حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم (أوسكار) ـ 2010

وفاز محور الخير بجوائز «الأوسكار»

النظرة الفوقيّة إلى العراقيين حاضرة بقوة في الفيلم

كاثرين بيغلو أوّل «متوّجة» والكاوبوي بطلاً في بغداد

سعيد خطيبي

لم تتأثّر الأكاديمية الأميركية بضخامة «أفاتار» الذي حطّم شبّاك التذاكر في كل بلد حلّ فيه. فضّلت فيلماً متواضعاً وانحازت إلى «بسالة» الجنود الأميركيين... وأدارت ظهرها لجيمس كاميرون وخطابه المناهض للاستعمار... ولو على الطريقة الهوليووديّة

«يترجم «خزانة الألم» عجز السينما الهوليوودية عن تصوّر العرب و/ أو المسلمين إلا في هيئة الكائنات الساذجة أو التي تهدّد الآخر... اقتحام الجندي الأميركي للصحراء، مدفوعاً بإيمانه بصوابية قضيّته، إنما هو دليل تراجيدي على تعثّر هذه الصناعة أمام سؤال التنوّع الحضاري في العالم، في وقت تطرح فيه نفسها أداةً ترفيهية للإنسانية برمتها». هكذا علّق المخرج والناقد السينمائي الفرنسي ماثيو توفرو على شريط كاثرين بيغلو. لكنّ «الأكاديمية الأميركيّة للعلوم والفنون السينمائية» كان لها رأي آخر. ها هي تمنح الشريط «أوسكار» أفضل فيلم خلال احتفالها الـ82 الذي أقيم فجر أمس، بينما توَّجت كاثرين بيغلو أول امرأة تنال جائزة أفضل مخرجة (راجع ص 17).

هكذا، هزمَ الشريط المنخفض الكلفة (11 مليون دولار، مدخوله حتى اليوم 16 مليوناً) الذي تناول حرب العراق، غريمه «أفاتار» الفيلم الخيالي الضخم (فوق 300 مليون دولار، عائداته فاقت ملياري دولار) الذي حمل توقيع جيمس كاميرون زوج بيغلو السابق. ولعلّ سرّ تتويج The Hurt Locker يكمن في خطابه. لدينا من جهة فيلم يتناول «محور الخير» الذي جسّده الجنود الأميركيون في العراق وبطولاتهم وتضحياتهم «من أجل الوطن»، مقابل «أفاتار» الذي دعا إلى رفض العنف ومقاومة الغزو والاستعمار.

على عكس عملي براين دي بالما (منقّح ـــــ 2007) وبول هاغيس (وادي الإله ـــــ 2007) اللذين قاربا ما بات يُسمّى «حرب الخليج الثالثة» من خلال ارتكازهما على ممارسات جنود الاحتلال في «سجن أبو غريب»، ذهبت كاثرين بيغلو (59 سنة) إلى تمجيد هؤلاء «الأبطال» على رغم إقرارها بفشل المخططات العسكريّة للبيت الأبيض.

بأسلوب ريبورتاجي يعتمد في التصوير على كاميرا محمولة على الأكتاف، صوّرت بيغلو يوميات فرقة عسكرية أميركية مختصة في نزع الألغام، تحلّ في بغداد بعد أسابيع قليلة على سقوط نظام صدام حسين. انطلاقاً من هنا، يرتكز الفيلم على سلسلة مشاهد تُظهر الفرقة وهي تنزع الألغام، مع ما يحمله ذلك من شحنات توتّر عالية ووتيرة متصاعدة من الإثارة.

يدور سيناريو The Hurt Locker حول محور الخوف: خوف مستمر من الموت، سواء من جانب الفرقة الأميركية، أو من جانب أهالي بغداد الذين لا يحضرون إلا بمقدار ما يخدمون رسالة الفيلم وخطابه. تجد الفرقة نفسها متورطة في حرب شوارع حيث «التفجيرات الانتحارية» تحوّل عاصمة الرشيد إلى ما يشبه مدينة أشباح. وتركّز الكاميرا على أربع شخصيات أساسيّة تتمثل في الرقيب ويليام جيمس (جيريمي رينر)، والرقيب سانبورن (أنطوني ماكي)، وأوين إلدريدج (براين غيراتي) والرقيب ماتيو طومسون. هذا الأخير يلقى حتفه بانفجار لغم مع بداية الفيلم، ما يبعث المزيد من الخوف في رفاقه ويبعث فيهم أيضاً الرغبة في مواصلة المهمّة عرفاناً له وبـ«قضيته المحقّة».

يجمع سيناريو الفيلم، الذي صُوِّرت بعض مشاهده في الأردن والكويت، بين حساسية مهمة الفرقة الأميركية وبؤس الحياة البغدادية، المتّسمة بالفقر والبحث المضني عن لقمة العيش. وسط حالة الفوضى هذه، تبرز صورة معبّرة تتمثل في طفل عراقي صغير (كريستوفر صايغ) يعمل بائع أقراص مضغوطة، ويكسب ثقة إلدريدج من منطلق تعلّقه بلعبة كرة القدم وتأثره باللاعب الإنكليزي دافيد بيكهام. يحاول الفيلم أن يوحي أن مستقبلاً مشرقاً ينتظر العراق، فيما ينقل جزءاً من عدائية المارينز الذين يسارعون إلى إطلاق النار على كل جسم متحرك، حتى لو كان قطيع ماشية، ويقضون وقت فراغهم في التسلية بألعاب إلكترونية قتاليّة.

تطغى على الفيلم المشاهد الخارجية، مع بعض المشاهد الداخلية التي تركز على محادثات أفراد فرقة المارينز الذين لا يتوانون عن كشف جزء من حياتهم الشخصية التي يخيّم عليها الإحباط والحنين إلى الوطن، إذ يصرّح الرقيب سانبورن بنبرة يشوبها الحزن: «لا أريد أن أموت في العراق. أحلم بالزواج وإنجاب طفل (...)». وينضم إليه إلدريدج الذي لا يتوقف عن استعادة ذكريات خليلته التي تركها بعد استدعائه إلى حرب العراق.

النظرة الفوقيّة إزاء العراقيين والعرب حاضرة بقوة في الفيلم. «الرجل الأبيض» أتى ليعلّم العراقيين أصول الديموقراطية والسلام والتحضّر. وهناك ميل واضح لترويج بعض الخطابات السياسية المباشرة، مع نبذ «العمليات الانتحارية» التي تتجسّد خصوصاً في أحد المشاهد الأكثر دموية في الشريط. مشهد يظهر رجلاً أربعينياً يتقدّم من الرقيب ويليام جيمس ويطلب منه المساعدة بغية التخلص من المتفجرات التي كانت تغطي جسده كاملاً. لكنّ الرقيب يفشل في إنقاذ الرجل الذي ينفجر مردداً: «أشهد أن لا اله إلا...» ويتحوّل ـــــ في جزء من الثانية ـــــ إلى شظايا تعكس واقع العراق في الوقت الراهن، فيما يبدو الرقيب «المخلّص» الخيّر الذي جاء ليُنقذ شعب العراق.

ربما جاء اختيار تلك اللقطة الدموية عمداً في نهاية الفيلم، لأنها مثّلت آخر لحظات الدورية في بغداد قبل عودتها إلى أميركا. لحظة تقرّ بفشل مهمة الفرقة، تاركة العراق يغرق في مستنقع الدم نفسه الذي وجدته عليه في البداية.

خلال احتفال «الأوسكار»، أهدت كاثرين بيغلو «الجائزة إلى النساء والرجال العسكريين الذين يخاطرون بحياتهم يومياً في العراق وأفغانستان وفي العالم، وأتمنى عودتهم سالمين إلى ديارهم». لكنّ كاثرين لم تكلّف نفسها عناء طرح الأسئلة، بل اختزلت الصراع بمحوري الخير والشرّ، وركّزت على المعاناة الإنسانية للجنود و«تضحياتهم» و«بطولاتهم». ولكلّ هذه الأس باب، ربما، فضّلت الأكاديمية الأميركية «خزانة الألم».

الأخبار اللبنانية في

09/03/2010

 

ليلة «الأوسكار» : مفاجآت... مفاجآت

كأنّ فوز كاثرين بيغلو (1951) بأوسكار أفضل مخرجة لم يكن إلا مصادفةً جميلة. دخلت هذه المخرجة التاريخ فجر أمس، بعدما أصبحت أول امرأة تنال جائزة أفضل إخراج بالتزامن مع الذكرى المئة لـ«يوم المرأة العالمي». بغضّ النظر عن الخطاب الاختزالي لشريطها «خزانة الألم»، تقدّمت بيغلو على زوجها السابق جايمس كاميرون، صاحب «أفاتار» الذي خرج خالي الوفاض.

بعكس كلّ التوقعات، اكتفى شريط الخيال العلمي الضخم بثلاث جوائز من أصل تسع رشّح لها (أفضل مؤثرات، أفضل سينماتوغرافيا، أفضل إدارة فنيّة). كأنّ «الأكاديميّة الأميركيّة للفنون والعلوم» قررت غضّ الطرف عن إنجازات التكنولوجيا الثلاثيّة الأبعاد، والاحتفاء ولو مرّةً بالإنتاجات الأقل كلفةً؟ أم تراه خطاب«خزانة الألم» هو الذي استحق مكافأة وطنيّة، مقابل خطاب «أفاتار» الداعي إلى الحفاظ على الخصوصيات الثقافيّة في ظلّ الغزو والاستعمار؟

لم تكن هذه المفاجآت الوحيدة في الاحتفال الباهر الذي أقيم في هوليوود فجر أمس. فازت ساندرا بولوك بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم «البعد الآخر» بعد يوم واحد من قيام «جوائز رازي» بتتويجها «أسوأ ممثلة» عن دورها في «كل شيء عن ستيف». قد تكون الجائزة عتبةً لدخول بولوك عالم السينما الرصينة بعد مسيرتها الطويلة في الأدوار الخفيفة. أمّا جيف بريدجز، فقد كانت ليلة «الأوسكار» ليلته. فاز بجائزة أفضل ممثل عن دوره في «قلب مجنون» بعدما راكم الترشيحات للجائزة منذ مطلع السبعينيات. خسارة «عجمي» كانت مفاجأة بدورها، إذ حاز الفيلم الأرجنتيني «السر في عيونهم» جائزة أفضل فيلم أجنبي (فازت الارجنتين بجائزة «الأوسكار» الأولى عام 1985 عن فيلم «القصة الرسمية»). فوز مونيك بجائزة أفضل ممثلة مساعدة عن دورها في فيلم Precious، كان متوقعاً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى النمساوي كريستوف فالتس الذي نال جائزة أفضل ممثل مساعد عن دوره في «السفلة المجهولون»...

الأخبار اللبنانية في

09/03/2010

 

يركّز الشريط على معاناة جنود الاحتلال وبطولاتهم!

كاثرين بيغلو تكرّس العنصريّة الغربيّة

بدر الإبراهيم 

حقّق The Hurt Locker نجاحات متتالية وفاز بجوائز مهمة، آخرها «أوسكار» أفضل فيلم وحظي بحفاوة نقدية. فيلم كاثرين بيغلو التي فازت أيضاً بجائزة أفضل مخرجة، يُعدّ أكثر شريط حصد النجاح بين الأفلام الهوليوودية التي تناولت حرب العراق. يحكي العمل قصة فرقةٍ من الجنود الأميركيين المختصّين بنزع الألغام في العراق، ويدخل في تفاصيل حياتهم في تلك «الصحراء اللعينة». يروي قلقهم وخوفهم في ظل أجواءٍ مشحونة بالعدائية ضدهم (عدائية لا تبرير لها في الفيلم!) ويعرض بطولاتهم وتضحياتهم. وهو يستند إلى أساسين: المعاناة الإنسانية لجنود الاحتلال، والعمل البطولي الذي قاموا به في وجه «الإرهابيين». وهو ما دفع أحد الممثلين إلى القول بأنّه بعد هذا الفيلم، صار يقدّر أكثر تضحيات الجنود في العراق وأفغانستان من أجل وطنهم. هذا الكلام يعبّر عن الرسالة التي أراد الفيلم إيصالها. حاول الشريط أن ينأى بنفسه عن الدخول في القضايا السياسية مباشرةً، فلم يتناول الظروف السياسية المحيطة بوجود الجنود في العراق. هم موجودون وكفى. الموضوع يتعلق بالجانب الإنساني في الحرب. غير أن صنّاع الفيلم وصلوا إلى قلب المسألة السياسية بطريقتهم في تناول الحرب. إذ إنّ إهمالهم لمسبّبات الحرب ووحشية الاحتلال وبشاعة العدوان وشرعية المقاومة تعبيرٌ واضح عن العقل السياسي الغربي ونظرته إلى العالم. يقول الفيلم بوضوح إنّ الحسّ الإنساني هو من خصائص الرجل الأبيض (والأسود أيضاً إن كان في خدمة الأبيض)، وإن الآخرين لا يعانون، ولا يحقّ لهم ذلك. هم مجموعة همج حاقدون على تحضّر الغرب. وإذا كانت مخرجة الفيلم تدّعي مناهضة الحرب، فهي تقدّم الدعاية الأميركية الزائفة نفسها في هذا الإطار، وهي التي تقوم على منطق فرض السلام بالقوة، ما يؤدي إلى تكريس الهيمنة وفرض شروط المنتصر. يمكن الحديث عن اتجاهين في معارضة الحرب يبرزان في الإعلام الغربي: أحدهما يعارض الحرب ويرفض العمل العدواني والسياسات الاستعمارية. أما الاتجاه الآخر فلا يرى إشكالاً في الحرب إلا إذا أدّت إلى تزايد خسائر المحتل والمستعمر. حينها، تبدأ معارضة الحرب للحفاظ على أرواح «المهمّين». أما الآخرون فلا يهمّ ما يحصل لهم من تجويع وتشريد.إنها إنسانية العقل السياسي الغربي العنصرية. الإنسانية التي تحرص على حق الإنسان الغربي في الحياة على حساب الآخرين، وعلى حق الآخرين في الموت كرمى لمصالحه. إنسانية تبرز آلام القاتل التي سبّبَها تخلّف المقتول وهمجيّته. هذه الحفاوة التي استقبل بها فيلم مماثل تكرّس انتصار هذا الاتجاه العنصري في العقلية الغربية، وحصول الفيلم على «الأوسكار» سيكون تتويجاً لمسيرةٍ هوليوودية تحتقر البشر الآخرين لتُعلي من شأن إنسانها.

الأخبار اللبنانية في

09/03/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)