ستة أفلام تستحضر تجارب عربية وعالمية تسبق انطلاق «مؤتمر
النقد» في الرياض
الرياض ـ «سينماتوغراف»
في مزيج سينمائي متباين، ما بين فيلم عربي وآخر أوروبي
وثالث أميركي، تُعرض 6 أفلام اليوم وغداً (الأربعاء) في الرياض، في حالة هي
أشبه بعملية التسخين قُبيل بدء جلسات مؤتمر النقد السينمائي، الذي تنظمه
هيئة الأفلام وينطلق مساء الخميس، حيث اختار المؤتمر هذه الأفلام الستة
لعرضها في اليومين التمهيديين اللذين يسبقان المؤتمر الذي سيتضمن حوارات
تحليلية نقدية لبعض الأفلام المعروضة، والتي تستحضر تجارب سينمائية قديمة
تمزجها بأخرى حديثة لتضعها على طاولة التشريح النقدي ضمن حوارات المؤتمر
الأول من نوعه في البلاد.
وتتقاطع هذه الأفلام في مضمونها الذي يتناول الصراع مع
الذات ومحاولات التمرد على الظروف غير المرضية لأبطالها، وهو ما ينسجم إلى
حد كبير مع الشعار الذي اختاره مؤتمر النقد السينمائي «ما وراء الإطار»،
لتأتي عروض هذه الأفلام بمثابة الباكورة لنقاشات النقد السينمائي ومفاهيمه
وتطبيقاته، بحضور المتخصصين، والمهتمين في مجال النقد وثقافة الفيلم،
محلياً وعربياً وعالمياً.
أفلام اليوم الأول جاءت متباينة بشكل كبير، زمنياً
وجغرافياً؛ إذ كانت البداية مع الفيلم المصري «صبيان وبنات» الذي صدر عام
1996، وهو فيلم من إخراج السينمائي الكبير يسري نصر الله، الذي يشارك بجلسة
حوارية سينمائية في حفل انطلاقة المؤتمر، مساء الخميس.
ويبدو هذا الفيلم مختلفاً عن تجربة نصر الله الثرية
سينمائياً؛ لأن «صبيان وبنات» أشبه بالعمل الوثائقي، وخاصة أنه يركز على
آراء الشباب المصري تجاه قضايا شائكة، مثل ارتداء الحجاب والحب بين الجنسين.
كما يشكّل هذا الفيلم مرحلة البدايات للممثل المصري باسم
سمرة، الذي يلعب دور الشخصية المحورية، باعتباره مدرساً يبلغ من العمر 24
عاماً إلى جانب كونه ممثلاً طموحاً في ذاك الحين، وخلال الفيلم يُجري سمرة
حوارات حساسة مع الأصدقاء والعائلة والزملاء، متناولاً العوائق الاجتماعية
والعائلية التي تحد من تحركات الشباب والفتيات في المجتمعات العربية
المُثقلة بالتقاليد والأعراف.
أما فيلم
EO» (2022)»
لمخرجه البولندي جيرزي سكوليموفسكي، فشكّل حالة سينمائية مختلفة تماماً عن
باقي العروض، فالبطل هنا ليس إنساناً، بل حمار، والإبداع يكمن في استنطاق
مشاعر وانفعالات هذا الكائن المتمرد خلال رحلة بحثه عن الحرية ما بين
السيرك والريف والمدينة، بنظرات عميقة وإيماءات فريدة من نوعها تمكن
سكوليموفسكي من استخراجها من الحمار الرمادي صاحب المغامرات اللامنتهية.
الفيلم الذي امتاز بتصويره السينمائي المذهل، هو من بطولة
ساندرا درزيمالسكا، ولورينزو زورزولو، وإيزابيل أوبير، وسبق أن حاز على عدة
جوائز دولية، من أهمها جائزة لجنة تحكيم مهرجان كان السينمائي الدولي في
«الدورة 75»، علاوة على ترشيحه لجائزة «الأوسكار» لأفضل فيلم دولي، مما
يجعل تجربة عرضه ضمن فعاليات مؤتمر النقد السينمائي حالة مختلفة، بالنظر
لفرادة هذا العمل مقارنة بالأفلام الأخرى.
وبعد رحلتين سينمائيتين، الأولى شرق أوسطيّة والثانية
أوروبية، يأتي دور الفيلم الهوليوودي «باربي»، الذي صدر هذا العام وآثار
الكثير من الجدل في أنحاء العالم، فالفيلم الذي تمكن من تحقيق إيرادات
ضخمة، تتناول أحداثه طرد الدمية الشهيرة «باربي» من عالم «باربي لاند»
لكونها دمية غير مثالية، مما يجعلها تغادر إلى عالم البشر بحثاً عن السعادة
الحقيقية.
وهو فيلم من إخراج الأميركية غريتا غيرويغ، كما يعد أول عمل
من إخراج امرأة تتجاوز عائداته العالمية مليار دولار، ما يجعله تجربة
سينمائية لافتة تستحق الوقوف والتمحيص في مؤتمر النقد السينمائي، وخاصة أن
عرض الفيلم يستمر لأكثر من يومين خلال فعاليات المؤتمر.
أما اليوم الثاني لعروض الأفلام فيتضمن عرض 3 أفلام، أولها
الفيلم السعودي «مدينة الملاهي» الذي صدر عام 2020، وهو من إخراج وائل أبو
منصور، ويتحدث عن قصة «مسعود» و«سلمى» اللذين يقومان برحلة في الصحراء من
دون هدف محدد ولا نية للعودة، ثم يتغير مجرى المغامرة بشكل غير متوقع عندما
تتعطل سيارتهما بالقرب من متنزه مهجور، ويتعيّن عليهما مواجهة أنفسهما.
ويعد الفيلم رحلة مدهشة تحيي ذكرى فيلم فيندرز «باريس -
تكساس» (1984). يليه الفيلم السعودي القصير «من يحرقن الليل»، للمخرجة سارة
مسفر الذي صدر في عام 2020، ويحكي قصة الشقيقتين السعوديتين «سلسبيل»
و«وسن» اللتين تكافحان من أجل الاستقلال، إلى أن يتسبب تمرد صغير في حدوث
توتر تتطور معه الأحداث بشكل أكبر أثناء استكشاف أحلامهما وآمالهما معاً في
الظلام.
وسبق أن حصل هذا الفيلم على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في
مهرجان القاهرة السينمائي.
ويأتي الفيلم المصري «ميكروفون» ضمن قائمة العروض، من إخراج
أحمد عبد الله، وصدر في عام 2010، ويتناول قصة الشاب «خالد» الذي يعود إلى
الإسكندرية بعد غياب لسنوات طويلة ليكتشف وجود عالم خفي، يتكون من موسيقيين
وصناع أفلام وفناني غرافيتي، فيقوم «خالد» بمساعدتهم في نيل الشهرة التي
يستحقونها، ومن هنا تختلط تفاصيل حياته الخاصة بما يدور حوله من أحداث.
واللافت في الفيلم الذي حاز العديد من الجوائز والإشادات
النقدية، أنه يسلط الضوء على عوالم تبدو خفية وغير ظاهرة لدى الكثيرين.
تجدر الإشارة إلى أن الأفلام الستة التي تأتي على هامش
مؤتمر النقد السينمائي، ستفتح الشهية للحوارات المباشرة، بين الأسماء
اللامعة في مجالي النقد والإنتاج السينمائي، ومنهم المخرج البرازيلي كليبر
ميندونسا فيلهو، إضافةً إلى وجود جلسات حوارية سيتحدث فيها مجموعة من
الخُبراء عن مختلف الموضوعات، ومن أبرزها جلسة للمخرج يُسري نصر الله.
في حين سيقدم أستاذ الأدب الإنجليزي الدكتور سعد البازعي
مقاربة نقدية بين السينما والرواية، مستعرضاً فيها مفاهيم تجاوز الوهم في
كلا الفنين، بالإضافة إلى الدورات الاحترافية، ومن أبرزها دورة للناقدة
الهندية شوبرا جوبتا التي ستستعرض فيها النقد السينمائي بوصفه مهنة. |