مع الفيلم
القصير، لكن ستكون المرحلة أقصر، لأنك في الفيلم الطويل تحتاج إلى شخص مؤسس
وواعي يملك أدواته، وما يتبقى هو التكنيك فقط. وطالما هناك أسماء أثبتت حضورها
في القصير فأنا أعتقد أن مرحلة الطويل سوف تكون أقصر.
الوسط البحرينية في 25 أغسطس 2012
ضمن فعاليات ليالي السينما الخليجية، وفي ليلة «البدايات»
«بس يا بحر» ذاكرة ما قبل اكتشاف النفط
المنامة - وزارة الثقافة
ضمن فعاليات «ليالي السينما الخليجية» التي نظمتها وزارة الثقافة
بالتعاون مع مهرجان الخليج السينمائي، وفي ثالث لياليها «ليلة البدايات»، تم
عرض الفيلم الروائي الخليجي الأول «بس يا بحر».
يعتبر «بس يا بحر» أول فيلم روائي طويل يتم إنتاجه خليجيًا، والبداية
الأولى لصناعة الأفلام في المنطقة.
ويُعرَض الفيلم خلال الفعالية التي نظمتها وزارة الثقافة في الفترة
9-14 أغسطس/ آب الجاري، كتجربة سينمائية فريدة ونادرة ضمن مجموعة الأفلام التي
أنجزها مخرجو الخليج.
يقدّم «بس يا بحر» نموذج الهواجس الأولى للمنطقة، في حكاية سينمائية
وروائية طويلة مستنبطة من أرض الواقع، تعود للعام 1972م، وتسرد حياة البحر
والحب، وقضايا المجتمع بطبقيّته وتركيبته، بالإضافة إلى الأقدار التي تصيغها
المجتمعات تبعًا للتصنيفات والتوصيفات الاجتماعية.
ويلمس المخرج الكويتي خالد الصدّيق بعدسته ذاكرة البحر والغيبية التي
يجسّدها، في إعادة جلب اللحظة الزمنية المتميزة بوجعها وحبّها، وذكريات الماضي
الجميل، معتمدًا في ذلك على مقطعين مهمين، في الأول منها يستند على الحكاية
التي يقدمها والتي تؤرخ الإرث الحضاري للمنطقة وتستعيد مرحلة ما قبل اكتشاف
النفط. فيما يجسّد في الجهة الأخرى بمادته السينمائية هذه، البداية الأولى
للصناعة الفيلمية ومرحلة التوثيق التي منها بدأت صناعة الأفلام الخليجية.
الجدير بالذكر، أن «ليالي السينما الخليجية» انتقت في عرضها الأول
فيلمًا واحدًا من كل دولة خليجية، وقدّمت إبداعات مختلفة ممن حصدوا جوائز في
مجال صناعة الأفلام. فيما كان اليوم الثاني مخصصًا لعرض الأفلام الوثائقية
والواقعية، التي استلهمت آلام الواقع ودخلت في مجاراة لتفاصيل وقضايا إنسان
المنطقة.
الوسط البحرينية في 25 أغسطس 2012 |