المخرج يسري نصرالله من مؤتمر النقد السينمائي في الرياض:
نتعرف أكثر على المجتمع السعودي من خلال السينما
سيدتي - عبير بو حمدان حرب
تصوير: مشاعل الشريف
استقبل مؤتمر النقد السينمائي في نسخته الأولى في الرياض
ضيوف شرف من أكثر من عشرين دولة، ونخبة من صناع الأفلام والنقاد المحليين
والدوليين، ويعد المخرج والناقد السينمائي يسري نصرالله أحد أبرز ضيوف هذا
الحدث، حيث ألقى كلمة افتتاحية في الحفل الرئيسي تحدث فيها عن تجربته مع
صناعة الأفلام والتحديات والرسائل والقصص الملهمة التي بنى عليها إبداعاته
في السينما العربية، كما وتحدث فيها عن بداياته وتكون الشغف لديه، ليسلط
الضوء بعدها على قراءته للمشهد السينمائي في السعودية، كما وعرض أحد أفلامه
أثناء الحدث كمادة للنقاش والتفاعل.
حكايات المجتمع السعودي
وفي حديث خاص لمجلة سيدتي أشار المخرج المصري
الذي يحظى بتقدير كبير لدى الجمهور العربي، إلى التطور السريع الذي شهده قطاع
الأفلام في المملكة
العربية السعودية مؤخراً
وقال: "منذ أربع سنوات تقريباً، كنت عضو لجنة التحكيم في أولى دورات مهرجان
البحر الأحمر لقراءة
السيناريوهات، وأكثر السيناريوهات التي لفتت نظري هي السيناريوهات المشاركة
من السعودية.".
وتابع: "فيها قصص وحكايات لم نسمعها من قبل، عن مجتمع كان
مكتوماً لفترة وحكاياته كانت سرية، وكنا نرغب بان نتعرف على هذا المجتمع
وأن نرى الإنسان السعودي بعيداً عن الصورة التي ارتبطت بذهن الناس عن هذا
المجتمع عن انهم معهم الكثير من الأموال وأنهم مختلفون عنا، وهذا غير صحيح،
فمن خلال السينما اكتشفنا أن هذا مجتمع حقيقي مليء بالقصص والحكايات
الجميلة التي نرغب بان نسمعها، إلى جانب ذلك فيه الكثير من الأشخاص
الموهوبين ولديهم الإمكانيات لصناعة أفلام ناجحة، وهناك رغبة في صناعة هذه
الأفلام، وكل هذه مؤشرات لقطاع سينمائي كبير"، وأضاف: "ما الذي نعنيه
بسينما كبيرة؟ أي سينما بتخاطب العالم كله، سينما نتوقف أمامها وتثيرنا
ثقافياً وإنسانياً.".
الإنسان هو الأساس
أما عن أفلامه القديمة التي تعرض في مؤتمر
النقد السينمائي في
نسخته الأولى في الرياض،
وما يراه فيها اليوم بعد سنوات الخبرة الطويلة، قال نصرالله: "لا أنظر إلى
العيوب، ولا أقول إن تلك الأفلام لا عيوب فيها، ولكن أنا متأكد أنني عندما
قمت بعمل هذا الفيلم قدمت له كل ما أستطيع تقديمه، ويمكن أن أكون أنا قد
تغيرت لكن هذا لا يعطيني أي حقوق على الفيلم، فالفيلم عندما عرض لم يعد لي
بل بات للجمهور، وأنا كمخرج عملت هذا الفيلم، عندما أشاهده من جديد، أرى
كيف كنت أنا في حينها، تماماً كأن أشاهد ألبوم صور للعائلة وأرى كيف كانت
أمي أو أبي أو أختي أو أنا أو أصدقائي في حينها، وهذه العلاقة نفسها التي
أبنيها مع الفيلم".
وأكد: "أن أتنصل أو أحاول تقديمه بطريقة مختلفة فهذا أمر لن
يحصل، تماماً كمن يكتب مذكراته يومياً، هل يجوز أنه عندما يكبر في السن
يقوم بتغيير ما كتبه من مذكرات؟"
وتحدث المخرج المصري عن طريقة مناقشة أفلامه للقضايا
الإنسانية من دون توجيهها وأكد: "ما يهمني في العمل هو الإنسان، أما
السياسة فهي أمر مختلف تماماً، فالسياسي ينظر إلى قصص الناس من منظار كيف
يمكنه أن يكتسب منها سلطة أكثر، وأن معاناة الناس تعطيه قوة ما، أما الفنان
فله دور مختلف، ولا يجب أبداً أن يدخل في المعادلة السياسية هذه، السياسة
موجودة ولا يمكن أن نتظاهر بعدم رؤيتها، لكن بالنسبة لي كمخرج لا فارق عندي
بين السياسة والفيضان، والزلزال والعاصفة، كلها تحدث دون إرادتي ودون
تدخلي، لكن ما يهمني في هذا الأمر هو كيف انعكس كل ذلك على الناس، وكيف
تعاملوا مع الأمر وكيف كانت حياتهم خلاله، إذن الموضوع الإنساني هو الأساس
وتحويله للسياسة هو الدخيل."
من يصنع الأفلام؟
وحول بدايات شغفه بعالم السينما قال يسري نصرالله: "بدأ
اهتمامي بالسينما منذ أول فيلم شاهدته في السينما مع
أبي عندما كنت في السادسة من عمري، أبهرتني حينها الألوان والأشكال، وأول
سؤال سألته لوالدي كان: من يصنع هذا؟ فقال لي حينها: هناك شخص اسمه المخرج،
فأجبته: هذا ما أريد أن أصبح عليه في المستقبل."
وأضاف: "أنا شخص أحب القصص، أحب ألف ليلة وليلة، وحكايات
جدتي وأحب الروايات والموسيقى، كل هذه الأمور تساعد الإنسان على أن يعرف
كيف يتعامل مع قسوة الحياة، وهناك من يقول إنه في الكوارث والظروف الصعبة
لا يصح أن نتكلم عن الفن أو أن نصنع الفن، لكن على العكس فإن الفن مهم لأنه
يساعدك على أن تعيش وأنا أدركت ذلك في وقت مبكر".
حول ما إذا كان الإخراج هو العنصر الأبرز في صناعة الفيلم،
أكد: "لا، هو واحد من الأدوار البارزة، فالمصور مهم، والكاتب والسيناريو
والممثلون مهمون جدا، والموسيقى مهمة، والمونتاج مهم، أما المخرج فهو يجمع
كل هذه الأمور ويصنع منها صورة متكاملة، كأن نسأل مثلاً قائد الأوركسترا
أهم ولا الأوركسترا؟ والجواب أن أياً منهما لا يمكن أن يكون من دون الآخر."
عن الحدث
يذكر أن من أهم أهداف مؤتمر النقد السينمائي الذي نظمته
هيئة الأفلام السعودية في الرياض في الفترة ما بين 7 و 14 نوفمبر الجاري،
على أن يصبح حدثاً سنوياً ضخماً، دعم جهود المنظومة الثقافية الوطنية في
تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية الفكرية على الصعيد العالمي، وتمكين
مجتمع النقاد السينمائيين الناشئ من عرض نشاطهم الفكري وتوفير فرص الاحتكاك
والتفاعل مع خبرات عالمية، وخلق منصة سنوية فعالة لإثراء حقل النقد
السينمائي وتنميته بشكل واسع ومستدام وجعله نقطة تواصل بين المتخصصين
السعوديين والدوليين.
وقد تضمن الحدث فعاليات متنوعة منها جلسات حوارية وورش عمل
ومعرض فني، وعروض سينمائية وقسم للأطفال والعائلة، واستضاف نخبة من الخبراء
المحليين والعالميين لنقل تجاربهم المثرية والتفاعل مع المجتمع المحلي عن
قرب. |