أحد عشر فيلما تونسيا تتنافس على المسابقات الأربع للمهرجان.
تشارك تونس في الفترة الممتدة بين الثلاثين من أكتوبر
الجاري والسادس من نوفمبر القادم بأحد عشر فيلما في المسابقات الأربع لأيام
قرطاج السينمائية في دورتها الثانية والثلاثين، وسط حضور شبابيّ لافت يدعم
نجاحات الأصوات السينمائية الجديدة التي ما انفكت تظفر في السنوات الأخيرة
بأرفع جوائز المهرجان.
تونس
- أعلنت
لجنة تنظيم الدورة الثانية والثلاثين لأيام قرطاج السينمائية، المزمع
انعقادها حضوريا في الفترة الممتدة بين الثلاثين من أكتوبر الحالي والسادس
من نوفمبر القادم، قبولها أحد عشر فيلما تونسيا للمشاركة في المسابقات
الرسمية الأربع لهذا العام، توزّعت بين ثلاثة أفلام روائية طويلة وثلاثة
روائية قصيرة ومثلهما ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، فيما يحضر
فيلمان ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية القصيرة.
وتلقت اللجنة ترشيح ثلاثة وخمسين فيلما تونسيا للمشاركة في
المسابقات الرسمية لهذه الدورة، تمثلت في ثمانية عشر فيلما طويلا، تسعة
منها روائية ومثلها وثائقية، وأربع وثلاثين فيلما قصيرا، منها تسعة وعشرون
فيلما روائيا وخمسة أفلام وثائقية، ليقع اختيار اللجنة على أحد عشر فيلما
هي: “عصيان” إخراج الجيلاني السعدي، و”مجنون فرح” إخراج ليلى بوزيد،
و”فرططو الذهب” إخراج عبدالحميد بوشناق، وهي الأفلام التي ستتنافس على
التانيت الذهبي لمسابقة الأفلام الروائية الطويلة.
فيما وقع اختيار لجنة الانتقاء على أفلام: “فريدا” للمخرج
محمد بوحجر، و”في بلاد العم سالم” لسليم بالهيبة و”سواد عينيك” لطارق
السردي ضمن مسابقة الأفلام الروائية القصيرة.
ويحضر في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة كل من “حلال
سينما” لأمين بوخريص، و”أبي، فيم أفنيت شبابك؟” لأكرم عدواني و”مقرونة
عربي” لريم تميمي. ويمثّل تونس في مسابقة الأفلام الوثائقية القصيرة فيلما
“سيّاح خارج الموسم” لماهر حسناوي و”يا عم الشيفور” لبيّة المظفر.
هل يمهّد "مجنون فرح" لليلى بوزيد طريق السير على خطى أبيها
الغلبة للشباب
يلاحظ من خلال قائمة أسماء المخرجين التونسيين الذين
سيتنافسون على جوائز المسابقات الأربع لقرطاج السينمائي الثاني والثلاثين
أن جلها -إن لم نقل كلها- من الشباب، باستثناء السينمائي المخضرم الجيلاني
السعدي (1962) صاحب أفلام: “وينو بابا” (إنتاج 2012) وثلاثية “بيدون1″
و”بيدون2″ و”بيدون3” التي أخرجها السعدي على التوالي في 2012 و2014 و2017،
إلى جانب فيلمي “في دمّي” و”خرمة” (2002) و”عرس الذيب” الحاصل على جائزة
الحكام في أيام قرطاج السينمائية عام 2007، ليكون فيلم “عصيان” ثامن أفلامه
الروائية الطويلة.
أما عبدالحميد بوشناق المولود في عام 1984 فيعدّ “فرططو
الذهب” (فراشة الذهب) ثاني أفلامه الروائية الطويلة بعد فيلمه الطويل الأول
“دشرة” (2018) الذي حقّق خلال عرضه في القاعات التونسية رقما قياسيا من
المشاهدات، بتجاوزه المئة ألف متفرّج في سبعة عشر يوما فقط، وهو رقم لم
يحقّقه قبل “دشرة” إلاّ فيلم “عصفور سطح” لفريد بوغدير في عام 1990.
عبدالحميد بوشناق يدخل المنافسة على تانيت قرطاج السينمائي
عبر فيلمه الطويل الثاني "فرططو الذهب"
ويحكي “دشرة” الذي عدّه النقاد أول فيلم رعب تونسي قصة
طالبة جامعية في اختصاص الصحافة اسمها ياسمين، تعمل رفقة صديقيْها بلال
ووليد على حلّ لغز جريمة غامضة تعود إلى أكثر من ربع قرن، وتتعلّق بامرأة
وُجدت مشوّهة ومقتولة وملقاة وسط الطريق، فينتهي بهم المطاف إلى قرية صغيرة
(دشرة) معزولة وسط الغابة.
والأمر ذاته ينسحب على ليلى بوزيد (مواليد 1984) ابنة
السينمائي التونسي الشهير النوري بوزيد التي ستتنافس بدورها للظفر بتانيت
الأيام ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، ويعدّ فيلم “مجنون فرح” ثاني
أفلامها الروائية الطويلة، بعد فيلمها الأول “على حلة عيني” (ما إن فتحت
عيني) المنتج في عام 2015، والذي اختير ليُشارك في أكبر مهرجانات العالم
على غرار فينيسيا وتورنتو ولوزان وغيرها. وقد حصلت من خلاله على أربع
وعشرين جائزة عالمية.
ويروي “مجنون فرح” في مئة وثلاث دقائق قصة الشاب أحمد، وهو
فرنسي من أصل جزائري نشأ في ضواحي باريس. يلتقي على مقاعد الجامعة شابة
تونسية اسمها فرح، وصلت مؤخرا إلى باريس، فتشتدّ الروابط بينهما ويقع أحمد
في حبها بشكل عميق. ورغم شدّة العشق والوله بها إلاّ أنه يحاول بشتى الطرق
مقاومة الشعور الجارف تجاهها وصدّ نفسه عنها.
ولئن ضمّت مسابقة الأفلام الروائية الطويلة أحد الأسماء
السينمائية المخضرمة، ممثلا في السعدي بتاريخه السينمائي الطويل، فإن بقية
المسابقات الثلاث الأخرى -ونعني هنا مسابقات الأفلام الروائية القصيرة
والأفلام الوثائقية بصنفيها الطويل والقصير- لم يتجاوز معدّل أعمار غالبية
مخرجيها الأربعين عاما، ما يؤكّد رهان قرطاج السينمائي على الطاقات
التونسية الشابة التي أثبتت في أكثر من دورة جدارتها باقتناص الذهب، لعلّ
آخرها حصول المخرجة التونسية كوثر بن هنية (1977) على الجائزة الكبرى
للمهرجان عن فيلمها “زينب تكره الثلج” في عام 2016.
هذا دون الحديث عن تتويج عدد كبير من شباب السينما التونسية
في العشرية الأخيرة بجوائز الأفلام الروائية القصيرة ونظيرتها الوثائقية
بنوعيها الطويل والقصير، منها على سبيل الذكر لا الحصر تتويج فيلم “من طين”
ليونس بن سليمان بالتانيت الذهبي للفيلم الوثائقي القصير وحصول فيلم “قصة
حقيقية” لأمين لخشن على التانيت الذهبي للروائي القصير في آخر دورة حضورية
لقرطاج 2019، قبل تفشي فايروس كورونا.
نحو التانيت العاشر
يعدّ فيلم “السفراء” للمخرج محمد الناصر القطاري أول فيلم
يُهدي تونس التانيت الذهبي لأيام قرطاج السينمائية في عام 1976، أي بعد
عشرية من انطلاق المهرجان الذي تأسّس في عام 1966، وتطرّق الفيلم عصرئذ إلى
ظاهرة الميز العنصري التي كان يتعرّض لها العمّال الأفارقة والعرب في
أوروبا.
وحصدت تونس بعد أول تتويج لها بالتانيت الذهبي ثمانية
تتويجات أُخرى، وهي تباعا: “عزيزة” لعبداللطيف بن عمار في عام 1980، و”ريح
السد” للنوري بوزيد في عام 1986، وهو الوحيد من التونسيين الذي تحصّل على
التانيت الذهبي في مناسبتين، وكان الثاني له في عام 2006 عن فيلمه “آخر
فيلم”، كما تحصل فريد بوغدير على أرفع جوائز المهرجان في عام 1990 عن فيلمه
"عصفور سطح" أو "حلفاوين".
تونس تسعى، على الرغم من المنافسة المُرتقبة من الأفلام
العربية والأفريقية المُشاركة في الدورة الجديدة من المهرجان، للظفر
بالتانيت الذهبي العاشر لها في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة
وفي عام 1994 تمكنت المخرجة التونسية الراحلة مفيدة
التلاتلي من أن تكون أول مخرجة في العالم العربي وأفريقيا تتوّج بالتانيت
الذهبي لقرطاج السينمائي عبر فيلمها “صمت القصور”، لتلتحق بها بعد أكثر من
عقدين كوثر بن هنية التي تحصلت في عام 2016 على التانيت الذهبي للأيام،
وذلك عن فيلمها الوثائقي – الروائي الطويل “زينب تكره الثلج".
وفي عام 2018 توّجت تونس بتانيتها الذهبي الثامن عبر فيلم
“فتوى” لمحمود بن محمود، وللسنة الثانية على التوالي توّجت تونس في 2019
بتانيت المهرجان الذي ذهب إلى فيلم “نورا تحلم” لهند بوجمعة التي باتت
المرأة الثالثة التي تتوّج بذهبية الأيام.
كما توّجت بطلة الفيلم هند صبري بجائزة أفضل ممثلة في
المهرجان عن دورها في الفيلم ذاته، وذلك بعد أن سبق لها أن توّجت قبل ربع
قرن بذهبية الأيام كأفضل ممثلة عن دور “عليا” في “صمت القصور” في أول ظهور
سينمائي لها.
وتسعى تونس، على الرغم من المنافسة المُرتقبة من الأفلام
العربية والأفريقية المُشاركة في الدورة الجديدة من المهرجان للظفر
بالتانيت الذهبي العاشر لها في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة. فهل تسير
ليلى بوزيد على خطى والدها وتظفر بالتانيت الثالث لآل بوزيد، وهو حدث إن
تحقّق سيكون الأول من نوعه في تاريخ السينما التونسية، ومن ثمة تصبح
المخرجة التونسية الرابعة التي تحصل على أرفع جوائز المهرجان؟ أم يكون
الأول للجيلاني السعدي بعد طول انتظار وبالمثل لعبدالحميد بوشناق في
مُشاركته الأولى في المسابقة الرسمية للمهرجان؟.. لننتظر إذن.
صحافي تونسي |