ثمانية أفلام عربية في مهرجان كان.. تعرف على كل التفاصيل
أحمد شوقي
أيام قليلة تفصلنا عن انطلاق الدورة السابعة والسبعين من
مهرجان كان، الحدث السينمائي الأبرز في كل عام. كالعادة، وكما يهتم الجميع
بأفلام أهم المخرجين التي تتنافس على السعفة الذهبية، نهتم أيضًا بالأفلام
الآتية من المنطقة العربية، والتي يصل عددها هذا العام إلى ثمانية أفلام،
سبعة طويلة وفيلم قصير واحد، من مصر والسعودية والمغرب وفلسطين والجزائر
والصومال. في هذا المقال سنتعرف عن كل التفاصيل عن الأفلام العربية، التي
تتضمن فيلمين مصريين طويلين لأول مرة منذ سنوات طويلة.
نوره
Norah –
السعودية (مسابقة نظرة ما)
يُسجل اختيار فيلم "نوره" للمخرج توفيق الزايدي للتنافس في
مسابقة "نظرة ما"، ثاني مسابقات المهرجان أهمية، خطوة كبيرة للسينما
السعودية في مسار الحراك الحادث في المملكة خلال الأعوام الأخيرة. الجيد أن
يأتي اختيار مهرجان كان لواحد من المحاربين القدماء، فتوفيق الزايدي واحد
ممن بدأوا صناعة الأفلام في وقت كانت السينما فيه لا تزال غير مسموح بها في
المملكة. صحيح أن "نوره" فيلمه الطويل الأول، لكنه قدم قبله عدة أفلام
قصيرة.
المثير للانتباه هو أن "نوره" قد سبق عرضه في مهرجان البحر
الأحمر السينمائي خلال ديسمبر الماضي حين نال جائزة أحسن فيلم سعودي.
الاختيار في كان ليس مخالفًا للائحة باعتباره العرض الدولي الأول (أول عرض
خارج دولة الإنتاج)، لكنه استثناء نادرًا ما يمنحه كان لأحد الأفلام. الأمر
الذي يعكس قناعة المهرجان بالفيلم الذي تدور أحداثه في تسعينيات القرن
الماضي، عندما يصل مُدرّس شاب إلى قرية نائية، لتبدأ صداقة تنشأ بينه وبين
نوره، الفتاة المتمردة التي تحلم بعالم أكبر من حدود قريتها الصغيرة.
القرية جوار الجنة
The Village Next to Paradise –
الصومال (مسابقة نظرة ما)
موهبة كان كل متابع للسينما الأفريقية ينتظر عملها الطويل
الأول هو الصومالي مو هراوي، الذي قدم عدة أفلام قصيرة نالت لها شهرة كبيرة
وجوائز قيمة، فنال التانيت الذهبي لمهرجان قرطاج السينمائي 2021 عن "الحياة
في القرن
Life on the Horn"،
والجائزة الكبرى لمهرجان كليرمون فيران، أكبر مهرجانات الأفلام القصيرة في
العالم، عام 2023 عن فيلمه البديع
" Will My Parents Come to See Me
هل سيأتي أهلي لرؤيتي" عن الأيام الأخيرة في حياة شاب محكوم عليه بالإعدام.
في فيلمه الطويل الأول يصوّر هراوي حكاية عائلة صومالية
تضطر للنزوح وتغيير محل إقامتها بسبب الأوضاع المضطربة في البلاد، ليتابع
رب الأسرة وعلاقته بابنه ومن حوله. الفيلم تم تصويره في الصومال بفريق
متنوع الجنسيات للتغلب على انعدام البنية التحتية السينمائية في البلاد.
المصري مصطفى الكاشف هو مدير تصوير الفيلم، ليكون ظهوره الثاني في كان
بعدما شارك الفيلم القصير "عيسى" الذي صوّره في مسابقة أسبوع النقاد العام
الماضي.
الكل يحب تودا
Everybody Loves Touda –
المغرب (عروض كان الأولى)
من بين كل مخرجي السينما العربية المعاصرين يُعد المغربي
نبيل عيّوش المخرج الأكثر ظهورًا في مهرجان كان، منذ أن أخير فيلمه الرائع
"يا خيل الله" لمسابقة نظرة ما عام 2012، ثم "الزين اللي فيك" في نصف شهر
المخرجين 2015، قبل أن يشارك في المسابقة الدولية للمرة الأولى بـ "علّي
صوتك" عام 2021، وها هو يعود لكان للمرة الرابعة كمخرج بعرض "الكل يحب
تودا" في قسم عروض كان الأولى، الذي يعرض فيه المهرجان خارج المسابقة أفلام
المخرجين الكبار. ذكرنا أنها المرة الرابعة كمخرج، لأن عيّوش شارك مرتين
كمنتج لأفلام زوجته مريم التوزاني لتأكيد حضوره الدائم في كان.
"الكل
يحب تودا" حكاية امرأة مغربية تجسدها النجمة نسرين الراضي، مغنية شعبية
تعمل في مدينتها الصغيرة لتنفق على ابنها الوحيد، وتواجه الذكورية والأحكام
المحيطة بها حالمةً بأن تتمكن من كسر القيود وتحقيق نجومية كبيرة في الدار
البيضاء. قدرة عيّوش على إدارة ممثليه وتقديم العوالم السفلية للمدن، مع
موهبة نسرين الراضي التي ظهرت في أفلام عديدة، أمور تجعلنا نترقب الكثير من
هذا الفيلم.
رفعت عيني للسما
The Brink of Dreams –
مصر (مسابقة أسبوع النقاد)
صارت مسابقة أسبوع النقاد المكان الأكثر احتضانًا للسينما
المصرية الجديدة في مهرجان كان، ففي العام الماضي شارك الفيلم القصير
"عيسى" لمراد مصطفى في المسابقة، وفي 2021 فاز "ريش" لعمر الزهيري بجائزة
المسابقة الكبرى، وقبلها في 2019 شارك الفيلم القصير "فخ" للثنائي ندى رياض
وأيمن الأمير، اللذان يعودان للمسابقة بفيلم طويل هذه المرة، هو التسجيلي
الطويل الوحيد المتنافس بين سبعة أفلام اختارها النقاد الفرنسيون للبرنامج.
"رفعت
عيني للسما" رحلة سينمائية مدهشة يراقب فيها المخرجان فريق مسرحي من نوع
خاص: مجموعة من الفتيات في صعيد مصر، وتحديدًا في قرية البرشا بمحافظة
المنيا في محافظة المنيا، تقررن تكوين فريق مسرحي يجمعهن تحت عنوان
"بانوراما برشا"، لتقديم عروض تتناول القضايا التي تؤرقهن كنساء تعشن في
صعيد مصر، لتمتزج رؤية الفتيات للمشكلات مع حلمهن في النجاح والشهرة.
الفيلم شارك في منصة الجونة السينمائية قبل شهور وشاهدنا أجزاء منه تُبشر
بفيلم وثائقي من طراز فني رفيع يجمع بين إتقان الصنعة ورهافة اختيار
الشخصيات.
البحر البعيد
Across the Sea –
المغرب (أسبوع النقاد، عرض خاص)
عرفت صناعة السينما المغربي الفرنسي سعيد حميش باعتباره
منتجًا بالأساس، حيث شارك في إنتاج أكثر من 40 فيلم طويل وقصير لمخرجين مثل
فوزي بن سعيدي وفيليب فوكون وليلى بوزيد ونبيل عيّوش، لكنه اتجه للإخراج
عام 2017 عندما قدم فيلمه الطويل الأول "عودة لبولين
Return to Bollene"،
قبل أن يخرج الفيلم القصير "الرحيل
Le depart"
الذي ترشح عام 2022 لجائزة سيزار الفرنسية لأحسن فيلم قصير، ثم صنع فيلمه
الطويل الثاني الذي اختاره أسبوع النقاد ليُعرض في عرض خاص خارج المسابقة.
"البحر
البعيد" يتابع حياة نور، شاب مغربي يقرر في مطلع تسعينيات القرن الماضي أن
يهاجر بطريقة غير شرعية إلى مارسيليا الفرنسية، ليعيش وسط مجموعة ممن خاضوا
نفس تجربته ويتورطون في أعمال إجرامية لا تعيق رغبتهم في الاستمتاع
بالحياة، حتى يتعرف على ضابط فرنسي غريب الأطوار يغير مسار رحلته. يرصد
الفيلم حكاية نور خلال عقد كامل ينتهي عشية الألفية الجديدة، قبل شهور من
حادث 11 سبتمبر الذي سيغير كثيرًا من صورة المهاجرين في الغرب.
شرق 12
East of Noon –
مصر (نصف شهر المخرجين)
الفيلم المصري الثاني في اختيارات كان هذا العام يأتي في
برنامج نصف شهر المخرجين، الذي يستقبل الظهور الأول للمخرجة والمصورة
والفنانة البصرية هالة القوصي في المهرجان. عُرفت القوصي بأعمالها الفنية
في وسائط عديدة من بينها الأفلام القصيرة حتى قدمت فيلمها الطويل الأول
"زهرة الصبار" عام 2017 ليختاره مهرجان روتردام وتنال بطلته منحة البطراوي
جائزة أحسن ممثلة من مهرجان دبي، لتنجز هالة بعدها فيلمًا قصيرًا جربت فيه
التصوير بخام السينما، قبل أن تطبق التجربة في فيلمها الثاني المصور
بالكامل باستخدام الخام.
الملخص المُعلن يقول إن الفيلم ينتمي لنوعية الكوميديا
السوداء، حيث يدور في إطار من الفانتازيا الساخرة في عالم مغلق خارج الزمن،
يتمرد فيه الموسيقار الشاب عبدو (عمر رزيق) على شوقي البهلوان (أحمد كمال)
الذي يدير المكان بخليط من العبث والعنف وجلالة الحكاءة (منحة البطراوي)
التي تخفف عن الناس بحكايات خيالية عن البحر الذي لا يعرفه أحد. ويخطط
عبدو، مستعينا بموهبته، مع الشابة ننة (فايزة شامة) لكسر قبضة شوقي ونيل
الحرية في عالم أرحب.
إلى أرض مجهولة
To a Land Unknown –
فلسطين (نصف شهر المخرجين)
في عام 2012، قدم المخرج الفلسطيني الدنماركي مهدي فليفل
فيلمه الوثائقي الطويل الشهير "عالم ليس لنا"، الذي عرض فيه الحياة داخل
مخيم عين الحلوة حيث عاشت أسرته قبل الهجرة لأوروبا. الفيلم حقق نجاحًا
ساحقًا وصار من أنجح الوثائقيات العربية، ومن يومها صار عالم عين الحلوة
وشخصياته موضوع سلسلة من الأفلام القصيرة، الوثائقية والروائية، التي طاف
فليفل بها العالم، بينما يترقب المتابعون فيلمه الطويل الثاني الذي يأتي
أخيرًا بعد مضي 12 عامًا.
الفيلم كان مشروعًا يحمل عنوان رواية غسّان كنفاني الشهيرة
"رجال في الشمس"، لكن المخرج قرر تغيير عنوانه قبل العرض لما يعبر أكثر عن
موضوعه، الذي يرصد فيه رحلة صديقين من مخيم عين الحلوة، أسهمها شتيلا وفتح،
يغادران هربًا إلى العاصمة اليونانية أثينا بحثًا عن حياة أفضل. لكن فقد
المبلغ المخصص للهجرة يضعهما في سلسلة من الأحداث غير المتوقعة التي تضع
صداقتهما على المحك. ولأنها واحدة من مرات قليلة يختار فيها نصف شهر
المخرجين فيلمًا وثائقيًا، ننتظر أن يحمل الفيلم مفاجأة سينمائية تليق
بالانتظار الطويل لفيلم مهدي فليفل الثاني.
بعد الشمس
After the Sun –
الجزائر (قصير، نصف شهر المخرجين)
الفيلم العربي القصير الوحيد في مهرجان كان هذا العام، من
إنتاج فرنسي بلجيكي جزائري مشترك للمخرج الشاب ريان مكيردي، الفنان المعاصر
والمخرج الذي قدم نفسه للعالم من خلال أعمال الفيديو آرت التي قادته إلى
بينالي الشارقة، ثم صنع فيلم تسجيلي إبداعي بعنوان "هلال النار
The Crescent of Fire"
اختير لمهرجان سينما دو ريل
Cinéma du Réel
عام 2019، قبل أن يتنجز فيلمه الروائي القصير الأول "بعد الشمس".
أحداث الفيلم تدور في نهاية ثمانينيات القرن العشرين، حين
تخرج رحلة جزائرية في رحلة بالسيارة من ضواحي باريس نحو مارسيليا، ليختلط
في الرحلة الواقع بالخيال، والمتعة بالحماس والحرية والحنين إلى الماضي
والوطن. |