في حوار مع المخرج الكبير فيصل الياسري:

السينما صناعة والصناعة تحتاج الى تمويل لينتج منتجاً والمنتج يجب أن يجد سوقاً

حاوره - عبد العليم البناء

·      (بغداد حلم وردي) الفيلم المظلوم الذي أثيرت ضده مواقف سلبية أغلبها من زملاء المهنة!

·      أعدت سرد الأحداث والقصص والموضوعات بطريقة حديثة وأنجزت أعمالي دون (فذلكات) صورية..

·      إصدار (السينمائي) في هذه الظروف وبمحتوى متنوع يعد مهمة ممتازة

لعل الفنان القدير والمخرج الكبير فيصل الياسري يختلف كثيراً عن أقرانه، فهو مبدع شامل مارس مختلف فنون الإبداع شعراً وقصة ورواية وإخراجاً وتمثيلاً وسيناريست من الدرجة الأولى، في السينما (وثائقي، قصير، روائي)، والتلفزيون (دراما وبرامج)، فضلاً عن مهام قيادية متنوعة عراقية وعربية، كما خاض غمار الصحافة والترجمة وأصدر أكثر من مؤلف في فنون الإعلام، وتكللت هذه المسيرة الإبداعية الشاملة بنجاح مبهر ومثير للانتباه فاق حدود الوصف، ومازال متوقد الذاكرة والعطاء اللامحدود دون أن تتعبه - أطال الله في عمره - سنواته التي جاوزت الثمانية عقود بسبعة أعوام. الياسري المولود بريف مدينة المشخاب في محافظة النجف الأشرف عام 1933م، عمل في الصحافة عام 1948م، وأصدر المجموعة القصصية (في الطريق)، ورواية (كانت عذراء) عام 1952. قبل أن يتوجه للسينما، حصل على إمتياز في فن الإخراج والإعداد التلفزيونيين من فيينا، وعمل عام 1958م في تلفزيون بغداد كما عمل للمدة من 1962-1959 مخرجاً في تلفزيون ألمانيا الديمقراطية. وفي أواخر عام 1965م، عمل في التلفزيون والسينما السورية والسينما اللبنانية، وفي العراق أخرج عدداً من الأفلام السينمائية التسجيلية والوثائقية والروائية والأعمال التلفزيونية وساهم في تأسيس تلفزيون العراق وبغداد الثقافي.

وفي حوارنا معه، نحاول في إطار هذا الملف المكرس له بإعتباره أحد أعمدة السينما العراقية والعربية، التوقف عند بعض من محطاته السينمائية:

يقول الياسري عن أولى مراحل عمله في السينما: "بعد تجربة طويلة في إطارالتلفزيون العراقي ومن ثم في التلفزيون السوري، سعيت في كليهما الى بناء القدرات فيهما استناداً الى تجربتي ودراستي في فيينا والمانيا الديمقراطية، أخرجت أول فيلم روائي طويل في سوريا) الرجل 28126) المأخوذ عن رواية للكاتب سعيد حورانية، وبعد إنجازي له إستقلت من التلفزيون السوري وتفرغت للعمل الخاص الذي كانت له ميزة كبيرة، نعم كانت هنالك مؤسسة السينما السورية ولكن القطاع الخاص في سوريا ولبنان آنذاك كان نشطاً جداً، وأصبح الإنتاج السينمائي إستثمارياً وهنالك سينمات كثيرة ومشاهدون وتوزيع للأفلام، ولم يكن التلفزيون منتشراً مع جمهور كبير للسينمات، ومع حدوث نوع من الركود في الإنتاج السينمائي المصري، إنتقل كثير من السينمائيين المصريين والمخرجين والمنتجين الى سوريا ولبنان، فأصبحت فرص الإنتاج السينمائي في سوريا ولبنان كبيرة، وهكذا أتيحت لي الفرصة في تلك السنوات المحدودة أن أخرج 12 أو 14 فيلماً روائياً طويلاً عرض معظمها بنجاح في السينمات السورية والمصرية واللبنانية، وكانت هنالك سوق للأفلام تعرض على (الفيديو كاسيت) في السعودية لأن التلفزيون السعودي كان لايعرض إعلانات، كما تأسست حركة أسموها (أفلام المقاولات) حيث يكلف المقاولون بعض المنتجين المصريين والسوريين واللبنانيين بإنتاج أفلام بسيطة منخفضة الكلفة لكي يضعوا فيها الإعلانات".

 ويضيف موضحاً تجربته مع السينما السورية: "إستفدت من هذه التجربة بالإطلاع على أساليب عمل القطاع الخاص والإنتاج والتوزيع وإيجاد الأسواق والإهتمام بالممثل وبالترويج للأفلام، حيث كانت الصحف والإعلانات عن الفيلم تصل الى الناس أثناء تصوير الفيلم وقبل عرضه، فالجمهور كان مستعداً لهذا العمل قبل أن يظهر، وكان هناك نجوم كبار ساعدوا على رواج الفيلم السوري مثل دريد ونهاد (غوار الطوشة وحسني البورظان)، وكان لي عمل إخراجي مهم لهما يعرض لغاية الآن هو مسلسل (حمام الهنا)، وكتبت لهما سيناريو فيلمين (مقلب من المكسيك) و(المزيفون)، وكنت أخرج ثلاثة أو أربعة أفلام في العام فأتعلم وأستفيد من تجربتي مع الممثل والمصور والإضاءة والديكور والموسيقى والمونتاج والتوزيع والترويج وقيادة الممثل، على عكس إخراجي فيلماً واحداً كل أربع أو خمس سنوات، وهكذا تحولت من مخرج موظف في التلفزيون السوري الى مخرج سينمائي".

وعن تجربته في السينما العراقية يقول :"عام 1976 جئت الى العراق بعد غياب حوالي 10 أعوام وقدمت مشروع فیلم (الرأس) الذي أخذت قصته من الصحافة، عن حادثة واقعية لعصابة دولية مع عناصر سورية ولبنانية سرقوا رأس الملك سنطروق من مدينة الحضر، وقدمت السيناريو ووافقوا على إنتاجه كأول فيلم للمؤسسة العامة للسينما والمسرح، قبل ذلك كانت هناك مصلحة السينما، وجمعت فيه حوالي 90 شخصاً من العاملين في المؤسسة والتلفزيون وعناصر من القطاع الخاص وممثلين عراقيين وأيضأ سوريين ولبنانيين، لأن أحداث الفيلم تدور في العراق وسوريا ولبنان، وبعد ذلك أخرجت فيلم (النهر) عن رواية (النهر والرماد) لمحمد السبع، وهو من الأفلام الواقعية جداً والتي تدور أحداثها في أماكنها الحقيقية وفي البيئة نفسها وليس فيها ديكورات وليست فيها أماكن افتراضية، عن مجموعة من الصيادين ومستغلي الصيادين وقمت بتصوير الأحداث كلها في منطقة المدائن (طاق کسری)، وفي آخر يوم من تصوير الفيلم يوم  7/7/1977أستدعيت للعمل في البرنامج التلفزيوني الكبير (إفتح ياسمسم) وأصبحت رئيس المخرجين ورئيس المنتجين له.

ويستطرد الياسري فيوضح: "وأثناء إنتاج (إفتح ياسمسم) التي تمتد من1977- 1990 لم أترك السينما حيث أخرجت عملين (القناص) 1979 و(بابل حبيبتي) 1986، وأخذت إجازة لأنجز عملي، وتم تصويره في 22 يومأ بمدة تحضير شهر ونصف الشهر، بالرغم من أن الأحداث جميعها تدور في بيروت، ببيئ  جديدة وممثلين أغلبهم كانوا لبنانيين وبعض العراقيين الذين مثلوا شخصيات لبنانية. وأيضا الفيلم الرابع (بابل حبيبتي) وهو إنتاج عراقي مصري مشترك وتدور أحداثه خلال مهرجان بابل الدولي للفنون، وضمن الأحداث الحقيقية الممثلون يتحركون بتعليمات مسبقة لأن الآلاف من الناس كنت أريدهم أن يكونوا الإطار أو الكومبارس المكملين للحدث الذي يقوم به الممثلون، فكانت هذه التجربة تتطلب نوعا من القيادة لأننا كنا نصور سينما وبثلاث كاميرات ولانستطيع أن نعيد المشاهد، واستعنت أيضا بفريق من الفنيين وكان المصور طارق التلمساني مديراً للتصوير وكان مساعدي الأول مجدي محمد علي وهوالآن أحد المخرجين المصريين المهمين وغيرهما.

 وعن الفارق بين التجربتين السورية والعراقية سألته فأكد: "كان المنتج السوري يحافظ على راحة العاملين والمصورين وعدم إزعاجهم وتوفير طلباتهم، لذلك كان يعمل مع المنتجين أشخاص واجبهم توفير وتسهيل عمليات الإنتاج، فراحة المنتج  والعاملين في العملية الإنتاجية مهمة جداً، وهذا سیاق عام فلا يجوز لمنتج يعمل على ذلك وغيره لا يعمل، ولدينا مثلا يشتكي أحيانا العاملون في فيلم عراقي، قديماً أو حديثاً، من قصور في توفير الأشياء الضرورية فهناك دائما في الفيلم اللبناني أو السوري أو المصري متخصص في الماكياج، والملابس، والكافتيريا، والطعام، والمواصلات، وهذه ليست متوفرة دائماً عندنا، وهناك التنظيم والترويج الجيد للأفلام، إذ من المهم جداً إختيار العناصر السينمائية التي تؤدي الى ترويج الفيلم وإقبال الناس عليه".

قلت له فيلم (بغداد حلم وردي) كان آخر أفلامك الروائية فماذا عنه ولماذا حصل لغط كثير حوله؟ فقال بحسرة طويلة: " نعم إنه الفيلم المظلوم الذي تعرض الى كثير من العرقلات والإتهامات، وهو فيلم مهم يتحدث عن فترة الإحتلال، عبر قصة أربع نساء يرفضن ترك بغداد لتعلقهن بها جدا، وأنتج في أماكن الأحداث الحقيقية حسب وصف الكاتبة ميسلون هادي، وزارني والدها وقال لي بأن هذا الشارع هو نفسه الذي تحدثت عنه ميسلون هادي في روايتها (حلم وردي فاتح اللون). وأنتج لمناسبة بغداد عاصمة الثقافة العربية، وتقصدت أن أبحث عن رواية لكاتبة عراقية وليس لكاتب وأن تكون الرواية هي أساس السيناريو الذي أكتبه، والأحداث تدور فيها عام 2008، حيث الأمريكان عندها كانوا يجوبون الشوارع بدباباتهم فأردت أن أظهر هذا الموقف ببغداد، ليكون أنشودة لبغداد".

وأضاف: "أثيرت ضد الفيلم مجموعة من المواقف السلبية، ومع الأسف أقول أغلبها من زملائنا في المهنة، بعضهم فسر ذلك أنه حسد لأني أنجزت فيلمي بمدة زمنية محددة وبميزانية واضحة وبعناصر مهمة وجهزته للعرض في وقته المطلوب وحققته حسب ما أراه، فخلقوا أول شيء أسطورة تقول أن الفيلم يمتدح النظام السابق، وهذا طبعاً أكبر كذبة وإفتراء ودجل وسخف، لأنه ليس في ذلك أي شيء، والمنطق يقول أن السيناريو المكتوب للفيلم تقرأه وتوافق عليه لجنة من سبعة اشخاص تابعين لوزارة الثقافة"..

واستطرد الياسري: "الآن ال(34) فيلماً موجودة في مخازن السينما والمسرح ترقص عليها الفئران والجرذان، فيا ترى ألايوجد بينها فيلم واحد يستحق بأن نخصص له عرضاً في سينمات بغداد أو المحافظات والمسرح الوطني، أليست هذه جريمة أن نخفي هذا الكنز مهما كان؟ الآن في التلفزيون توجد قناة إسمها (کلاسك) لروتانا تعرض أفلاماً مصرية قديمة بعضها بسيط وساذج لكن تكتب عنها (جواهر خالدة)، فهذا تاريخ ليس من حق أحد أن يحجبه عن الناس، ولا يجوزهذه الملايين التي صرفت وجهود أكثر من ألف فنان عراقي ترمى داخل المستودعات ولا تعرض للجمهور، ولكن عرض بعضها بمحاولات منا نحن أصحابها في جمعيات ونواد وتجمعات، وبعضهم ذهب بها الى مهرجانات في الخارج، وفيلمي بالذات أنا حضرت عرضه في برلين ولندن ولاهاي وهامبورك، وفي عمان أكثر من مرة، وفي القاهرة مرتين والإسكندرية وفي أماكن أخرى".

كيف ينظر الياسري لسينما الشباب والسينما العراقية عموما؟ يقول مؤكداً: "هنالك طموحات كثيرة عند الشباب المتمكن ليصنعوا أفلامأ، والظروف الحالية سهلت على الكثيرين أن يمارسوا التصوير، ولا أقول الإخراج، وأن ينتجوا أفلام قصيرة أو طويلة، فالتكنولوجيا وفرت الفرصة لهم دون رقابة ودون ميزانيات ودون موافقات ودون جهات تتبنى ذلك، ولعل أهم ما يحتاجه الإنتاج السينمائي العراقي هو التمويل، فالسينما صناعة والصناعة تحتاج الى تمويل والصناعة تنتج منتجاًاً والمنتج يجب أن يجد سوق، وإيجاد قوانين للضرائب وللتسهيلات وللدعم، كما أعتقد أن السينما العراقية بحاجة الى ورشات عمل، ورشات تطوير، دعم، تمويل محترم، والبحث عن خبرة، والعمل على إيجاد إنتاج مشترك عربي وأجنبي".

 لو استعرضنا الأفلام العراقية كافة أين يضع الياسري أفلامه بينها؟ سألته.. فقال: هذا الأمر أتركه للنقاد والمحللين وللجمهور، وأحسن معيار عندي هو الجمهور، أعرضوا للناس ودعوهم يحكمون ويقيمون سلباً أو إيجاباً، أنا لا أتحمس أبداً لتقييمات المهرجانات والجوائز، فالجوائز نحن نعرف محركاتها وكيفية تقييمها، وأفضل الآلآف الذين يحضرون للقاعة ويشاهدون الفيلم ويحكمون عليه، والمحللون الجيدون هم الذين ينتقدون سلباً أو إيجاباً..

قلت له يؤاخذ عليك البعض إسناد دور البطولة لزوجتك الفنانة هند كامل، وقبلها زوجتك السابقة لينا باتع... أجاب بحزم: "هند أو لينا هما ممثلتان مهمتان ومعروفتان ولديهما من الإمكانيات مايؤهلهما لذلك، فالرحابنة لديهم 50 مسرحية لفيروز، وكوروساوا لديه 41 فيلماً 39 منها من بطولة ميفونا، بالعكس أنا أرى عندما تمثل هند معي يكون هذا عبئاً عليها لأنها ستقوم بدورها الذي أنا مؤمن به وبالإضافة الى مهاراتها فسوف تعتني بي لكي لا أتضايق".

 وعندما سألته عن الممثلين والمخرجين والأفلام العربية والأجنبية التي يتوقف عندها؟ قال: أنا عشت مع السينما عملياً منذ الخمسينيات أو ما قبل ذلك، وكان لا وجود فيها للتلفاز أو الهواتف أو الإنترنيت، وكانت التسلية الوحيدة للناس هي الذهاب لدور السينما، وكان ذلك أحد الطقوس التي تؤديها العائلة العراقية، والبغدادية بالذات، فكنا نعشق ممثلين معينين أظهروا كثيرا من التأثير وحسن الأداء وإمتاع المتفرج، الآن لا أستطيع أن أسمي مخرجين أو ممثلين، نحن عشنا السينما الكلاسيكية والواقعية الإيطالية، والموجة الفرنسية الجديدة، ناهيك عن السينما الألمانية، والسينما البولونية، والسينما السويدية، والسينما البريطانية التي ظهرت كمرادف للسينما الأمريكية، حتى السينما المصرية مرت بفترات مختلفة، لهذا أرى أن نترك للمؤرخين والكتاب السينمائيين والباحثين، التحدث عن ميزات هذا الفيلم أوالمخرج أوالممثل".

أخيراً.. سألته إلى أي مدى أنت راض عما قدمته من عطاء متنوع وثر وشامل؟ فأجاب: "قدمت ما أمكنني ضمن ظروف الإنتاج والسياسة والعرض والقبول والرفض الذي كان متاحأ لي، ونحن في العراق بالذات ليس لدينا جمهور كثير، لا يوجد لدينا دعم".

 وكان مسك الختام مجلة (السينمائي)، التي رأى أن صدورها في هذه الظروف وفي هذا الوقت، وبهذا المحتوى المتنوع وفي ظل وجود التكنولوجيا والديجتال، يعد مهمة ممتازة، فأنا الآن عندما أقلب مكتبتي أجد مجلات وجرائد عمرها ثلاثون أو أربعون عاماً، أستمتع بها جداً، وأعتقد أن أحفادنا إذا رأوا مجلة (السينمائي) مستقبلاً سيقولون: من الجنون إصدار مجلة من هذا النوع في زمن الديجتال والإنترنيت.. تحياتي لكم.

مجلة السينمائي العراقية في

الخبير فيصل الياسري

د. سالم شدهان

فنان حقق مالا يحققه أحد ،صال وجال وتبوأ مراكز مهمة في ألمانيا وسوريا والعراق ولم يسجّل عليه بأنه تلكأ أو استغل منصبه لأغراض شخصيّة ،بل كان مهنيّاً ،فنانا إدارياً خبيراً وحتى منظّراً ، الرجل واقعيّ جداً لايحب أن يكون محارباً بالسيف أو بالمسدّس فهو فنّان وكاتب ومتحدّث لبق لديه تفسيرات وحلول وأسباب مقنعة في كثير من الأحيان عن كل تصرّف يتصرّفه ، ويقتنع تماماً في كل عمل يعمله فنيّا كان أم شخصيّاً لكنه في الوقت نفسه لايلوم من يهاجمه ويكتفي بإبتسامة أو بحركة استفهام واستهجان واستغراب من شفتيه واحيانا من شفّة واحدة ، يفخر به البعض ويهاجمه البعض الآخر بقسوة, لكنه لايحب أن يكون جداراً ولا طرزاناً فهو إنسان له قوّة وتحمّل وصبر ويريد أن يعيش بسلام، لا يقف متحدّياً أم كل عاصفة تواجهه بل يحاول أن يخدعها أو يغازلها قليلاً حتى تتركه وترحل ،فهو بالتالي فنّان يريد أن يعيش لينتج فنّاً كي يتذكره الجميع بمنجزه الإبداعي لا منجزه في الصراع مع هذا وذاك ، أو ضد هذه القوّة وتلك ،من حقه أن يقول ها أنذا أريد أن أصنع والصنعة ملعبي ، اأصنع فنّاص أو خطاباً فنّياً وأدبيّاً بعيد عن لعبة السياسة والسياسيين ، ولسان حاله،لسان حاله  ،لسان حاله يقول:

 لماذا تلومونني على عمل فسّرته ولم أتدخّل في الدعاية له ،أنا ياسادتي أشرح وأفسّر وأحياناً اقيّم إن كان التقييم لايرميني الى التهلكة ،هل تريدون منّي أن اكون رجل كابوي، أو مقاتل ساموراي؟ أنا فيصل الياسري الذي يعشق الحياة والحب والجمال ،أنا من صال وجال في أجمل دول العالم ،صنعت للجمال أفلاماً ،وصنعت للإبتسامة أفلاماً ،وحينما طلب مني أن أصنع شيئاً عن الحرب صنعت برنامجاً حاولت أن أكون فيه جريئاً لكن ليس على حساب حياتي ،ولي الحق أن أعيش أكثر ممّا عشت شرط أن لا أفقد كرامتي وأحافظ على رقبتي، لأني حينما أعيش أستطيع أن أصنع جمالاً لايصنعه غيري، فالجنّة فيها كل شيء جميل، أنبياء وأولياء ورسل وشهداء حرّية وأبطال قيم واخلاق، بأختصار هي عالم مثالي ينتمي الى الجمال المطلق، لا يحتاج أحد منهم أن يشاهد فيلماً رائعاً أو مسلسلاً مثيراً، أو برنامجاً مدهشاً لكن الأرض تحتاج كل شيء، وأنا من هذا الكل شيء، عندي مايكفيني أن أصنع لنفسي مجداً وقاعدة وضميراً مرتاحاً، أخدم بدون أن أقتل أو أساهم في معركة سمادها الدم وحريص أن تكون ذمّتي بريئة فأعيش مايمنحني الله من عمر دون أن أجازف بنعمة الله تعالى، ولا أحاول أن أغضبه بالقدر الممكن، أنا سيد وأحاول أن اكون سيّداً على نفسي وأحكم عليها وأحاكمها بالقوة وباللين أحيانا فهي نفسي، وهي تعني لي الكثير، لا أكذب عليكم أبداً لأني أحب نفسي لدرجة أني أراها نفساً بريئة جميلة مقاتلة بارعة تنتصر وانتصرت بجميع المعارك التي قادتها في كثير من الأحيان، أنا لا اقول كلمة لا، وإن قلتها لن أتركها لوحدها، بل أرفقها ببعض المفردات التي تجعلها مقبولة لمن يرفضها لأنّي أنتمي لعالم يهمّه التفسير والتأويل وأرى أن الإبتعاد عنها سيودي بالفكرة الى الهلاك، أنا صانع جمال أطرح كل شيء، القبول بصنعة والرفض بصنعة وكل منهما بشكل ولون لا يوصلني الى التهلكة، وأستطيع أن أفسّر للجميع خفايا كلمات وصور ويأتي التفسير لصالحي تماماً، ماذا تريدون منّي، لماذا تطالبونني أن أكون حسيناً عليه السلام وليس هناك حسين سوى أبي عبد الله الحسين بن علي عليه السلام، لماذا تريدون منّي أن أكون المختار الثقفي رضي الله عنه ؟ صحيح أنا هاشمي لكنّي أحمل رسالة جمالية فنّية أبغي أن أنشرها على الناس وأبشّر بها بالقدر الكافي على أن لا أغضب الله ولا أغضب الحق ولا أهادن الباطل. أنا ياسادتي شكل ولون ورائحة وعقل ينمو سريعاً ولا يشيخ أبداً وسينطفيء مرّة واحدة متى ماشاء الله لكني أرجو أن أطيل المقام معكم لأني أخوكم وأبوكم وعمّكم وأستاذكم، حبيب بعضكم وعدو بعضكم، أغضب أحيانا وأخفي بعض غضبي لكني أحاول أن لا أظهره جميعه حتى أحافظ على كياستي وأعصابي وعنفوان شبابي الدائم، وحتى أغيض أعدائي أيضاً لأنهم ليسو على حق في قرارهم هذا. نعم صنعت ماصنعت من جمال، نعم وضعت حلولاً وفق ما أرى وأفهم، نعم جادلت بمهنيّة واختلفت أحياناً لكن متى ماوجدت الأختلاف سيؤدي الى هزيمة نكراء أنسحب قبل أن يحدث، هذا أنا ياسادتي، أدندن أحياناً بأغنية أحفظ لحنها وأجهل كلماتها أو أتجاهلها لأني أستطيع أن أكتب أجمل مما كتب مؤلّفها، بل أحيانا أغيّر اللحن تماماً فأنا ملحّن أيضا ومطرب كبير وشاعر لكني حاولت أن الخّص بعض مواهبي وقدراتي في بعض. البعض يغار منّي وأنا لا أغار من أحد، وحتى لو حدث هذا لن أصرّح به وإن صرّحت لن أظهره جميعه وحتى لو أظهرته سأطرحه بطريقة أكون أنا منتصر فيها ، ها؟ ماذا تريدون ايضاً هل تريدون أن تعرفوا أيّ الألوان أحب ؟ بسيطة ولا يوجد أبسط منها أنا احب كل الالون،هل تريدون أن تعرفوا أيّ الأشكال أحب ؟ سهله وماكو أسهل منها، أحب جميع الأشكال، وهل تريدون أي سينما أحب ؟ هم بسيطة أحب كل السينما لكني أفضلها تأخذ من الواقع القدر الكافي الذي يشعر من خلالها المتلقي بأنه جزء من الموضوع وليس شرطاً أن يكون الموضوع كلّه ,هل تريدوووووون ان تعرفوا أيّ النساء أحب ؟ أقول كل كل كل النساء لكنّي افضلها هنداااااا, على عناد كل النساء فهي مختصر لكل النساء ولكل الألوان ولكل الأشكال ولكل السينما، مهلاً، لا ليس لكل السينما فالسينما عشق آخر إرتضت هند أن تكون السينما شريكاً لها. هذا أنا وبعد أكثر وأكثر فأنا إبن العشرين والثلاثين والأربعين والخمسين وووو، وأتمنى أن اكون إبن ال...، الله كريم، مازلت أحلم وأحلامي لم تتغير في المضمون منذ كنت مراهقاً الى هذه اللحظة لكنها تغيّرت بالشكل وأصبحت أنضج وأجمل وأكثر وضوحاً لأني حفظت جميع رموزها، غالباً ماتتلاعب أحلامي برموز الشكل وتضيف بعض الرموز الجميلة والصعبة، لكني وبكل براعة وثقة، بلا مبالغة، وبسرعة البرق أفسّرها وأحلّلها وأكشف رموز وتأويلات كل شيء، فأتصرف في اليوم القادم وأكتب وأتحدّث وأصور الغذاء الروحي الذي منحتني اياه تلك الأحلام البليغة. ياسادتي ياكرام لا تسألوا من أنا لأني سرّ كبير يمكنني أن أقول هذا أنا، وأكشف لكم عن خفايا وخفايا وأقنعكم ان هذه هي الحقيقة، لكن بعد برهة قليلة أبتسم واقول لكم كل ماقلته ليس هو الحقيقة، بل جزء منها، لا لا ولا حرف منها حقيقة، ثم أحدّثكم عن حقيقة أخرى وأقنعكم ثم أغيّر قناعتكم لأبني قناعة ًأخرى، هذه هي السينما وأنا رجل تسكنني السينما، هل نسيتم ؟ إذا نسيتم هذه مشكلتكم وليس مشكلتي، ثم أنا ليس لدي مشكلة أكبر من أنني أفكّر كيف أدخلكم في مشكلة ثم أخرجكم منها وأدخلكم في أخرى.. بإختصار أنتم شاغلي الشاغل لكني أحبّكم كثيراً، واليحب معذور ياسادة، إسمحوا لي أن أضحك قليلا وضحكتي تعرفونها أقرب الى الموسيقى منها الى القهقهة، واسمحوا لي أن أرتشف قليلا من الماء، أتعبتموني لا أتعبكم الله، ههههههاي، لا تضجروا مني لأني في النهاية سأبوح لكم بسر لا يعرفه أحد لكني أوصيكم أن لاتتركوه سرّا بل إعلنوووووه في الصحف والمجلّات والفضائيات ومواقع التواصل الإجتماعي، لأنه سرّ مهم جدا فيه الدواء والبلسم لكل جائع ومريض حائر، ومصاب بالكآبة ووجع الرأس، واذا كان لديكم اسئلة أخرى إسألوا وسأجيبكم ولو أني أجبت عن جميع مايجول بخواطركم لكن لعل أحدكم كان نائماً أو غافلاً أو مشغولاً بفكرة كيف سيحرجني أو يغيظني،أو يسحبني الى موضوع لا أحبه ويتصور أني سأحرج منه أو أتهرب، وكل هذه الأفعال سألعبها مع كل سؤال لايعجبني، لذا أرجو أن تكون اسئلتكم عن كيف أرسم لكم أجمل وأسهل وأرقى الطرق والسبل كي تصنعوا الجمال، سأجيبكم حينها إذ أقول لكم، إفعلوا كما فعلت أنا وتصرفوا بطريقة تشبه الطريقة التي سرت عليها لكن، اكتشفوا واصنعو مايحلو لكم انتم أنفسكم، لا أريد أن يقلدني أحد لأنه سيفشل لأسباب عدة منها، أن مثله لايستطيع أن يقلّد مثلي فأنا فيصل الياسري وهو سالم شدهان أو سامي قفطان أو ساري العبد الله ..الخ، وسبب آخر هو أنك أسمر وأنا أبيض وشعرك ليس بكثافة شعري، ووورأسك ليس بحجم رأسي، ومخّك ودماغك وو، هو منك ولك، كن كما أنت لكن لاتنسى من علّمك حرفاً أو صورة فهذا يسمى جحوداااا.

والآن جاء دور كشف السر الذي وعدتكم به السر هو، هو، هو ..غيّرت رأيي لن أكشف عنه،  وأريد منكم أن تكتشفوه أنتم ودمتم سالميييين.

قد لا أضيف شيئاً إن تحدثت عن الأستاذ فيصل الياسري لكني سأحاول مغازلته كأي تلميذ يغازل أحد اساتذته المحترمين، علماً أني لم اأتق به سوى مرتين لكني تواصلت مع إبداعاته منذ حبي الأول لعالم الفن الجميل. قيل الكثير عن هذا الرجل بعضه مسيء والآخر مضيء لكني لا أستطيع أن أذكر إسمه دون أن اقول (أستاذ)، لأنه أستاذ في كل شيء .المخرج وكاتب السيناريو والشاعر والروائي والقاص والإداري ومقدم البرامج والمؤلف والمترجم وووو..صفات عدة تفوّق فيها جميعاً فكيف يكون الأستاذ ؟! .يكفيه أنه كان كبير المخرجين لإفتح ياسمسم ليكون أستاذ، البرنامج الدرامي المأخوذ من (شارع السمسم) الأمريكي الذي تم حذف وإضافة بعض الأشياء منه ليلائم البيئة العربية بثلاثة أجزاء 130 حلقة ثم 180 حلقة ثم 130 حلقة ،وعرض في جميع المحطات العربية بكلفة بلغت آنذاك(1977) مبلغ (20) مليون دولار. وهو البرنامج الذي إقتبسته أكثر من (14) دولة وصنعته بطريقتها الخاصة. ويكفيه أنه صنع واحداً من أهم وأشهر البرامج في تلفزيونات العالم وهو برنامج (الملف) الذي تم وصف الياسري بسببه بأوصاف سلبية كثيرة، إذ عده البعض رسالة ضد الإنتفاضة وماحدث إبان قيامها وبعدها، وقال الرئيس الامريكي بوش  أثناء حديث له بأن الياسري وبرنامج الملف أحد اسباب بقاء صدام حسين بالحكم. هكذا إذن تم رسم صورة ملامحها مريبة لهذا الصانع الكبير. فملفه المبرمج قمّة في الإثارة، وعلمّية في البناء، وروعة في الصنعة، وعرض لحقائق مذهلة كان ينتظرها العراقي ليفهم ماذا حدث وكيف ؟. وأنا هنا لا امتدح البرنامج من حيث المضمون بل إني أناقش الشكل وكيف تمت صناعته، كما أني ألامس المضمون وكيف تم طرحه لكي يكون بهذه القيمة التي كان ينتظرها العراقيون من صدام حسين الى أصغر مواطن عراقي لما فيه من شد وإثارة وبناء درامي يتبارى فيه اللقاء (غالباً مايكون وزيراً أو مسؤول كبير) مع الأرشيف والصور الوثائقية المثيرة للجدل. هو سيناريو محبوك ومرسوم بدقة متناهية يقدمه رجل خبير يعرف كيف يتحدث، بل كيف يتلفظ المفردة، متى يكون إيقاع حديثه سريعاً أو بطيئا وو..، متى ينظر للكاميرا حيث ينتظر المتلقي ضوء عيني الياسري وطريقة النظر، متى يشيح بعينيه نحو الضيف أو المادة الوثائقية. وديكور الإستديو الذي يشبه مكتباً متكاملاً بكل التفاصيل من أصغرها الى أكبرها. كل شيء محسوب ومرسوم بدقة متناهية. الأسئلة مكتوبة مثلما يريد المتلقي وترضي فضوله. وأكررلايهمني ماذا قدّم الملف لكن مايهمني هو كيف تم التقديم، وماذا عرض البرنامج وكيف تحوّل البرنامج الى مايشبه الحكاية التي تم سردها طوال (53) حلقة تلفزيونية بساعة لكل حلقة، تواصل معها الذي يكره مع المحب المتعطّش لمعرفة ما الذي حدث للحياة المدنية في العراق، وهل هذا الدمار الذي حدث للعراق يستحق الدخول الى الكويت ؟ وماذا حقق  العراق من كل ذلك ..وأسئلة أخرى قد لاتقنع البعض لكنها أسئلة مطروحة أمام المتلقي وعليه أن يكتشف الصدق من الكذب، الخسارة من الربح، والدمار الكبير الذي أصاب البنية التحتية للعراق، وبنية المجتمع والروح العراقية التي كانت تتنفس الرماد والبارود. الياسري كان ومازال رجلاً واقعياً يتناول مايكلّفه به المسؤول بمنتهى الإحترافية لأنه صانع إعلامي متميز ويمتلك من العلمية والخبرة مايجعله مطلوباً لكثير من المشاريع الإعلامية التي يريد أصحابها أن ينتصروا حتى على ذواتهم. لم يكن الياسري صانعاً اعلامياً فقط بل كان صانعاً للإعلاميين، المخرجين، الكتّاب، الممثلين، الكادر الفني المتطوّر، مقدّمي البرامج، المراسلين، وكان يمنح تلامذته وزملاءه بسخاء قلّ مثيله في العراق. هو من دعي لبناء الفضائية العراقية قبل التغيير اإذ قام حينها ببناء كادر إعلامي متميز تدرّب بطريقة ممتازة وتمرّس طويلاً قبل بدء البث وإستلمها بعده من اعتاش على شذرات من خطوات الياسري العلمية. الياسري الخبير والباحث الذي لايترك فكرة أو جملة دون أن يبحث بها ويختزل منها مايجده فائضاً عن الحاجة ولا يحمل بلاغة لضرورة حضوره المكان، فيستبدله بآخر، يجيب عن كل الأسئلة بجمال ليس له حدود، هذا ماتجده في برامجه الحوارية وفي مناقشاته لرسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراه التي كان فيها خبيراً ومناقشاً. الياسري المؤلف والكاتب الذي أنتج اكثر من (16) كتاب في علوم ومعارف لايصدّق البعض حينما يقرأ عناوينها لأنه قد يبتعد عن السينما والفن أحيانا لكنه لايبتعد أبداً عن الإنسانية وتفاصيلها الدقيقة لأنه يرى أن السينما هي الإنسان، والفن هو الإنسان، والمرأة والرجل، والحب والإعلام والتقنيات والقصة والرواية والشعر، بدأ بمجموعته القصصية وهو طالب في الصف الثالث متوسط بعنوان(في الطريق ) ثم ورواية (كانت عذراء) وهو في الثانوية، ليكون عالماً ومعرفيّاً كبيراً في هذا الطريق الذي تصوره (عذراء) حتى يخترقه هو ليبني من خلاله تلاميذ ومريدون ينتشرون في العراق والعالم .عناوين كتبه المترجمة لاتخلو من الغرابة والطرافة والإبتكار ف(كيف تفهم النساء في 60 دقيقة) برغم أنه يستذكر دائماً ماقاله فرويد من أنه " أكثر من عشرين سنة لم أفهم ماذا تريد المرأة "، وكتاب (كيف تفهم الرجال في 60 دقيقة ) وقد أعدّ ذلك وترجمه من الألمانية وهي لغته الثانية مستفيداً ممّا كتبته الكاتبة الالمانية (انغلا تروني)، هذه العناوين والمواضيع تستشعرها أفلام أو سيناريوهات لأفلام مستقبلية برغم أني لم أقرأهما لكني أعرف كيف يكتب وكيف يفكر الياسري؟، عناوين أخرى مثل (الحياة والخصبة للمشاهير)، و(إحذر نحن نراك)، و(التنزّه في عقول الناس)، و(غربال الذاكرة)، و(إني على حبك لباقية)، و(الإعلام في عصر التقنيات)، وعناوين أخرى مثيرة ومتنوعةوجد فيها الياسري علماً وفنّاً وانسانيّاً تستحق أن يغوص بها ويعلنها للمتلقي العربي أفلاماً، وثائقية وروائية مكتوبة بصيغة المضارع والماضي والمستقبل فالثبات على صيغة فعلية عند الياسري أمر مكروه لأنه غالباً مايتنقل بين الماضي والحاضر والمستقبل لكي يصنع قيمة معرفية متميّزة. الياسري الذي أدار مكاتب وفضائيات وتلفزيونات ومكاتب إعلامية تفوّق فيها وترك أثراً بل آثار يقتدى فيها : تلفزيون العراق، مكتب الجزيرة،  art، الديار، الفضائية العراقية، وأخرى كثيرة، ومارس الفن في المانيا الديقراطية وسوريا وصنع أفلاماً ومسلسلات خالدة في الذاكرة المرئية، هو نفسه الإنسان والأب والأخ والصديق الودود الصريح الذي يتحدث عن اللوعة والحب والذكريات مع شخصيات من التاريخ شئنا أم ابينا هي شخصيّات أثّرت سوءاً كان أم إيجاباً، فهو يتحدث عن صدام حسين وكيف غيّب عنه بعض معارفه، وعن نوري السعيد كيف سحله الناس في شوارع بغداد وهو بملابس نسائية، حينما كان برفقة السياب وحسين مردان، وعن زوجته وعن إبنه وعن اصدقائه، وعن أفلامه بطريقة يحسد عليها، ويدافع عن نفسه بمنتهى الواقعية والصدق إذ يقول عن تنفيذ بعض طلبات صدام له بإدارة أعمال أو مؤسسات أو اعمال فنيّة ب(بأنني إنسان واقعي ولا أريد الإنتحار) وهذا القول يكفي لرد كل الإتهامات عنه، وإعتراف منه بأن رفض أمر لصدام حسين معناه الإنتحار (الإعدام).  الياسري لم ولن اكتفي من التغزّل بفنك وعلمك وجمالك أعذرني إستاذي إن قصّرت أو تطفّلت أو أخطأت لأني لم أصل الى ماوصلت انت وسأحاول .

ولد فيصل الياسري عام 1933 وعمل في الصحافة بعد أن أثبت قدرته في الكتابة عام 1948، ودخل دورة في الإعداد والإخراج التلفزيوني في فيينا وحصل على الإمتياز.عام 1958 عمل مخرجاً في تلفزيون العراق ثم إنتقل الى  المانيا الديمقراطية وعمل في تلفزيونها الى عام 1962، وبعدها إنتقل الى سوريا وأخرج الكثير من المسلسلات والأفلام السينمائية ولعلنا نتذكر جيداً مسلسل (حمام الهنا) الذي قدّم فيه دريد لحّام بشخصية (غوار الطوشي). عاد الى العراق وأخرج أفلام (الرأس) و(النهر) و القناص) و(بابل حبيبتي)، وساهم في إنتاج وإخراج الكثير من المسلسلات والبرامج التعليمية التي حققت حضوراً ونجاحاً في الكثير من الفضائيات العربية وتلفزيوناتها ولعلنا لاننسى (سلامتك، واللغة العربية، دنانير من ذهب، الدفتر الأزرق، الكلم الطيب، المرايا)، وبعض الأفلام التي قام بإخراجها خارج العراق (عشاق على الطريق، جزيرة النساء، غراميات خاصة، هاوي مشاكل، حب وكراتيه، عودة حميدو). كما أنه اخرج للمسرح (الرجل الرابع، وجزيرة الله) ومثّل في فيلمين هما (الملك غازي، والنهر) وآخر اعماله الفنية وليس الأخير فيلم (بغداد حلو وردي )عن رواية ميسلون هادي (حلم وردي فاتح اللون).استدعاه النظام  قبل التغيير لكتابة واخراج مسلسل ب(50) حلقة عن حياة صدام حسين وبواقعيته وعلميته المعروفة طلب من (15) كاتب ان يعدّوا له المادة ثم عهد للمخرج فاروق القيسي بكتابة السيناريو، وبعد عدد من الحلقات وجّه فيصل (70) سؤالاً الى صدام حسين عن أمور تخص مصداقيّة الشخصيّات التي من المفترض أن تكون صديقة لصدام لكن المضحك أن معظمها تم إعدامه أو قتله بطريقة صدّامية، أو دسّ له السم بطريقة فنطازية، أو التمثيل به. ونتيجة لإستحالة تنفيذ هذا المشروع والإجابة الصريحة عن هذه الأسئلة قرّر صدام التخلّي عن الإجابة أو تأجيل الأجوبة ودعا الى الإستعانة بالسيرة الذاتية التي كتبها (صدام ) بعنوان (رجال ومدينة) عن نفسه ..وأنقذ الله الياسري من مشروع انتحاري كان سيودي به الى التهلكة حينها أو بعد حين.وبعد التغيير دعي الياسري ليكون وزيراً للثقافة ورئيساً لشبكة الإعلام لكن مثله لايوافق على هكذا أمور ومهام دون أن يجد لها مرتكزات وضرورات ومعايير توفّر له طريقاً صحيحاً لبناء مايريد أو يحب لنفسه وللمركز الذي يراد منه أن يتسلمه خاصة في زمن لايعتبر فيه رفض طلب المسؤول إنتحاراً..     

مجلة السينمائي العراقية في

فيلموغرافيا الفنان فيصل الياسري

مهدي عباس

للفنان الكبير فيصل الياسري إنجازات فنية وأدبية كثيرة وهو فنان متعدد المواهب، فهو شاعر، وكاتب قصة، وكاتب سيناريو، وممثل، ومترجم، ومقدم برامج، ومنتج، ومخرج، في مجال الفيلم الطويل أخرج 12 فيلماً روائياً طويلاً، وكتب سيناريو فيلمين لم يخرجهما، وأشرف على إخراج أول فيلم رسوم متحركة عراقي وعربي طويل، وسنستعرض أفلامه الخمسة عشر هذه. كما أخرج مجموعه من الأفلام القصيرة المتميزة والتي حاز بعضها على جوائز من مهرجانات سينمائية، (نحن بخير – 1975 ) و(تقرير عن الوضع في لبنان – 1976 )، وأخرج مسلسلات: حمام الهنا – دنانير من ذهب – إفتح ياسمسم – سلامتك – اللغة العربية – الدفتر الأزرق – المرايا – الجرح الجديد – حياتنا – الذخائر – الكلم الطيب – نساء في الذاكرة – نساء نساء، وأصدر قصص ورواية (كانت عذراء – الطريق)، وترجم واصدر كتباً متنوعة: العاشقون ذوي الهوا – جماليات التصوير والإضاءة في التلفزيون والسينما – الحياة الخفية للمشاهير – التجوال في عقول النساء والرجال – كيف تنجو من الإيدز – الأسئلة – كيف تفهم النساء في 60 دقيقة، وغيرها، وأشرف على وفدم أشهر برنامج تلفزيوني (الملف)، ومثل في بعض الأفلام مثل: الرأس، والملك غازي، وأخرج مسرحيات: الرجل الرابع – جزيرة الله، والسهرة التلفزيونية (خارج الحظيرة).

أفلامه الطويلة:

1. الرجل 28126 – 1970

قصة: سعيد حورانية (قيامة اليعازر) سيناريو وإخراج: فيصل الياسري تصوير: محمد الرواس مونتاج: مروان داغستاني موسيقى: صلحي الوادي إنتاج: التلفزيون السوري. بطولة: تيسير السعدي/ يوسف حنا/ منى واصف/ هالة شوكت/ هيلدا زخم/ طلحت حمدي/ أسامة الروماني/ محمود جركس/ لينا باتع/ وصفي المالح/ مظهر الحكيم. الموضوع: موضوع الفيلم عن مجاهد جزائري ساعد ثوار سورية ضج الاحتلال الفرنسي.

2. مقلب في المكسيك – 1972

سيناريو وحوار: فيصل الياسري اخراج: سيف الدين شوكت  تصوير: احمد ابو سعدة  مونتاج: قيس الزبيدى انتاج : دمشق للسينما.بطولة:دريد لحام/نهاد قلعي/هالة شوكت/منى واصف/ ناهد يسري/ لينا باتع/ اسامة خلقي/ سلمى المصري/ صباح جزائري. الموضوع: يعاني تيسير (نهاد القلعي)؛ الرجل المحافظ، من عقدة بسبب زواج أخته رغماً عنه. لذلك فهو يضيق الخناق على بناته؛ حيث يتقدم شاب لخطبة ابنته كوثر، وعندما يعرف الأب أن أبنته واقعة في غرام الشاب يرفض تماماً لرجعيته. بعد المقلب الذي يدبره كل من شقيقته (منى واصف) وشقيق زوجته (دريد لحام)، يكتشف أنه مخطئ بخصوص أخته التي تعيش بنزاهة وشرف

3. حب وكارتيه - 1973

قصة وسيناريو وحوار: عدنان مراد إخراج: فيصل الياسري تصوير: يوسف عنتر مونتاج: هيثم قوتلي موسيقى: سهيل عرفة إنتاج: زياد مولوي. بطولة: زياد مولوي/ مديحة كامل/ هاني الروماني/ لينا باتع/ خالد تاجا/ أحمد عداس/ عدنان بركات/ عمر حجو/ غادة كيلاني. الموضوع: شاب يواجه الفشل في كل عمل يقوم به. تهدده خطيبته بتركه في حال استمراره بهذه الحالة، فيقرر أن يتعلم رياضة الكاراتيه وأن يصبح بطلاً مشهوراً.

4. غراميات خاصة – 1974 :

سيناريو وحوار: فيصل الياسري وسيف الدين شوكت إخراج: فيصل الياسري تصوير: محمد الرواس مونتاج: مروان عكاوي إنتاج: طنوس فرنجية ومحمد الرواس. بطولة: ناهد شريف/ عمر خورشيد/ عبد اللطيف فتحي/ ناجي جبر (أبو عنتر)/ ياسين بقوش/ نجاح حفيظ/ لينا باتع/ خالد تاجا/ سليم كلاس/ أحمد عداس. الموضوع: إمرأة ترث مصنع والدها الذى تركه لها بعد رحيله، تحاول إدارته بنفسها، لكنها تفشل، وذلك لأنها لم تتعلم المسؤولية قط، ويتوقع الجميع فشلها، تقع فى الحب وتحس أنها يجب أن تختلف، وأن تكون امرأة مسؤولة، تبدأ فى تعلم شؤون الإدارة وتنجح فيما سبق لها أن فشلت فيه.

5. هاوي مشاكل - 1974

سيناريو واخراج: فيصل الياسري تصوير: بهجت حيدر مونتاج: مروان عكاوي إنتاج: محمد الزوزو. بطولة: محمود جبر/ ناجي جبر (أبو عنتر)/ نبيلة نابلسي/ سليم كلاس/ ملك سكر/ رفيق سبيعي (أبو صياح)/ لينا باتع/ عدنان بركات. الموضوع: (محمود) شاب طيب، لكنه دائم التدخل فيما لايعنيه؛ مما يوقعه في العديد من المشاكل،والتي يكون منها التورط مع إحدى العصابات؛ التي تتركه مع جثة قتيل مجهول، وتقبض عليه الشرطة بتهمة القتل، يلتقي في السجن بكل من (أبوصياح)، و(أبوعنتر) اللذين يحاولان مساعدته في البحث عن المجرم الحقيقي، وتسليمه للعدالة.

6. عودة حميدو - 974

قصة: الأخوين رحباني سيناريو وإخراج: فيصل الياسري تصوير: محمود سابو مونتاج: هيثم قوتلي إنتاج: تحسين قوادري. بطولة: ناجي جبر (أبو عنتر)/ منى ابراهيم/ فهد كعيكاتي/ عدنان بركات/ نزار فؤاد/ خالد تاجا/ سليم كلاس/ ناديا كيلاني/ محمد العقاد/ مظهر الحكيم/ لينا باتع. الموضوع: يعود حميدو إلى المكان الذى تربى فيه في أحد الأحياء الشعبية، لمواجهة عصابة تحاول السيطرة على الحارة، وتبدأ المواجهة والمؤامرات وينتصر عليهم، ويخلص الحارة من شرورهم.

7. جزيرة النساء - 1975

تاليف واخراج: فيصل الياسري تصوير: محمود سابو موسيقى: حسين نازك مونتاج: هيثم قوتلي  إنتاج: بهجت خوري واهدن فيلم. بطولة: منى إبراهيم/ ناجي جبر (أبو عنتر)/ فهد كعيكاتي/ نجاح حفيظ/ لينا باتع/ فايزة شاويش/ أسعد فضة. الموضوع: مجموعة من الأشخاص المتباينين إجتماعياً وإقتصادياً، تغرق بهم السفينة، ولكنهم ينجون، ويعيشون على سطح جزيرة، تبدأ بينهم مجموعة من المكاشفات والمصارحات؛ التي توضح ما كانوا يخفونه جميعاً عن بعضهم البعض.

8. عشاق على الطريق - 1977

سيناريو وإخراج: فيصل الياسري تصوير: جورج لطفي الخوري مونتاج: هيثم قوتلي موسيقى: منير بشير إنتاج: طارق فيلم (محمد مروان الزركي). بطولة: حبيبة/ أديب قدورة/ ناجي جبر (أبو عنتر)/ لينا باتع/ عدنان بركات/ سليم كلاس/ رفيق سبيعي (أبو صياح). الموضوع: عن القصة المشهورة (ساعي البريد لايدق بابك مرتين)، يهرب أحد المغامرين من خطر محدق به، ويختبىء في أحد الموتيلات الصغيرة على إحدى طرق السفر، الموتيل ملك لرجل عجوز، بخيل، متزوج من امرأة شابة جميلة، تنمو علاقة جسدية بين المغامر والزوجة، ويتفقان على قتل زوجها،

9. الزواج على الطريقة المحلية – 1977 :

قصة وسيناريو وحوار: داوود شيخاني وفيصل الياسري إخراج: مروان عكاوي تصوير: محمد الرواس مونتاج: محمد خبر عرب اوغلي موسيقى: حسين نازك إنتاج: سمير عنيني. بطولة: رفيق سبيعي (أبو صياح)/ وليد توفيق/ نجاح حفيظ/ تيسير السعدي/ فاديا خطاب/ ناجي جبر (أبو عنتر)/ سامية جزائري/ سليم كلاس. الموضوع: حكاية شابين في إحدى الحارات الشعبية بمدينة دمشق، أولهما (تحسين) الشاب العابث الذي يرى الحب لهواً وتسلية، ويرتبط بعلاقات مع الكثير من الفتيات، وصديقه (سمير) الشاب الذي لم يعرف فتاة في حياته، ويؤمن بالحب كعاطفة سامية.

10.    الراس – 1977 :

سيناريو وإخراج: فيصل الياسري تصوير: ماجد كامل مونتاج: صاحب حداد موسيقى: حسين نازك إنتاج: المؤسسة العامة للسينما والمسرح. بطولة: سامي قفطان/ لينا باتع/ قائد النعماني/ وليد شميط/ طعمة التميمي/ سليم  كلاس/ فوزية الشندي/ قاسم الملاك/ شكري العقيدي/ هاني السعدي/ كارلو هارتيون/ فاضل خليل/ كريم عواد. الموضوع: يعرض الفيلم لموضوع تهريب الآثار ومنها رأس الملك سنطروق الثانى من مجموعة من المهربين، حيث تقع الأحداث بين العراق وسوريا ولبنان، وتدور المطاردات والبحث بين الشرطة ورجال التهريب. الاشرار بسرقة راس الملك الذى كانت له مكانته فى التاريخ يراس عصابة التهريب بهجت الخبير فى شئون تهريب الاثار يقوم ضابط شرطة بتتبع العصابة حتى يمكنه القبض على العصابة وينجح فى استعادة الرلأس ووضعها فى مكانها بالمتحف. عر ض الفيلم لاول مرة في 24 / 1 / 1977 في سينما بابل

11.    النهر – 978

قصة: محمد شاكر السبع حوار: فيصل الياسري وزهير الدجيلي سيناريو وإخراج: فيصل الياسري تصوير: نهاد علي مونتاج: صاحب حداد موسيقى: فائق حنا إنتاج: المؤسسة العامة للسينما والمسرح. بطولة: أسعد عبد الرزاق/ هناء محمد/ سامي قفطان/ سوسن شكري/ قائد النعماني/ كريم عواد/ ياس علي الناصر/ فوزي مهدي/ حاتم سلمان/ صادق علي شاهين. الموضوع: يكشف بصورة رائعة جوانب الصراع العميق بين أؤلئك الصيادين الذين يكدحون مع النهر، وبين أؤلئك الذين يستحوذون على اتعاب الصيادين، وداخل هذا الصراع تتكون البؤرة التي يمثلها انسان حقيقي، يرفض كل أنواع التسلط وينير الطريق من أجل تحقيق أهداف الصيادين عبر توعيتهم ..وبنظرة إنسانية شاملة يتجه الفيلم نحو معالجة الواقع الإجتماعي بعلاقاته المتعددة الأشكال،بما في ذلك واقع العلاقات الزوجية غير المتكافئة، التي تنخر حياة أؤلئك الذين لا هم لهم غير الإستغلال والنهب ..

12.    القناص : 1980

سيناريو وإخراج: فيصل الياسري تصوير: عبد اللطيف صالح مونتاج: إيرينا العضاض موسيقى: طالب القره غولي انتاج: المؤسسة العامة للسينما والمسرح. بطولة: روجيه عساف/ آمال عفيش/ سامي قفطان/ قاسم الملاك/ غزوة الخالدي/ سليمان الباشا/ محسن العزاوي/ حسان دهمش/ هاني هاني/ نزار قباني. الموضوع: صور الفيلم فى لبنان ليقدم صورة عن الحرب الأهلية اللبنانية من خلال سلوك القناص الذى يقتل مقتنصاً بلا رحمة، وخلال ذلك يتم كشف الكثير من المتناقضات الإجتماعية والصراعات فى ظل الحرب الأهلية اللبنانية، حيث يدور صراع دموى بين الأطراف دون هوادة أو رغبة فى أن تتوقف حمامات الدم.

13.    الأميرة والنهر - 1988

معالجة سينمائية وإشراف: فيصل الياسري سيناريو: جون بالمر تصوير: كولن لنون مونتاج : نانسي اكسبورت موسيقى: ريشارد بودين إخراج: باول مكادم إنتاج: مركز التحريك في التلفزيون العراقي (92 دقيقة). بطولة: سعد أردش/ خليل الرفاعي/ لينا باتع/ علي المفيدي/ ابراهيم الصلال/ طارق عبد اللطيف/ أسامة الروماني/ فتحية عبد النبي. الموضوع: أول فيلم كرتون عربي طويل، القصة تحكي عن حضارة بلاد ما بين النهرين، حضارات بابل وسومر وأكد ولكش، وهي من اقدم الحضارات في العالم.

14.    بابل حبيبتي  - 1988( عراقي / مصري)

قصة: محمد يوسف الجنابي سيناريو: فيصل الياسري ورفيق الصبان إخراج: فيصل الياسري تصوير: طارق التلمساني مونتاج: عادل منير موسيقى: منير بشير إنتاج: شركة بابل للإنتاج السينمائي والتلفزيوني (العراق) وأفلام الجوهرة (مصر). بطولة: هند كامل/ يحيى الفخراني/ أحمد عبد العزيز/ سماح أنور/ بدري حسون فريد/ سامي قفطان/ محمد حسين عبد الرحيم/ يوسف العاني/ فوزية حسن/ شهاب أحمد. الموضوع: مهرجان في بابل والمدعوون يشملون علماء آثار وفنانين وإعلاميين، ومن أولئك وفد تليفزيونى مصري يرأسه أحد علماء الآثار، يلتقي هذا العالم بفتاة عراقية جميلة تحمل ملامح عراقية، ويعطي شكلها الإيحاء بأنها أميرة.بابلية وعند سؤاله عن اسمها تقول أميرة، فيعتقد عالم الآثار أن حلمه بدأ يتجسد أمامه وتبدأ مجموعة من المواقف الكوميدية.

15.    بغداد حلم وردي :

قصة: ميسلون هادي سيناريو وإخراج: فيصل الياسري تصوير: شكيب رشيد مونتاج: عصام هادي ومهدي كامل موسيقى: محمد صديق عثمان مدير الإنتاج: إياد حامد وفلاح عبود وسمير صاحب صوت: حيدرطه ودريد شمة إنتاج: دائرة السينما والمسرح. بطولة: هند كامل/ أميرة جواد/ أسعد عبد المجيد/ سمر محمد/ خليل فاضل خليل/ آلاء نجم/ نزيه الصراف/ كريم محسن/ سامي عبد الحميد. الموضوع: من أفلام بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام 2013، ويرصد معاناة العراقيين وهمومهم أثناء الإحتلال الأميركي ومحاولته زرع التفرقة بينهم، وما نجم عنها من عنف طائفي ما زالت البلاد تعاني من آثاره.الفيلم مأخوذ من رواية (حلم وردي فاتح اللون) للروائية العراقية ميسلون هادي وتدور أحداثه في العام 2008 ،حيث كانت الأوضاع الأمنية مضطربة وتميل تدريجياً إلى الإستقرار النسبي، وتستعرض القصة جهاد نساء عراقيات واجتهادهن في ترتيب حياتهن الأسرية، في ظل ظروف استثنائية جعلت كل العراقيين تحت طائلة التهديد.

مجلة السينمائي العراقية في

فيصل الياسري.. الفتى الذي أضعناه

علاء المفرجي

في منتصف التسعينيات تم توجيه دعوة لي مع مجموعة من السينمائيين في وزارة الثقافة لإجتماع مع الوزير لمناقشة أزمة السينما في العراق، وكان من بين المدعوين الذين أتذكرهم الناقد سامي محمد، وفيصل العباسي مدير السينما آنذاك والناقد صفاء صنكور والشاعر فاروق سلوم والمخرج والإعلامي فيصل الياسري، وآخرين لم أعد اتذكرهم... وكان موضوع الإجتماع هو مقالة كتبها صفاء صنكور في إحدى الصحف، تحث على مطالبة العراق في أن يكون ساحة إنتاج للأفلام العربية والعالمية إسوة بالمغرب العربي مثلاً.. وهو موضوع مهم للأسف جرى تمييعه فيما بعد إسوة بالكثير من مقترحاتنا في تلك المدة.

ومناسبة تذكًر هذه الحادثة هو لأشير الى مساهمة الياسري المتميزة في النقاش وطرح الإفكار، والتي تشي بمقدار ما يتمتع به من خبرة ودراية في هذا المجال.

وهنا لا أريد أن أتحدث بشكل تقليدي عن فيصل الياسري، فهذا الرجل أصابته سهام النقد، مثلما نالته صحائف المدح، كإنسان وكمنجز... وكلا الأمرين يحملان في طياتهما قدراً من التطرف والمبالغة.. فما قيل عنه من نقد وصل أحياناً حد التجريح، هو نقد لا يحتكم لمسيرة الياسري التي إمتدت لأكثر من ستة عقود بين الأدب والإعلام، ولم تعتمد الموضوعية في تقييم هذه المسيرة، بل وغرق البعض من هذا النقد في التسييس والشخصنة.. أما ما قيل عنه من مدح وإشادة فبالتأكيد اخذته الأسباب نفسها في أنها لم تعط منجز هذا الرجل حقه في التقييم، بل راحت ولأسباب شخصية أيضا في رسم هالة من القدسية على شخصيته.

وبين هذه وتلك وقف الذين ينشدون تقييما ًموضوعياً لمنجزه، موقف المتردد من الكتابة عنه – وربما أكون من بين هؤلاء – أو إعطاء خلاصة عن دور فيصل الياسري في المشهد الثقافي والفني والإعلامي.

ولعلها فرصة جميلة أن أمارس دوري كمتابع لمسيرة الياسري في إخراج قدمي من مستنقع المبالغة والتطرف في النقد أو في المدح، لأقف على مسافة واحدة من جميع الآراء التي مارست وجودها بتعسف واضح.

فمما لاشك فيه أن فيصل الياسري يقف بين جيل تشرف في حمل لواء النهضة الثقافية في العراق منتصف القرن المنصرم، الجيل الذي أسس لثقافتنا في مجال الشعر والفن التشكيلي والمسرح والموسيقى والسينما.. وكانت بداية الياسري في هذه المدة الخصبة ثقافياً فقد عمل في الصحافة عام 1948، وأصدر مجموعة قصصية بعنوان (في الطريق)، كما أصدر رواية (كانت عذراء) عام 1952.. مما يعني أنه انخرط في هذا المجال في المدة التي شهدت ولادة الشعر الحر في العراق وثورة الفن التشكيلي التي قادها فنانون درسوا في باريس ووارشو، وظهور رجالات المسرح العراقي لتأسيس مسرح عراقي متميز.. وغيرها في جميع أجناس المعرفة..

واذا كان الياسري لم يستمر في القصة والرواية، فقد ربح الإخراج في ضمه، وهو الأمر الذي مهد له العمل في مجال الإعلام، وهنا أشير الى رأيي المتواضع: في أن الإعلام قد كسب الياسري من الأدب والسينما... والحق أقول أن الياسري واحد من أهم رجالات الإعلام في العراق والوطن العربي، أقول ذلك عن متابعة دقيقة لما أنجزه في هذا المجال، ويكفي أن أشير الى البرامج التي داعبت ذاكرتنا خلال السبعينيات والثمانينيات وما زالت مستقرة في الذاكرة الجمعية لجيلنا مثل البرنامج التعليمي (سلامتك) و(إفتح ياسمسم)، وهذا البرنامج كرسه واحداً من اهم رجال الإعلام في الوطن العربي فقد أنتج البرنامج في عام 1977 وهو إقتباس من البرنامج الأمريكي وتبناه الصندوق العربي للتنمية والقوى البشرية ورصدت له ملايين الدولارات في ذلك الوقت، وتضمن 573 حلقة. وشارك فيه عشرات الفنانين من مخرجين وإداريين وممثلين وكان الياسري يقف وراء نجاحه حيث وضع الفكرة والإنتاج واختار كادره الفني للعمل من دون أي تدخل من الجهة المنتجة، واستطاع البرنامج أن يلبي أمزجة متشابكة في الوطن العربي.

وإذا كان البعض يأخذ على الياسري إنجازه المتميز في برنامج (الملف)، والذي إقتفى آثار العمليات العسكرية على البنية التحتية والخدمات على المواطنين العراقيين في حرب الخليج الثانية، فإن هذا البعض لم يقف عند الجهود الكبيرة في إنجازه، بل تناوله بنظرة أحادية الجانب بوصفه برنامجاً دعائياً (كذا)، لكني على ثقة بأن خبراء الإعلام لهم رأي اخر في البرنامج، في إسلوب تقديمه وببراعة إعداده.. وهنا حدثني الصديق المترجم سعدون الجنابي والذي كان أحد أشخاص كادر الإعداد للبرنامج: إن هذا البرنامج وبأشراف الياسري نفسه، إستقطب كادر إعداد كبير من إعلاميين ومترجمين بل وحتى أدباء.

من هنا أقول إن إعلاميا كبيرا بين ظهرانينا فرطنا به، بهجوم البعض غير الموضوعي عليه، وبتناسي البعض الآخر لتأريخه.

أقول فيصل الياسري رجل إعلام بإمتياز. أضعناه.. في يوم كريهة وسداد ثغر.

مجلة السينمائي العراقية في

مركز أبحاث فيصل الياسري

د. صالح الصحن

في جلسة من جلسات إتحاد الإذاعيين والتلفزيونيين المخصصة للإحتفاء بالفنان الأستاذ فيصل الياسري، جاءت فرصتي في الحديث عنه،  وتحدثت عن تجربته وشخصيته، وختمت كلامي بإطلاق لقب (المعلم الأول) على الاستاذ الياسري الذي لاقى إعجاباً وتصفيقاً ساخناً ، ذلك لما يتمتع به من خزين معرفي وفني وثقافي رفيع المقام، وبمستوى عام وخاص، وبشتى أجناس الأدب والثقافة والفنون، في القصة والشعر والمسرح والسينما والكتابات النقدية الجمالية والترجمة، وتقديم البرامح ، فضلاً عن اشتغاله لعدد وفير من الأفلام السينمائية المهمة، والمسلسلات التلفزيونية والبرامج الناجحة والمتميزة والفائقة الكفاءة، وهو المعلم حقا وهو الخبير الذي علم الكثير من الأسماء التي تشغل الآن مواقع مهمة في حقول الثقافة والفنون والإعلام، في أغلب وكبريات وسائل الاعلام المرئية والمسموعة، واليوم اجدد هذه التسمية الجديرة بإسمه، وأطلق مقترحاً جديداً آخر لعله يأخذ طريقه للتنفيذ، وهو إنشاء (مركز فيصل الياسري للدراسات والابحاث في الفنون السمعية والبصرية)، هذا المركز الذي أتمناه أن يكون مستقلاً و يعنى بما يأتي:

1- الحفاظ على جميع آثار الأستاذ فيصل الياسري من كتب وأفلام وبرامج وأشرطة ولقاءات ووثائق وكأننا نؤسس متحفاً فنياً له.

2- يعنى المركز بجمع ومناقشة البحوث التي تتتناول الإختصاص السمعي البصري (معرفياً وحرفياً).

3- أرشفة كل الوثائق والصور المتعلقة بسيرة الأتاذ الياسري.

4- إ قامة الجلسات النقدية في السينما والدراما التلفزيونية.

5- عرض الأفلام والبرامج والفعاليات التلفزيونية بتوقيت محدد.

٦- إلقاء محاضرات في الإختصاص.

7- إقامة ورش تدريبية في الإختصاص الحرفي.

8- عروض أفلام النخبة المهمة في تاريخ السينما العالمية والعربية.

 9- فتح ملف السينما العراقية والعمل على نهضتها بمقترحات متواصلة من قبل المعنيين.

10- تدوين ما يتوفر من آثار فنية بعلاقات الياسري فنياً وثقافياً مع العالم بالكتابة والصور والأفلام.

وأخيراً .. أتمنى لهذا المشروع الثقافي الفني الكبير أن يأخذ سبيله الى التنفيذ..

مجلة السينمائي العراقية في