روح مارلين مونرو تحوم في موقع تصوير فيلم "بلوند"
الفيلم استكشاف لحياة مونرو العاطفية المضطربة داخل "مطحنة
هوليوود".
يبدو أن الحاضر الأبرز في مهرجان البندقية السينمائي لهذا
العام هي أيقونة السينما الراحلة مارلين مونرو التي تحضر سيرتها من جديد
بفيلم سينمائي يكشف أسرارا من حياتها ويكشف المنظومة الذكورية التي دفعت
نجمة من نجوم هوليوود إلى وضع حد لحياتها وهي لم تتجاوز بعد السادسة
والثلاثين من عمرها.
البندقية (إيطاليا)
- بعد
ستين عاما على وفاتها، أعاد فيلم “بلوند” (الشقراء) إحياء سيرة الممثلة
الأميركية مارلين مونرو، حيث يعرض في مهرجان البندقية السينمائي للمرة
الأولى، ليعيد سرد أبرز محطات مسيرة الأيقونة الراحلة والنهاية المأساوية
لنجمة قست عليها حياة الشهرة في هوليوود.
وقالت الممثلة آنا دي أرماس التي جسدت دور مارلين مونرو في
الفيلم الذي يصور سيرتها الذاتية بلمسة خيالية، إن طاقم العمل في الفيلم
شعروا بحضورها فعليا خلال التصوير وهي تلقي أشياء عندما تثور غضبا.
والفيلم من إخراج الأسترالي آندرو دومينيك ومن المقرر عرضه
على منصة نتفليكس، ويُطرح لأول مرة عالميا في مهرجان البندقية السينمائي.
وهو يصور لحظات رئيسية من حياة أيقونة هوليوود.
وتروي الممثلة كوبية المولد التي احتاجت إلى تدريب صوتي
للتغلب على لهجتها الإسبانية واستحضار روح مونرو “أعتقد فعلا أنها كانت
قريبة جدا منا. كانت معنا”.
"بلوند"
يعرض قراءة جديدة بأسلوب نسوي لمسيرة مارلين التي توفيت بعدما أصبحت أيقونة
في الثقافة الشعبية
وأضافت للصحافيين “أظن أنها كانت سعيدة. كانت ترمي أشياء من
على الحائط أحيانا وتفقد أعصابها إذا لم يعجبها شيء (…) ربما يبدو هذا
خياليا جدا، لكنه كان يحدث. شعرنا به جميعا”.
وذكر المخرج أن التصوير بدأ في الرابع من أغسطس، الذي يوافق
ذكرى رحيلها عام 1962 من جرعة زائدة من أدوية الاكتئاب، وهي في عمر السادسة
والثلاثين.
وصُورت المشاهد الأولى في نفس الشقة التي كانت تعيش فيها
مارلين، وكان اسمها حينذاك نورما جين بيكر، مع والدتها المريضة عقليا. كما
تم تصوير مشهد الوفاة في نفس الغرفة التي رحلت فيها الممثلة الشهيرة.
وقال دومينيك الذي ظل يسعى لأكثر من عشر سنوات لتحويل كتاب
يحمل الاسم نفسه إلى عمل معروض على الشاشة “لقد استخدمت بالتأكيد عناصر
تبدو أنها من جلسة لتحضير الأرواح”.
ورغم قوة اللهجة الإسبانية لدى دي أرماس، قال دومينيك إنه
اقتنع بأنها ستكون قادرة على لعب الدور الرئيسي بعدما رآها في فيلم “نوك
نوك” أو “الطرق على الباب” من إنتاج عام 2015.
وقال “عرفت أنها الشخص المناسب بمجرد أن رأيتها على
التلفزيون. الأمر أشبه إلى حد ما بالحب من أول نظرة، عندما يمر الشخص
المناسب أمام الباب.. تعرفه”.
وباحت دي أرماس بأنها لم تكن تعرف الكثير عن مونرو عندما
وافقت على الدور، لكنها قالت إنها انغمست في الشخصية قبل بدء التصوير.
وأضافت “كانت كل ما أفكر فيه، وكانت كل ما أحلم به، وكل ما
أستطيع التحدث عنه. كانت معي وكانت جميلة”.
وبدا من المشاهد الأولى التي توافرت من الفيلم أن التشابه
مذهل بينها وبين مونرو، بفضل عدد كبير من جلسات الماكياج.
وتقول آنا دي أرماس “أردت أن ألتقط جوهرها، روحها، وأن أفهم
سبب تحدثها بهذه الطريقة بدلاً من أن أقلّدها”. وكان على آنا أن تعمل بشكل
خاص على الصوت، وهي التي لا تزال لكنتها الكوبية ظاهرة قليلاً عندما تتحدث
بالإنجليزية، فعلى عكس أدوارها السابقة، مارلين مونرو هي “شخص حقيقي،
وأيقونة ذات صوت خاص جداً”.
نجمة قست عليها حياة الشهرة في هوليوود
وفيلم “بلوند” يشارك في بطولته أدريان برودي وجوليان
نيكولسون، وهو واحد من بين 23 فيلما تتنافس على جائزة الأسد الذهبي التي
سيتم تسليمها في العاشر من سبتمبر. ثم سيبدأ بثه عبر شبكة نتفليكس المنتجة
للعمل في الثامن والعشرين سبتمبر الجاري، من دون عرضه في صالات السينما.
ويعرض “بلوند” قراءة جديدة بأسلوب نسوي لمسيرة نورما جين
مورتنسون، الاسم الحقيقي لمارلين التي توفيت عام 1962 عن 36 عاماً بعدما
أصبحت أيقونة في الثقافة الشعبية.
واستُلهمت حياتها في كثير من الأعمال الفنية، من لوحات أندي
وارهول إلى فيلم “ماي ويك ويذ مارلين” لميشال ويليامز قبل عشر سنوات،
مروراً بروايات لكتّاب من أمثال نورمان مايلر.
ويضيء “بلوند” على النظام الذكوري في هوليوود، من دون تقديم
إيضاحات عن لغز وفاتها المستمر حتى اليوم.
ويستند العمل إلى رواية الأميركية جويس كارول أوتس، وهي
سيرة متخيلة لكنها موثقة لحياة النجمة صدرت سنة 2000. وعلى مر محطات
المسيرة المضطربة لمارلين التي تعرضت خلالها لانتهاكات من الرجال وأوساط
القطاع السينمائي والتي بحثت طوال حياتها عن حب مستحيل. وتحيل هذه السيرة
قارئها إلى أجواء الولايات المتحدة في خمسينات القرن الماضي وبداية
الستينات.
وواجه إنجاز الفيلم تحديات عدة لم تكن أقلها صعوبة إعادة
تشكيل مشاهد استحالت من كلاسيكيات الفن السابع، بينها أداء مارلين مونرو
أغنية “دايمندز آر ذي غيرلز بست فرند” الشهير من فيلم “جنتلمن بريفير
بلوندز”، أحياناً بالاستعانة بلقطات أرشيفية.
الفيلم يستكشف حياة مارلين مونرو العاطفية المضطربة وسلسلة
خيبات الأمل لفنانة صنفتها هوليوود وأوساط الصحافة رمزاً للجنس
والفيلم الذي وصف مخرجه قرار حظره على الأطفال دون سن 17
عاماً في الولايات المتحدة بأنه “محض هراء”، يستكشف حياتها العاطفية
المضطربة، وسلسلة خيبات الأمل لفنانة صنفتها هوليوود وأوساط الصحافة رمزاً
للجنس.
وقال المخرج في مقابلة مع مجلة “سكرين ديلي” المتخصصة إن
فيلم “بلوند” هو “نقد لأصحاب الهالات الزائفة في الولايات المتحدة”. ولم
يكن من الممكن إنجاز العمل لولا حركة التنديد بالاعتداءات الجنسية في عالم
السينما “لأنّ أحداً لم يكن مهتماً من قبل بهذا النوع من الأشياء: ما معنى
أن تكون فتاة محرومة من الحب، أو ما معنى المرور عبر مطحنة هوليوود؟”.
ويلعب بوبي كانافال وأدريان برودي دور الزوجين السابقين
لمارلين مونرو، نجم البيسبول جو ديماجيو والكاتب المسرحي آرثر ميلر، على
التوالي. وألّف الموسيقى التصويرية للفيلم مغنيا الروك وارين إليس ونيك
كيف، وهما من أقارب المخرج الذي تعاون معهما سابقاً في وثائقيات.
هذا الفيلم هو من أكثر مشاريع نتفليكس السينمائية طموحاً،
وهي خدمة تضم 220 مليون مشترك حول العالم تعمل مع أستوديوهات كبرى وخدمات
بث أخرى في سباق لإنتاج محتوى جديد.
وأصبح مهرجان البندقية مكاناً مفضلاً للمنصة التي قدمت
خلاله في 2018 فيلم “روما” للمخرج ألفونسو كوارون، الحائز جائزة الأوسكار
آنذاك، تماماً مثل فيلم “ذي باور أوف ذي دوغ” العام الماضي لجين كامبيون،
الحائزة أيضاً الأوسكار.
وتعذر عرض فيلم “بلوند” في مهرجان كان، حيث لم تُعرض أفلام
نتفليكس في دور السينما الفرنسية ولم تتمكن من الوصول إلى السباق على
السعفة الذهبية. |