فيلم هليوبوليس ينتمى لنوعية أفلام السينما المستقلة ذات
الميزانيات الضعيفة، وفيه يقدم المخرج أحمد عبد الله تجربته السينمائية
الأولى، أحداث الفيلم عكست حالة الرتابة التى يعيشها أفراد المجتمع،
نحن
نلهث يومياً دون أن يحدث إنجاز لأى شىء..
أحداث الفيلم تسير بشكل
أفقى دون أى تصاعد للأحداث،
نحن أمام خمس شخصيات نعيش معهم ماحدث لهم في يوم
واحد فقط.
الأول
هو خالد أبو النجا الذى يسعى لعمل بحث عن أقليات اليهود
الذين يعيشون فى مصر الجديدة،
نراه يذهب للقاء سيدة يهودية
عايدة عبد
العزيز التى ترفض تصويرها لينهى جلسته معها دون أن
يصل لشىء، أيضا الطبيب
هانى عادل الذي يسعى لبيع شقته لكى يلحق بأسرته التى هاجرت خارج البلاد
لايستطيع إنجاز أى شىء أيضا،
أما الخطيبان اللذان كانا ينويان شراء الشقة منه
ولعب دوريهما آيه سليمان وعاطف
يوسف فهما أيضا لم يستطيعا الاستفادة من
التخفيض الذى كان على إحدى الثلاجات، ولم
يستطيعا الذهاب لموعدهما مع صاحب
الشقة بسبب الزحام الشديد وتوقف حركة المرور، أيضا نرى العسكرى الذى لعب دوره
محمود بريقع، والذى نراه يجلس فى الكابينة لا يفعل
شيئا سوى سماع
الراديو والاهتمام بأحد الكلاب الضالة.
أما حنان مطاوع فهى تعمل فى بنسيون
وتنتظر حلم السفر لفرنسا، وتوهم أسرتها التى تعيش فى طنطا أنها تعمل فى باريس،
ونرى كيف تتغلب على حالة الإحباط والملل باحتساء البيرة والمخدرات مع
زميلتها فى
العمل سمية الجوينى.
رغم بطء إيقاع الفيلم إلا أننا لم نشعر بالملل،
المخرج تعمد أن
ينقل لنا الإحساس ببطء الإيقاع ليعكس حالة المجتمع، وهو أيضا
لم يجعل الأبطال
يلتقون ببعضهم البعض رغم أنهم قد يتواجدون فى مكان واحد،
فهو لا يقدم شخصيات من وحى خياله بل
يقدم شخصيات من الواقع يجمعهم الإحساس
بالرتابة وعدم الوصول لأهدافهم..
الفيلم ككل يعبر عن حالة سينمائية قد
يختلف معها البعض..
لكن المؤكد أننا أمام فيلم جدير بالاحترام..
نحن فى حاجة
لعرض المزيد من أفلام السينما المستقلة جماهيريا ليرتفع ذوق
الجمهور من خلال سينما
مختلفة بعيدة عن حسابات شباك التذاكر، وليس معنى ذلك أننا ضد السينما التجارية..
بالعكس.. ما الضرر أننا نرى سينما مختلفة تسير بشكل متوازى مع مانراه من
الأفلام
التجارية، المؤكد أن المشاهدة التراكمية لنوعية مختلفة من الأفلام ستنعكس
على
الجمهور، وستتاح له فرصة أكبر لاختيار مايشاهده.
منتج الفيلم شريف
مندور والذى سبق له إنتاج أكثر من فيلم تجارى لأحمد آدم وجدناه يغامر في
إنتاج
نوعية مختلفة ففى العام الماضى أنتج فيلم
عين الشمس
للمخرج إبراهيم البطوط،
وعرض في مهرجان القاهرة السينمائى الدورة الماضية، وهذا العام أنتج
هليوبوليس..
تحية له ولخالد أبو النجا،
وحنان مطاوع، وكل الذين تحمسوا لمثل
هذه التجربة والتى غالبا لايتحمس لها نجوم هذا الجيل لهثا وراء السينما
التجارية.. هل يتحمس المنتجون والموزعون لصناعة مثل هذه النوعية من الأفلام
ليتاح للجمهور فرصة أكبر لاختيار مايشاهدونه؟!
وهل يتحمس نجوم الملايين
للمساهمة فى الارتقاء بذوق المتفرج من خلال أفلام بعيدة عن حسابات شباك
التذاكر؟!
صباح
الخير المصرية
في
17/11/2009
"هليوبولس" حنين إلى الماضي هربا من فوضى الحياة المعاصرة
العرب أنلاين/ القاهرة
يعرض فيلم "هليوبوليس" لاحمد عبد الله الذي يمثل مصر في مسابقة الافلام
العربية للدورة 33 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي الحنين الى الماضي من
خلال الذكريات وسط ايقاعات الحياة العادية المعاصرة في حي "الكوربة" بضاحية
مصر الجديدة القاهرية.
الفيلم كما وصفه الناقد طارق الشناوي في الندوة التي تبعت عرضه امس الخميس
"فيلم غير مألوف بالنسبة للسينما المصرية المعاصرة ويمكن ان يدرج ضمن سياق
السينما المستقلة لانه يقدم افكارا تبتعد عن الفكر التجاري تعرض هموم
واشكاليات اجتماعية وسياسية قائمة".
يصور الفيلم حياة مجموعة من البشر تلتقي على الشاشة الا ان كل منهم يعيش
عالمه الخاص باحلامه واماله التي لم تتحقق لينتقد بشكل غير مباشر وغير فج
قانون الطواريء وانتشار الفكر الديني السلفي اضافة الى احباطات الواقع
القائم والرغبة في الهجرة والعجز عن خلق حالة من التواصل بين البشر.
والفيلم بطولة جماعية لكل المشاركين فيه الذين يظهر غالبيتهم على الشاشة
للمرة الاولى باستثاء خالد ابو النجا وحنان مطاوع وان كان لبعضهم نشاطات
مسرحية مثل آية سليمان.
تظهر الاحباطات بشكل كبير في حياة غالبية ابطال الفيلم فآية سليمان وخطيبها
لا يستطيعان الحصول على شقة او شراء اثاث المنزل في فترة التنزيلات ليعلو
الصمت بينهما وكان حلمهما في العيش تحت سقف واحد اصبح مجرد وهم.
حنان مطاوع التي تعمل موظفة استقبال في فندق بمنطقة الكوربة تحلم انها تعيش
في باريس وترسل لاهلها الى جانب النقود رسائل توحي انها تعيش في العاصمة
الفرنسية من خلال مشاهد حالمة تغادر واقعها.
خالد ابو النجا يسعى لتوثيق الطراز المعماري للمنطقة التي شيدت في العهد
الملكي وكان يسكنها بشكل رئيسي ابناء الطوائف الاجنبية من يونانيين
وايطاليين وايضا يهود الا ان رجال الامن يمنعوه من التصوير وترفض سيدة
يهودية ان يوثق حديثها عن وصف المنطقة واسلوب المعيشة فيها سابقا فلا
يستطيع ان يكمل مشروعه التوثيقي.
رغم ذلك يظهر الفيلم ان الحياة كانت افضل بكثير قبل ثورة يوليو من خلال
مواطنين يعملون في المنطقة.
قسوة الحياة تبرز من خلال شخصية رجل الامن المركزي الذي يقوم بحراسة احدى
المنشآت في المنطقة حيث يقف وحيدا طوال ساعات حراسته لا يحتك باحد ويتقسام
طعاما لا يكاد يسد الرمق مع كلب ضال في الشارع في الوقت الذي يتمتع به
الفاسدون بكل ملذات الحياة كما يظهر من خلال شخصية مروج مخدرات في مشهد
يجمعه مع نفس الكلب حيث يطعمه لحما.
وتجسد شخصية صديق خالد ابو النجا التي يؤديها المخرج تامر السعيد كل ملامح
البؤس والاسى وعدم وجود اي حلم في المستقبل حيث تسيطر اللامبالاة على كل
مواقفه منسحبا من اي فعالية باستثناء صداقته لخالد.
هذه الرؤية المعتمة التي قدمها الفيلم جاءت حسب المخرج محمد عبد الله
"لتقدم تحية للزمن الماضي الذي كان يحترم التعددية ولا يلغي شخصية الفرد
بالطريقة التي نراها على الشاشة".
ويتنافس هذا الفيلم مع 11 فيلما عربيا اخر على جائزة افضل فيلم في مسابقة
الافلام العربية في الدورة 33 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي التي
انطلقت فعالياتها الثلاثاء.
العرب
أنلاين
في
15/11/2009 |