"الأقصر
الأفريقي".. دورة تحد جديدة
بقلم: أسامة عبدالفتاح
**
يدخل التاريخ باعتباره المهرجان السينمائي الوحيد في العالم
الذي ينجح في إقامة دورتين منه في ظل انتشار فيروس كورونا بموجتيه
"عشر
سنوات من الخيال" هو الشعار الذي رفعته إدارة مهرجان الأقصر للسينما
الأفريقية احتفالا بإقامة دورته العاشرة التي تُفتتح يوم الجمعة المقبل
وتستمر حتى الأول من أبريل المقبل، وهي مناسبة تستحق الاحتفال بلا جدال،
ولكن ما أظنه يستحق الاحتفال أكثر هو دأب ومثابرة وإصرار تلك الإدارة على
الاستمرار رغم الإمكانيات المحدودة والصعوبات الكثيرة.
يمكننا دون مبالغة أن نطلق عليه اسم "مهرجان التحدي"، حيث
يواجه تحديات مستمرة، سواء "ثابتة" مثل الميزانية الصغيرة وقلة قاعات العرض
في الأقصر، أو طارئة مثل فيروس "كورونا"، الذي تحدته إدارة المهرجان العام
الماضي وأصرت على استكمال الدورة التاسعةرغم الإعلان، في يوم افتتاحها وفي
مدينة إقامتها، عن اكتشاف أول ١٢ حالة إيجابية حاملة للفيروس في مصر على
متن إحدى البواخر النيلية القادمة من أسوان إلىالأقصر، وصدور قرار رئيس
الوزراء بإيقاف جميع الفعاليات والعروض الجماهيرية لمنع انتشار الفيروس،
ليتقرر إيقاف عروض مركز المؤتمرات وقصر الثقافة والمكتبة العامة مع استمرار
لجان التحكيم في عملها ومشاهدة ما كان متبقيا من أفلام (حوالي 30%) في
قاعات مجهزة داخل الفنادق لإصدار النتائج التي أُعلنت في مؤتمر صحفي قبل
يوم واحد من التاريخ المحدد للختام.
وبعد تجاوز "صدمة كورونا" الأولى، فوجئ مسئولو المهرجان
بأنباء العواصف الرعدية والأمطار الشديدة التي تعرضت لها مصر في منتصف مارس
من العام الماضي، مما أدى إلى تعطيل سفر بعض الضيوف وأعضاء لجان التحكيم
المصريين والأجانب ليومين أو ثلاثة بعد الختام، وسط ارتباك شديد في مواعيد
وظروف رحلات الطيران الداخلية والخارجية تمكنت إدارة المهرجان من التعامل
معه باحترافية شديدة.
وعاد "كورونا" ليتحدى المهرجان هذا العام، ويهدد إقامة
دورته الاحتفالية العاشرة، أو على الأقل تأجيلها إلى أواخر الربيع أو إلى
أجل غير مسمى كما حدث مع عدد من المهرجانات المصرية الأخرى، وفي المقابل،
عاد مسئولوه، وعلى رأسهم السيناريست سيد فؤاد، رئيس المهرجان، والفنانة عزة
الحسيني، مديرته، إلى رفع لواء التحدي لإقامة الدورة العاشرة في الموعد
المنشود أواخر مارس.
وفي الحقيقة كنت من الذين توقعوا تأجيل الدورة في ضوء
انتشار الموجة الثانية من الفيروس، واستمرار قرار مجلس الوزراء بحظر إقامة
المهرجانات الفنية إلى ما قبل الموعد المحدد لمهرجان الأقصر 2021، وهو 26
مارس الجاري، بأيام قليلة، ووحدهما سيد فؤاد وعزة الحسيني، تمسكا بالأمل،
واستمرا في العمل ومعهما فريقهما المخلص المجتهد، حتى وافق الدكتور مصطفى
مدبولي، رئيس الوزراء، على العودة لإقامة معارض الكتاب والمهرجانات الفنية
والعروض المسرحية في الساحات والمناطق المفتوحة بنسبة حضور 50% من الطاقة
الاستيعابية مع اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية والوقائية بالتنسيق مع وزارة
الصحة والسكان وكل الجهات المعنية.
وصدر القرار في 14 مارس الجاري، أي قبل الموعد المحدد
للدورة بـ12 يوما فقط، ولولا إيمان إدارتها بأنه لا يوجد مستحيل، ولولا
استمرارها في العمل بيقين منها أن القرار سيصدر، لما أمكن الالتزام بذلك
الموعد وإنهاء الإجراءات المطلوبة – وهي كثيرة جدا كما يعرف أهل المهرجانات
السينمائية –في وقت قياسي.
وفي الوقت الذي اُضطرت فيه معظم دول العالم إلى إلغاء أو
تأجيل مهرجاناتها السينمائية أو إقامتها إلكترونيا، يدخل مهرجان الأقصر
للسينما الأفريقية التاريخ باعتباره المهرجان السينمائي الوحيد حول العالم
الذي ينجح في إقامة دورتين منه في ظل انتشار فيروس كورونا بموجتيه.
وكان السيناريست سيد فؤاد، رئيس المهرجان، قد كشف – في
تصريحات صحفية –عن مشاركة 58 فيلماً في الدورة العاشرة، منها 38 مقسمة على
4 مسابقات رسمية، و20 فيلماً خارج المسابقة. كما يقدم البرنامج الخاصبعض
تراث المهرجان في نسخه التسع الماضية.
وأوضح أن برنامج العروض يتضمن 5 أفلام سودانيةفي إطار تكريم
المهرجان هذا العام للسينماالسودانية، بمشاركة وحضور وفد رفيع المستوى من
الفنانين وصناع السينما ومسئولي الثقافة في السودان.
وأضاف أن هناك ورشة رئيسية هي "مدرسة صناعة الفيلم
الأفريقي" التي يديرها هذا العام المخرج سعد هنداوي، بجانب 5 ورش فنية
محلية لشباب المبدعين المصريين.وكشف عن تكريمبعض الشخصيات السينمائية
المصرية من الراحلين والأحياء، ووجوه سينمائية مغاربية وأفريقية.
وتواصل إدارة المهرجان هذا العام الانفتاح على العالم
وتجاوز حدود القارة السمراء من خلال الاستمرار في إقامة مسابقة أعمال
"الدياسبورا"، أو أفلام الأفارقة في الشتات، بعد التوسع فيها لتشمل أيضا
الأفلام المصنوعة عن القضايا الأفريقية المهمة بتوقيع مخرجين من خارج
القارة. |