ضمن ورش وندوات الدورة الثالثة من مهرجان البحرين السينمائي
الذي اختتم مؤخرًا، قدم المخرج والشاعر السعودي القدير أحمد الملا مؤسس
ومدير مهرجان أفلام السعودية ومهرجان بيت الشعر، ونائب رئيس مجلس إدارة
جمعية السينما، ندوة حول “السينما الشعرية“ بحضور عدد كبير من صناع الأفلام
وعدد كبير من الفنانين والمخرجين من داخل وخارج المملكة في مقدمتهم الفنان
الأردني منذر الرياحنة، والفنان الكويتي عبدالله الطراروة، والناقد
عبدالستار ناجي والمخرج نواف الجناحي وعدد من الضيوف والصحافة والسوشال
ميديا لأهمية الندوة والضيف الذي تحدث حول مصطلح “السينما الشعرية”
وتعريفه، وحول أبرز اللقطات الشعرية في السينما، إضافة للنقاش حول مواضيع
مختلفة في السينما وصناعتها وتقدمها وكيف نقدم الشعر في الأفلام بإدارة
رئيس قسم الثقافة والمنوعات الزميل طارق البحار.
وقال الملا إن السينما الشعرية هي الأحاسيس التي تنقلها لنا
الكاميرا من خلال المشاهد اللامتناهية ذات الأحاسيس والأفكار التي نعيشها
في داخلنا بكل إحساس، فكل لقطة من لقطات الفيلم الشاعري تعبر عن دلاله،
وأكد في بداية ندوته أن من أسباب ابتعاد السينما عن الأعمال الشعرية
والأدبية هو غياب التخطيط الذي يحتاج إليه صانع الأفلام لكي يكتمل مثلث
الإنتاج لكي ننتج أفلام مبنية مع جزيئات من الشعر، في حال توافرت أضلع هذا
المثلث من العناصر التي تقدم الفيلم، المبنية على أساس فهم معنى الشعرية في
الأفلام، وذكر أن السينما الشعرية ليست أدبًا ولا شعرًا، بل هي تجريد مختلف
تمامًا، منفصل عن عالم السينما السينمائية.
الشعر الذي له شكل محدد من المعنى الشعري، ليس عملًا
خياليًا بقدر ما هو شعر، وبدلًا من ذلك فهو يتضمن استكشاف طرق بديلة
للتعبير عن معانٍ تتجاوز ما يتم التعبير عنه بواسطة الوسيط. ولهذا السبب
فإن “الشعرية” ليست شكلًا من أشكال الشعر، بل هي شكل من أشكال البحث الذي
يتجاوز التساؤل التقليدي الموجود في الحياة. ومن لا يعترف بالشعر في الحياة
مع مرور الزمن يصبح جمادًا.
وقال الملا في الندوة التي أقيمت في شركة البحرين للسينما
”سينيكو“ إن تاريخيًا منذ طرحها في أوروبا في خمسينيات القرن الماضي،
ارتبطت السينما الشعرية بأسلوب غير قياسي أو عملي، وبقدرة جديدة على ترك
الجمهور في حالة من الرهبة، وتسليط الضوء على زاوية مظلمة مخفية لم يتوقعها
أحد. إن المادة الشعرية التي هي موضوع متكرر في كل من الفن المعاصر
والفنون، وكذلك في المسرح.
وذكر الملا أنه تتجلى الأمزجة المستوحاة من الشعر في العديد
من الأعمال السينمائية بشكلها العام، وكثيرًا ما تظهر في الأفلام خلال
العصور المختلفة، بمختلف الفئات مثل المأساة أو الكوميديا أو الفيلم
الوثائقي، المضمنة في تصنيفها.
تثير هذه الأعمال حس السينما الشعرية بهذه الأعمال، وهذا
الموضوع فريد من نوعه، لأنه يدخل في حدود الأفلام الشعرية وهي الأعمال التي
تدور أحداثها بالمعنى الحرفي للعنوان ويجب أن تكون قد كتبت بهدف تعزيز
العظمة الشعرية، أي أن القصة يجب أن تستلهم الخيال الشعري وقصصه من الحياة
التي نعيشها جميعًا.
وأشار إلى مايازاكي، وهو مخرج سينمائي ياباني قدير، يظهر
شعره في جميع أعماله المتحركة، مؤكدًا أهمية “الشعرية” في سياق “الرسوم
المتحركة” لأنها توفر مستوى من الخيال يقوض مبادئها الإبداعية الخاصة.
وشدد على أنه يجب على كل الحاضرين أن يقدموا أعمالهم
بأسلوبهم وطريقتهم، وعلى كل من يقدمها أن يفعل ذلك، ولا ينبغي أن ينجرف
الشخص فقط بخياله بعيدًا عن الشاعرية التي هي جزء من حياتنا.
وأشار الملا إلى أن الإنتاجات السعودية تتبنى نهجًا متنوعًا
في السينما الشعرية، ما يبرز ذوقها في الأعمال الشعرية، وتدمج الأفلام
السعودية والأفلام القصيرة السينما الشعرية في إنتاجاتها، حيث توفر الأفلام
القصيرة فرصة للمغامرة والتجربة، وغالبًا ما تستكشف الثقافات والأنواع
الأخرى.
وقال في فيلم ”رقم هاتف قديم“ مثلًا جسد إيقاع ”السينما
الشعرية“، حيث ابتكر مخرجها مشاهد تذكرنا بشعر مظفر النواب.
السينما الشعرية
جاءت السينما لتحمل على عاتقها مسؤولية الحفاظ على ذاكرة
الشعوب وليس فقط ترفيهها، وتوثيق الحقائق والأزمنة بالصوت والصورة وتجسيد
المشاعر والأحاسيس، وتسجيل التاريخ اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا
وتراثيًا، علاوة على تفعيل جودة الحياة.
خلال المؤتمر، ثمّن الملا، الشراكة الثقافية الممتدة بين
جمعية الثقافة والفنون بالدمام، ومركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي
(إثراء) مشيدًا بدور هيئة الأفلام في المساندة العميقة والأصيلة لجهود صناع
الأفلام السعوديين،
وحسب الملا فإن مهرجان أفلام السعودية اختار في دورته
الثامنة محورًا مهمًا، وهو السينما الشعرية، حيث يسلط الضوء على تيار صاغ
الدهشة بصريًا، برمزية جمالية، ودلالات فلسفية، تحفز الخيال الإبداعي، وقد
اتخذ المهرجان من موضوع السينما الشعرية هويته البصرية، بالإضافة إلى أنه
قدم كتبًا شعرية وأدبية في المهرجان بأقلام المتخصصين.
وقال إن مهرجان أفلام السعودية اختار المهرجان في دورته
الثامنة السينما الشعرية كمحور مهم، حيث يسلط الضوء على تيار صاغ الدهشة
بصريًا، برمزية جمالية، ودلالات فلسفية، دلالات ورموز تحفز
الخيال الإبداعي. |