ملفات خاصة

 
 
 

القصص الإنسانية تتصدر جوائز «الجونة السينمائي»

«شاعر» يُتوّج بـ«الذهبية»... و«وين يأخذنا الريح» الأفضل عربياً

الجونة مصرانتصار دردير

الجونة السينمائي

الدورة الثامنة

   
 
 
 
 
 
 

تصدرت القصص الإنسانية جوائز مهرجان الجونة السينمائي في دورته الثامنة التي عَدّها نقاد من أنجح دوراته.

وأكد عمرو منسي المدير التنفيذي للمهرجان خلال حفل الختام الذي أقيم مساء الجمعة، اهتمام «الجونة السينمائي» بالتركيز على الصناعة وتأكيد شعاره «سينما من أجل الإنسانية»، مدللاً بالأرقام على أن المهرجان الذي قيل عنه إنه مهرجان للنُّخبة بات مهرجاناً جماهيرياً حقيقياً، متحدثاً عن استضافة 120 شاباً من صنّاع الأفلام لحضوره، وتلقي 7500 طلب اعتماد بعد أن كان 5500 في العام الماضي، كما ارتفع عدد تذاكر السينما من 20 ألفاً إلى 33 ألف تذكرة.

ورغم أن المهرجان يقيم مسابقة لهذا الشعار تعتمد أفلامها على إبراز الجانب الإنساني وتمنح جوائزها بتصويت الجمهور، فإن أغلب اختياراته اتسمت بالتركيز على طرح القضايا الإنسانية عبر قصص مؤثرة من مختلف بلدان العالم.

وأعلنت لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة برئاسة الفنانة ليلى علوي، فوز الفيلم الكولومبي «شاعر» للمخرج سيكون ميسا سوتو بجائزة «نجمة الجونة الذهبية» لأفضل فيلم، والذي تناول قصة بطله الشاعر الذي لم يجلب له الشعر أي مجد، في حين حصد فيلم «لُو المحظوظ»، من إنتاج كندا والولايات المتحدة وإخراج تشوي لويد لي، جائزة «نجمة الجونة الفضية»، ويتتبع الفيلم عامل توصيل الطلبات «لو» حين يبدأ عالمه الهش في الانهيار بعد أن يفقد عمله.

بينما فازت ليا دروكير بجائزة أفضل ممثلة عن فيلم «من أجل آدم»، وهو إنتاج فرنسي - بلجيكي، وقد برعت بطلته في أداء شخصية كبيرة الممرضات التي تواجه معضلة أخلاقية عميقة. ومنحت لجنة التحكيم جائزة أفضل فيلم عربي للتونسي «وين يأخذنا الريح»، من إخراج آمال القلاتي في أول أفلامها الطويلة، والذي يروي قصة شاب وفتاة يحاولان الهروب من واقعهما.

وشهدت الدورة الثامنة فعاليات عدة، من بينها الاحتفال بمئوية ميلاد المخرج يوسف شاهين التي توافق 25 يناير (كانون الثاني) 2026، وإقامة معرض استيعادي له على غرار فيلمه الشهير «باب الحديد»، بجانب الاحتفال بمرور 50 عاماً على انطلاق مسيرة الفنانة يسرا تحت عنوان «50 YEARS OF YOUSRA»، والذي تضمن توثيقاً لأفلامها عبر خمسة عقود، منذ بدايتها منتصف سبعينات القرن الماضي حتى باتت أهم نجمات السينما العربية.

كما حلت النجمة العالمية كيت بلانشيت ضيفة على المهرجان الذي منحها جائزة «بطلة الإنسانية» تقديراً لجهودها تجاه قضايا اللاجئين.

وأُقيم حفل الختام بحضور كبير من الفنانين وصنّاع الأفلام، كما حضره سكوت إيستوود نجل النجم العالمي كلينت إستوود حيث ظهر على «الريد كاربت»، غير أنه لم يصعد على المسرح.

وشهد الحفل تكريم المهندس نجيب ساويرس للفنان العراقي إنتشال التميمي الذي شغل منصب مدير المهرجان منذ دورته الأولى، قبل أن ينضم لاحقاً لعضوية المجلس الاستشاري الدولي للمهرجان، تقديراً لدوره البارز في ترسيخ «الجونة السينمائي».

ورأى الناقد الجزائري نبيل حاج أن مهرجان الجونة السينمائي عزز مكانته في المنطقة العربية والإقليمية عبر دورته الثامنة، مؤكداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «منصة (سيني جونة) تُعد نقطة مهمة تؤكد مكانته في دعم الأفلام العربية».

وأشاد حاج بـ«تميز اختيارات الأفلام المختلفة؛ ما مكّنه من مشاهدة كثير من الأفلام التي تُوجت بالجوائز في المهرجانات العالمية»، لافتاً إلى «اهتمام المهرجان بمشاركة كم كبير من الأفلام المصرية التي تتيح اكتشاف الأصوات الجديدة من المخرجين في أفلامهم الأولى، وكذلك التنظيم الجيد الذي يُعد نقطة مهمة في نجاحه»، حسبما يقول.

وحازت السينما المصرية 5 جوائز بالمهرجان، وهي الجائزة البرونزية للأفلام الروائية الطويلة لفيلم «المستعمرة» للمخرج محمد رشاد، وتُوج الممثل الشاب أحمد مالك بجائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم «كولونيا» الذي أدى من خلاله دور ابن تتعقد علاقته بأبيه الذي يراه ابناً عاقاً، وعبّر الفنان عن سعادته بالجائزة كأول ممثل مصري يفوز بها، وقد شارك بالمهرجان منذ دورته الأولى بفيلم «الشيخ جاكسون».

في حين فاز الفيلم الوثائقي «الحياة بعد سهام» للمخرج نمير عبد المسيح بجائزتين في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، هما جائزة أفضل فيلم وثائقي عربي و«الجونة الفضية» لأفضل فيلم، وهو يتناول في إطار إنساني وفاة الأم «سهام» بعد إصابتها بالسرطان.

وحاز فيلم «عيد ميلاد سعيد» للمخرجة سارة جوهر جائزة الجمهور بمسابقة «سينما من أجل الإنسانية» مع فيلم «ضع روحك على يدك وامش» للمخرجة الإيرانية سبيده فارسي الذي يتضمن محادثات المخرجة مع المصورة الفلسطينية فاطمة حسونة خلال حرب غزة، قبل أن تسقط المصورة برصاص الاحتلال.

وحصل فيلم «دائماً»، إنتاج الولايات المتحدة وفرنسا والصين، على جائزة الجونة الذهبية لأفضل فيلم وثائقي لمخرجه ديمينج تشين.

ورأى الناقد العراقي قيس قاسم أن بعض أفلام المهرجان تعرضت لـ«غُبن» بخروجها من دون جوائز على غرار فيلم «أب أم أخ أخت» لجيم جارموش، وفيلم «أورويل: 2+2=5» الذي كان يستحق جائزة أكبر، والفيلم الفنلندي «الأحلام»، وهي في رأيه أفلام خارج المألوف وتستحق جوائز، لا سيما السينما الاسكندنافية، مؤكداً احترامه لقرارات لجان التحكيم التي يبقى لها تقييمها الخاص.

ولفت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أهم ما ميز الدورة الثامنة هو حضور الجمهور بعدما كان المهرجان يوصف بأنه (نخبوي)؛ فلقد لاحظت بنفسي من خلال العروض السينمائية وجود آلاف من الجمهور برغم أن المهرجان يقام في منتجع مغلق، لكنه حقق جذباً جماهيرياً».

 

####

 

شارون حكيم: الكوميديا أساس لغتي الفنية في «الشيطان والدراجة»

فيلم المخرجة الفرنسية المصرية أفضل فيلم عربي قصير بمهرجان الجونة

الجونة مصرأحمد عدلي

قالت المخرجة الفرنسية المصرية شارون حكيم إن قصة فيلمها القصير «الشيطان والدراجة» تعود في الأصل إلى قصة قصيرة كتبتها صديقتها اللبنانية تمارا سعادة، التي تعرفها منذ سنوات طويلة، لافتة إلى أن علاقتهما الفنية توطدت بعد ذلك التعاون الأول؛ إذ أرسلت لها تمارا خلال فترة جائحة «كورونا» عام 2020 نص القصة القصيرة.

وأضافت شارون لـ«الشرق الأوسط» أنها عندما قرأت القصة تأثرت بها بشدة وشعرت منذ اللحظة الأولى أنها ترغب في تحويلها إلى فيلم؛ لأن النص كما وصفته كان «قطعة فنية جميلة مفعمة بالتأمل والصدق، فبدأتا معاً العمل على إعداد السيناريو السينمائي المقتبس عنها».

ويحكي فيلم «الشيطان والدراجة» الذي حصد جائزة «أفضل فيلم عربي قصير» بمهرجان «الجونة السينمائي» في دورته الثامنة، قصة «ياسما»، الفتاة البالغة من العمر 13 سنة، والتي تستعد لطقوس التناول الأول في الكنيسة، وهي ابنة لأب وأم من ديانتين مختلفتين. ومع استيقاظ رغبتها الأولى، تبدأ في طقوس مختلفة تماماً، فتتداخل البراءة بالفضول.

وأوضحت شارون أن ما جذبها للقصة هو «عمقها الإنساني وصلتها بمسألة الهوية»، مشيرة إلى أن والدتها فرنسية ووالدها مصري، وأنها تنشغل في معظم أفلامها بمسألة الهوية، وكيف يحاول الإنسان أن يجد ذاته وهو منتمٍ إلى ثقافتين مختلفتين.

وأكدت أن «الاختلاف بين والدي ليس دينياً، بل ثقافي ولغوي، وهو ما جعلني قادرة على فهم مأزق بطلة الفيلم، تلك الفتاة الصغيرة التي تحاول أن تفهم نفسها وهي ابنة لزواج بين ديانتين مختلفتين، وكيف تنعكس هذه الخلفية على رؤيتها للعالم وعلى إحساسها بذاتها».

وبيّنت المخرجة أن اختيار بطلة الفيلم ميليسا لم يكن أمراً سهلاً، مشيرة إلى أن «العثور على ممثلة صغيرة في السن تمتلك الكاريزما والقدرة التمثيلية اللازمتين، ويكون أهلها في الوقت نفسه متقبلين لطبيعة القصة، كان تحدياً كبيراً».

وأضافت شارون: «عملت مع مديرة كاستينغ موهوبة جداً في لبنان، وشاهدت عدداً من الممثلات الصغيرات، لكن ميليسا كانت مختلفة، وفيها شيء آسر لا يمكن تجاهله».

وأوضحت أن «ملامحها كانت تجمع بين البراءة والرمز الديني؛ إذ كانت تشبه في بعض اللقطات مريم العذراء، كأنها نسخة فينيقية منها، لا تشبه الصورة النمطية الأوروبية ذات الشعر الأشقر والعينين الزرقاوين، بل مريم الشرقية التي تنتمي إلى بيئتها، وهو ما اعتبرته ملمحاً يضفي على الشخصية عمقاً خاصاً».

وأشارت شارون إلى أن «التجربة الإنتاجية كانت جميلة ومليئة بالانسجام رغم ما حملته من تحديات فنية وثقافية»، مؤكدة أنها لم تواجه مشاكل كبيرة في أثناء التصوير، بل «كانت التجربة ممتعة ومليئة باللحظات المضيئة»، على حد تعبيرها.

وأكدت أن العمل في بلد أجنبي كان في حد ذاته تجربة فريدة، فهي من مواليد فرنسا وتعيش فيها، ووالدها مصري من محافظة «أسيوط»، ولذلك علاقتها وثيقة بمصر وتزورها كثيراً، لكنها ليست لبنانية، ما جعل التجربة في لبنان تحمل بعداً مختلفاً من التحدي والمغامرة.

وأضافت أنها واجهت بعض الصعوبات اللغوية؛ لأن لغتها العربية ليست طليقة، لكنها استطاعت أن تتجاوز ذلك سريعاً، خصوصاً أن اللهجة المصرية قريبة منها، وأنها بعد فترة من الإقامة في لبنان بدأت تلتقط المفردات واللهجة المحلية بسهولة، موضحة أن الفريق اللبناني الذي عمل معها كان رائعاً واحترافياً للغاية.

وحول اختيار لبنان موقعاً للتصوير، أوضحت شارون حكيم أن «السبب يعود إلى أن القصة الأصلية التي كتبتها تمارا سعادة تدور أحداثها في لبنان، وأن هذا السياق هو جزء من هوية العمل نفسه؛ لأنه يتناول مسألة الزواج المختلط دينياً، وهي قضية تحمل خصوصية كبيرة في المجتمع اللبناني».

وأكدت أن هذه الخلفية الاجتماعية والدينية لا يمكن نقلها بسهولة إلى بلد آخر؛ لأن لبنان، كما قالت، «هو البيئة الأكثر تعبيراً عن هذا التداخل بين الطوائف، وما يترتب عليه من إشكالات ثقافية ودينية».

وبيّنت أن «التصوير تم في صيف عام 2023، أي قبل اندلاع الحرب بعدة أشهر، فالظروف الأمنية آنذاك كانت مستقرة، والتصوير جرى في المناطق الجبلية خارج بيروت وليس في قلب المدينة».

وأكدت شارون أن فيلمها يحمل مزيجاً من الدراما والكوميديا رغم الموضوعات الحساسة التي يتناولها، معتبرة أن الكوميديا جزء أساسي من لغتها الفنية، لافتة إلى أن «القضايا الصعبة يجب ألا تُقدَّم دائماً من منظور درامي ثقيل؛ لأن الكوميديا تفتح مساحة أعمق للتأمل والتفاعل، والناس اليوم يعيشون واقعاً مليئاً بالمآسي ولا يحتاجون إلى مزيد من الحزن على الشاشة، بل إلى ما يحرّك بداخلهم التفكير والابتسام في آن واحد»، وفق قولها.

وأكدت شارون أن القصة الأصلية لتمارا سعادة كانت مشبعة بروح الدعابة والسخرية الذكية، وأنها حافظت على تلك الروح في تحويلها إلى لغة سينمائية بصرية، معتبرة أن هذا المزج بين الجرأة والمرح هو ما يمنح الفيلم شخصيته الخاصة.

 

الشرق الأوسط في

25.10.2025

 
 
 
 
 

مهرجان الجونة يختتم دورته الثامنة بإشادة واسعة ومفاجآت في الجوائز

إيمان كمال

أسدل مهرجان الجونة السينمائي الستار على دورته الثامنة مساء أمس الجمعة 24 أكتوبر/تشرين الأول، بحفل توزيع الجوائز الذي شهد الإعلان عن أسماء الفائزين بعد أسبوع حافل بالعروض والفعاليات انطلق يوم 16 من الشهر نفسه، وسط حضور لافت لنخبة من صنّاع السينما من مصر والعالم العربي والعالم.

أحمد مالك أفضل ممثل

حصد الفنان أحمد مالك جائزة أفضل ممثل في الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي عن أدائه في فيلم "كولونيا"، ليُصبح بذلك أول ممثل مصري ينال هذه الجائزة منذ تأسيس المهرجان.

وعبّر مالك عقب تسلّمه الجائزة عن سعادته قائلا: "حبي للتمثيل هو شغفي الأول والأخير، أقدّم له عقلي وجسدي وقلبي، وأعتقد أن هذه الجائزة تثبت أن هذا الحب ليس من طرف واحد".

كما وجّه الشكر إلى فريق عمل الفيلم وعائلته، خاصة والدته ووالده، مؤكدا أن هذا التتويج يُشكّل بداية جديدة في مسيرته الفنية.

وفي فئة أفضل ممثلة، فازت الفنانة ليا دروكير بالجائزة عن دورها في فيلم "من أجل آدم" (For Adam) للمخرجة لورا واندل، وذلك ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في المهرجان.

ومنحت لجنة التحكيم تنويها خاصا لفيلم "الحج" من إخراج كايال سيمون تقديرا لمعالجته الفنية المتميزة.

وفي مسابقة الأفلام الوثائقية، حقق الفيلم المصري "الحياة بعد سهام" للمخرج نمير عبد المسيح إنجازا مزدوجا بفوزه بجائزة نجمة الجونة الفضية، إضافة إلى جائزة أفضل فيلم عربي وثائقي، ليؤكد حضور السينما الوثائقية المصرية في المهرجانات الدولية والإقليمية.

أما جائزة نجمة الجونة الذهبية لأفضل فيلم وثائقي، فذهبت إلى فيلم "دائما" للمخرج ديمينغ تشين، في حين حصل فيلم "أورويل: 2+2=5" للمخرج راؤول بيك على النجمة البرونزية. كما منحت لجنة التحكيم تنويها خاصا لفيلم "كيف تبني مكتبة" من إخراج مايا ليكو وكريستوفر كينغ، تقديرا لطرحه الإنساني وثيمته الثقافية الملهمة.

جوائز الأفلام الطويلة

فاز فيلم "شاعر" للمخرجة ميسا سوتو بجائزة نجمة الجونة الذهبية لأفضل فيلم روائي طويل، ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي، ليحظى بإشادة واسعة من لجنة التحكيم على معالجته البصرية وحكايته الإنسانية المؤثرة.

وحصل فيلم "لو المحظوظ" للمخرج تشوي لويد لي على نجمة الجونة الفضية، بينما نال الفيلم المصري "المستعمرة" للمخرج محمد رشاد نجمة الجونة البرونزية تقديرا لأسلوبه الإخراجي الجريء وطرحه الاجتماعي المختلف.

أما جائزة أفضل فيلم عربي روائي طويل، فكانت من نصيب فيلم "وين ياخذنا الريح" من إخراج آمال القالتي، الذي لفت الأنظار بجمالياته البصرية وتناوله العميق لعلاقة الإنسان بالمكان والذاكرة.

"الشيطان والدراجة".. أفضل فيلم عربي قصير

فاز فيلم "أغابيتو" للمخرجين كايال دانيل روميرو وأرفين بيالرمينو بجائزة نجمة الجونة الذهبية، بعد أن نال إعجاب لجنة التحكيم بطرحه الإنساني وحسّه البصري اللافت.

ونال فيلم "لوينز" للمخرج دوريان جيسبرز جائزة نجمة الجونة الفضية، في حين ذهبت نجمة الجونة البرونزية إلى فيلم "فتاة الماء" للمخرجة ساندرا ديمازيير.

أما جائزة أفضل فيلم عربي قصير، فكانت من نصيب فيلم "الشيطان والدراجة" للمخرجة شارون حكيم، الذي حظي بإشادة خاصة من لجنة التحكيم بأسلوبه في تناول قضايا الهوية والحرية.

سينما من أجل الإنسانية

نال فيلم "ضع روحك على يدك وامشِ" للمخرجة سبيده فارسي "جائزة سينما من أجل الإنسانية/ جائزة اختيار الجمهور" مناصفة مع الفيلم المصري "هابي بيرث داي" للمخرجة سارة جوهر، وذلك خلال حفل ختام الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي، الذي احتفى هذا العام بمجموعة من التجارب الإنسانية الملهمة من مختلف أنحاء العالم، عاكِسا تنوع الأصوات والرؤى في السينما المعاصرة.

نجمة الجونة الخضراء

أما جائزة نجمة الجونة الخضراء، التي تُمنح للأعمال التي تُسلّط الضوء على قضايا البيئة والاستدامة وتُسهم في رفع الوعي بأهمية الحفاظ على كوكب الأرض، فقد فاز بها فيلم "البذور" للمخرجة بريتاني شاين، تقديرا لطرحه المؤثر عن العلاقة بين الإنسان والطبيعة، وأهمية حماية الموارد البيئية في مواجهة التغيرات المناخية.

تكريمات

كرم مهرجان الجونة السينمائي في ختام دورته الثامنة خبير المهرجانات انتشال التميمي مدير مهرجان الجونة السابق، تقديرا لمسيرته الطويلة وإسهاماته البارزة في تأسيس وإدارة المهرجان خلال سنواته السابقة، قبل أن ينضم إلى عضوية المجلس الاستشاري الدولي لمهرجان الجونة السينمائي.

ويأتي هذا التكريم تتويجا لمسيرة التميمي الممتدة في دعم صناعة السينما العربية والترويج للمواهب الجديدة في المهرجانات الدولية، ويضاف إلى سلسلة من التكريمات التي شهدتها الدورة الثامنة، والتي منحت خلالها منة شلبي جائزة الإنجاز الإبداعي، وكيت بلانشيت جائزة بطلة الإنسانية.

وشهدت الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي تنوعا واسعا في العروض السينمائية، إذ ضمّ البرنامج مجموعة كبيرة من الأفلام الروائية الطويلة والوثائقية والقصيرة من مختلف دول العالم.

وشاركت السينما المصرية بـ5 أفلام داخل مسابقات المهرجان، إلى جانب فيلم الافتتاح "هابي بيرث داي" للمخرجة سارة جوهر، كما عُرض فيلم "السادة الأفاضل" عرضا خاصا بحضور صُنّاعه وأبطاله، في أجواء احتفالية جمعت بين النجوم والجمهور والنقاد.

وتنوّعت لجان التحكيم هذا العام بين عدد من الأسماء البارزة في المشهد السينمائي العربي والعالمي:

لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة ترأستها الفنانة ليلى علوي، وضمّت في عضويتها كلّا من جيونا نازارو، ورشيد مشهراوي، وكاني كوشروتي، وناهويل بيريز بيسكايارت.

أما لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية الطويلة، فترأسها المخرج الفرنسي نيكولا فيليبير، وشارك فيها كل من أسماء المدير، وسونا كارابوغوسيان، ومحمد سعيد أوما، وهالة جلال.

في حين ترأس المخرج مهدي فليفل لجنة تحكيم الأفلام القصيرة، بمشاركة أندريا جاتوبولوس، وجولييت كانو، وسعاد بشناق، ومصطفى الكاشف.

أما لجنة جائزة النجمة الخضراء المعنية بالأفلام التي تتناول قضايا البيئة والاستدامة، فقد ضمّت في عضويتها جانا وهبة، ومي الغيطي، ونيكلاس إنغستروم.

وجاءت هذه التشكيلة لتؤكد الطابع الدولي للمهرجان، الذي يسعى إلى مدّ الجسور بين التجارب السينمائية، ودعم الإبداع الفني بمختلف أشكاله.

المصدرالجزيرة

 

الجزيرة نت القطرية في

25.10.2025

 
 
 
 
 

المخرج محمد دياب: الصعوبات المالية وراء تأخر «أسد» 6 سنوات

قال لـ«الشرق الأوسط» إن محمد رمضان كان المرشح الوحيد لبطولة الفيلم

القاهرةانتصار دردير

أكد المخرج المصري محمد دياب أن أحدث أفلامه «أسد» واجه صعوبات مالية أدت لتأخره 6 سنوات، معبراً عن سعادته بردود الفعل بعد طرح البرومو الأول للفيلم أخيراً، قائلاً في حوار لـ«الشرق الأوسط» إن الفيلم أمامه نحو 4 أشهر حتى يصبح جاهزاً للعرض، لافتاً إلى أن الفنان محمد رمضان هو الترشيح الأول والأخير للفيلم ولم يكن هناك سواه ليؤدي هذا الدور، وأشار إلى أن «شركتين إنتاجيتين في أعمالهما الأولى تحمستا للفيلم».

وحقق «البرومو» الأول للفيلم اهتماماً لافتاً بعد طرح الفنان محمد رمضان له خلال حضوره مهرجان الجونة، ويقول محمد دياب عن ذلك: «الحمد لله، سعدت للغاية بردود الأفعال الكبيرة بعد طرح التريلر لأننا عملنا عليه كمنتج فني بتصميمه الجديد وقد خلا من وجود صوت، وكانت مخاطرة ناجحة، وكنا نتحدث عن مشروع الفيلم منذ عدة سنوات فكان هناك تشوق من الناس لمعرفة شيء عنه، لا سيما بعد تجربتي مع (مارفل)، كما كان هناك ترقب للشكل الجديد الذي سيظهر به الفنان محمد رمضان، والحقيقة أن ردود الأفعال أكثر من إيجابية وقرأت مقالات مكتوبة عن التريلر أسعدتني».

وكشف التريلر عن ضخامة الميزانية والملابس والديكورات ومشاهد المعارك، التي قال عنها دياب: «أول من يستحق الشكر على ذلك هو المنتج الذي عمل على تحقيق أحلامي المكتوبة على الورق، من خلال شركتي (جود فالز) و(سكوب) وقد ساندتا الفيلم ومنحتاه الدفعة التي يحتاجها، وشركة (بيج تايم)، وقد آمن بالفيلم المستشار تركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه بالسعودية وعَده من أولوياته لأنه فيلم كبير وفي حاجة لأكثر من جهة إنتاجية».

يشيد دياب بطاقم الفيلم الفني: «معي فريق على مستوى عالٍ من العناصر الفنية، من بينها الملابس لريم العدل، والديكور أحمد فايز، ومدير التصوير أحمد بشاري، وفريقي الإخراج والإنتاج الذين استطاعوا تنفيذ فيلم تتسم كافة مشاهده بالصعوبة وليس من بينها مشهد واحد سهل».

أحداث الفيلم التي تدور في إطار من الدراما التاريخية من خلال شخصية «علي بن محمد الفارسي» الذي قاد ثورة العبيد خلال الحكم العباسي، التي استمرت 14 عاماً، وحول اختياره لفترة تاريخية صعبة يقول دياب: «لا أخطط لعمل فيلم تاريخي لكن هذه هي القصة التي جذبتني أنا وشقيقاي خالد وشيرين منذ نحو 6 سنوات، وكتبنا الفيلم معاً والسيناريو جاهز منذ ذلك الوقت لكن واجهنا صعوبات إنتاجية حتى وجدنا الجهات الإنتاجية التي آمنت بالفيلم».

موهبة محمد رمضان

يكشف دياب أنه منذ كتب الفيلم، توافق هو وشقيقاه على أن الشخصية الرئيسية لن يقوم بها سوى محمد رمضان وإلا لن ينفذوا الفيلم، مبرراً ذلك بقوله: «مواصفات الشخصية الشكلية والفنية لا تنطبق سوى على محمد رمضان وهو فنان موهوب جداً، ولا يمكن لأحد أن يؤدي الدور سواه وسوف يتأكد للجميع ذلك حين يشاهدون الفيلم».

ويلفت دياب إلى أن الفيلم له طابع جماهيري وآخر فني، مؤكداً أنهم «كصناع للفيلم لم يخاطبوا أياً من المهرجانات، لأن الفيلم لم ينته بعد ويحتاج 4 أشهر على الأقل ليكون جاهزاً للعرض، لذا فإن مشاركته في مهرجانات قبل عرضه التجاري أمر سابق لأوانه، لكننا سعداء في كل الأحوال بالفيلم».

يضم «أسد» ممثلين من جنسيات عربية متعددة، من بينهم محمد رمضان وماجد الكدواني من مصر، رزان جمال من لبنان، ركين سعد من الأردن، كامل الباشا من فلسطين، محمود السراج وإسلام مبارك وإيمان يوسف من السودان، وعن هذه الاختيارات يقول دياب: «لأن الأدوار بها تنوع وكل دور في مكانه، وطبيعة الفيلم تستلزم هذا التعدد للممثلين».

نقل صوت العرب

يأتي الفيلم كأول عمل للمخرج محمد دياب بعد تجربته الناجحة في مسلسل «Moon Knight» مع «ديزني»، التي يرى أنها تجربة منحته الثقة وجعلته «يحب صوتنا أكثر كعرب ومصريين»، مثلما يؤكد: «اتضح لي أن هذا ما أريد أن أقدمه، فقد عُرضت عليَّ مشروعاتٌ فنيةٌ كثيرةٌ في أميركا لكن لم أقبلها، لأنني أرغب في أن أعبر عن صوتنا بشكل واضح».

ينشغل محمد دياب أيضاً بمرحلة الترويج لفيلم «عيد ميلاد سعيد» الذي يمثل مصر في منافسات «الأوسكار»، وقد شارك في كتابته مع زوجته المخرجة سارة جوهر، كما شارك في إنتاجه، وكان قد عُرض بافتتاح مهرجان الجونة وحاز جائزة «سينما من أجل الإنسانية» إلى جانب الجوائز التي حصل عليها من مهرجانات سينمائية عدة.

ويُعلق دياب على ذلك قائلاً: «فيلم (عيد ميلاد سعيد) نجح بشكل لافت في مهرجان الجونة، وهو الوحيد الذي أُقيم له عرض ثالث لإقبال الحضور عليه، وقد قامت سارة جوهر مخرجة ومؤلفة بالفيلم بعمل عظيم، وهي المرة الأولى التي نجتمع فيها كعائلة، فالفيلم من كتابتي أنا وسارة لكنه مبني على قصة قصيرة لخالد وشيرين دياب، وإخراج سارة، والفيلم يواصل نجاحاته بالحصول على جوائز مهمة».

ويشدد على أن هناك حماساً كبيراً للفيلم ونحن نفخر بترشيحه لـ«الأوسكار»، والترويج له يتطلب إنفاقاً كبيراً لعرضه في أكثر من مكان بأميركا، «فبقدر الإنفاق تتحقق الدعاية، ونستعيض عن بعض ذلك بوجود فنان مثل النجم العالمي جيمي فوكس الذي حاز (الأوسكار)، وهو من منتجي الفيلم، كما نراهن على مستوى العمل، ونقوم بكل ما نستطيع لأجل ذلك».

 

الشرق الأوسط في

26.10.2025

 
 
 
 
 

فيلم كولومبى يحصد ذهبية الدورة الثامنة لمهرجان الجونة السينمائى

كيت بلانشيت تشيد بالدولة المصرية لدعمها السلام واللاجئين

الجونة ـ محمود موسى

اختتمت الدورة الثامنة لمهرجان الجونة السينمائى مساء أمس الأول - الجمعة - بتوزيع الجوائز، وفاز الفيلم الكولومبي «شاعر» بجائزة نجمة الجونة الذهبية، بعد أن نال الفيلم جائزة لجنة التحكيم في قسم نظرة ما بمهرجان كان، وحصد نجمة الجونة الفضية، الفيلم الكندي «لو المحظوظ» من إخراج تشوي لويد لي، أما الفيلم المصري «المستعمرة» من إخراج محمد رشاد، فحصد جائزة نجمة الجونة البرونزية.

ونال الفيلم التونسي «وين ياخدنا الريح» من إخراج آمال القالتي، جائزة أفضل فيلم عربي روائي بمسابقة الأفلام الروائية الطويلة.

وحصلت الممثلة ليا دروكير جائرة أفضل ممثلة عن دورها بفيلم «من أجل آدم» من إخراج لورا واندل، ونال جائزة أفضل ممثل، المصري أحمد مالك، عن دوره في فيلم «كولونيا». 

وفي مسابقة الأفلام الوثائقية، فاز فيلم «دائما» جائزة الجونة الذهبية فيما حصد الفيلم المصري «الحياة بعد سهام» من إخراج نمير عبد المسيح بجائزة نجمة الجونة الفضية وأيضا جائزة أفضل فيلم عربي  وحصد النجمة البرونزية فيلم «أورويل: 2+2=5» . 

وفى مسابقة الأفلام القصيرة،  حصد الفيلم الفلبيني «أجابيتو» جائزة نجمة الجونة الذهبية، وحصد جائزة نجمة الجونة الفضية فيلم «لوينز»، أما جائزة نجمة الجونة البرونزية فذهبت إلى فيلم «فتاة الماء»، وحصل الفيلم اللبناني» الشيطان والدراجة» على جائزة أفضل فيلم عربي قصير.

وخلال أيام المهرجان كانت هناك فاعليات كثيرة تغوص في قضايا صناعة السينما والتحديات التي تواجهها، وأيضا أقيمت حوارات مع نجوم من مختلف أنحاء العالم وأكثر من 20 حلقة نقاشية وحوارية، إضافة إلى ورش تدريبية في الكتابة والتمثيل، وأقيمت معارض فنية، وتم عرض أكثر من 70 فيلما من أهم إنتاجات السينما العالمية.

وقال عمرو منسى المدير التنفيذى للمهرجان إن المهرجان أصبح له تأثير كبير فى صناعة السينما فى مصر والعالم سواء بالحضور أو بدعم المواهب السينمائية أو بعرض أفضل الأفلام من مختلف الدول العالمية، وأكد أنه تم بيع أكثر من 30 ألف تذكرة، إضافة إلى 7 آلاف بطاقة 

وعبرت ماريان خوري، عن اعتزازها بالاختيارات هذا العام وقالت: تمثل اختياراتنا هذا العام نسيجا غنيا من وجهات النظر السينمائية المتميزة، وأعمالا مؤثرة تتحدى وتلهم وتحتفل بالإنسانية بكل تعقيداتها. وعلى صعيد المشاركات المصرية  حققت الأفلام التي عرضت إقبالا كبيرا، وتم لأول مرة إقامة ثلاثة عروض لفيلم «عيد ميلاد سعيد» والذي فاز بجائزة سينما من أجل الإنسانية، والفيلم يرصد الفوارق الطبقية في مصر.

كما حقق فيلم «السادة الأفاضل» للمخرج كريم الشناوي إقبالا كبيرا، وأشاد الكثير من المتابعين بفيلم «الحياة بعد سهام» للمخرج نمير عبد المسيح والذي يرصد رحلة بحثه في تاريخ عائلته بين فرنسا وأسيوط وسوهاج في مصر

وشهدت أيام وليالي المهرجان ندوات ومحاضرات وحوارات مهمة وكان من بينها ندوة المخرج الكبير شريف عرفة الذي أكد أنه لم يخطط لمشواره بالشكل الذي قدمه. وقال: «لم أ خطط لأي مرحلة من حياتي الفنية، فالرابط في كل أفلامي فيها حلم»، وقال إنه يرفض ما يسمى بأفلام تحمل قضايا، وقال «لا أصنع أفلاما من أجل الوعظ، لأن الفن الحقيقي هو ما يحرك المشاعر».

وتحدث المخرج شريف عرفة بصدق عن معني النجاح، وقال «الفيلم الناجح ليس هو الذي يحقق إيرادات ضخمة، بل هو الذي يعيش أكثر من 20 أو 30 سنة وتشاهده الأجيال بكل استمتاع ويعيش في وجدان الناس».

والتقط البعض حديث المخرج الكبير شريف عرفة عن النجم العبقري أحمد زكي، عندما قال إنه لم يكن أبا عظيما، وإنما قدم مشاهد رائعة في فيلم «اضحك الصورة تطلع حلوة»،  وهو ما أثار جدلا على مواقع التواصل وتلقت المواقع هذا المقطع بعد اجتزاء مضمونه وهو أمر غريب ولا يعرفون مدى العلاقة العميقة التي جمعت المخرج شريف عرفة والفنان الراحل أحمد زكي، فمن كان حاضرا الندوة سمعه يعتذر عندما كان يتحدث وعما سيقوله من مقارنة وقيامه بحكي هذه المقارنة التي أراد بها إظهار مدى عبقرية أحمد زكي في فن التمثيل.

شريف عرفة: أنا وأحمد زكى «عمرنا ما اختلفنا»

ولكي نغلق هذا الباب تماما تحدثت مع المخرج الكبير شريف عرفة لأنقل لكم ما قصده تماما بحكم قربي منه وأيضا بحكم ما جمعني بصداقة أحمد زكي، وقال لي المخرج الكبير شريف عرفة: «علاقتي بأحمد زكي لا تحتاج لمزايدة من هؤلاء الذين لم يعاصروه أو يعملوا معه أو يصادقونه»، وقال «طول عمري لم أختلف مع أحمد زكي، وأنا قلت إن أحمد زكي لم يكن أبا عظيما، وهي كلمة لا تحمل إساءة أبدا، فمن منا أب عظيم، لأن الكمال لله، وجميع من في هذه المهنة شواغلهم لا تجعلهم طوال الوقت منشغلين بتربية أبنائهم.

واختتم بقوله إن من يتصيدون كلمات لا يستحقون الرد عليهم، لأن ما بيني وبين أحمد زكي سنوات وعمر ونجاحات وأحلام، ويكفي أن أقول لك إنني وأحمد زكي «عمرنا ما اختلفنا».. رحمه الله. ومن الندوات المهمة التي شهدتها أيام مهرجان الجونة لقاء النجمة العالمية كيت بلانشيت الحاصلة على جائزة الأوسكار، والتي أشادت فيها بدور مصر في دعم اللاجئين ووقف الحروب ودعم السلام

 

الأهرام اليومي في

26.10.2025

 
 
 
 
 

نمير عبد المسيح لـ «فاصلة»:

«الحياة بعد سهام» محاولة أخيرة لوداع أمي

هيثم مفيد

في اليوم الذي رحلت فيه والدة المخرج المصري الفرنسي نمير عبد المسيح، اتصل بالمصور السينمائي نيكولا دوشين لتصوير الجنازة، لكنه اعتذر بسبب سفره المفاجئ. وبعد دقائق قليلة، أُلغي سفره وآتى لإتمام المهمة. يتذكر عبد المسيح هذا اليوم قائلًا: “وكأن أمي أرادت توثيق هذه اللحظة”.

وبعد مرور عشر سنوات على ذاك اليوم، اكتمل الفيلم بعدما ظن نمير أنه سيدفنه إلى الأبد، وعرض المخرج فيلمهالحياة بعد سهام للمرة الأولى خلال الدورة الثامنة والسبعين من مهرجان كان السينمائي، ضمن برنامج ACID للاكتشافات المستقلة الجريئة. كما عُرض مؤخرًا ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية بمهرجان الجونة السينمائي في نسخته الثامنة، وحصد جائزتي أفضل فيلم عربي ونجمة الجونة الفضية.

ما بدأ محاولة يغلفها الألم لتوثيق جنازة، تحول ببطء إلى استكشاف عميق للعائلة والجذور. ​في هذا العمل الذي يبني سرده على أسس من الأرشيف العائلي؛ لا يكتفي عبد المسيح بسرد قصته الخاصة وقصة والديه (سهام ووجيه) اللذان تركا بصمتهما على حياته بين مصر وباريس، بل يقدم تأملاً  للفقد والأسرة والذاكرة والقوة العلاجية للسينما.

·        ما اللحظة التي شعرت فيها أن اللقطات الشخصية المؤلمة التي اختزنتها سنوات قد تحولت بالفعل إلى فيلم سينمائي؟ وماذا مثلت لك تلك اللحظة؟

في اليوم الذي توفيت فيه والدتي، هاتفتُ المصور وقلتُ له: ‘تعالَ لنصوّر الجنازة’. كان قرار التصوير نابعًا من وعد؛ إذ كان لدينا مشروع فيلم جديد نعمل عليه مع والدتي، وكان هذا الفيلم بمثابة وسيلة لإبقائها على قيد الحياة.

بعد أن انتهيتُ من التصوير، مكثتُ سنين دون أن أستخدم هذه المواد، ولم تكن لدي فكرة عما إذا كنتُ سأصنع فيلمًا أم لا، إلى أن أتى أحد أصدقائي المحررين (مونتير) إلى المنزل وشاهد ما صورته، وقال لي: ‘يوجد فيلم هنا؛ هذه ليست قصتك أنت وحدك، بل هي شيء أكبر من ذلك’. وهذا ما دفعني لتحويل هذه الحكاية شديدة الخصوصية إلى فيلم يستطيع أي شخص أن يجد رابطًا معه.

فهذه القصة لا تتحدث عن نمير ووالده أو عن علاقته بأمه، ولكنها تحكي عن الفراق، وتحكي عن الحب، وتحكي عن العلاقة بين ابن وأمه، وتحكي عن الطفولة، وتحكي عن كيف يعيش المرء بعد رحيل أحبائه؛ لأن هذا أمرٌ سيطولنا جميعًا لا محالة. لذا، قلتُ في النهاية سيكون هذا مسارًا مهمًا بالنسبة لي، وربما يكون مهمًا للجمهور أن نسرد فصول هذه الرحلة.

·        ​قلتفي تصريحات سابقة أن دافعك للتصوير بعد وفاة والدتك كان “غريزة ملحة” و”رد فعل”. كيف تصف هذا النوع من الحاجة الإنسانية للتصوير في مواجهة الفقد؟ 

هي ليست غريزة بقدر ما هي نوع من الحاجة. كان التصوير بالنسبة لي وسيلة كيلا أشعر بالألم. فلو تعاملتُ مع هذا الألم بمفردي لكان الأمر صعبًا عليّ، ولكن إن حوّلتُ هذا الألم إلى فيلم، فسيمنحني مسافةً لكي أشعر بأنني ما زلتُ أحيا وأنجز شيئاً ما، مسافةً لا أشعر معها بالألم. ولكن في نهاية المطاف، هذا ما لم يحدث، وهذه نقطة إيجابية في الحقيقة؛ لأن الفيلم ساعدني في معالجة الألم ذاته.

في رأيي، بإمكاننا أن نودّع أحباءنا بعد وفاتهم، ولكن الأمر يستغرق وقتًا طويلاً كي ندرك رحيلهم. لم أستطع أن أقول لوالدتي وداعًا، فصنعتُ هذا الفيلم لكي أودّعها به.

·        وكيف تعاملت مع مشاعر الفقد؟

هذا سؤالٌ صعب للغاية، لكنني سأحاول الإجابة؛ لقد استغرقَ وقتاً طويلاً، وقد ساعدتني الصعوباتُ التي واجهتُها في الفيلم على تخطيه. فعندما شرعتُ في عمل الفيلم وكنتُ في مرحلة المونتاج، كنتُ تائهًا؛ لأنني لم أكن أعرف عما يتحدث الفيلم. أدركتُ حينها أمورًا كثيرة، منها أن هذا الفيلم هو وسيلتي لكيلا أشعر بالألم، لكن هذا (التصوير) جعلني أشعر بالألم. وبعدما شعرتُ بالألم تساءلتُ: كيف سيؤثر هذا على حياتي وعلى علاقتي بوالدي؟

فأدركتُ لاحقاً أن الشخصية الرئيسية في الفيلم ليست والدتي، بل هو نمير. في البداية كنتُ متأكداً أن البطلة هي سهام، وأن الفيلم يدور حول كيفية إعادتها إلى الحياة مجددًا. هذا التحوّل، وهو أننا سنسردُ خوف نمير من فقدان والدته، جعلني أعرف أن الفيلم سينطلق من هنا، لذلك علينا أن نسرد هذه القصة بطريقة سينمائية.

·        تقول: “كأنني لم أقابل والديّ إلا بعد رحيلهما”. ما الذي اكتشفته عنهما كإنسانين قبل أن يكونا والديّن خلال سنوات العمل على الفيلم؟ وهل غيّر هذا الاكتشاف نظرتك لذاتك؟

لقد عرفتُهما بوصفهما أبًا وأمًا فحسب، لكني لم أعرفهما كشخصين (فردين)؛ لم أعرف عن شبابهما وطفولتهما. نحن أنانيون كأطفال، ونعتقد أننا محط الاهتمام طوال الوقت، وأن والدينا موجودان من أجلنا نحن فقط، وننسى أن لديهما قصصهما الخاصة التي عاشاها خلال مراحل صعبة.

لقد غيّر هذا الاكتشاف حياتي بالكامل؛ لأنه جعلني أفهم أنهما فعلا كل ما يمكنهما فعله بإمكانياتهما، وهذا منحني نوعًا من التسامح. أن تفهم قصتهما في سياقٍ أوسع يغير معنى حياتك بأكملها؛ وتفهم وتقدر ما منحاك إياه وأن إمكانياتهما العاطفية أو المادية أو النفسية لم تكن لتسمح بأكثر من ذلك. وهذا ساعدني كثيرًا.

·        ​ذكرت أن شعور الهجر في طفولتك (بسبب سفر والديك) هو ما دفعك لصناعة الأفلام لملء الفراغ بالقصص. كيف عاد هذا الشعور نفسه بعد وفاة والدتك؟

هناك أمرٌ عجيبٌ في السينما، وهو أننا نصوّر الناس ونحتفظ بهم، وعندما يُعرض الفيلم تراهم وكأن الحياة دبت بهم من جديد. لقد بدأتُ أفكر الآن في موتي أنا. ابني مثلاً عندما شاهد الفيلم وسمع عبارة: ‘وما بعد سهام ووجيه ونمير’، انهمر في البكاء؛ لأنه سمع لأول مرة أن والده سيموت. وقد شعرتُ أن هذه لحظة مهمة للغاية؛ إذ سأتمكن من أن أقول لابني إنني لن أكون موجودًا، وهذا منحني نوعًا من الراحة النفسية الكبيرة، حيث يوجد شيء أهم منا (أنا وأمي). هناك بُعدٌ فلسفيٌّ بعض الشيء في الأمر.

·        في أحد مشاهد الفيلم، تتساءل عنايات عن علاج للذاكرة، ثم تخبرها أن أداتك هي الكاميرا، هل تصلح السينما كعلاج للذاكرة؟

بالطبع تصلح السينما كعلاج للذاكرة! لكنها في الوقت نفسه حاجة أكثر منها علاج. عقولنا تحمينا بواسطة النسيان، ولكن هذه الحماية تتحول إلى صدمة مع مرور الوقت، فجزء من علاج هذه الصدمة هو أن نتذكر لا أن ننسى، لأن هذا يساعدنا على تجاوز ما حدث.

أنا مقتنع بأننا بحاجة إلى رواية القصص المنسية، سواء كانت شخصية أو تاريخية؛ فالذاكرة مهمة من أجل المستقبل. وهذا ما حدث معي أثناء العمل على الفيلم، فكما أنكرتُ وفاتها باستغراقي في عمل فيلم عنها، رفض الفيلم ذلك وقال لي: ‘أمك ماتت يا نمير’.

·        يتطرق الفيلم إلى قصة والدك وسجنه ونفيه بسبب توجهه الشيوعي، هل ترى أن نفي والدك يمثل مرآة لنفي عاطفي شعرت به أنت شخصيًا؟

لقد شعرتُ بما اكتنف أبي من حزن وألم للفراق، وكأنه محبوسٌ داخلَ نفسه، فقد كان دائماً يقول: ‘أنا لستُ قادراً على الخروج أبعد من ذاتي’. ولكن حدث شيء غريب في نهاية الفيلم حينما قال لي: ‘أُحبّك’. شعرتُ أن بداخله طفلاً يريد أن يُعبّر عن أشياء، رأيتُ والدي كطفل يحمل مشاعر يريد أن يُعبّر عنها، ولم تكن لديه الإمكانيات لفعل ذلك. حتى لو كانت هذه اللحظة صغيرة، لكنه فتح قلبه وتمكّن من التعبير عن أمرٍ ما.

·        ​كان المشروع في الأصل فيلمًا روائيًا قبل أن يتحول إلى وثائقي بعد صعوبات التمويل. كيف أثر هذا التحول القسري في “نوع الفيلم” على جوهره، وهل أتاح لك حرية إبداعية لم تكن متوفرة في صيغة الفيلم الروائي؟

لقد رغبتُ في إنجاز المشروع بشكل روائي في البداية لكي أحمي نفسي؛ فكان هناك قدرٌ أكبر من الكوميديا والسريالية. كنا سنتحدث عن مشاعر الفقد والفراق أيضًا، ولكن بطريقة تجعلني أكثر سيطرةً على مشاعري. وعندما لم نجد تمويلاً للفيلم، قلتُ إنه لن يرى النور، وفي اللحظة ذاتها قال لي صوتٌ داخليّ: ‘سنصنعه حتى من دون تمويل’.

وهذا دفعني للجوء إلى شيء أساسي جداً؛ إذ أردت أن أصور والدي. كانت الفكرة هي تصوير هذه المشاهد، ومن ثم سنبحث عن تمويل للفيلم الروائي. لكننا أثناء المونتاج وجدنا أن الجزء التسجيلي يتسع مع مرور الوقت، وأدركنا أننا لسنا بحاجة إلى الجزء الروائي. إن ضَعفُ الإمكانيات والتمويل هو ما خدم الفيلم في نهاية المطاف.

·        ​استخدمت ببراعة مقتطفات من أفلام يوسف شاهين الكلاسيكية لتروي قصة لم تستطع تصويرها بنفسك. كيف انتقيت أفلام شاهين بالتحديد – مثل “عودة الابن الضال” و “فجر يوم جديد” – لتكون بمثابة خيالك البديل؟

تتشكلُ ذاكرتنا من علاقتنا بأهلنا وبالسينما. عندما أفكر في فترة الستينيات، لا أعرف ماذا حدث فيها على وجه الخصوص؛ فأنا لم أعش في تلك الفترة، ولكن من كلام والدي كنتُ أتذكر المشاهد التي رأيتُ بها هذا المُعادل البصري. لقد أصبحت السينما بديلاً للواقع أو الذاكرة. إن السينما قامت ببناء أفلامًا محفورةً في الذاكرة الجمعية. لقد حوّلتُ والدي ووالدتي من خلالها إلى أبطال أفلام يوسف شاهين بطريقة شاعرية للغاية.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

26.10.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004