عودة مفاجئة للجونة السينمائي تعوض ضعف المهرجانات المصرية
أحمد جمال
المهرجان يدعم الحضور المصري في منافسة فعاليات عربية جديدة.
تشهد السينما المصرية العديد من المشاكل من بينها تراجع
مستوى المهرجانات التي تشكو بدورها من ضعف التمويل الرسمي مما قيد نشاطها
واستقطابها لأفلام مهمة وذات جدوى. وهو ما جعل الإعلان عن عودة مهرجان
الجونة السينمائي يحيي الآمال بتعزيز المنافسة المصرية بين المهرجانات
العالمية والعربية ويعوض الضعف الحاصل في المهرجانات المحلية.
القاهرة
- يؤكد
إعلان العودة المفاجئ لمهرجان الجونة السينمائي بعد توقفه في دورته السابقة
والحديث عن إلغائه بشكل نهائي وجود حاجة ليلعب القطاع الخاص دورا بارزا في
تطوير صناعة السينما الفترة المقبلة عقب تراجع الدعم الحكومي المقدم
للمهرجانات والفعاليات الفنية في ظل سياسات التقشف، والتي كانت سببا رئيسيا
لضعف أغلبها وعدم قدرتها على التأثير أو المنافسة مع مهرجانات عربية وليدة.
أشارت إدارة المهرجان، والذي يرأسه رجل الأعمال المصري سميح
ساويرس، الأربعاء إلى انطلاق فعاليات الدورة السادسة في منتجع الجونة المطل
على ساحل البحر الأحمر في أكتوبر المقبل، وهو ما استقبلته الأوساط الفنية
بالمزيد من الارتياح بعد أن حقق المهرجان في دوراته السابقة نجاحات مهمة
وانتشارا جعله إحدى الأدوات المهمة للقوى الناعمة المصرية.
وقال ساويرس إن المهرجان فعالية فنية وإبداعية وسينمائية
مهمة في المنطقة، ويلتزم برعايتها حتى تستمر في المساهمة في تعزيز مشهد
صناعة الأفلام، محليا وإقليميا وعالميا، وأن خطته المستقبلية تقوم على أن
يصبح مهرجان الجونة موطنا لأكثر المهرجانات الثقافية البناءة في المنطقة،
في إصرار واضح على خوض المنافسة مع المهرجانات التي ظهرت مؤخرا وبدأت تحقق
حضورا لافتا.
رامي المتولي: عودة
المهرجان لها أبعاد سياحية ترتبط بالتسويق لمنتجع الجونة
ولم يتوقع الكثير من النقاد أن يعود الجونة بهذه السرعة بعد
توقفه لعام واحد فقط، بعد الاتهامات التي طالته من دوائر محسوبة على
الحكومة في عقب تصميم إدارة المهرجان في الدورة الأخيرة له على عرض فيلم
“ريش” الذي أثار زوبعة بسبب موضوعه الذي يغوص في أزمات المناطق العشوائية
في القاهرة، ولذلك جرى الربط بين التوقف وبين الفيلم، ما جعل الأمر يصل إلى
إمكانية الإلغاء تماما.
وبدأ الاستعداد لانطلاق الدورة الجديدة في بداية العام
الجديد، وهو أمر لم يحدث هذا العام، وزادت القناعة بأن الدورة الجديدة لن
تنعقد قبل الإعلان الرسمي عن العودة.
ويتخوف نقاد من إمكانية عدم ظهور هذه الدورة بالشكل المعهود
عليه مع تعيين مدير تنفيذي جديد للمهرجان، وهو المنتج الفني وبطل الإسكواش
السابق عمرو منسي خلفا لأمل المصري التي شغلت المنصب في الدورتين السابقتين.
وتخدم عودة المهرجان أطرافا مختلفة، لأن القائمين عليه
لديهم رغبة في استمرار أدوارهم الثقافية والفنية والمساهمة في تطوير صناعة
السينما والاستفادة من موقع انعقاد المهرجان بمنتجع الجونة الذي يملكه سميح
ساويرس.
كما يثقل المهرجان قوة الحضور المصري في منافسة المهرجانات
الدولية والعربية المنافسة، ما يخدم صناعة السينما التي تواجه عثرات عديدة
في الوقت الحالي.
محمد رفعت: عودة
المهرجان مكسب للسينما التي تعاني مشاكل عديدة
ويشكل تراجع المهرجانات التي تشارك فيها وزارة الثقافة عبر
تقديم الدعم لها الحاجة إلى فعالية تدعم مهرجان القاهرة السينمائي باعتباره
أكبر المهرجانات المصرية وأقدمها، خاصة أن الدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة
لم تحقق المرجو منها، وجاءت أضعف من دورات سابقة، وبدت فاقدة للدعم المادي
والمعنوي.
وانطلق مهرجان الجونة السينمائي في العام 2017 من خلال تبني
المهندس نجيب ساويرس (شقيق سميح) بالتعاون مع الممثلة والمنتجة بشرى رزة
وعمرو منسي، والمنتج السينمائي كمال زادة، ورأس فريق مهرجان الجونة
السينمائي مديره العراقي انتشال التميمي الذي يثري المهرجان بخبرته وإلمامه
بالمشهد السينمائي محليا ودوليا.
وكان التميمي قد صرح بأن إدارة المهرجان قررت “بعد خمس
دورات ناجحة التوقف بعض الوقت لإعادة تقييم البرنامج واستكشاف كل الخيارات
الممكنة، والتفكير في ما سيدفع المهرجان للأمام، والآن نعود ممتلئين
بالطاقة والإلهام للعب دورنا في تطوير صناعة السينما في المنطقة”.
وأشار الناقد الفني رامي المتولي إلى أن إعلان عودة
المهرجان بدد الأحاديث الجانبية في الوسط الفني حول أسباب توقفه، وأن
العودة تتماشى مع ما أعلنه المهرجان العام الماضي حينما أفصح عن تأجيل
دورته وليس الإلغاء، وأن العودة السريعة مفاجئة مع عدم التطرق لإمكانية
تنظيمه مرة أخرى طيلة الأشهر الماضية.
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن المعلومات المتوافرة تشير إلى
إمكانية إرجائه مرة أخرى لضيق الوقت، غير أن الرأي النهائي استقر على
إقامته مع النجاح الذي حققته الدورات السابقة ووصول تأثيره إلى المهرجانات
المنعقدة في دول مجاورة.
مهرجان الجونة خلق حالة من التنافسية بين المهرجانات
المحلية التي أضحت أكثر حرصا على جذب أفلام قوية لعرضها
وخلق مهرجان الجونة حالة من التنافسية بين المهرجانات
المحلية التي أضحت أكثر حرصا على جذب أفلام قوية لعرضها وأن صراع المبرمجين
كان على أشده مع انطلاق أولى دوراته، وحاولت مهرجانات قديمة إثبات نفسها،
بما انعكس على جودة بعضها قبل أن تتأثر بتراجع قيمة الجنيه وعدم قدرتها
إنفاق ميزانيات ضخمة.
وأوضح المتولي أن عودة المهرجان لها علاقة بأبعاد سياحية
ترتبط بالتسويق لمنتجع الجونة وإحداث حالة من الانتعاش في ظل توجهات عامة
للدولة المصرية تستهدف مضاعفة عوائد السياحة وتحقيق الاستفادة الاقتصادية
منها، ما يحقق أهدافا أخرى تخدم جذب أكبر عدد من الرعاة للمهرجان وما ينجم
عنها من مكاسب تسويقية وفنية.
وتنقسم المهرجانات الفنية المصرية إلى نوعين، الأول يشمل
المهرجانات التي تنظمها الحكومة ممثلة في وزارة الثقافة وتتولى مهمة
تنظيمها وتمويلها بشكل كامل، مثل مهرجان القاهرة السينمائي الدولي،
والإسماعيلية للسينما التسجيلية والقصيرة.
والنوع الثاني تنظمه مؤسسات المجتمع المدني وتدعمه الحكومة
ماديا بنسب معينة، وتلتزم وزارة الثقافة المصرية بتوفير دعم مالي لمهرجانات
مؤسسات المجتمع المدني لكن تراجعت أهميتها نتيجة فروق سعر الصرف وأصبحت
إدارات المهرجانات مطالبة بتعويض هذا الفارق من خلال الرعاة، وهو أمر أشبه
بالمستحيل في الوقت الحالي.
ودائما ما تضع المهرجانات التي تنظمها مؤسسات المجتمع
المدني أهدافا تتعلق بنشر الثقافة السينمائية ولا تضع في اعتباراتها
الأهداف التسويقية التي يستهدفها مهرجان الجونة وبالتالي فإنها لا تحصل على
ميزانيات ضخمة تمكنها من إقامة فعاليات قوية.
وذكر الناقد الفني محمد رفعت أن الدعم الحكومي لا يشكل
محددا رئيسيا لإقامة المهرجانات من عدمه، وما تقدمه وزارة الثقافة جزء بسيط
من إجمالي التكلفة، وأن القدرة على الاستمرارية ترجع إلى الحرص على قوة مصر
الناعمة التي تستطيع إنجاح العديد من المهرجانات باعتبار أن الفنانين
والفنانات يحلون ضيوفا دائمين على أغلب الفعاليات العربية، ويساهمون بشكل
كبير في انتشار المهرجانات المحلية.
أحد أهم المهرجانات في المنطقة العربية
وأكد في تصريح لـ”العرب” أن عودة مهرجان الجونة تشكل مكسبا
كبيرا لصناعة السينما التي تعاني من مشكلات عديدة، وتشير إلى حتمية دعم
الأدوار الثقافية لرجال الأعمال مع اتجاه عائلة ساويرس نحو تدشين مهرجان
آخر للموسيقى مؤخرا، لافتا إلى أن التوقف العام الماضي جاء بسبب بعض
الحملات التي طالت المهرجان والقائمين عليه جراء الحديث الكثيف عن أزياء
الفنانين، وهو ما كان محل استياء من جانب منظميه، لأنه كان قاسيا ومتجاهلا
لما يجري في هذا النوع من المهرجانات.
واضطرت إدارة مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية مؤخرا إلى
إعادة توزيع موارده كي تتمكن من عقد الدورة التي اختتمت أعمالها بمحافظة
الأقصر (جنوب مصر) قبل أيام، واكتفت بدعوة النقاد وطواقم العمل في الأفلام
المشاركة وضيوفه من المبدعين مع خفض عدد المدعوين والاستغناء عن دعوة
الوفود الإعلامية والصحافيين، مع تراجع وزارة الثقافة عن تحمل تكاليف سفرهم.
وألمحت إدارة مهرجان الإسكندرية للأفلام القصيرة التي
اختتمت أعمال دورته التاسعة قبل أيام إلى إمكانية عدم إقامة الدورة
المقبلة، في حال عدم الحصول على الموارد الكافية لإقامتها، بما يجعله قادرا
على التقدم في كل عام.
صحافي مصري |