«مصر لديها تاريخ سينمائي كبير»..
تيري فريمو يتحدث لـ«بوابة الأهرام» عن السينما العربية
ومهرجان «كان» |حوار
حوار- سارة نعمة الله تصوير: أحمد رفعت
-مصر لديها تاريخ سينمائي كبير
- تكريمي بمهرجان القاهرة السينمائي ليس تكريما لشخصي فقط
-زيارتي إلى القاهرة مهمة لهذه الأسباب
- المهرجانات وسيلة لتقوية الصناعة ولا يمكن إقامتها
افتراضيا
-الأجيال الجديدة في السينما المصرية والعربية تنتمي لسينما
المؤلف
-أشاهد ألفي فيلم في" كان" والاختيارات بها مسئولية وتحد
-ليس لدينا اعتبارات سياسية في اختيار الأفلام في مهرجان
كان
- العلاقة بين المهرجانات والمنصات الإلكترونية قادمة لا
محال فيها
يظل مهرجان "كان" واحدا من المهرجانات المحركة لخريطة الذوق
السينمائي والمشاهدة بالعالم، ومن عام إلى آخر يزداد الحدث وهجا وبريقا
حتى مع ارتباك الأوضاع في ظل انتشار جائحة كورونا، وخلال السنوات الأخيرة،
نجحت السينما المصرية في خلق تواجد لخريطتها هناك من جديد من خلال مجموعة
من المخرجين الشباب الذين يواصلون مسيرة يوسف شاهين وآخرين مما صدعت
أسماؤهم هناك.
مؤخرا، كرم مهرجان القاهرة السينمائي، تيري فريمو مدير
مهرجان كان، هذا التكريم الذي يعتبره احتفاء بالمهرجان وليس بشخصه فقط بحسب
ما ذكر في حواره في "بوابة الأهرام" والذي أعرب فيه عن اعتزازه وسعادته
بالحضور إلى القاهرة التي يزورها للمرة الأولى.
ويتحدث فريمو في حواره عن أهمية تواجده بالقاهرة، رؤيته
للسينما المصرية والعربية وصناعة المهرجانات، وسر نجاح واستمرارية مهرجان
كان ومعايير اختياراته للأفلام كما يتحدث عن إرجاء طموحه كمخرج في مقابل
مساعدته للنهوض بصناعة السينما وغيرها في السطور القادمة.
في البداية، أكد فريمو أن التواجد في مهرجان عريق مثل
القاهرة السينمائي يتمتع بمكانة بارزة ، هو فرصة للالتقاء وتبادل الخبرات
الثرية بشأن الصناعة السينمائية.
وأضاف: عندما تم دعوتي، كان لدي رغبة كبيرة في الحضور،
فصحيح أنه من الجيد أن نستقبل الفنانين وصناع السينما في " كان" ولكن
الأفضل أننا نقابل الناس وهما يعملون هنا على أرض الواقع.
ومهرجان "كان" حتى وإن كان أكبر مهرجان في العالم، فأنا
في النهاية أقدم زيارة لزمايلي من نفس المجال والتقي بأهل الصحافة، وأحاول
أفهم كيفية سير العملية السينمائية هنا، والحقيقة أنني سعيد للغاية بزيارتي
الأولى إلى القاهرة.
"العلاقة بين مهرجان القاهرة وكان"
تحت هذا العنوان، يؤكد مدير مهرجان "كان" أن المهرجانات
تساعد على تقوية الصناعة في العالم، وكلما تقدمنا في السنوات مع زيادة
انتشار المنصات الإلكترونية سيكون هناك حاجة للمهرجانات بشكل أكبر، لأننا
لا يمكن مثلا أن نقيم مهرجانا افتراضيا، فهو شىء ملموس لابد من إحساسه حيا.
ويضيف: وجودي هنا في القاهرة يحمل أهمية كبيرة لأنني أشاهد
السينما هنا، كما أن زيارتي هنا ضرورية وتمثل علامة فارقة لي، لأنني
أتواجد في بلد مهرجان كان لا تستضيفها كثيرا مثل أمريكا وغيرها.
"السينما المصرية في عيون فريمو"
ويؤكد فريمو أن السينما المصرية حاليا وكذلك بالمغرب ودول
البحر المتوسط تشمل أجيالا جديدة في المجال من الذين ينتمون لسينما المؤلف
وهي ظاهرة جيدة للغاية، ويضيف:السينما المصرية في الخمسينات والستينات كانت
سينما قوية وكان بها على سبيل الذكر "السينما الغنائية"، سبق وحضرت في
معهد العالم العربي بباريس معرضا تم تقديمه عن أم كلثوم ورأيت أحوال
السينما بتلك الفترة بخلاف معرض صور كان يتحدث عن أفيشات السينما قديما
ولذلك مصر لديها تاريخ سينمائي كبير.
ويؤكد فريمو الذي تولى إدارة معهد لوميير منذ عام ١٩٩٥،
والذي يستهدف الحفاظ على تراث السينمائي بالعالم، أن الأخوين لوميير مثلا
كانا يرسلان مديرين للسينمات بالعالم ليروا مايحدث بها وعندما ذهبوا في
البداية اتجهوا إلى القاهرة لأن صورة مصر في السينما كانت من أوائل السينما
بالعالم، لذلك من الطبيعي أن يتواجد بالقاهرة لأنه يعتبر نفسه وريثا من
ورثة لوميير.
يشير فريمو إلى أن السينما العربية حاضرة وقوية ولديها
تقاليد وماض كبير وربما ليس مثل الماضي كما كان بالخمسينات والستينات
لكنها حاضرة، وردا على تساؤل نحو تكرار الأنماط والشخصيات في السينما
العالمية أكد ضرورة استخدام شكل آخر للعرب يكون نابعا من مجتمعاتهم،
فالسينما هي أكبر أداة للمعرفة بالعالم وهي التي من الممكن أن تقول ماهو
المجتمع وكيف يفكر.
" دعم مهرجان كان للسينما المصرية"
يشير فريمو إلى أن السينما المصرية التي لم ينصفها التاريخ
ولم يوضح مدى أهميتها في العالم العربي، لذلك بدأوا في عرض بعض الأفلام
المصرية الشهيرة مؤخرا، كما فعلوا مع بوليوود سابقا.
ويضيف: مهرجان "كان" كان فخورا باستقباله لفنانين عظماء مثل
يوسف شاهين الذي شاهدنا أفلامه وأعجبنا بها وعرضناها لدينا كما أن الجيل
الجديد من صانعي الأفلام المصريين الشباب سواء النساء أو الرجال، مثير
للاهتمام ولديه الكثير في المستقبل.
"الاعتبارات السياسية والاختيارات من المنطقة العربية في
كان"
في هذا الصدد، يتحدث فريمو عن طريقة اختيار الأفلام في
مهرجان كان، حيث يؤكد أنهم يختارون الأفلام التي تعرض عليهم أيا كان
جنسيتها، ويضيف: عندما عرض علينا فيلم " يوم الدين" كان مفاجأة بالنسبة
لنا من مخرجه أبو بكر شوقي، فقد كان فرصة لنوعية سينما مختلفة وهو ما يؤكد
أن اختياراتنا ليست سياسية كما يراها البعض دائما.
ولدينا أكثر من طريقة لاختيارات الأفلام، وصحيح أننا
نتعرض للهجوم من البعض ويتم اتهامنا بهذا الأمر لكن خيارتنا ليس لها علاقة
، وفي بعض الأحيان يكون لدينا أخطاء ولكن هذا يحدث في كل مهرجانات العالم،
وفي النهاية ما يحكمنا هو جودة المنتج المعروض.
"توازنات في مهرجان كان"
ويتحدث فريمو أن مهرجان " كان" يحمل توازنا بين فكرة
النجوم والسجادة الحمراء وسينما المؤلفين وأيضا سينما البلاد النادرة،
وسينما الأجيال الجديدة، ويضيف: أولويات اختيار الأفلام في مهرجان كان،
تحمل بعدين هما الماضي والمستقبل، فلابد أن يكون لدينا ولاء للماضي ويكون
في أذهاننا أن مهرجان "كان" هو أكبر مهرجانات العالم، لكن أيضا لابد أن
نستكشف كل ما هو جديد ونضع في الاعتبار الأجيال الجديدة ونستكشف المستقبل
في ظل التحديات الجديدة بالعالم.
"مسئولية اختيار الأفلام"
"نعم لدى مسئولية كبيرة في الاختيار"، هكذا يؤكد فريمو،
مشيرا إلى أن اختياراته تشكل ذوق ومشاهدة الجماهير في العالم وهو ما يعد
مصدر فخر بالنسبة له، لكنه في الوقت ذاته يحمل تحديا بالنسبة له في دأبه
المستمر في التجديد كل عام.
ويستكمل حديثه: ما يصنع التاريخ هم الفنانون ذاتهم،
والحقيقة لا نعرف إن كان مهرجان كان انعكاسا للذوق العالمي أم أنه هو الذي
يخلقها بالأساس، وربما أقول إنه مزيج من الفكرتين حتى وإن كنا بنتفاخر
أننا نحن الذين نشكل الذوق، فإننا نخطئ أخطاء في بعض الأحيان، وعندما
أختار فيلما ولا يحظى باستقبال جيد من الجمهور، فهذه مأساة بالنسبة لي،
لأن ال ٦٠ فيلما اللى بختارهم كأنها ٦٠ ابنا لي.
ونحن في كان، نشاهد الأفلام أولا ثم يأتي دور النقاد ثم
الصحفيين ثم مديري المهرجانات الأخرى، وهو ما يخلق قوة للفيلم.
" مستقبل المهرجانات والصناعة في ظل الحضور القوي للمنصات
الإلكترونية"
يؤكد فريمو أن العلاقة بين المهرجانات والمنصات الإلكترونية
قادمة لا محال فيها، منوها أن شبكة مثل "نتفليكس" والتي وصفها بال " عظيمة
" تقدم أعمالا إبداعية ولها عمل سياسي أيضا، وهذا أمر في غاية الأهمية،
ويضيف: سبق ودعيت "نتفليكس" في ٢٠١٧ ضمن مهرجان كان، ولكي ندافع عن قاعات
السينما لابد أن نعرض جميع الأفلام المنافسة في قاعات العرض الفرنسية.
وأعتقد أننا سنعمل سويا يوما ما، لأن شبكة مثل "نتفليكس"
تحب السينما وتشغل لديها مجموعة من المحترفين فيها الذين يذهبون
للمهرجانات فهم بحاجة للشاشة الكبيرة لأن أصغر نجوم الأفلام يظهرون على هذه
الشاشة.
وأرى أن المستقبل في الغالب سيكون مزيجا من السينما
والمنصات وعملي بالتأكيد يدفعني للدفاع عن دور السينما.
"فريمو المخرج والمدير"
ربما المسئولية التي يحملها فيرمو على عاتقه في إدارة
مهرجان بجحم كان، أرجأت طموحه كمخرج وصانع أفلام، وهنا يتحدث قائلا:
بالتأكيد عندما كنت شابا كنت أود أن أكون صانع أفلام في السينما في ليون
وكان، ولكن لأن طبيعة عملي متمثلة في الدفاع عن الآخرين توقفت عن صناعة
السينما واكتفيت بتقديم أفلام وثائقية عن الأخوين لوميير.
ويواصل حديثه: مقدرش كل سنة أتفرج على ألفي فيلم وأفرز
بينها، وأضع تقييمي عليها، ثم أجلس لأتحدث عن فيلمي، فعملي هو مساعدة
صناع السينما، وهذا شىء عظيم لي، ولا يجوز أن أكون مدير مهرجان إذا لم أكن
شخصا سخيا وكريما ولدي قدرة على مساعدة الآخرين والإعجاب بأعمالهم.
"شروط اختيارات الأفلام في كان وشركات التوزيع الكبرى"
يؤكد فريمو أن اختيار الأفلام في كان بسيطا جدا، وأي فيلم
يستطيع المشاركة، ويضيف: عدم الاختيار في مهرجان " كان" لا يعني أن
العمل مستواه متواضع، فنحن نشاهد ألفي فيلم وهناك ٦٠ فيلما يتم
اختيارها في المسابقة الرسمية، ٢٠ فيلما في المنافسة، وهنا نتحدث في
اختيار دقيق جدا.
لكن هل يشترط وجود شركة توزيع قوية لقبول الفيلم بالمهرجان؟
يجيب فريمو بالنفي التام ويؤكد أنه لم يكن يعرف شيئا عن
فيلم "يوم الدين" وبالفعل عندما شاهدوه أعجبوا به وقرروا الحصول عليه، ولم
يعرفوا من هو منتجه.
"التوازن بين الرجل والمرأة في مهرجان كان"
نحن نعمل على هذا الأمر كثيرا بحسب تأكيد مدير مهرجان كان،
ليؤكد أنه كلما كانت السينما بها تكافؤ بين الرجل والمرأة تحمل الكثير من
المميزات، ليشير أن الدورة للأخيرة حصدت المخرجات النساء السعفة الذهبية
على مستوى الأفلام، والتصوير، والأفلام القصيرة والوثائقية، مؤكدا أن الست
جوائز الرئيسية في كان، أيضا ذهبت إلى مخرجات ستات.
"الرقابة على صناعة الأفلام بفرنسا"
يشير فريمو أن هناك نقاشات كثيرة في هذا الأمر، فالحكومة
بفرنسا تتدخل في هذا الأمر كما أن الصناعة قوية جدا لكنه في الوقت الحالي
من الواضح أن ما يستدعي انتباههم في المقدمة هو كيفية استقبال الحضارة
الجديدة وكيفية حماية ومساعدة السينما، وهذا يمر من خلال تعليم الشباب
والجمهور الجديد منهم.
"استمرارية ونجاح كان"
يتحدث فريمو في هذا الصدد، ليؤكد أن سر نجاح المهرجان
العريق هو أمر لا يعرفه حتى الآن، لكنها حالة خاصة به تتغير كل عام وهذا
ما يجعله كل عام هو أهم مهرجان في العالم، ويضيف: كل عام هو إعادة بداية
لمهرجان كان وأخرى مرتبطة بالأحداث الحالية التي تفرض على السينما في كل
مكان، وهناك أشياء ترتبط بصناع السينما ذاتهم بخلاف الشباب وتحدياتهم في
تعليم السينما، لأنهم هم المسئولون عنها في المستقبل، وكذلك الجمهور وشباب
المخرجين، والتعايش مع المنصات وهو أمر مهم جدا. |