أمير كوستوريتسا: المهرجانات الفنية أخر ملجأ للسينما
عالميا والوسيلة الوحيدة للحفاظ على الأفلام الجيدة
مصطفى الجداوي
·
بناء الأفلام عملية موسيقية فى حد ذاتها.. والسينما هى
الأقرب للموسيقى عن الأدب والدراما
·
المنصات الإلكترونية ستحدث تغيرا وطفرة فى صناعة السينما
·
وباء كورونا منعنى من حضور «القاهرة السينمائى» فى الدورة
الماضية
·
عمل فيلم عن محمد صلاح أمر وارد بعد الاعتزال
منذ إعلان مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، فى شهر أكتوبر
الماضى، عن اختيار المخرج الصربى أمير كوستوريتسا، رئيسا للجنة تحكيم
المسابقة الدولية للدورة 43، وهناك حالة شغف كبير بين صناع السينما، حيث
استطاع «كوستوريتسا» أن يحصد العديد من الجوائز من خلال أفلامه ويشكل ظاهرة
سينمائية خاصة وفلسفة على الشاشة.
وعقب ندوته ضمن أيام القاهرة لصناعة السينما، التى تقام ضمن
فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى نسخته الـ43، حضرت «الشروق»
جلسة حوارية مع المخرج الصربى، تحدث فيها عن زيارته لمصر، ومصير صناعة
الأفلام مع المنصات الإلكترونية، وكيف شكلت الموسيقى نمطا فى أعماله
الفنية، وما الفرق بين «القاهرة السينمائى» عن غيره من المهرجانات.
فى البداية يقول المخرج الصربى، إن بداية دخوله للسينما لم
تكن جيدة على الإطلاق، حيث لم يكن الطالب المثالى المجتهد فى أى وقت، حيث
كان شابا غير مهتم بأى شىء فى البداية وكان يقضى وقته فى التجول فى
الشوارع، فلو لم تتدخل والدته وتتمسك بدفعه من أجل أن يلتحق بكلية لدراسة
السينما لأصبح الآن شخصا منحرفا، وكانت هناك رغبة قوية أيضا من والده
لدخوله مجال الفن، حيث كان يتمتع بصداقة قوية مع صانع أفلام فرنسى، والتحق
بالعمل معه وبدأت مشاركته الفنية بدور صغير، وكان يشعر بالخوف وقتها.
وعندما كان طالبا فى براغ، صنع فى بدايته فيلما سخيفا
للغاية، حيث لم يتمكن من الدفاع عنه أمام أساتذته، وفى السنة الثانية بدأ
يكون مجيدا فى أعماله وظهر عليه التطور، وأعجب أساتذته بالفيلم الثانى،
وأبلغوه بأن فيلمه الأول لم يكن جيدا، وكان يعتبر المخرج الإيطالى
«فيديريكو فلينى» هو مثله الأعلى، وكان فى عام 1973 يعرض له فيلم
«أماركورد» والذى كان يشبه سيرة ذاتية للمخرج، وحصل الفيلم على أوسكار أفضل
فيلم أجنبى من قبل الأكاديمية الأمريكية لفنون السينما والعلوم، وترشح
لجائزتى أفضل سيناريو غير مقتبس وأفضل إخراج، وحاول مشاهدة الفيلم فى أول
مرة ولكن الظروف حالت أمامه ولم يتمكن من مشاهدة فيلم مخرجه المفضل، ثم قرر
الذهاب فى العرض الثانى للفيلم ولكن بعد بدايته غلب عليه النوم واستيقظ فى
نهاية الفيلم، وكان حزينا أيضا هذه المرة، وقرر الذهاب لمشاهدة الفيلم
مجددا فى عرضه الثالث وقطع مسافة سفر استغرقت 27 ساعة، وغلب عليه النوم
أيضا هذه المرة، حيث كان يعانى من التشتت بين حضور فيلم مخرجه المفضل ورؤية
حبيبته، وفى المرة الأخيرة قابل حبيبته وقررا مشاهدة الفيلم سويا وكان
«كوستوريتسا» مستيقظا طوال عرض الفيلم هذه المرة.
·
بالطبع هذه هى أول مرة لك فى مصر، فلماذا الآن.. هذا لم
يحدث من قبل؟
ـــ هناك أشياء فى الحياة غير مبررة، لقد عملت لمدة سنوات
فى مجال السينما، ثم بدأت لعب أو عزف الموسيقى، وكنت بالطبع مشغولا طوال
حياتى، كانت هناك خطة فى عام 1982، عقب أول فيلم لى أن أكون فى القاهرة
ولكنى دائما كنت أرى نفسى فى هذه المنطقة ولم يحدث، ولكنى استمتع الآن
بالناس والبشر حولى.
·
هل كنت تعلم من قبل عن هذا المهرجان؟
ـــ بالطبع، كنت أعلم عن مهرجان القاهرة السينمائى، وكان
هناك خطة من أجل قدومى فى العام الماضى، ولكن بسبب وباء كورونا الذى أصاب
العالم وقتها باءت الخطة بالفشل ولم أتمكن من الحضور، وبالتأكيد لابد أن
تستمر السينما، وهذه هى محاولتنا هنا فى المهرجان من أجل أن نعطى قبلة
الحياة للسينما والاستمرار، ولن يتم ذلك إلا عن طريق المهرجانات ورؤية
الافلام المميزة.
·
فى رأيك.. هل يؤثر فيروس كورونا على المهرجانات حول العالم؟
ـــ بالتأكيد ستتأثر المهرجانات بفيروس كورونا، وتعتبر
المهرجانات الفنية هى آخر ملجأ للسينما فى العالم، وهناك نوعان من السينما،
سينما تجارية وأخرى تقدم بشكل ثقافى، وهناك دمج أيضا فى بعض الاحيان
بينهما، وتعد المهرجانات هى الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الافلام ذات الجودة
العالية.
·
كيف شكلت الموسيقى نمطا معينا فى أعمالك؟
ـــ لا شك أن بناء الأفلام هى عملية موسيقية فى حد ذاتها،
وتعتبر السينما هى الأقرب للموسيقى منها عن الأدب والدراما، والسينما دائما
تحكى عن أشخاص فقراء الذين يسمعون الموسيقى دائما، أو ربما تكون أشكال
الادب الأخرى بعيدة عنهم، هؤلاء الأشخاص يسمعون الموسيقى سواء كانوا
مخمورين أو متدينين، يسمعونها فى جميع الاوقات، والموسيقى تدمج داخل بناء
الافلام والسينما، وربما تكون بعض موسيقى أفلامه يتم سماعها بشكل منفرد، عن
الأفلام ذاتها.
·
إلى أى مدى تغيرت صناعة السينما بعد كورونا بعد ظهور
المنصات الإلكترونية؟
ـــ بالتأكيد الناس والعالم كله يتغير فى ظل وباء كورونا،
فالناس الآن تشاهد التلفزيون ولا تشاهد السينما، وفى باريس من الممكن أن
يدفع الإنسان دولارا واحدا فقط لمشاهدة فيلم فى السينما، بينما يلجأ الناس
إلى أن يدفعوا ما يقرب من ٣٥ دولارا، على منصة نتفليكس ليشاهدوا نفس القيمة
تقريبا أو أقرب منها، ليشاهدوا ما يزيد عن ٣٥ فيلما على هذه المنصة،
والإغلاق العام الذى تعرضت له كل الدول بسبب الوباء العالمى كان خادعا بشكل
كبير، سواء للدول التى خضعت للإغلاق العام أو حتى تلك الدول التى لم تخضع،
فالعالم كله يعانى من هذا الأمر، ربما سيحدث تغير وطفرة فى صناعة السينما
وتوزيع السينما بشكل عام، وبشكل كبير فى العالم خلال الفترة القادمة،
وأصبحت الآن شركة «ديزنى» تقوم الآن بشراء منصات إذاعية.
·
ما هو وجه الاختلاف بين «القاهرة السينمائى» والمهرجانات
الأخرى؟
ـــ المهرجانات بوجه عام هى مشابهة لبعضها البعض، ولكن ربما
يكون هنا الاختلاف فى الأهرامات العظيمة، وأيضا فى حجم العاطفة الظاهر
والواضح فى هذا المهرجان.
·
كيف ترى دخول المنصات الإلكترونية فى عالم السينما؟
ـــ المنصات الإلكترونية تشكل إعادة هيكلة للعالم، فالأمر
أصبح غير مرتبط بالذهاب للسينما، فكل هذه المنصات الكبيرة ستسلك هذا الطريق
وتقوم بمضاعفة الإنتاج من أجل القضاء على دور العرض السينمائى، حيث تبحث
هذه المنصات عن المكسب المالى فى المقام الأول، وغير مهتمين بتوصيل شعور
السعادة للمشاهدين، فكل صناع الأفلام لا يهتمون بهذا الأمر، ولكننى أهتم
بهذا كثيرا.
·
قدمت فيلما عن الأسطورة الأرجنتينى مارادونا.. فهل ستقدم
عملا للنجم المصرى محمد صلاح؟
ـــ قدمت فيلما عن مارادونا ولم أقدم فيلما عن ديفيد
بيكهام، بسبب أن الأول حطم حياته، فهى فلسفة أتبعها فى أعمالى، وأتعاطف مع
من هم على الهامش، والذين يكافحون للبقاء على قيد الحياة، ولم أقدم فيلما
عن «صلاح» الآن لأننى أرى أنه يجرى فى الملعب برشاقة وأنتظر اعتزاله حتى
أبدأ فى التفكير فى عمل فيلم عنه.
·
إلى أى مدى تخدم الموسيقى العمل السينمائى؟
ـــ الموسيقى ليست طلبا تجاريا وفى بعض الأحيان تكون سببا
فى نجاح الفيلم، فالموسيقى تعتبر دعما خارجيا لسيناريو الفيلم، وأنا أعترض
على الانسياق الأعمى وراء السينما، فالسينما لا تضاهى حقيقة الأحداث، وهناك
جمهور لا يود تجميل الحقيقة، ولكنه يحب أن تصفعه بهذه الحقيقة.
·
كيف وجدت العمل مع الفنانة الأمريكية مونيكا بيلوتشى فى
فيلم «الحب والسلام»؟
فيلم «الحب والسلام» هو مرتبط بشكل كبير بى، حاولت أن أستغل
إمكانيات الفنانة مونيكا بيلوتشى بأقصى نتيجة بقدر المستطاع، حتى أخرج
بأفضل النتائج، فهى صديقة لى وقد خضنا هذه التجربة الممتعة سويا. |