«عداء الطائرة الورقية» أو
The Kite
Runner،
فيلم روائي أفغاني تخطى حدود كابول، وانطلق إلى العالم بتماسكه العاطفي
والسياسي الناقد لمختلف أشكال الصراعات التي عاشتها تلك العاصمة الآسيوية،
منذ أن استفاقت ولم تنم على وقع الحروب والصراعات التي لا تستثني أحداً.
الفيلم هو تصوير متقن لنص روائي أبدعه الأفغاني الأصل الأميركي
خالد حسيني، إذ أن تلك الرواية التي حملت عنوان «عداء الطائرة الورقية»
حازت على المركز الأول للكتب الأفضل مبيعاً في صحيفة «نيويورك تايمز»، وهي
من أفضل عشر روايات أدبية لعام 2003، حيث تناقش واقع الأفغانيين قبل
الاجتياح السوفييتي قبل العام 1979 وما تلاه.
فتغوص في حياة الأفغانيين منذ العام 1970 وحتى 2001، من حيث
الحياة المفعمة بالبساطة والقناعة والمرح، من دون إغفال «شر» الطائفية التي
بدت في عيون أطفال شاخصة إلى سماء كابول وتتابع الطائرات الورقية، التي تعد
أبرز ما في ثقافة الشعب الأفغاني الرياضية والترفيهية، قبل أن تتحدد فصول
المعاناة بدءاً من الاجتياح السوفييتي، ومروراً بالهجرة القصرية للأب
المعادي والناقم على الشيوعية، وانتهاء بعودة الابن الحاقدة على «طالبان».
عرض خاص
العرض الأول والخاص لهذا الفيلم احتضنته أخيراً سينما «غراند
سينيبليكس» في دبي، تمهيداً لانطلاق عروضه أمس في مختلف دور السينما في
الإمارات، حيث خصصت إدارة السينما ذلك العرض فقط لوسائل الإعلام ولعدد من
الشخصيات والفعاليات الاجتماعية الأفغانية والعربية والأميركية والأوروبية
المقيمة في دبي.
يبدأ الفيلم بمكالمة هاتفية يتلقاها أمير المقيم في سان
فرانسيسكو من صديق والده «رحيم خان» في صيف 2001، والذي يطلب منه العودة
إلى باكستان، وينهيها قائلاً: «ما زالت هناك فرصة أخرى لتعود نقياً»، تلك
الجملة التي أنعشت في مخيلة أمير أيام كابول بحلوها ومرها، ليعود معها صوت
حسن وهو يعدو خلف طائرة ورقية مخاطبا أمير: «لأجلك أفعلها ألف مرة»، فأمير
طفل غني، وصديقه أو «أخوه» حسن فقير، وكلاهما تشاركا في طفولة مجهولة،
نهايتها كانت الأصعب.
الشدة
والحب
أمير صبي من قومية البشتون، جمعه بحسن الشيعي الذي عمل خادما
لديه، منزل واحد وأخوة في الرضاعة وأمومة مفقودة لكليهما، وقد ربطت أمير
بوالده الذي يعمل تاجرا، علاقة مزدوجة ظاهرها الشدة وباطنها الحب، ولا ننسى
أن أمير الولد الخجول مسالم بطبعه، يعشق القراءة ويكتب القصص القصيرة ويخشى
المواجهة، وهي ليست الصورة المثلى التي أرادها له والده القوي الشجاع الذي
تعود أن يكون قيادياً ودوماً على المحك.
أما حسن فهو صبي بسيط وفقير، يمتلك ولاء واستقلالاً ورضا
وقناعة جعلت مشاعر أمير نحوه تختلط حبا وغيرة ومكابرة، وقد كان أمير متميزا
في لعبة الطائرات الورقية، وتقوم اللعبة على مبدأ تحليق الطائرة إلى علو
كبير ومناورة الطائرات الأخرى وقطع الطريق عليها، إذ أن البقاء فيها
للأقوى، ثم يقوم المساعد - وهذا هو العداء- باصطياد الطائرة المهزومة قبل
أن تلامس الأرض، ويتعين عليه تقدير مكان ولحظة سقوطها، وحسن هو أفضل عداء
في كابول.
الثمن
الغالي
تتطور الأحداث ليفوز أمير بأكبر مهرجان للطائرات الورقية في
شتاء 1975 ويلتقط حسن الطائرة النفيسة، والتي يدفع ثمنها غاليا حيث يتم
اغتصابه جنسياً من قبل «عاصف» - صاحب الطائرة الخاسرة، والذي سيمثل حقبة
طالبان فيما بعد، على مرأى ومسمع أمير الذي يراقب المشهد عن بعد، ويؤثر
الصمت والعودة من حيث أتى، على ألا يفقد الطائرة التي ستجلبه ثقة أبيه
وفخره.
يجتاح الروس أفغانستان ويلجأ أمير ووالده إلى سان فرانسيسكو،
حيث تعيش جالية أفغانية من المنطقة ذاتها، وقد تعرض كاتب الرواية الحسيني
للاجتياح بشكل مختصر، وكان جل تركيزه على تأقلم أمير ونضج العلاقة مع والده
في الحياة الأميركية الأفغانية.
العودة
والعقدة
وبعودة أمير إلى أفغانستان، يجسد الروائي في الأحداث الأكثر
تشويقاً وتأثيراً، الدين والسياسة، ويخلط كثيراً من الأوراق لتجسيد العقدة،
حيث يغوص في أعماق النقد إلى الحد الذي لا يروق للبعض، أو ربما يستفز مشاعر
الكثيرين.
وفي الختام يرجع أمير إلى سان فرانسيسكو ومعه «صرهاب»، طفل حسن
الذي يموت إخلاصاً لأمير، وبذلك تعود الرواية إلى الفصول الأولى حيث يطير
أمير طائرة ورقية في سماء أميركا، ويسقط آخر طائرة منافسة، ينظر أمير إلى
صرهاب فيرى وجه حسن، ويقول له، «هل تريدني أن أعدو خلف الطائرة، لأجلك
أفعلها ألف مرة» فيركض أمير الثلاثيني وهو يزاحم بقية الأطفال، وتنتهي
الرواية.
البيان الإماراتية في 14
فبراير 2008
|