خاص هي – صناع "مندوب الليل":
المهمشون أبطال الفيلم والحكم الأهم للجمهور السعودي
محمد عبد الرحمن
ضمن المسابقة الرسمية للدورة الثالثة من مهرجان البحر
الأحمر السينمائي الدولي لفت الأنظار بشدة فيلم "مندوب الليل" الذي يمكن
اعتباره انعكاسا لنضج واضح وسريع حققته السينما السعودية، الفيلم يتناول
قصة مواطن سعودي "عادي" يعاني من اضطرابات في النوم والتركيز بسبب اضطراره
للعمل في مجالين مختلفين يوميا عقب تعرضه وأسرته لضائقة مالية، من خلال
رحلة البطل "فهد بن ناصر" اليومية الليلية يقدم صناع الفيلم المخرج
والسينارست علي الكلثمي والمؤلف المشارك محمد القرعاوي كواليس شريحة كبيرة
من المجتمع السعودي قلما ظهرت دراميا وسينمائيا .
مجلة هي قابلت الكلثمي والقرعاوي بعد العرض الأول للفيلم
لمعرفة كواليس إنتاج المشروع الذي بدأت كفكرة قبل 6 سنوات كاملة.
اعتبر الكلثمي فترة التحضير للفيلم ليست بالطويلة، ورأها
مبررة لعدة أسباب، أولها أن الأفلام التي تستحق البقاء في ذاكرة الجمهور
تحتاج إلى فترة تحضير طويلة، بجانب أنه كان بحاجة لضمان كل التفاصيل قبل
توقيع شريطه الأول، غير أن ارتباطه بشركة تلفاز 11 كونه أحد مؤسسيها أضاف
على عاتقه مهام متابعة الإنتاج الفني لأفلام الشركة الأخرى مثل الخلاط بلس
وناقة وأغنية الغراب ما جعله يفضل التركيز في فيلمه الأول كمخرج بعد
الإطمئنان على باقي مشروعات الشركة ، مع الوضع في الإعتبار أن تلفاز 11
تميزت بالإنتاج الكوميدي بالتالي الإنتقال لفيلم جاد ودرامي ويقدم
الكوميديا السوداء إذا صح التعبير لم يكن بالقرار السهل بالتالي استحق
الإنتظار والتخطيط
.
علاقة "ليل الرياض" بعمل وشخصية بطل الفيلم
أردف الكلثمي أن فيلم "مندوب الليل" يحتوي على دراما أكثر
وفيه نوعًا من التشويق، وتدور قصته حول شخصية واحدة هى محور الأحداث، لهذا
كان يرغب في التأني وأخذ وقته كاملًا حتى يبدأ فيه، لافتًا إلى أننا مع
الأسف مُعتادين في منطقة الشرق الأوسط على المشاريع السريعة، ولكنه من
الطبيعي جدًا أن يأخذ الفيلم 3 سنوات ليتم إنتاجه في دول أخرى.
أضاف أن اختياره للتصوير في الليل كان لأن ليل مدينة الرياض
فيه حالة من الغموض والرومانسية، مما سيؤثر على الفيلم والشخصية الرئيسية،
ولأن المغامرات تحدث غالبًا في هذه الفترة من اليوم، علاوةً على أن البطل
يعمل في الليل وهذا سيُساعده في ظهور اضطراباته الشخصية، موضحًا أن اختيار
اسم "مندوب الليل" أعطى للفيلم رونقًا خاصًا به.
تابع أن التصوير لمدة 55 يومًا في الليل كان صعبًا، وأتعب
فريق العمل ولكنه كان مفيدًا للبطل الرئيسي الذي جسده محمد الدوخي، لأن هذا
ساعده في ظهور ملامح الإرهاق والإجهاد على وجهه، وهى من سمات الأشخاص الذين
يعملون في أوقاتٍ متأخرة، مما جعل حالته طبيعية وصادقة.
عن اختياره لطاقم العمل قال مخرج مندوب الليل أنه حرص على
مزيج بين الفنانين أصحاب الخبرة الطويلة مثل الفنان محمد الطويان –في شخصية
الأب- الذي كان لهم الحظ في العمل مع قامة هامة مثله، موضحًا أن "الطويان"
مسؤول عن سردية كبيرة في السعودية الفنية، وقام بتقديم عددًا كبيرًا من
النجوم، مُشيرًا إلى أن اختياره للفنانة سارة طيبة كان بسبب صوتها المميز،
ولأنها تستطيع تقديم شخصية الإغواء بشكلٍ لطيف، وأن الفنان أبو سلو من جيل
الفنانين الشباب الذي يتنبأ لهم بمستقبلٍ كبير.
ممثل كوميدي بطلا لمندوب الليل
!
وعن اختياره للفنان محمد الدوخي للقيام بدور البطل على
الرغم من أنه مُمثل كوميدي، أوضح "الكلثمي" أنه صديق لـ "الدوخي" منذ أكثر
من 20 عامًا، ويعلم جيدًا أنه يمتلك قدرات أكبر بكثير مما يُقدمه في
الكوميديا، لافتًا إلى أن ممثلين الكوميديا يستطيعون تقديم الأدوار الجادة
بسبب إمكاناتهم الكبيرة، ولكنهم محصورين فقط في هذه النوعية.
أضاف أنه لا يهتم كثيرًا بحصد الجوائز من المهرجانات، وأنه
يرغب أن يُحب الجمهور فيلم "مندوب الليل" ويحصل على احترامهم له ويرونه
عملًا مختلفًا، مُشيرًا إلى أن عمله كمخرج لا يقتصر فقط مع تلفاز11 ، وأنه
يعمل في كافة النطاقات ولكنه من مؤسسي "تلفاز" ولديه طموحًا كبيرًا يرغب في
تحقيقه معهم، لافتًا إلى رغبته في عرض الفيلم بدور العرض المصرية عن قريب.
وفي نفس السياق، كشف المؤلف محمد القرعاوي، عن كواليس كتابة
فيلم "مندوب الليل"، وأنه شارك في كتابته وتطويره بعد أن وصل عدد النسخ
المُعدلة إلى حوالي 13 نسخة، وأن فكرة الفيلم جاءت له وللمخرج علي الكلثمي
أثناء إحدى التجمعات مع الأصدقاء.
فكرة الفيلم جاءت من هذا الموقف
قال "القرعاوي" أنه كان جالسًا هو ومخرج الفيلم مع عددًا من
الفنانين ونجوم المجتمع الكروي في إحدى التجمعات بمنزل صديق لهم، وحينها
وصل مندوب توصيل وجد نفسه وكأنه يشاهد التلفزيون وسط كل هذا العدد من
الأشخاص المعروفة، ومن خلال نظرة عامل التوصيل للحضور جاءت لهم فكرة فيلم
"مندوب الليل".
أكمل أنهم أرادوا تقديم قصة مختلفة تكسر النمط التقليدي
المعروف عن المجتمع السعودي، والتعبير عن الأشخاص المُهمشين من الطبقات
الاجتماعية والاقتصادية المتوسطة، فعلى الرغم من أن مندوب التوصيل يدخل كل
المنازل ويعلم عن أصحابها معلوماتٍ كثيرة، إلا أنهم يعتبرونه مُهمشًا ولا
دورًا له في حياتهم.
أضاف أن سيناريو الفيلم كان ليلى بامتياز فلم يشهد جملة
"نهار خارجي" الشهيرة في السيناريوهات، وأنهم أرادوا أن يقوموا بسرد القصة
في الليل لأن البطل يُعاني من اضطرابات في النوم بسبب عمله في أوقاتٍ
متأخرة، لافتًا إلى أن تركيزهم على الشخصية الرئيسية فقط على حساب باقي
الشخصيات كان بسبب رغبتهم في عدم تشتيت عقل المُشاهد مع قصصٍ أخرى بعيدة عن
القصة الأساسية.
تابع أنه يُريد توصيل شعور المندوب إلى الجمهور بعد
مشاهدتهم للفيلم، حتى يجعلهم يستقبلونه بعد ذلك ويرونه إنسانًا له قصة
وخلفية وأحداثًا تدور في حياته، فهو بطل قصته على الرغم من تهميش دوره في
قصص باقي من حوله، مُشيرًا إلى أنهم عرضوا السيناريو على طبيب نفسي وأخبرهم
أن شخصية البطل تُعاني من اضطراب القلق العام والرُهاب الاجتماعي، وهذا ما
ظهر في تصرفاته وسلوكياته.
وبسؤاله عن مشاركته في التمثيل خلال الفيلم وتقديمه لشخصية
"أبو سعود"، أوضح "القرعاوي" أنها تجربته التمثيلية الأولى، وأن المخرج هو
من أخبره بأنه مناسبًا لهذا الدور، ولكنه كان خائفًا من خوض التجربة
وأحضروا مُمثلًا آخر ولكنه أعتذر قبل بداية التصوير لهذا قام هو به في
النهاية.
أردف أنه يتمنى أن ينال الفيلم إعجاب الجمهور كما أعجبهم في
مهرجان البحر الأحمر السينمائي، ومهرجان تورنتو وآخرين في الهند وإيطاليا،
لافتًا إلى أن الجمهور الحقيقي لـ "مندوب الليل" لم يُشاهده حتى الآن،
فجمهور المهرجانات جمهورًا متذوقًا للفن ومختلف عن المُشاهد العادي،
مُتمنيًا أن ينال القبول في المجتمع السعودي.
يُذكر أن فيلم "مندوب الليل" يُشارك في المسابقة الرئيسية
لمهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الـثالثة، والتي بدأت في 20
نوڤمبر الماضي، وتستمر حتى 9 ديسمبر الجاري.
الفيلم من بطولة الفنان محمد الدوخي، والنجم القدير محمد
الطويان، وسارة طيبة والوجه الجديد هاجر الشمري، ومحمد القرعاوي والطفلة
أماني السامي وأبو سلو في دور سلطان اللويحي، من تأليف علي الكلثمي ومحمد
القرعاوي، وإخراج علي الكلثمي، وإنتاج ستوديو تلفاز 11. |