"مجتمع
الثلج": القصة المرعبة لكارثة صدمت وألهمت العالم
16
شخصاً فقط نجوا في الرحلة الجوية التي أقلت 45 مسافراً عام
1972. قصة نجاتهم وتضحياتهم باتت اليوم عملاً درامياً على "نتفليكس".
نستعيد في النص التالي الوقائع الحقيقية والمذهلة التي ألهمت العمل الدرامي
الجديد
أنابيل نيوجنت
كارثة الأنديز، أو معجزة الأنديز (يعتمد الأمر على الزاوية
التي تنظر إليها) تحتاج إلى مقدمة صغيرة. فهذه الكارثة عام 1972 - المتمثلة
بتحطم طائرة تقل 45 مسافراً، بينهم فريق "رغبي" هاو من الأوروغواي، في جبال
أميركا الجنوبية - تناولتها كتب ووثائقيات وأفلام عديدة، أشهرها فيلم "على
قيد الحياة"
Alive
بطولة إيثان هاوك عام 1993. لكن القصة تعود من جديد بإطار معالجة سينمائية
من توقيع المخرج الإسباني جي أي بايونا، وذلك مع فيلم يعرض حالياً على
"نتفليكس" بعنوان "مجتمع الثلج"
Society of the Snow.
الفيلم الذي رشح لجائزة "أفضل فيلم بلغة أجنبية" ضمن جوائز
"غولدن
غلوب"
يمثل أيضاً إسبانيا رسمياً في جوائز
الأوسكار،
وهو مقتبس من كتاب لبابلو فيرسي يحمل العنوان نفسه. كتاب "مجتمع الثلج"
هذا، المنشور لأول مرة عام 2009، يجمع شهادات 16 شخصاً نجوا من الكارثة -
وفيرسي يعرف عديداً منهم شخصياً مذ كانوا أولاداً في مونتيفيديو،
الأوروغواي.
تمتاز القصة، بطبيعة الحال، بعناصر سينمائية كبيرة. فهي
صادمة، ومرعبة، ومثيرة للدهشة. الطائرة التي تعرضت للحادثة كانت مستأجرة
لنقل مجموعة هواة في لعبة "الرغبي"، يشكلون فريق "أولد كريستيان كلوب"
Old
Christian Club،
من مونتيفيديو إلى سانتياغو، تشيلي، كي يخوضوا مباراة ضد فريق منافس. كذلك
كان على متن الطائرة أفراد من عائلات فريق "الرغبي" وأصدقاء لهم، إضافة إلى
سيدة اشترت بطاقة بآخر لحظة للسفر في تلك الرحلة كي تحضر حفل زفاف ابنتها.
وتسبب خطأ ارتكبه ربان الطائرة بسقوطها في
جبال الأنديز المثلجة. ولم يعثر على حطامها إلا بعد أكثر من شهرين من
الحادثة. ويروي الناجون الذين ظلوا مفقودين طوال تلك الفترة قصص ما خبروه
من تضحيات، وصداقة، وإيمان، والأكثر وأكل لحوم البشر أيضاً، ذلك الفعل
المكروه الذي اضطروا إلى القيام به.
علامات التحذير الأولى ظهرت قبل وقت طويل من مغادرة الطائرة
مدرج المطار، إذ يمكن القول إن الطائرة في الأصل لم تكن صالحة للخدمة. أحد
الناجين، ناندو بارادو، وفي استعادة للكارثة ضمن حديث أجرته معه "غارديان"
في الآونة الأخيرة يقول إنه كان ساذجاً حين قرر السفر في تلك الطائرة. فهي،
وفق ما يذكر، "من (طراز) فيرتشايلد أف أتش- 227D،
بمحركات ضعيفة جداً. وكانت (في تلك الرحلة الأخيرة) مليئة بالركاب ومحملة
لأقصى حد، وراحت تحلق فوق أعلى قمة في أميركا الجنوبية وبظل أحوال جوية
رديئة". تابع بارادو: "لقد بدا الأمر مستحيلاً وكان لا بد للحادثة أن تقع".
وبسبب الأحوال الجوية الرديئة اضطر الطيارون للهبوط بوقت
مبكر في ميندوزا، الأرجنتين، حيث قضى طاقم الطائرة والركاب ليلتهم هناك.
إلا أن الطائرة كانت مستأجرة من قوات سلاح الجو الأوروغواياني، وذاك عنى أن
قضاء 24 ساعة إضافية على الأرض الأرجنتينية سيكون مخالفاً للقانون. لذا
أقلعوا مجدداً بعد ظهر اليوم التالي، عند الساعة 2:18 بعد الظهر، والذي
صادف الجمعة الـ13 من أكتوبر (تشرين الأول) (رمزية هذا التاريخ وارتباطه
بسوء الحظ، وفق مروية بارادو لـ"غارديان"، كانت حاضرة بين أفراد الفريق
المسافر الذين راحوا يتبادلون النكات المتعلقة بذلك [في إشارة إلى فيلم
الرعب الشهير بعنوان "الجمعة 13"])، إذ إن القيام برحلة مباشرة إلى
سانتياغو لم يكن أمراً مطروحاً. فطائرة الـ"فيرتشايلد" غير مؤهلة للتحليق
على علو أكثر من 6858 متراً، فيما قمة الأكونكاغوا، الأعلى في سلسلة جبال
الأنديز، ترتفع لـ6962 متراً - لذا قرر الطيارون سلوك مسار جوي جنوبي فوق
معبر بلانتشوس حيث الهضاب الجبلية أقل ارتفاعاً وأكثر سهولة. وكان من
المفترض أن تدوم الرحلة 90 دقيقة.
بعد قرابة ساعة من بداية الرحلة أخطر الطيار المراقبين
الجويين بأنه يحلق فوق الـ"المعبر"، ثم عاد وأخطرهم بعد وقت وجيز بأنه بلغ
كوريكو، تشيلي (الواقعة على بعد 178 كيلومتراً تقريباً جنوب سانتياغو). إلا
أن الربان في الواقع أخطأ في تحديد موقع الطائرة، إذ إنهم في الحقيقة كانوا
ما زالوا فوق الأنديز. المراقبون من جهتهم، الذين لم يدركوا ذاك الخطأ،
أجازوا للربان كي يبدأ بالهبوط. حينها اصطدم بطن الطائرة بقمة الجبل فانكسر
ذيلها وجناحاها كما انفصلت مروحة الجناح الأيسر عن الهيكل. وقد راحت
الطائرة تنزلق بسرعة على الجبل. الناجي الآخر روبيرتو كانيسا، الذي كان في
ذلك الوقت طالباً بكلية الطب، روى لقناة الـ"إي بي سي" ما خبره عندما سقطت
الطائرة، فقال "قذفتني قوة هائلة، وفيما كنت أفقد الوعي أدركت أنني ما زلت
على قيد الحياة وأن الطائرة توقفت".
بين الأشخاص الـ45 الذين كانوا في تلك الرحلة، قتل 12 شخصاً
فوراً جراء سقوط الطائرة. وأصيب آخرون بجروح بليغة. وقد وصف بارادو كيف
شاهد شقيقته الأصغر، سوزي، ملقاة قرب قمرة القيادة بعد الحادثة. "كانت
عاجزة عن الكلام. لم يكن بوسعها إلا تحريك عينيها. فقدت حذاءها وكانت
قدماها قرمزيتين". تابع بارادو: "تلك هي المشاهد التي علقت في ذهني".
سقوط الطائرة بحد ذاته كان أمراً فظيعاً يفوق أي وصف، لكن
ما تلا ذاك السقوط هي قصص النجاة والتضحية التي خبرها من بقوا على قيد
الحياة، والتي أسرت الجمهور وأثارت مشاعره المختلفة والمتناقضة (سلباً
وإيجاباً)، إذ على ارتفاع قرابة 3500 متر في جبال الأنديز المثلجة، واجه
الناجون أحوالاً مناخية جليدية مع خفض الحرارة إلى ما دون الـ35 درجة مئوية
تحت الصفر. هيكل الطائرة كان ما زال سليماً تقريباً، وقد اتخذه الناجون
ملاذاً، وقاموا معاً بتركيب جدار ارتجالي مستخدمين الحقائب وقطع الطائرة
والمقاعد. لكن ذاك الجدار لم يكن فعالاً بما يكفي لمواجهة الرياح العاتية
والعواصف الثلجية المتعاقبة والمعهودة في تلك البقعة الجبلية. وروى بارادو
لـ"غارديان" في هذا الإطار عن الصقيع القاتل الذي استدعى من الشبان الناجين
لكم أذرع بعضهم بعضاً لتحريك الدورة الدموية، ومحاولة الحصول على الدفء من
أنفاس بعضهم بعضاً.
وعلى رغم أن المياه كانت متوفرة حولهم بفضل الثلج، فإن
التهام الأخير كوى حناجرهم وشفاههم. ولم يتعلموا إلا بعد فترة وجوب تذويب
الثلج في قوارير وتدفئتها بما يكفي كي يتمكنوا من شرب الماء. "بعد شهر ونحن
في تلك المحنة صرنا جبليين، وتعلمنا ما ينبغي فعله"، قال بارادو عن كيفية
تأقلمهم مع المكان الذي حلوا فيه. إلا أن مسألة الطعام مثلت همهم الأكبر.
فحادثة سقوط الطائرة تركتهم مع مخزون طعام ضئيل [كان موجوداً على متن
الطائرة]: شكولاتة، سكاكر، مكسرات، مقرمشات، وبعض الكحول - وهذا المخزون
تضاءل خلال أسبوع واحد على رغم تشددهم في تقنين الاستهلاك، إذ إن الجسم
البشري في تلك المنطقة المرتفعة يتطلب مقداراً عالياً جداً من السعرات
الحرارية. وقد حاولوا أكل شرائح من الجلد انتزعوها من قطع الحقائب ووسائد
المقاعد الممزقة، التي تأملوا أن يجدوا فيها (في حشوتها) قشاً صالحاً للأكل
- لكنهم لم يجدوا سوى مواد تنجيد رغوية. في تلك اللحظة، اتخذ أولئك الأفراد
القرار الصعب الذي سيلعب دوراً حاسماً في نجاتهم: فقد اختاروا البدء بأكل
اللحم من الجثث.
الوصول إلى ذاك القرار، وفق بارادو، لم يكن سهلاً، لكنه كان
قراراً بسيطاً. "إذ من جديد بلغنا الخلاصة ذاتها: إن أردنا تجنب أكل الثياب
التي نرتديها، لن يبقى أمامنا سوى قطع من الألمنيوم والبلاستيك والجليد
والحجارة"، كتب بارادو في مذكراته عام 2006. وتلك المسألة طرحت على
المجموعة الناجية، التي كان أفرادها جميعهم من أبناء الطائفة الكاثوليكية،
فوافق معظمهم على أن أكل لحم الجثث بات الخيار الوحيد المتوفر أمامهم.
بعضهم وضع جسده بتصرف الآخرين في حال فارق الحياة. بايونا، مخرج فيلم
"مجتمع الثلج" (الذي سبق وأخرج أيضاً فيلم "المستحيل"
The
Impossible
المقتبس أيضاً من كارثة حقيقية [تسونامي عام 2004]) يذكر في هذا الإطار
حديثه مع أحد الناجين الذي قال له: "في اليوم الأول من قيامنا بذلك، كان
الأمر فظيعاً. لقد كسرنا المحرم وانتابتنا مشاعر مزرية. لكننا في اليوم
التالي صرنا نقف في رتل وننتظر حصتنا من الطعام".
الأشخاص القلائل الذين تمنعوا بداية عن أكل اللحم البشري،
استسلموا في النهاية بعد أن سمعوا (عبر جهاز راديو نجحوا في تشغيله) بثاً
إذاعياً في اليوم الـ11 بعد الكارثة يعلن تعليق عمليات البحث عن الناجين.
فالثلج جعل من عمليات تحديد موقع حطام الطائرة ذات اللون الأبيض شبه
مستحيلة من الجو، ونظراً إلى الظروف المناخية القاسية اعتقد معظم الناس أنه
لم يبق ناجون من الحادثة لإنقاذهم.
على أن الكارثة تجددت في اليوم الـ17 عندما غمر انهيار ثلجي
هيكل الطائرة. كل من كان نائماً على الأرض في ذلك اليوم دفن بالثلج في
الحال. من الناجين الـ27 توفي في تلك الليلة ثمانية أشخاص. والانهيار
الثلجي دفن الطائرة تماماً وغمرها بالثلج بسماكة متر واحد من سقفها.
الناجون العالقون في الداخل أدركوا أن الهواء سينفد عما قريب. وبعد بضع
ساعات نجح بارادو في فتح إحدى كوى الزجاج الأمامي في مقصورة القيادة،
مستخدماً عموداً معدنياً حصل عليه من الحطام، فتمكن من حفر ثقب في الثلج كي
يتيح دخول الهواء من الخارج. إلا أن عاصفة ثلجية أخرى عادت وحبستهم داخل
هيكل الطائرة مع أصدقائهم الموتى الجدد. وبعد ثلاثة أيام من هذه العاصفة،
إذ باتوا أمام خطر موت محتم بسبب الجوع، بدأوا بأكل جثث أصحابهم. وعندما
توقفت العاصفة، تمكن أولئك الأحياء، بعد جهد جهيد وعمليات حفر في الثلج، من
الخروج عبر إحدى نوافذ مقصورة القيادة.
مع خروجهم من الهيكل، جرى اتخاذ القرار بأن يذهب عدد من
الناجين في محاولة للحصول على مساعدة، فبعد كل شيء، لم يكن أحد سيأتي
لإنقاذهم. لذا وخلال الأسابيع التي تلت قضوا الوقت في التدريب على خوض رحلة
نجاة في الجبال، وراحوا يعدون الأدوات اللازمة لذلك (كيس نوم من الوسائد
المتبقية، مزلجة من الحقائب، وغيرها من الأشياء)، كما كان عليهم أيضاً
انتظار تحسن الظروف المناخية.
أخيراً في اليوم الـ61، انطلق ثلاثة شبان من فريق "الرغبي"
مغادرين هيكل الطائرة وقد ارتدوا ما أمكنهم من طبقات الثياب، وأخذوا معهم
حقيبة ظهر فيها حصص لحم تكفي لثلاثة أيام. وكان الطيار قبل موته في اليوم
الأول من الحادثة أخبر المسافرين بأنهم اجتازوا كوريكو، مما يعني أنهم
كانوا عند تخوم الأنديز الغربية - وقد اعتمد الشبان الثلاثة هذه المعلومة
في التخطيط لرحلتهم، التي تطلبت تسلق الجبل في الجهة الغربية ثم الانحدار
نزولاً نحو تشيلي. وكانت الرحلة شاقة جداً كما توقعوا، فقد عانوا أعراضاً
حادة لدوار المرتفعات نظراً إلى إيقاع تسلقهم السريع، كما عانوا درجات
حرارة شديدة الخفض هي أقسى مما خبروه في هيكل الطائرة.
لكنهم في نهاية المطاف عندما بلغوا قمة الجبل أدركوا أن
الطيار ارتكب خطأً جسيماً، إذ لم يظهر أي أثر لوديان تشيلي الخضراء التي
توقعوا مشاهدتها من قمة الجبل. وذاك شكل لهم خيبة أمل كبيرة ووضعهم أمام
خيارين جديدين قاسيين: إما العودة لحيث كانوا، أو مواصلة الرحلة نحو الغرب.
"قلت، هيا يا روبيرتو، لا أستطيع أن أكمل وحيداً. هيا بنا"، روى بارادو
لـ"غارديان" مستعيداً تلك اللحظات. وتابع "إن عدنا أدراجنا، إلى ماذا نعود؟
هل كي أنظر في عينيك وأنت تموت، أو في عيني من يموت أولاً؟"، أحد أولئك
الشبان الثلاثة قرر العودة أدراجه إلى هيكل الطائرة مستخدماً مزلجة مرتجلة،
فيما تابع الشابان الآخران رحلتهما. مشيا في الجبال لأكثر من 37 ميلاً (60
كلم) في 10 أيام وبظل ظروف مناخية لا تحتمل، أما محفزهم الوحيد فكان علامات
حياة بشرية صادفوها: قطيع أبقار، ثم بقايا موقع تخييم.
وفي نهاية المطاف صادفا ثلاثة رجال عند أقصى الجانب البعيد
للنهر. لكن بسبب ضجيج المياه كان عليهما التواصل مع أولئك الرجال عبر كتابة
رسائل على ورق وربطها بالحجارة وتقاذفها من جهة إلى أخرى. وما إن فهم
الرجال الثلاثة الوضع، قذفوا نحوهما رغيف خبز فوق المياه وانطلقوا لطلب
النجدة من أقرب مركز شرطة يقع على بعد رحلة 10 ساعات على ظهر بغل. وفي
الأثناء نقل كل من بارادو وكانيسا بواسطة الأحصنة إلى لوس مايتينيس، حيث
جرى إطعامهما ريثما تقوم الشرطة بإيصال خبر وجود الناجين إلى جيش تشيلي في
سان فيرناندو.
وبعد إخطار الجيش وصلت طائرتا هليكوبتر تحمل فرق الإنقاذ
الذين انطلقوا في عمليات البحث للعثور على هيكل الطائرة، وقد رافقهم بارادو
مؤدياً دور الدليل. وعن هذه المرحلة الأخيرة من الكارثة، وفي حديث أجرته
معه الـ"بي بي سي" في الآونة الأخيرة قال كارليتو بايس، أصغر الناجين، إن
اللحظة التي رأى فيها طائرتي الهليكوبتر تقتربان "ما زالت اللحظة الأعظم في
حياتي".
ووصلت طائرتا هليكوبتر إلى موقع الحطام في الـ22 من ديسمبر
(كانون الأول)، أي بعد 72 يوماً من حادثة سقوط الطائرة. ونظراً إلى وعورة
المنطقة أمكن يومها إنقاذ نصف الناجين فقط. وقد تطوع أربعة منقذين للبقاء
مع الناجين السبعة الآخرين لليلة إضافية. وفي اليوم التالي قرابة الفجر
أنقذ السبعة الباقون ونقلوا بالطوافة. وقد أحضر الناجون إلى المستشفى في
سانتياغو حيث جرت معالجتهم من دوار المرتفعات، والجفاف، ولسعات الصقيع،
وكسور العظام، وداء الإسقربوط، وسوء التغذية. بارادو من جهته فقد 45
كيلوغراماً من وزنه الذي كان يبلغ الـ100 كلغ. كذلك بلغ وزن كانيسا حين
أنقذوه، 44 كيلوغراماً.
عديد من الناجين أسهموا في فيلم بايانا الجديد، فقد أجريت
مقابلات معهم جميعاً، إضافة إلى مقابلات مع عائلات الذين قتلوا في الحادثة.
وعلى رغم أن استعادة كارثة الأنديز اليوم لا تمثل الاستعادة الأولى، فإنها
تشكل المرة الأولى التي تقدم فيها القصة باللغة الإسبانية - وذاك يعني، وفق
قناعة بايونا، فإن تأمين التمويل للفيلم تطلب أكثر من 10 سنوات. كذلك حرص
بايونا على الاستعانة بممثلين شبان من الأوروغواي والأرجنتين، وأيضاً على
تصوير جزء من الفيلم في منطقة جبال الأنديز.
"عندما جلست مع الناجين وتحدثت معهم عن صنع فيلم يروي
قصتهم، تفاجأت بإحساس يوحي أنهم في حاجة أكثر مني في الحقيقة إلى فيلم
كهذا"، قال بايونا لـ"فايننشال تايمز" ضمن حديث أجري معه في الآونة
الأخيرة. ويظهر بايس على الشاشة لبضع دقائق بدور والده. وقد قال إن مشاهدة
الفيلم جعلته "يشم رائحة تلك التجربة من جديد". أما بارادو فامتدح الفيلم
معتبراً إياه "عملاً سينمائياً رائعاً" ومضى بعيداً في إعجابه إذ قال
لبايونا: "بعد أن يشاهد الناس فيلمك هذا، سيفهمون تماماً ما مررنا به". من
غير المتوقع طبعاً أن يكون "مجتمع الثلج" آخر عمل يتناول كارثة الأنديز -
فغنى القصة لا يسمح لهوليوود بتركها بسلام - لكنه يكون عملاً يستحق
المشاهدة عندما يسرد بتعاطف ومحبة.
"مجتمع الثلج" يعرض الآن على "نتفليكس"
مراسلة @annabelnugent
© The Independent |