المخرجة لينا سويلم تتناول ذاكرة عائلتها وجذورها وبلدها من
خلال فيلم وثائقي يفتح آلام الماضي ويتخذ نقطة البداية من النكبة
الفلسطينية.
مراكش (المغرب)- عُرض
فيلم وثائقي يستعيد محطات رئيسية في حياة الممثلة الفرنسية – الفلسطينية
هيام عباس ضمن فعاليات الدورة العشرين لمهرجان مراكش الدولي للسينما حيث
يشارك في المنافسة، وقد لقي صدى لافتا على خلفية الحرب في قطاع غزة.
الفيلم تحكي فيه هيام عباس عن الذكريات التي عاشتها رفقة
والدتها وأخواتها السبعة في بلدها الذي هجرته منذ ثلاثين سنة لتحقيق حلمها
بأن تصبح ممثلة، قبل أن تعود إليه رفقة ابنتها، وتستذكر مختلف الأماكن التي
كانت تتردد عليها من خلال أرشيف غني من الصور والفيديوهات.
ووسط تصفيق حار، هتف الجمهور المغربي الحاضر بعبارة “تحيا
فلسطين” بعد عرض فيلم “باي باي طبريا” الذي أخرجته ابنة هيام عباس الفرنسية
– الجزائرية لينا سويلم.
والفيلم الوثائقي “يفتح آلام الماضي” ليعكس الخيارات
الحياتية الصعبة التي تواجهها هيام عباس ونساء من عائلتها، متخذاً نقطة
البداية من النكبة الفلسطينية وقيام دولة إسرائيل عام 1948 وما رافقها من
تهجير ونفي.
وعبر الفيلم (82 دقيقة)، وهو من إنتاج مشترك (فلسطين،
فرنسا، بلجيكا، قطر)، تسرد الأم لابنتها عن ذاكرة العائلة وجذورها وبلدها،
وتبرز دور العائلة في تقوية الروابط الهوياتية التي تجمع المرء المغترب
ببلده.
وقالت لينا سويلم إن “القصص التي ترويها هاتيك النسوة في
هذا الفيلم لا تتمحور فقط حول تناقل بين امرأة وأخرى، أو من ابنة إلى أمها،
أو من أم إلى ابنتها”، بل إنها “تنقل قصة أشخاص محرومين من هويتهم”.
وقد هُجّرت عائلة هيام عباس قسرا عام 1948 من طبريا إلى دير
حنا، على بعد حوالي ثلاثين كيلومترا إلى الشمال الغربي، وهو ما يرويه
الفيلم من خلال العديد من الأرشيفات الشخصية.
وشرحت سويلم أن الفيلم اعتمد على أرشيف من الصور، لأن
والدها كان مصورا في فترة التسعينات، ولأن الأمر يتعلق بأرشيف غني ويحكي عن
فترة تاريخية مؤثرة ومهمة بالنسبة إليها.
هيام عباس، المولودة عام 1960 في شمال إسرائيل، هاجرت في
ثمانينات القرن العشرين إلى لندن ثم إلى باريس، مدفوعة برغبتها في دخول
مجال السينما.
وأدت عباس أدوارا كثيرة خلال مسيرتها الطويلة، أبرزها في
“العروس السورية” 2004، و”ميونخ” لستيفن سبيلبرغ 2005، وفيلم “الجنة الآن”
للمخرج هاني أبوأسعد عام 2005 والمسلسل الأميركي “ساكسيشن”.
وأضافت لينا سويلم “نحارب محو الهوية من خلال قصصنا، وهذه
الصور تشكل دليلا على وجودٍ يتم إنكاره”، لافتة إلى أنها تفكر “في سكان غزة
الذين هم في الواقع أبناء وأحفاد اللاجئين الفلسطينيين، الذين يحاولون مثل
سائر البشر أن يجدوا مكانا لهم في العالم”.
وكان لعرض الفيلم المقرر طرحه في صالات السينما الفرنسية
خلال الربيع المقبل، والذي يمثل فلسطين في المنافسة على جائزة أوسكار أفضل
فيلم دولي لعام 2024، وقع خاص في مراكش بفعل توقيته بموازاة الحرب بين
إسرائيل وحماس في قطاع غزة.
وقالت عباس لجمهور المهرجان المستمر حتى الثاني من ديسمبر
المقبل “لقد قلتُ لنفسي إنه لا ينبغي أن أكون عاطفية أكثر من اللازم، ولكن
من الصعب علينا، نحن الفلسطينيين، ألا نكون كذلك”.
ومن الأمور اللافتة خلال الدورة العشرين، إلغاء العروض
التقليدية في ساحة جامع الفنا، بسبب الرغبة في تنظيم فعالية “رصينة بلا
احتفالات” بسبب حرب غزة، بحسب المنظمين.
وقد ألغى المخرج الأميركي مارتن سكورسيزي مشاركته المقررة
أساسا في المهرجان هذا الأسبوع “لأسباب شخصية”، بحسب المصدر نفسه.
يذكر أن الفيلم “باي باي طبريا” يتنافس على النجمة الذهبية
لدورة هذه السنة إلى جانب 13 فيلما، هي: “بانيل وأداما” لراماتا – تولاي سي
(فرنسا، السنغال، مالي)، و”مدينة الرياح” لخاكفادولام بوريف – أوشير
(فرنسا، منغوليا، البرتغال، هولندا، ألمانيا، قطر)، و”ديسكو أفريقيا” للوك
رازاناجاونا (فرنسا، مدغشقر، موريشيوس، ألمانيا، جنوب أفريقيا)، و”المهجع”
لنهير تونا (تركيا، ألمانيا، فرنسا)، و”نزهة” لأونا كونجاك (البوسنة
والهرسك، كرواتيا، صربيا، فرنسا، النرويج، قطر)، و”كذب أبيض” للمخرجة أسماء
المدير (المغرب، مصر، السعودية، قطر).
كما تتنافس على جوائز هذه الدورة أفلام “عصابات” لكمال
الأزرق (المغرب، فرنسا، بلجيكا، قطر، السعودية)، و”عالمنا” للوانا باجرامي
(كوسوفو، فرنسا)، و”الابن الآخر” لخوان سيباستيان كويبرادا (كولومبيا،
فرنسا، الأرجنتين)، و”سجن في جبال الأنديز” لفيليبي كارمونا (تشيلي،
البرازيل)، و”الهدير الصامت” لجوني بارينكتون (المملكة المتحدة)،
و”الحصيلة” لكارولينا ماركوفيتش (البرازيل، البرتغال)، و”يوم الثلاثاء”
لداينا أو. بوسيتش (الولايات المتحدة، المملكة المتحدة).
وإلى جانب أفلام المسابقة الرسمية، تشهد هذه الدورة من
المهرجان التي تتواصل إلى غاية 2 ديسمبر المقبل تقديم أفلام في إطار أقسامه
الأخرى، وهي “العروض الاحتفالية” و”العروض الخاصة”، و”القارة الحادية
عشرة”، و”بانوراما السينما المغربية”، و”سينما الجمهور الناشئ”، علاوة على
لقاءات مع شخصيات سينمائية عالمية.