* من ير الخريطة اليومية لمهرجان روتردام السينمائي منشورة في
كل صحف الصباح يندهش لهذا الاهتمام لكن الدهشة تكبر حين تجد "صحيفة صباح"
كاملة يومية تصدر من أجل المهرجان وتوزع بالمجان في كل المنافذ وبنفس حجم
ونوع ورق جرائد الصباح الهولندية واسمها "النمر اليومية" أو "يوميات النمر"
والنمر هو شعار المهرجان ومسابقته الرسمية للأفلام الطويلة والقصيرة. من ير
مدي الاهتمام والرعاية لهذا المهرجان الذي ترعاه أكثر من سبعين مؤسسة وشركة
منها قنوات
ART.
وTV5
وأخري من كل بلد أوروبي وأسماء الرعاة تحتل الصفحة قبل الأخيرة في الجريدة
ذات "ال 32 صفحة يصعب عليه مهرجانات مصر كلها وعلي رأسها مهرجان القاهرة
السينمائي الدولي الذي يقترب عمره من عمر مهرجان روتردام وبالطبع مهرجان
الإسكندرية. والإسماعيلية. والقومي.. كلها بدون رعاة إلا ما ندر "أي
القاهرة" وكلها تأتي وتذهب بدون نظرة من المدينة التي تقام فيها.. أما
"روتردام" الذي لايعقد في عاصمة الدولة هنا فله اهتمام فائق يعبر عن تقاليد
راسخة في الاحتفاء بالمناسبات الثقافية. وبالسينما كما رأيته وأري.. ففي كل
مكان يوجد جزء من المهرجان في مدينته ملصق المهرجان الأزرق وبداخله النمر
الذهبي المحفوظ تحول إلي أعلام بل ستائر قماشية موجودة طوال الطريق الرئيسي
الموصل لمقر المهرجان في مبني الدولة المخصص لشئون الثقافة ويستكمل النمر
رحلته إلي بقية الطرق في المدينة طالما توجد فيها قاعات لعروض أفلام
المهرجان. والقاعات عددها 32 قاعة موزعة علي سبعة أماكن ومجمعات سينمائية
"وليست مولات" ثم يوضع شعار المهرجان أيضا علي عدد غير قليل من مطاعم
المدينة واضحا حتي يراه زوار المهرجان والداخل والخارج ويحصلوا علي الوجبات
بسعر مخفض بالطبع لاشيء رخيصاً في بلاد اليورو كمان أرحم من غيره فالمهرجان
شادد حيله ولا يقدم إلا اقامة الليالي الخمسة لضيوفه. والمطبوعات. فقط ولغة
البيزنس عالية فيه من خلال "السيني مات" أي القسم المخصص لسوق الأفلام.
والكلمة تدمج كلمتي الماركت والسينما معا في تعبير عن أهم أقسام المهرجان
بحق حيث يحضر الموزعون والمنتجون والباحثون عن فرص لتوزيع وبيع وحقوق عرض
أفلام تمثل أربع قارات علي رأسها أوروبا وآسيا ثم الامريكتان ولا عزاء
للأفارقة.. ومن هنا فإن موزعي الأفلام في روتردام في أهمية المخرجين ولذلك
لا تري أثراً للنجوم والنجمات ولا أحد يسأل عن جورج كالوني أو ماريا ماهوني
لأن "ناس" المهرجان ثلاثة أصناف صنف يحضر لعرض فيلمه وتسويقه وصنف يحضر
لرؤية الأفلام والكتابة عن المهرجان وصنف ثالث عاشق للسينما هو جمهور هذا
المهرجان المثقف حقيقة والذي يملأ كل القاعات غير المخصصة للصحافة وعددها
23 قاعة خاصة في الإجازات فلا تجد مكاناً لقدم وبفضل هذا الجمهور الذي يقف
ساعات طويلة لشراء التذاكر من مقر المهرجان في دولته تجد مستوي عالياً
وتذوق الأعمال السينمائية رفيعة المستوي بغض النظر عن كونها قادمة من
إيطاليا أو الصين أو روسيا أو غيرها.. أنه جمهور يفخر به أي مهرجان لأنه
الدرع الواقي له بجانب الرعاة.. وبفضله يقوي كل عام..
يوسف
شاهين والأساتذة
من بين الأحلام التي ملأ الجمهور هنا قاعاتها حتي آخر مقعد
فيلم المخرج الإيطالي أيرمانو أولمي وله عنوان غريب هو "مائة ظفر"
بالإنجليزية ويناقش فلسفة الدين وأساليب رجال الدين في عالمنا المعاصر
وأيضا فيلم "الكسندرا" للمخرج الروسي الكسندر زوخوروف الذي يدور حول حرب
الشيشان. وفيلم المخرج الأمريكي جي فان سانت وعنوانه "لا بلد للمسنين"
وأيضا فيلم "أنت العايش" للمخرج السويدي روي اندرسون وفيلم المخرج المصري
يوسف شاهين "هي فوضي" وأفلام عددها 34 فيلماً لمخرجين ومخرجات جاءوا من 28
بلداً قدمها المهرجان عبر برنامج خاص أسماه "أساتذة.. وقواعد" وقد اختار
المهرجان لأساتذة السينما أحدث أعمالهم ولم يخيب ظنه فالإقبال علي أفلامهم
فاق كل التصورات ولولا "الأساتذة" ويوسف شاهين لما ذكر اسم مصر في برامج
هذا المهرجان الكبير جدا والذي تجاوز عدد جمهوره في العام الماضي 230 ألف
مشاهد ومن المؤكد أنه سيتجاوز هذا العدد في هذه الدورة بالرغم من البرد
القارس.
حرب..
وحب.. وجنون
* ويجيد منظمون هذا المهرجان عملية تقديم الأفلام إلي الجمهور
كأن يعرض الفيلم السوري "خارج التغطية" لعبد اللطيف عبدالحميد ضمن برنامج
خاص بالافلام المعبرة عن التغيير في العالم فيقال إنه العرض الأوروبي الأول
للفيلم السوري وهكذا الأمر مع الفيلم المغربي "قلوب تحترق" لأحمد المعنوني
والجزائري الفرنسي "البيت الأصفر" وكلها أفلام عرضت في أغلب المهرجانات
العربية في النصف الثاني من 2007 لكن الجديد في العرض هنا بحق أي العرض
العالمي الأول هو الفيلم العراقي "حرب.. حب.. رب.. وجنون" اخراج محمد
الدراجي والذي درس السينما ببغداد قبل أن يهاجر إلي هولندا ثم يعود إلي
بلاده عام 2003 ليخرج أفلامه.. ويقدم المهرجان أيضاً برنامجاً خاصاً
للسينما الهندية الجديدة "10 أفلام" وللسينما اليابانية وعروض المسابقة
تندرج داخلها الأفلام المصورة بالسينما والمصورة بالفيديو والأفلام القصيرة
لها مساحة لابأس بها وأن كان إلفها ضائعاً وسط الأفلام الروائية الطويلة..
ومع ذلك فموزعوها موجودون ولديهم جدول للمقابلات ويستطيع أي ناقد وصحفي أن
يري ما يريد من أفلام. عبر أجهزة فيديو.. حتي يكتب عنها.. فما بالنا بمن
يريد أن يشتريها؟
الجمهورية المصرية في 31
يناير 2008
|