فعاليات «الأقصر الإفريقى».. القارة السمراء تتألق بسحر
السينما
كتب: سعيد
خالد
تتواصل فعاليات الدورة الحادية عشرة لمهرجان الأقصر للسينما
الإفريقية، والتى تقام حاليًا فى محافظة الأقصر، بحضور عدد من النجوم وصناع
السينما المصريين والأفارقة والعالميين، وشهدت فعاليات المهرجان حفل توقيع
ومناقشة كتاب «أمير الصعاليك» للناقد السنغالى نجيب ساجنا، والذى يتناول
خلاله مسيرة المخرج السنغالى الراحل جبريل ديوب مامبيتى، الذى تحمل الدورة
الحالية من المهرجان اسمه، وقال السيناريست سيد فؤاد، رئيس مهرجان الأقصر
للسينما الإفريقية، إن المخرج السنغالى الراحل الذى تحمل اسمه الدورة
الحالية واحد من أهم المخرجين فى القارة السمراء، حيث قدم أعمالًا مختلفة،
استطاع من خلالها أن يخلد مسيرته الفنية، لافتا إلى أن «مامبيتى» يشبه من
المخرجين المصريين المخرج المصرى الكبير شادى عبد السلام، لأنه كان لا يهتم
بالكم، ويعى تمامًا أنه من الممكن تقديم عمل واحد يصل من خلاله إلى
العالمية.
وأضاف «فؤاد»: إدارة المهرجان حينما قررت تكريم «مامبيتى»
فكرت فى إصدار كتاب عن مسيرته الإبداعية، لأن الكتاب هو ما يبقى ويستمر،
خاصة أن هناك ندرة فى المطبوعات الخاصة بالشأن السينمائى الإفريقى، كاشفًا
عن أن مؤلف الكتاب الناقد نجيب سانجا أصدره مجانًا ودون الحصول على أى
مقابل، تقديرًا للمهرجان وللراحل جبريل ديوب مامبيتى.
من جانبه قال الناقد السنغالى تيرنو إبراهيما إن كتاب «أمير
الصعاليك» مهم ويرصد تفاصيل هامة من حياة جبريل ديوب مامبيتى منذ بداية
عمله فى السينما وحتى نهاية مسيرته، مبرزًا مرحلة وصوله إلى العالمية،
مشددا على أن المؤلف وضع يده على نقاط مهمة فى سينما «مامبيتى».
وأوضح «إبراهيما» أن الكتاب يعاب عليه عدم ذكر بعض المصادر،
لكنه يبقى إضافة كبيرة للمكتبة الإفريقية، خاصة أنه لا يوجد الكثير عن
المخرج الراحل رغم كونه مخرجًا شاعريًا فى الأساس وواحد من المؤثرين فى
صناعة الدراما الإفريقية، مشددًا على أن تكريمه فى المهرجان ليس تكريمًا
خاصًا به، بل هو تكريم لجميع السينمائيين الأفارقة.
وقال مؤلف الكتاب الناقد نجيب ساجنا، إن سينما «جبريل
مامبيتى» كانت مختلفة عما يتم تقديمه فى السينما السنغالية وقت ظهوره، حتى
أن الكليات الفنية هناك تنصح طلابها بضرورة التعلم والاستفادة من أعمال
«مامبيتى»، وأثناء دراسته علم الاجتماع وجد حجم الاختلاف بين «ديوب
مامبيتى» وغيره من المخرجين السنغاليين، وهو ما جعل الكثير من الأجيال
الجديدة من المخرجين تستلهم من أعماله وتخطو نفس المسارات الفنية التى سار
فيها المخرج الراحل.
واستطرد «ساجنا» أن «مامبيتى» كان منفتحًا فى معالجاته
السينمائية، وكان يركز بشكل كبير على الموضوعات القريبة من الجمهور، والتى
تناقش قضايا وطنه، مشيرا إلى أن أفلام «جبريل» الروائية الطويلة هما فيلمان
يعدان عملين عالميين، موضحا أن الكثير ممن كتبوا عن سينما «مامبيتى» لم
يفهموها بالشكل الكافى، ولا يزال أمامنا الكثير حتى نصل إلى المعانى التى
كان يقصدها المخرج السنغالى الكبير فى أعماله.
من جانبه قال تيمور مامبيتى إن والده كان شاعرًا ومخرجًا،
لكنه كان يفضل وصفه بالشاعر، مشيرا إلى أنه كان يهتم بكافة العناصر الفنية،
وكان يركز بشكل أكبر على التفاصيل، مثل جماليات الصورة، وليس عنصر التمثيل
فقط.
وأشار «مامبيتى الابن» إلى أن السينما الإفريقية تحتاج إلى
اهتمام أكبر حتى تكون قادرة على منافسة السينما العالمية، موضحا أن الكتاب
الذى صدر عن المهرجان على هامش تكريم والده كتاب جيد ومهم عن مسيرة «جبريل
مامبيتى»، ولا يعتقد أن الكتاب ينقصه شىء، لأنه مؤلفه قدم من خلال وجهة
نظره، حتى لو كانت تخص جزءا معينا من مسيرته، حيث صدر من قبل كتاب مخصص عن
المؤثرات الصوتية فى سينما «مامبيتى».
وخلال مؤتمر صحفى للمخرجة البوركينية أبو لين تراورى،
أدارته الإعلامية هالة الماوى، قال سيد فؤاد، رئيس المهرجان، كلمته عن
«تراورى»: اختيارها جاء على أساس تميزها وعطائها الفنى، ولكى نخرج من «حصر»
فكرة أن يكون التكريم مرتبطًا بكبار السن فقط، وأشار «فؤاد» إلى أن «أبو
لين» حققت نتائج كبيرة ومتميزة ولديها مستقبل كبير، وأن المهرجان سعيد
بتكريمها فى الدورة الحادية عشرة، ودولة بوركينا فاسو لديها سينما متميزة
جدا، ومهرجانا الأقصر وقرطاج هما أول من صنعا مهرجانًا للسينما الإفريقية.
وعبرت المخرجة «أبو لين تراورى» عن سعادتها بتكريمها من
مهرجان الأقصر، ووجهت الشكر بشكل خاص لرئيس المهرجان على دعمه للسينما
الإفريقية وتكريمها، وقالت إنه من الرائع أن يتم تكريم الشباب بجانب كبار
السن وإن هذا شىء إيجابى وجميل بالنسبة لها.
وعن علاقتها بالمهرجان أجابت أبو لين بأن هذا المهرجان له
مكانة خاصة جدا لديها، لأنها عندما حضرت منذ عامين لأول مرة، وكانت فى
الدورة التى ظهرت بها جائحة كورونا، اعتبرتها دورة غاية فى الخصوصية، وأنه
كان لديها فيلم يعرض بالمهرجان وحصلت على جائزة، وأشارت إلى أنه تمت
معاملتهم معاملة الملوك من قبل إدارة المهرجان والمسؤولين، وكانوا قلقين
جدًا عليهم بسبب جائحة كورونا، خاصة بعد ما ظهرت أول حالة لكورونا بمدينة
الأقصر.
وعن فيلم «ثمن الحرية» وهل شاهدته أم لا، قالت إنها لم
تشاهد الفيلم، لكنها سمعت عنه كثيرًا، أما عن انطباعها عن السينما المصرية
فأكدت على حبها الشديد للسينما المصرية وتعرفها جيدا، وأنها فى كل عام
بـ«الفيسباكو» يتم عرض أفلام مصرية وتحرص على مشاهدتها، ودائما ما تعرف
الأفلام المصرية من بطلات الأفلام لأنها تهتم بقضايا المرأة، ودائما ما
تسعى لمعرفة كيف تكون المرأة فى السينما المصرية.
وحول علاقتها بالنجم العالمى «جيمى جان لوى»، وتعاونها معه،
قالت «أبو لين» إنها فى بداية معرفتها به كانت تعرفه بشكل سطحى وأنها طلبت
منه فى أحد المهرجانات العمل معها ووافق، لكن التعاون لم يتم إلا بعد مرور
4 سنوات، وكانت قلقة جدا من أجره لأنه نجم عالمى، لكنه فاجأها بالموافقة
بأجر قليل، وقامت وقتها بعمل بروفات مكثفة لأبطال الفيلم المبتدئين وكانت
تحمسهم دائما بأن البطل سيكون جيمى جان لوى، فكانوا يبذلون قصارى جهدهم،
وبالفعل انبهر جيمى حينما بدأ التصوير معهم، وكان هذا بفضل البروفات
المكثفة التى تحرص عليها دائما فى كل أعمالها.
وبسؤالها عن أهم القضايا التى تناقشها أبو لين عن المرأة،
وهل يوجد فى بوركينا فاسو ما يطلق عليها بسينما المرأة، أجابت «أبو لين»
أنها لا تركز على قضية معينة للمرأة، لكنها تهتم بوضعية المرأة فى المجتمع
وتتحدث عن نقاط ضعفها وقوتها وكيف تحارب وتناضل فى مجتمعها، وأشارت «أبو
لين» إلى أن فيلمها الأخير كان يناقش فكرة المساواة بين الولد والبنت، من
خلال أب وابنته الصغيرة التى تحاول أن تثبت لوالدها أن البنت لا تقل أهمية
عن الولد، وأكدت أنهم فى بوركينا فاسو يعانون من هذه الفكرة التى وجدتها
أيضا فى معظم المجتمعات العربية، حيث يفضلون إنجاب الذكور عن الإناث.
وفى فيلمها «الحدود» ركزت من خلاله على مشاكل السيدات
البائعات المتجولات فى منطقة غرب إفريقيا التى يوجد بها قانون ينص على حرية
العبور، وكيف تعانى هؤلاء السيدات من فساد المسؤولين الواقفين على الحدود
ومن خلال هذا الفيلم أظهرت أبو لين كفاح المرأة ومعاناتها.
وأشارت إلى أنه لا يوجد عندهم ما يسمى بصناعة سينما المرأة،
لكن عندهم أفلام تناقش هموم المرأة، وأنه لايزال عندهم نقص فى صناعة
السينما عموما.
وعن اختيارها كسفيرة للمتاحف فى بلدها، وهل وجدت أفكارًا
جديدة باعتبارها فى أهم منطقة أثرية بمصر وكيفية استفادتها بأفكار جديدة من
مصر، أوضحت أبو لين أنها لم تستطع الزيارة الماضية أن تزور متاحف الأقصر
بسبب جائحة كورونا المفاجئة، وتتمنى أن تجد الوقت المناسب هذه المرة لزيارة
المتاحف الأثرية بمدينة الأقصر.
وحول تصويرها لأفلامها خارج بوركينا فاسو أكدت أن لديها
انتماء شديدا لإفريقيا، وأنهم فى بلدها يلومونها على أنها تصور أعمالها
الفنية بالخارج، رغم أنها فى البداية كانت تصور بداخل البلاد، ولكن بسبب
وجود الإرهاب لجأت إلى التصوير خارج البلاد، وأشارت إلى أنها تتمنى أن يكون
هناك عمل مشترك يجمعها بمصر وليس من المهم أن يكون بالسينما ولكن يمكن أن
يكون هناك تعاون مشترك على مستوى المتاحف.
وعن مشكلة التوزيع بإفريقيا قالت أبو لين إن الأفلام دائما
تحتاج إلى موزع ووكيل للبيع وإنهم لديهم مشكلة كبيرة فى توزيع الفيلم
الإفريقى، لأنه حينما يعرض الفيلم فى مهرجانات يختفى بعد ذلك ولا يشاهده
أحد مرة أخرى، وأنه فى الثمانينيات والتسعينيات كان لديهم أكثر من 50 قاعة
كانت مكشوفة ومليئة بالعروض، ولكنها اختفت ولم يعد لديهم سوى قاعتين فقط،
وأشارت إلى أنه فى ظل التطور التكنولوجى أصبحت القرصنة شىء سهل والكل
يستخدمها لمشاهدة الأفلام التى يريدها عبر الهاتف، وأن هذا شىء مؤسف جدا.
وكان رئيس المهرجان قد طرح مبادرة أن يتم عمل قاعة فى كل
دولة من دول إفريقيا يتم عرض الأفلام الإفريقية بها، وهى مترجمة وبالتالى
سيستطيع الجميع مشاهدة هذه الأفلام، وثمنت أبو لين مبادرة السيناريست سيد
فؤاد، رئيس المهرجان، وقالت إنها مبادرة رائعة وتتمنى أن تتحقق فى أقرب وقت.
وعلى هامش فعاليات المهرجان أيضا أقيم معرض للمراكب
التراثية للفنان سعيد الباجورى، تنوعت أعماله بطرازات مختلفة للمراكب ما
بين الطراز المصرى القديم، خاصة مراكب الشمس والمركب الخاص بالملك زوسر،
وكذلك المراكب من الطراز الإفريقى، والتى نفذها خصيصًا لهذه الدورة من
المهرجان.
واحتوى المعرض على المراكب الشراعية التراثية الخليجية
ومراكب نقل الركاب والبضائع وحتى مراكب القراصنة التقليدية، كما عرض
الباجورى بعض المراكب من وحى التراث ليقدمها بمنظوره الخاصة ما بين المراكب
ذات الأشرعة الكثيرة أو العكس مستخدمًا خامات مختلفة أهمها الخشب والأحبال
والأقمشة المختلفة.
وقال الفنان سعيد الباجورى: سعيد بالمشاركة فى فعاليات
مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية من خلال معرض فنى وورشة عمل لتعليم تنفيذ
المراكب التراثية، والتى تقام يوميًا بمكتبة مصر العامة، وأشار إلى أن هذه
ليست المرة الأولى لمشاركته، بل إنه شارك فى دورات عدة منذ ٢٠١٥، وحتى
الآن، مضيفا أنه فى كل دورة يسعى لاكتشاف ما يميل إليه الأطفال والشباب
لتعلمه، لامسًا استعدادهم وشغفهم بتعلم صياغات مختلفة لتنفيذ المراكب،
ويحسب للمهرجان سعيه لتعليم النشء الفنون المختلفة بين القديم والحديث. |