بدأ يوم الثلاثاء الماضي عرض الفيلم اللبناني "سكر بنات" بشكل
تجاري في مصر، ليصبح الفيلم اللبناني الثاني في خلال عامين الذي يعرض
للجمهور المصري تجاريًا، الفيلم كان قد شاهده النقاد والصحافيون المصريون
عندما عرض في نوفمبر الماضي ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي،
ولاقى إقبالاً كبيرًا، وقد أقامت شركة جودنيوز للإنتاج وهي الشركة الموزعة
للفيلم عرضًا خاصًا ليلة الثلاثاء دعت إليه عددًا كبيرًا من الصحافيين
والإعلاميين، كما حضر العرض مخرجة ومؤلفة وبطلة الفيلم نادين لبكي مع السيد
صادق صباح منتج الفيلم،
إضافة إلى الممثل عادل كرم والممثلة ياسمين المصري اللذان
شاركا في بطولة الفيلم، كما حضر أيضًا السفير اللبناني في القاهرة والسيدة
حرمه.
أعقب العرض مؤتمر صحافي شارك فيه أبطال الفيلم ومنتجه، وأداره
الناقد الكبير يوسف شريف رزق الله، الذي بدأ الأسئلة التي وجهت إلى المخرجة
نادين لبكي بسؤالها عن مصدر فكرة فيلمها الذي كتبته، فأكدت نادين على أن
سكر بنات يحكي عن شخصيات حقيقية موجودة في الواقع العربي واللبناني، وأنها
استقت هذه الأحداث من معيشتها في بلد عربي كفتاة شرقية لديها العديد من
القيود، تربت على العيب والحرام، حرمت من الحرية ووجدت نفسها في صراع دائم
بين ما تتمناه وما هو مفروض عليها، فقررت في أول أفلامها أن تعرض هذه
الحالات المتعددة من خلال أشخاص كثيرة تمثل قصصًا وتجارب وديانات وطوائف
مختلفة.
وواجهت نادين في المؤتمر آراء مغايرة لما وجدته من حفاوات
سابقة في المهرجانات والعروض المختلفة في الدول الأخرى، وذلك عندما هنأتها
إحداهم ثم أدلت برأيها في الفيلم بأنه كان يحتاج إلى كاتب سيناريو من أجل
أن تصبح الدراما أقوى في الفيلم، وأن إيقاع الفيلم كان بطيئًا للغاية،
وخاصة في النصف الثاني منه، وهو ما أدى إلى وجود حالة من الملل بين
الجماهير عند مشاهدتهم للفيلم.
ومن أكثر الأسئلة التي وجهت إلى نادين لبكي خلال المؤتمر سؤال
حول دورها في الفيلم، وكيف استطاعت أن تكون مخرجة وممثلة في الوقت
نفسه، وأجابت نادين بأنه كان في البداية قرار صعب، فهي في أول أفلامها تكتب
وتمثل وتخرج، وهو أمر أرهقها، ولكن أثناء التصوير وجدت أن هذا الأمر جعل
العمل أسهل، فهي كسرت الحاجز بين المخرج والممثل، تصادقت على الممثلين
ووجدت المفاتيح التي من خلالها تستطيع أن توجه الممثلين، كما أنها أحبت
الشخصية التي قامت بها في الفيلم منذ كتابتها، ولذلك أصرت على أن تؤديها،
وعن كيفية توجيه نفسها كممثلة في ظل انشغالها بالإخراج أجابت أنها كانت
قاسية على نفسها بعض الشيء، فقد كان اهتمامها الأساسي بالصورة وبتوجيه
الممثلين، وخاصة أنهم جميعهم يقفون أمام الكاميرا لأول مرة، ولكن هذا الأمر
أفادها أيضًا في أن تتعامل مع الدور ببساطة متناهية، كي يخرج بشكل تلقائي.
طلت أيضًا حلقة المذيعة وفاء الكيلاني مع المخرج سعيد الماروق
برأسها في المؤتمر، والتي ذكر فيها سعيد الماروق ردًا على سؤال وفاء بأن
نادين تفوقت عليه بفيلمها بأنه يحضر لفيلم عالمي بإنتاج ضخم، وبأن فيلمه
سيكون أكبر بكثير من هذا الفيلم، فردت نادين في المؤتمر بأنها لا تعرف
لماذا يصرون على مسألة المقارنة مع الآخرين، ودائمًا ما يقولون إن فلانًا
تفوق على فلان، وهو عيب موجود في العالم العربي فقط، فالمهم بالنسبة إليها
هو العمل نفسه، يهمها أن تخرج الأفلام بشكل جيد، فكل مخرج يعبر عن عالمه
الخاص من خلال لغة السينما، وهي أجمل طرق التعبير، وكان هذا أيضًا هو ردها
على مسألة أن الفيلم اتهم من قبل بأنه مأخوذ من فيلم "يا دنيا يا غرامي"
الذي أخرجه مجدي أحمد علي وقامت ببطولته ليلى علوي وإلهام شاهين وهالة
صدقي، مضيفة أنها لم تر هذا الفيلم لكي تحكم عما إذا كان يشبه فيلمها أم
لا.
وقد واجهت نادين سيلاً من الأسئلة التي تؤكد على أن الفيلم فيه
العديد من المشاهد الجارحة والألفاظ التي تخدش الحياء، وكذلك إظهار كل
شخصيات الفيلم بشكل معيب، فالأولى لها علاقة مع رجل متزوج، والثانية أقامت
علاقة غير شرعية وتكشف لهم الأمر قبل زواجها، والثالثة سحاقية، فأجابت
نادين على أن الفيلم ليس به اتهام لأحد، فهي تحكي عن واقع موجود، ولا
يستطيع أحد أن ينكر وجود مثل هذه الشخصيات في المجتمع، واعترفت أنها تناولت
مواضيع حساسة ولكن بنعومة واحترام للمشاهدين، وأضافت "أسلوب الجرأة
المبتذلة في العرض لا يجعل فرصة إيصال رسالة الفيلم للجمهور جيدة"، وعن
الألفاظ الجارحة التي لم يعتد عليها الجمهور المصري قالت إن الواقع في أي
مكان بالعالم تجد فيه من يخرج عن شعوره تخرج هذه الألفاظ النابعة من عصبيته
بشكل تلقائي، وهي تقدم فيلمًا واقعيًا، ولذلك لم يكن من الغريب أن تظهر هذه
الألفاظ على أفواه شخصياتها.
أما الممثل عادل كرم فقد أضاف في هذه النقطة أنه شاهد أفلامًا
مصرية تعرض لموضوع السحاق بين الرجال، مثل فيلم عمارة يعقوبيان وفيلم ديل
السمكة، وهي أفلام كبيرة، ولكن تم عرض هذه المشاهد بشيء من النعومة ومن دون
فجاجة فخرجت بشكل جيد، من دون خدش للحياء.
والممثل عادل كرم كان أكثر الناس حزنًا عندما وجه إليه سؤال
حول تواجده وسط هذا الكم من الفتيات في هذا الفيلم، فرد بأنه كان متفاجئًا
في البداية من عمله مع هذا الكم من الفتيات الجميلات الرائعات والفاتنات،
ولكنهن ساعدنني على تخطي هذه المفاجأة فشعرت بالارتياح معهن عندما نشأت
بيننا علاقة صداقة وأخوة، وحتى الآن وأنا أتمنى ألا ينتهي هذا الفيلم،
وأتمنى وجود جزء ثان وثالث من سكر بنات، بل من الممكن أن يتحول إلى مسلسل
كي نظل معًا.
أما ياسمين المصري فقد أكدت على أن اختيارها لهذا الفيلم نبع
من صداقتها الكبيرة مع المخرجة نادين، وأضافت أنها في البداية ختفت من هذا
الأمر، ولكن صداقتها أرغمتها على الموافقة فوافقت وبدأت التدريبات
والتحضيرات على الفيلم، وشعرت مع هذه التدريبات أن شخصية نسرين التي تقوم
بها في الفيلم هي شخصية تعرفها جيدًا، فهي بنت شرقية مرحة ومخلصة
لأصدقائها، فيها العديد من المميزات التي تجدها في العديد من البنات
العاديات في الوطن العربي، ومع ثقتها بنادين زال الخوف والرهبة من الوقوف
أمام الكاميرا، وأكدت على أن بدايتها في فيلم سكر بنات هي أحلى بداية في
عالم الفن، وفتحت لها هذه المشاركة فرصة التمثيل في ثلاثة أفلام أخرى،
أولهم فيلم فرنسي روائي قصير، والثاني فيلم جزائري بعنوان "كان ياما كان"
والثالث فيلم فلسطيني مع المخرجة نجوى النجار.
منتج الفيلم صادق الصباح، أكد أنه يتوقع أن يقبل الجمهور
المصري على مشاهدة الفيلم نظرًا للسمعة الجيدة التي سبقته، مضيفًا أن
الفيلم السينمائي يجب أن ينجح على مستويين، أولهما المستوى الفني وهو ما
حدث ولمسناه من خلال المهرجانات والكتابات المختلفة عن الفيلم، والثاني على
المستوى الجماهيري، وفي مصر بلد السينما العربية أتمنى أن يفتح هذا الفيلم
المجال أمام الأفلام العربية الأخرى كي تجد مكانًا لعرضها على الجمهور
المصري المتذوق للسينما الجيدة، كما أن الفيلم عرض في العديد من البلدان
العربية وحقق إيرادات كبيرة، ونجح على المستوى المادي.
أما بالنسبة إلى توقيت عرض الفيلم الذي يعتبر في موسم غير نشط
في مواسم السينما المصرية، فقد برر صادق الصباح ذلك بأن الفيلم يعرض في
الخارج منذ تسعة أشهر، وسوف يتم توزيعه على شرائط الفيديو والـDVD
في 13 آذار/مارس القادم، ولذلك كان لا بد من الإسراع في عرضه حتى لا يؤثر
طرحه في الأسواق على عرضه السينمائي.
فيلم سكر بنات يعرض في مصر تحت تصنيف رقابي "للكبار فقط" وأكد
الصباح على أن مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي عرض فيها الفيلم تحت هذا
التصنيف، فقد منع عرضه في الكويت، وعرض في قطر والإمارات والبحرين ولبنان
وتونس والمغرب ودول عربية مختلفة دون اعتراضات رقابية، ودون حذف مشهد واحد
منه، مضيفًا أنه لا يجد مبررًا لهذا التصنيف، لأن الفيلم خالٍ من المشاهد
الجارحة.
muhammadabdelaziz999@hotmail.com
موقع "إيلاف" في 21
فبراير 2008
|