سينما العالم
World cinema
رضا الأعرجي
لطالما كان الأدب والفلسفة مهمين لغودار..
كانت الكتب من المكونات الرئيسية لأفكاره في جميع الفترات، وفي جميع أفلامه
تقريباً، يشير أو يقتبس من الكتب الأدبية الشهيرة والكتّاب الكبار في
العالم، خصوصاً شكسبير.
وُلد المخرج السويسري الفرنسي الشهير في 3 ديسمبر 1930 في باريس لأبوين
سويسريين- فرنسيين. درس في جامعة السوربون، وأثناء دراسته انضم إلى مجموعة
من هواة السينما ضمت فرنسوا تروفو، جاك ريفيت وإريك رومير. وحين أسس أندريه
بازان مجلته السينمائية المؤثرة (كراسات السينما) كان من كتابها الأوائل.
يعد غودار من أشهر مخرجي الموجة الفرنسية الجديدة التي بدأت بفيلم (سيرج
الجميل 1958) لكلود شابرول و(الاربعمائة ضربة 1959) لفرانسوا تروفو و(حتى
آخر نفس 1960) لغودار نفسه. وبرحيله لم يبق أحد من مخرجي هذه الموجة على
قيد الحياة.
جاء فيلمه الطويل الأول بعد مشاهدته فيلم أورسون ويلز (لمسة
من الشر
Touch of Evil)
وكان من بطولة الفرنسي جان بول بلموندو والأمريكية جين سيبرغ. حاز الفيلم
على إعجاب النقاد والجمهور في فرنسا وفي شتى أنحاء العالم، وقد عبّر عن
أسلوب الموجة الجديدة، واحتوى العديد من الإشارات إلى الأفلام الأمريكية،
ونجح في توظيف تقنيات مستحدثة في المونتاج.
تأثرت أعمال غودار في الأصل بالسينما الأمريكية وأفلام النوير، فيما ألهمت
أعماله لاحقاً الكثير من المخرجين الأمريكيين المشهورين مثل مارتن
سكورسيزي، كوينتين تارانتينو، روبرت التمان وجيم جارموش.
صنع غودار أفلامه مع ممثلين مشهورين مثل جان بول بيلموندو، بريجيت باردو،
آنا كارينا، ميشيل بيكولي، وقد ابتكر لغة متميزة، وأسلوباً بصرياً مختلفاً،
وسرداً منفرداً من خلال أعماله.
بدأ غودار في الستينات يدمج بين السياسة والفلسفة والتجريب في أفلامه مثل
(بيير المجنون) الذي عبر عن موضوعة الاغتراب، قبل أن يتحول إلى الرسائل
السياسية الواضحة كما في (رجولي انثوي) و(صنع في أمريكا) دون أن يفقد
الاهتمام بالعناصر الجمالية.
كان غودار ناشطاً سياسياً وليس صانع أفلام فقط، وكان في مقدمة المخرجين
الطليعيين الذي يعبرون عن آرائهم في القضايا الساخنة، ويدلون ببيانات حولها
أو تضمينها في أعمالهم الفنية. وقد تجلت مواقفه السياسية بوضوح عند اندلاع
ثورة الطلبة في مايو 1968 حيث كان في مقدمة المتظاهرين، كما ظل وراء
الكاميرا يسجل بحماس سير الاحتجاجات الطلابية والعمالية بالإضافة إلى أحداث
الشغب التي رافقتها.
وكانت لغودار اتصالات عديدة مع الماركسيين والطلاب الماويين في ذلك الوقت،
وعندما عاد من رحلة إلى كوبا، كانت أغلب نقاشاته تدور حول "الثورة
العالمية". وخلال نهاية الستينات بدأ اهتمامه ينصب على الأيديولوجية
الماوية، فانتج وأجرج مجموعة من الأفلام القصيرة عرض عبرها وجهة نظره
السياسية. وفي هذه الفترة سافر كثيراً، وصور العديد من الأفلام بعضها لم
يكتمل ولم يعرض. وبقيت أفلامه كذلك حتى عام 1980.
في 1961 كان قد تزوج من الممثلة الدنماركية آنا كارينا، وأسس معها شركة
لإنتاج الأفلام ما مكنه من اخراج أفلامه بعيداً عن شروط شركات الانتاج
ومتطلباتها، وكانت في غالبيتها أفلاما سياسية، ومن بين هذه الأفلام فيلم
(الجندي الصغير) عن حرب التحرير الجزائرية وفيه حاول التعبير عن الواقع
المعقد للعلاقة بين فرنسا والجزائر دون التحيز لرأي ايديولوجي معين.
في استطلاع أجرته مجلة
Site & Sound
عام 2002، حصل غودار على ثالث أشهر صانع أفلام في تاريخ السينما. |