ربما تحتكر الأفلام التي تميل الي معالجة العنف جوائز
الأكاديمية
الأمريكية لعلوم وفنون السينما والمعروفة بجائزة الأوسكار لهذا العام والتي
سيعلن
عنها في نهاية هذا الشهر، فأفلام مثل رجل العصابات الأمريكي، قطار الساعة
3.10 الي
يوما، أسود من أجل حملان، وعود شرقية، لا وطن للرجال المسنين،
وفيلم سيكون هناك دم (وهو
الفيلم الذي تتوقع الترشيحات ان يخوض منافسة شرسة مع فيلم (لا وطن للرجال
المسنين) وستشاهده الدوحة بدءاً من الخميس القادم.
في فيلم (لا وطن للرجال المسنين) هناك عنف، فالفيلم أشبه
بأفلام الغرب
الأمريكي في شكله العام، ولكن البناء الفكري والإبداعي للفيلم يتجاوز
الطبيعة
الخشنة لأفلام العنف ويسعي لضربه في العمق، فالعنف هنا ليس لمجرد العنف في
حد ذاته
إنما ما يطرحه هذا العنف في حياتنا المعاصرة، وسط واقع تشوبه
الكثير من
العيوب.
يبدأ الفيلم بلقطة واسعة لغرب تكساس -يونيو من عام 1980 -وصوت
الشريف (إد
توم بيل) - تومي لي جونز في مرثية عن الأيام الخوالي والتغيير الذي طرأ علي
الناس، فالشريف لم يكن يحتاج لحمل بندقيته كما هو الحال في زمن أبية الذي
أورثه
المهنة.
فكرة
الفيلم بسيطة للغاية:
يجد صياد حقيبة مملوءة بالمال في صحراء تكساس الغربية بعد
عملية مخدرات
فاشلة، يهرب بها، فيلاحقه قاتل مهووس تم تأجيره ليسترد المال، وشريف محدود
الحيلة
يحاول إنقاذه.
الفيلم ينعي الواقع المادي الأليم الذي أصبح يسود نمط حياتنا
عبر شخصيات
محورية، مختلفة، وآسرة. (موس) الصياد الذي تواتيه الفرصة لكي يخرج من تلك
البيئة
الفقيرة والبائسة التي يعيشها هو وزوجته،(وشيجورا) قاتل مهووس متبلد الحس
يقتل بلا
رحمة وكأنه من جنس آخر.
وأخيرا الشريف(بيل) الذي وجد نفسه تائهاً وسط عنف لا قبل له به
وهو
يحاول
يائساً انقاذ(موس)
الفيلم مقتبس عن رواية بنفس الاسم للكاتب (كومارك مكارثي) الذي
نقلت
السينما
روايته السابقة (كل تلك الجباد الجميلة) من بطولة الممثل(مات ديمون)
ويغوص الفيلم في شخصيات الرواية بعمق واضح وكثير من التفاصيل،
وساعد في
ذلك مستوي
الأداء المرتفع للمثلين، وخاصة أداء الممثل(جوش برولين) الذي لعب دور
الصياد (ليو ويلن موس) بمصداقية عالية خاصة بعد ان وجد معه مليونا دولار
وحاول
التشبث بها، وقد شاهده الأخوان (كوين) مخرجا الفيلم في فيلم (جريند
هاوس) ولم
يترددا في اختياره.
وقد اضاف الأداء المميز للمثل (جافيير بارديم ) وهو يلعب دور
الشرير (اشيخورا)
ببرود قاتل، وهو ما سعي اليه الشقيقان (كوين) اللذين بحثا عن شخص وكأنه
آت
من المريخ.
أما الشريف (إد توم بيل) الذي أداه تومي لي جونز فقد يكون
الأقل عطاء
ولكنه أداء مقنع، وهو الأول الذي تم ترشيحه، وكان الأخوان يبحثان عن شخص
لا
يثير تعاطف المشاهدين، فوق إنه من مواليد بلدة سان سابا بتكساس وهي منطقة
قريبة
الشبه بالبلدة التي تجري فيها وقائع الفيلم.
وقد جاء إخراج الأخوين متميزا وقد أنضجتهم التجربة بعد فيلمهم
الأول (فارجو)
ولم يفقد الفيلم في أي لحظة صفة اجتذاب المتفرج.
وقد تم استقبال الفيلم عالمياً باستحسان واضح وكذلك من قبل
النقاد وقد
رشحه94 % من أصل 189 ناقداً في أمريكا للفوز بنصيب الأسد في مسابقة
الاوسكار لهذا
العام،
كما حاز الفيلم أيضاً علي ترشيح 17 اتحاداً لنقاد السينما علي
أنه أفضل
أفلام
2007.
عنوان الفيلم (لا وطن للرجال المسنين) مأخوذ من قصيدة للشاعر
الأنجليزي (دبليو
ييتس) بعنوان (الإبحار الي بايزانتيوم ).
والفيلم
مرشح لثماني جوائز أوسكار في التخصصات التالية
:
اوسكار أفضل إخراج: جويل كوين - إيثان كوين
اوسكار أفضل ممثل أول: جوش برولين
اوسكار أفضل ممثل مساعد: تومي لي جونز - جافيير بارديم
اوسكار أفضل ممثلة مساعدة: كيلي ماكدونالد
اوسكار افضل سيناريو معد: جويل كوين- إيثان كوين
اوسكار أفضل تصوير: روجر ديكنز.
اوسكار أفضل مونتاج : رودريك جينيز
اوسكار أفضل إخراج فني : جيس كونشور -نانسي هيج
اوسكار أفضل تصميم ملابس : ماري زوفرز
اوسكار أفضا مكياج : جين بلاك - بول لبيلانج
اوسكار أفضل صوت : بيتر كيرلاند - اسكيب ليفسي -جريج
اورلوف
abdnajdi@yahoo.com
الراية القطرية في 14
فبراير 2008
نتائج فتح
أكبر الأسواق الخليجية علي صناعة
السينما العربية
حملة
إعلامية تمهد لافتتاح دور عرض
سينمائي في السعودية
ليس من قبيل الصدفة أن تتوالي التقارير الصحفية والاعلامية في
الصحف،
الشبكات
التليفزيونية الممولة سعوديا حول قضية كانت تعتبر حتي وقت قريب من المحرمات
وهي قضية السماح بافتتاح دور عرض سينمائية علي الجمهور في دور العرض بعد
سقوط نظام
طالبان في أفغانستان والذي كان يمنع هو الآخر هذا النشاط فقد
نشرت صحيفة الحياة في
صدر صفحتها الأولي تقريراً من جدة عنونته السعوديون عصاميون في السنيما بلا
دور عرض
ولا رعاية رسمية، وكانت صحيفة الرياض السعودية قد نشرت أكثر من
تقرير حول حتمية
السينما في السعودية وشاركت جريدة الشرق الأوسط في نفس المعزوفة وقال حسين
شبكشي في
إحدي هذه المقالات غير معروف عدد المجمعات التجارية ومراكز
التسويق بالسعودية التي
تحتوي علي قاعات سينما لا تعمل هناك اشاعات و تأكيدات تتداول وتجزم بوجود
تلك
القاعات وإن ملاكها ينتظرون الفرصة المناسبة لتشغيلها ويقول أحد التقارير
أن معرفة
السعوديين بالسينما تعود إلي الستينيات من القرن الماضي حيث
كانت هناك أماكن لعرض
الأفلام السينمائية خصوصا في جدة لكن هذه الأماكن لم تحظ بأي تصريح رسمي
فكان ان
طاردها رجال الحسبة وعمدوا إلي اغلاقها واعتقال أصحابها وتزامن ذلك مع ما
يعرف
بالصحوة الإسلامية في السعودية والتي حرمت التجربة علي اطلاقها..
وخلاصة القول إن
هذه القلعة الحصينة في وجه صناعة السينما علي وشك أن تفتح أبوابها لرياح
التغيير
وثورة وسائل الاتصال الحديثة التي لم يعد هذا المنع يجدي معها فتيلا خصوصاً
ان
السلطات السعودية والرأسمالية المرتبطة بها تعتبر الآن اللاعب
الأكبر في مجال صناعة
الاعلام والترفيه العربية والتي تعتمد قواعد أقل ما يقال عنها أنها شديدة
المرونة
والتحرر بالنسبة للقواعد الرقابية الرسمية.. وقد تزامن هذا كله مع ظهور
حركة نشطة
لصناعة الأفلام في السعودية سبق أن أفردنا لها تقريراً مفصلا
ومع السماح أو التسامح
مع
عرض بعض هذه الأفلام في قاعات خاصة في الفنادق والمعاهد بالاضافة إلي بعض
العروض
لأفلام الأطفال العالمية. وتشكل كل هذه الارهاصات لقرب دخول السوق السعودية
الأضخم
خليجياً والأثري عربياً تغيراً نوعيا في حسابات صناعة السينما
العربية خصوصا
المصرية.. التي تعاني بشدة من ضعف ايرادات الأسواق الخارجية ذات القدرات
الشرائية
الضعيفة أو الكثافة السكانية العربية القليلة في الدول الخليجية ذات
القدرات
الشرائية العالية.. وهكذا يمكن اعتبار أن فتح السوق السعودية
أمام الفيلم العربي
الذي يفضله الجمهور السعودي علي سواه سوف يضاعف عدة مرات ايرادات هذه
الأفلام..
وإذا أضيف لذلك أن صناعة السينما العربية عموما وصناعة السينما المصرية علي
وجه
الخصوص تشهد الآن طفرة واضحة في الكم والكيف والايرادات نتيجة للزيادة
المطردة في
دور العرض في السوق المصرية المحلية والمبالغ الضخمة التي
أصبحت القنوات الفضائية
تدفعها مقابل عرض أو الانفراد بعرض هذه الأفلام. نستطيع أن نتحدث عن مرحلة
جديدة
واعدة لهذه الصناعة يتم فيها زيادة الانتاج لتلبية الطلب المتزايد وربما
الاستمرار
في التقدم الفني والتقني الآخذ في الظهور في انتاج هذه الصناعة
مؤخرا.. لكن هذه
التوقعات الايجابية لنتائج فتح السوق السعودية أمام الانتاج السينمائي ليست
إلا
جانبا واحداً من الصورة.. والتجربة خير دليل. فقد سبق للأسواق السعودية أن
لعبت
دوراً خطيرا في تحولات السينما العربية خصوصا المصرية في حقبة
الثمانينيات حين راج
وساد أسلوب انتاج الأفلام خصيصا للمشاهدة المنزلية - الفيديو كاست - لتلبية
احتياجات هذه السوق الضخمة الأمر الذي قفز بعدد الأفلام المنتجة سنويا إلي
أكثر من
مائة فيلم في العام لكنها كانت كارثة بالمعني الحرفي علي
المستوي الفني لهذه
الصناعة التي كانت مضطرة للالتزام حرفياً بقيود الرقابة السعودية وموانعها
التي
كانت تحرم أي حوار بين ذكر وأنثي في مكان منفصل علي أساس أنه خلوة غير
شرعية ومئات
غيرها من المحرمات المثيرة للضحك.. وكان من نتيجة هذا الرواج
الكاذب أن انحدر مستوي
الأفلام المنتجة إلي مستوي لم يشهده من قبل أدي إلي خروج عشرات من مبدعي
وصناع
الأفلام المتألقين من السوق وسيادة منطق المقاولات كما أطلق علي هذه
السينما يومها
ثم الانهيار الكبير للصناعة معه نهاية حقبة الفيديو كاست
وتراجع الانتاج من مائة
فيلم في العام لأقل من عشرين فيلماً!!! وأخشي ما يخشاه أهل هذه الصناعة من
المبدعين
الحاليين أن يتسبب الاقبال علي تلبية احتياجات هذا السوق الكبير في نكسة
ثانية من
نفس النوعية خصوصا بعدما استطاعت صناعة السينما أن تنتزعه من
حريات ومساحات من
السماح بمناقشة الكثير من الموضوعات السياسية والاجتماعية والدينية
الحساسة.
الراية القطرية في 14
فبراير 2008
|