مصر تفقد يوسف شعبان أحد رموز ملحمة "رأفت الهجان"
مثّل واحدا من أبرز نجوم السينما في حقبة الستينات
نقابة المهن التمثيلية في مصر أعلنت رحيل الممثل يوسف شعبان
بعد صراع مع مرض كورونا.
غيّب الموت الأحد، الفنان المصري يوسف شعبان متأثرا بإصابته
بفايروس كورونا، وذلك داخل مستشفى
العجوزة للعزل، الذي تم نقله إليه قبل خمسة أيام.
القاهرة
- أعلنت
نقابة المهن التمثيلية في مصر ظهر الأحد، رحيل الممثل يوسف شعبان عن عمر
ناهز التسعين عاما، بعد مشوار طويل قدّم خلاله أكثر من 100 فيلم والعشرات
من المسلسلات التلفزيونية والإذاعية، إضافة إلى الأعمال المسرحية.
وكان الراحل قد أصيب بفايروس كورونا المستجد قبل أيام، ونقل
للعلاج بالمستشفى بعد تدهور حالته الصحية.
وولد يوسف شعبان في 16 يوليو 1931 في حي شبرا بالقاهرة،
وكان والده مصمم إعلانات في إحدى الشركات الأجنبية، ويمدّه بشكل دائم
بالمجلات والصحف والكتب، ممّا جعله شغوفا بالقراءة والفنون.
تلقى تعليمه الأساسي في مدرسة الإسماعيلية والتعليم الثانوي
في مدرسة التوفيقية الثانوية، وبسبب تفوقه في مادة الرسم قرّر الانتساب
لكلية الفنون الجميلة، ولكن عائلته رفضت بشدة وخيّرته بين كلية البوليس
(ليلتحق بأبناء أخواله) أو الكلية الحربية (ليلتحق بأبناء أعمامه) أو كلية
الحقوق، ونتيجة للضغط الشديد عليه قرّر الالتحاق بالكلية الحربية، وفي
اختبار الهيئة أسقط نفسه فرفضوا انضمامه.
ولكن عائلته علمت بما دبّره فأجبرته على الانضمام لكلية
الحقوق في جامعة عين شمس، وهناك تعرّف على أصدقاء عمره، الفنان كرم مطاوع
والممثل سعيد عبدالغني والكاتب إبراهيم نافع. وقرّر بناء على نصيحة كرم
مطاوع الالتحاق بفريق التمثيل في الكلية، ثم قدّم أوراق اعتماده في المعهد
العالي للفنون المسرحية.
الراحل شارك في بطولة أكثر من 250 عملا فنيا، كان أبرزها
دور محسن ممتاز الذي قدّمه في مسلسل "رأفت الهجان"
وبسبب ضغط الدراسة في الكلية والمعهد، قرّر التركيز في
دراسة المعهد وسحب أوراقه من كلية الحقوق وهو في السنة الثالثة، ليتخرج من
المعهد العالي للفنون المسرحية من سنة 1962.
بدأ مسيرته السينمائية سنة 1961 في فيلم في “بيتنا رجل” مع
عمر الشريف، ثم توالت أعماله السينمائية التي تعدّت 110 أفلام، من أبرزها
“معبودة الجماهير” و”ميرامار” و”الثلاثة يحبونها” و”أم العروسة” و”جفت
الدموع” و”دائرة الانتقام” و”اذكريني” و”أنا اللي قتلت الحنش” و”السجينتان”
و”حارة برجوان” و”كشف المستور” و”العذراء والعقرب”.
شارك في بداية الستينات بأدوار صغيرة في أفلام منها “أيام
بلا حب” و”المعجزة”، إلى أن جاءته الفرصة الحقيقية في “زقاق المدق” عن قصة
حائز نوبل نجيب محفوظ.
لاقى في بداياته السينمائية منافسة شرسة من أبرز نجوم فترة
الستينات وهم رشدي أباظة، كمال الشناوي، صلاح ذوالفقار، حسن يوسف وشكري
سرحان، وكان بعضهم يغري المنتجين بتخفيض الأجر الذي يحصل عليه، للتأثير
عليهم لاختيارهم وعدم اختياره.
وحدث خلاف كبير قبل البدء في تصوير فيلم “معبودة الجماهير”
إنتاج سنة 1967، والسبب أن الفنان عبدالحليم حافظ كان غير مقتنع به، بينما
العكس عند الفنانة شادية المقتنعة به، لأنهما قدّما قبل “معبودة الجماهير”
أفلاما ناجحة معا، فهدّدت شادية بترك الفيلم إذا لم يتم التعاقد معه،
وبدوره قرّر شعبان ترك الفيلم كحل وسط للخلاف القائم بين النجمين الكبيرين.
مسيرة فنية حافلة بالنجاحات والأدوار المرجعية
ولكن ذكاء حليم كان أكبر من هذا الخلاف البسيط واجتمعت جميع
الأطراف في منزله، وتم حل المشكلة وديا ووافق على مشاركة شعبان معهما في
بطولة الفيلم وأصبحا صديقين حميمين.
في السبعينات قدّم شخصية مثيرة للجدل في الفيلم “حمام
الملاطيلي”، حيث أدّى دور الرجل الشاذ، وعلى الرغم من الجدل الذي أثارته
الشخصية، فقد حصل على العديد من الجوائز، وتقرّر تدريس دوره في هذا الفيلم
في “معهد السينما” وأكاديمية الفنون.
في سنة 1997 قرّر الابتعاد عن المجال السينمائي والاكتفاء
بتمثيل مسلسل واحد أو اثنين في السنة للتركيز في مهمته الجديدة كنقيب
للممثلين، واستطاع خلال فترته تسديد جميع الديون المترتبة على النقابة،
وأنشأ ناديا كبيرا في القاهرة لاجتماع جميع الممثلين، كما عالج العديد من
الفنانين الذين لم يكونوا يستطيعون دفع مصاريف علاجهم، واستطاع أن يستمر في
منصبه دورتين متتاليتين من 1997 إلى 2003.
وفي الدراما التلفزيونية قدّم العديد من الأعمال مثل “الشهد
والدموع” و”المال والبنون” و”الضوء الشارد” و”الوتد” و”ليالي الحلمية” في
جزئه الخامس و”أميرة في عابدين” والجزء الأول من مسلسل “السيرة الهلالية”،
إلاّ أن دور “محسن ممتاز” الذي قدّمه في مسلسل “رأفت الهجان” ظل هو
الأيقونة التي اشتهر بها على مدى مشواره الدرامي.
وقدّم الراحل مسلسلا عربيا أبدع فيه بعيدا عن اللهجة
المصرية، وهو المسلسل الأردني “وضحا وابن عجلان” والذي اعتبر الأكثر مشاهدة
في دول الخليج والأردن وسوريا في حينه، وشاركته البطولة من سوريا سلوى سعيد
ومن الأردن نبيل المشيني، إلى جانب مجموعة من الممثلين الأردنيين والسوريين
الكبار، والمسلسل قصة عشق بدوية هي ذاتها قصة نمر بن عدوان.
ومن مسرحياته “مطار الحب” و”عروسة تجنن” و”100 مسا” و”رجل
في القلعة” و”دماء على ستار الكعبة” و”باب الفتوح”.
والراحل أعلن اعتزاله الفن في العام 2017 بعد أن شارك في
بطولة أكثر من 250 عملا فنيا، وحصل على العديد من الجوائز، وكرّمه مهرجان
الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط في 2016 والمهرجان القومي للمسرح
المصري في 2019.
تزوّج أكثر من مرة على مدى حياته من ذلك زواجه بالفنانة
ليلى طاهر، وكانت إحدى زوجاته من بنات الأسرة العلوية، وهي نادية إسماعيل
شيرين ابنة الأميرة فوزية بنت فؤاد الأول أخت الملك فاروق الذي أنجب منها
ابنته سيناء، أما آخر زيجاته فكانت من سيدة كويتية التي أنجب منها زينب
ومراد. |