رغم أجواء التوتر التي شهدتها الساحة الرياضية بين مصر والجزائر في الأيام
الماضية قبل تأهل الأخيرة لمونديال كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا، إلا أن
السينما الجزائرية كانت حاضرة بقوة على ساحة مهرجان القاهرة السينمائي
الدولي استناداً للدور الذي لعبته على أيدي مخرجين بارزين نافست أفلامهم في
أكبر المهرجانات العالمية مثل «محمد لخضره حامينا» الذي فاز فيلمه «وقائع
سنوات الجمر» بالسعفة الذهبية بمهرجان «كان» العام 1975.
وخلال الدورة المنتهية لمهرجان القاهرة، كرمت إدارة المهرجان السينما
الجزائرية من خلال دعوة نخبة متميزة من نجوم وصناع السينما بها، إلى جانب
تنظيم قسم خاص للأفلام الجزائرية عرضت من خلاله 12 فيلماً تعد من أفضل
وأحدث الأفلام الجزائرية التي أنتجت خلال السنوات الخمس
الأخيرة. كما تم
تكريم المخرج الجزائري الكبير أحمد راشدي، والذي يعد من أفضل المخرجين
العرب في السنوات الخمس الأخيرة، وقد شارك راشدي في المهرجان بفيلم «مصطفى
بن بولعيد» إنتاج 2008 حيث دارت أحداث الفيلم حول مرحلة ظلت منسية في حقبة
النضال الجزائري من خلال تناول مسيرة القائد التاريخي «مصطفى بولعيد»، وهو
أحد المؤسسين للثورة الجزائرية التي واجهت الاستعمار الفرنسي في الجزائر
بعمله على التحرر من الاستعمار من داخل سجنه وانحيازه إلى البسطاء
باعتبارهم الأبطال الحقيقيين للثورة.
رحلة إلى الجزائر... ضمن المشاركة الجزائرية الأخرى جاء فيلم «رحلة إلى
الجزائر» للمخرج عبدالكريم بهلول، إنتاج 2009، بطولة صوفيا مناصر، وحيد
قاسمي، سامية أومزيان، أسامي أحيدة، حميد رماش، وتناول الفيلم قصة حقيقية
عن امرأة تجد نفسها وحيدة مع أبنائها الصغار بعد استشهاد زوجها على أيدي
جنود فرنسيين، ما يحدث صدمة نفسية عنيفة لأحد أطفالها، وبعد الاستقلال تحصل
على بيت من معمر فرنسي، فتنتقل للعيش فيه، لكنها لا تنعم به طويلاً حيث
يلاحقها أحد أعيان مدينة «سعيدة ».. مهدداً إياها بسلبه، وبعد أن تيأس من
استرجاع حقها والتخلص من تهديداته بعد أن وقفت السلطات المحلية عاجزة عن
فعل أي شيء تسافر إلى العاصمة للقاء رئيس الجمهورية، لتطرح عليه قضيتها،
لكنها تجده مسافرًا إلى «وهران»، فتلتقي قائد أركانه «هوارى بومدين» الذي
يستقبلها، ويتأثر بمشكلتها، ويقرر مناصرتها وإعادة حقها المسلوب. أما فيلم
«حراقة»، للمخرج «مرزاق علواش»، إنتاج 2009، تدور أحداثه حول مجموعة من
الحراقة «المهاجرين غير الشرعيين» عبر البحر يتركون بلادهم المغرب باحثين
عن حياة أفضل في أسبانيا.
نهر لندن...
وحول قصة شخصين غريبين يسافران للاطمئنان على ولديهما اللذين فقدا في وقت
الهجمات الإرهابية التي حدثت في لندن العام 2005، يكتشفان أن ولديهما كانا
يعيشان معا وقت الهجمات، فيلم «نهر لندن» إخراج رشيد بوشارب، إنتاج 2009
بطولة «سوتيجى كوياتى» و«برندا بليثين». وتدور احداث فيلم «زهر» إخراج
فاطمة زهرة زمون، إنتاج 2008، في العام 2007 حيث كانت «فاطمة زهرة» تقود
سيارتها وبصحبتها أخوها عمر في شرق الجزائر للعثور على أماكن تصلح لتصوير
فيلمها، فيعثران على أماكن تصوير مثالية وممثلين جيدين، إلا أن الفيلم
الحلم لم يتحول أبدا إلى حقيقة، لذلك قررت فاطمة أن تعدل القصة ودارت قصته
الجديدة حول عاليا التي سافرت العام 1997 من تونس إلى الجزائر لترى والدها
المريض شريف، بينما يكتشف مرافقها أثناء قراءة الصحيفة أن والدها قد توفي،
فيأخذهما سائق التاكسي في رحلة عبر الجزائر.
مسخرة
ومن الأفلام الجزائرية التي لاقت حفاوة من الجمهور، يأتي فيلم «مسخرة»
إخراج «ليث سالم»، إنتاج 2008 بطولة ليث سالم، سارة ريجويج، محمد بوشيب،
ريم تاكوشت، وتدور أحداثه في إحدى قرى الجزائر حيث يعيش «منير» المعتد
والمزهو بنفسه، ويحاول أن يترك انطباعاً وتأثيراً إيجابياً على الآخرين،
إلا أن الجميع يسخرون منه ومن أخته «ريم» التي تنعس كثيراً؛ وفي أي وقت من
اليوم، وفي إحدى الليالي أعلن للجميع عن خبر زواج أخته من أحد رجال الأعمال
الأثرياء حتى يكون محورا لاهتمامهم، إلا أن كذبه قد أعماه حيث إنه لم يكن
يدرك أن كذبه سيقلب حياة أسرته رأساً على عقب.
أما فيلم «دليس بالوما» للمخرج نادر مكناش إنتاج 2005، فدارت أحداثه من
خلال «مدام ألجيريا» التي تحاول أن تجد حلولا لكل المشاكل لأي إنسان فقط
عليه الاتصال بها، وستجد له الحل، فهي امرأة أطلقت على نفسها اسم بلد
«الجزائر»، وهي على استعداد لعمل أي شيء لتبقى فيها، وجميع موظفيها يتمتعون
بالجمال والجرأة خاصة «بالوما» التي لها تأثير قوي على الجميع، وعلى «رياض»
ابن «ألجيريا».
وحول موجات العنف التي عاشتها الجزائر في التسعينيات كان فيلم «بركات»
إخراج جميلة صحراوي إنتاج 2006، بطولة رشيدة براكني، وفطومة بوعمرى، زهير
بوزرار، مليكه بلبى، دارت أحداث الفيلم حول «خديجة» الممرضة، التي ترافق
الطبيبة الشابة التي تعمل معها «أمل» بحثاً عن زوجها الصحفي الذي اختطفته
جماعة من الإرهابيين، وتنمو بينهما علاقة جديدة تولدت من الأحداث الجسام
التي واجهتهما.
حدود الليل
وفي إطار احتفالية السينما الجزائرية عرض أيضا فيلم «حدود الليل» للمخرج
ناصر بختي، إنتاج 2006 بطولة مادلين بيجيت، وهشام الحيات، وقد تناولت أحداث
الفيلم يوم في حياة خمسة أشخاص يعيشون في مدينة جينيف، وكأنهم لا ينتمون
إلى هذه المدينة المترفة، وهم «هاينز» شرطي عجوز أهلكته أعباء الحياة مع
طلاق غير متوقع؛ فضلاً عن استيائه من شريكه الشاب «دان» ذي الميول
العنصرية، و«آدا» الشاب المالي الذي يحلم أن يكون لاعب كرة قدم مشهوراً؛
ولكنه يختبئ ويعمل بصورة غير شرعية، و«مومو» الذي يترك دراسته ليعول أسرته
في الجزائر؛ ويصادف «كلير» الشابة السويسرية الوحيدة التائهة، وتتلاقى
المصائر في هذه الليلة ليكتشف كل منهم ما يحاول نسيانه.
الخبز الحافي
«الخبز الحافي» للمخرج رشيد بن حاج، هو واحد من الأعمال الجزائرية التي
عرضت أيضا، وتدور أحداثه حول الروائي المغربي الراحل محمد شكري الذي لم يكن
يعرف الكتابة قبل سن الحادية والعشرين حيث تعلم الكتابة والقراءة في أحد
سجون طنجة، وكانت رحلته مع الأدب بمثابة انتقام من والده، والذي كان يرى
فيه رمزاً لكل أنواع الظلم والجبروت بما في ذلك إذلال المال وإذلال
الاحتلال، ومن خلال الفيلم نتابع مغامرات الفتى محمد مع الفقر حيث يمضي
أياماً ساعياً للحصول على كسرة خبز ليسد جوعه في المغرب التي تعاني من شدة
الفقر ووطأة الاحتلال الفرنسي؛ ويعاشر العاهرات ويصبح معرضاً لشتى أنواع
الاستغلال فقط من أجل كسرة خبز.
المنارة
عرض كذلك فيلم «المنارة» إخراج بلقاسم حجاج إنتاج 2004، وتدور أحداثه في
أكتوبر 1988 بالجزائر عندما بدأت الأرضية السياسية تهتز والحركة الإسلامية
تنشر نفوذها بين الشباب الجزائري، ويوجد هناك ثلاثة أصدقاء فتاة تدعى
أسماء، وشابان هما فوزي ورمضان، يجدون أنفسهم في مفترق الطرق فيما يخص
صداقتهم وحياتهم، ففوزي الصحفي ينضم إلى حركة الصحافة المستقلة، بينما
رمضان الطبيب يعمل من أجل الفقراء، وأسماء تحاول أن تمنع انقسام الثلاثي،
ولكن المجموعة تسير مع قوى الانفصال في المجتمع، هذا بالإضافة إلى فيلم
«روما أفضل منك»، إخراج طارق تقيا إنتاج 2006.
تكريم الراشدي
تكريم السينما الجزائرية لم يقتصر على عرض الأفلام فقط، بل حرص مهرجان
القاهرة السينمائي الدولي على تكريم المخرج الجزائري الكبير أحمد راشدي
الذي يعد واحداً من كبار المنتجين والمخرجين في السينما الجزائرية على مدى
النصف قرن الأخير قدم خلالها مجموعة كبيرة من الأفلام القصيرة والتسجيلية
والروائية الطويلة.
ولد راشدي في الجزائر العام 1938، ودرس التاريخ والسينما، وترأس أول مركز
للسمعيات والبصريات في الجزائر بعد استقلالها العام 1962، وشارك في العام
1963 في إخراج الفيلم الجماعي «مسيرة شعب» لتخليد حركة التحرير الشعبية في
الجزائر، وفي العام 1964 أدار قسم «السينما الشعبية» في المركز القومي
للسينما الجزائرية، كما أخرج في العام نفسه «فجر المعذبين»، وهو فيلم
تسجيلي يعالج التاريخ المزور للقارة الإفريقية، مستوحياً اسمه من كتاب «فرانتز
فانون» الشهير.
أدار راشدي قسم الإنتاج في مؤسسة السينما بعد أن أصبحت «المؤسسة القومية
لتجارة وصناعة السينما»، كما أخرج عدداً كبيراً من الأفلام التسجيلية
والروائية منها: الأفيون والعصا 1969، علي في بلاد السراب 1979، الطاحونة
1986، كما أخرج حلقة من سلسلة حلقات للتليفزيون الفرنسي باسم «كانت الحرب»
سنة 1993.لم يتوقف أحمد راشدي عن الإنتاج منذ الستينيات من خلال مهامه
المختلفة في القطاع الخاص أو العام، فأنتج أكثر من 20 فيلماً.
وشارك في إنتاج مجموعة كبيرة من الأفلام العربية والعالمية منها: «العصفور»
ليوسف شاهين، «زد» لكوستا جافراس، «إليز ـ الحياة الحق» لميشيل دارك، وهو
إلى جانب ذلك كاتب سيناريو معروف، ومن أحدث الأفلام التي قام بإخراجها فيلم
«مصطفى بن بولعيد» 2008، والذي عرض ضمن فعاليات هذه الدورة.
البيان الإماراتية
في
01/12/2009 |