مهرجان القاهرة السينمائي يُناقش المسكوت عنه في الحياة
والفن
إلهام شاهين: "حظر تجول" يناقش إحدى أبرز القضايا المسكوت
عنها اجتماعيا ويخجل الناس من طرحها.
يواصل مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الثانية
والأربعين طرح العديد من القضايا الشائكة والمسكوت عنها في المجتمعات
العربية، مستعرضا من خلال فيلمي “حظر تجول” المصري و”ميلوديا المورفين”
المغربي ما يمكن أن يخلّفه العنف المسلطّ على الأشخاص في الصغر على
نفسياتهم عند الكبر، وذلك من زاويتين مختلفتين.
القاهرة
- في
عرضه العالمي الأول ناقش الفيلم المصري “حضر تجول” قضية زنا المحارم
المسكوت عنها في المجتمعات العربية، وهو من تأليف وإخراج أمير رمسيس وبطولة
إلهام شاهين وأمينة خليل وأحمد مجدي وعارفة عبدالرسول ومحمود الليثي
وبمشاركة الممثل الفلسطيني كامل الباشا.
ويتناول العمل قصة أم تخرج من السجن بعد قضاء عقوبة عشرين
عاما بتهمة قتل زوجها، لكن ابنتها الوحيدة التي كبرت وكوّنت أسرة صغيرة
تعاملها بمنتهى الجفاء وترفض تقبلها بعدما ظلت الأم طوال هذه السنين متكتمة
عن الدافع الحقيقي لارتكاب الجريمة.
والفيلم الذي عرض ضمن المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة
السينمائي في دورته الثانية والأربعين، قالت عنه بطلته شاهين “العمل يناقش
إحدى أبرز القضايا المسكوت عنها اجتماعيا ويخجل الناس من طرحها، كما تخشى
الأعمال الفنية طرحها بوضوح ألا وهي زنا المحارم”.
وأضافت “لأول مرة نتكلّم عن زنا المحارم، نتحدّث بالطبع على
استحياء شديد لأننا لا نستطيع جرح مشاعر الناس، لكن المهم أن الرسالة وصلت،
هو من بين الموضوعات المسكوت عنها ونخجل من مناقشتها سواء في الحياة
العادية أو على الشاشة أو في الإعلام”.
كما أكّدت أن العمل لا يسعى وراء الفضائح، لكنه يتطلع إلى
إيجاد حلول، وقالت “نهدف إلى إصلاح المجتمع والتعامل بجدية مع مشاكلنا
الواقعية”.
وعن تأديتها دور الأم، قالت شاهين “منذ قرأت السيناريو عرفت
أن الدور جديد ومختلف، لأني لم أجسّد مثل هذه المشاعر من قبل على الشاشة”.
وأضافت “بعد الانتهاء من قراءة السيناريو كاملا والتعرّف
على باقي الأبعاد والشخصيات والقضية التي يناقشها بمنتهى الجرأة تحمّست
للعمل جدا”.
وتعتقد الفنانة المصرية المخضرمة أن الفيلم سيفتح العديد من
الملفات وسيثير مناقشات كثيرة، كما سيعيد التذكير بضرورة تغليظ العقوبات
لمثل هذه الأنواع من الجرائم التي تحدث غالبتها في الصغر ليكون أثرها شديد
الوقع على الأنفس عند الكبر.
الفيلم المغربي "ميلوديا المورفين" يمزج بين الموسيقى
والسينما، ليستعرض رؤية مغايرة عن اقتران الإبداع بالألم
وفي طرح مغاير لأثر العنف المسلّط على الأشخاص ومدى انعكاسه
على نفسية البشر، يمزج المخرج المغربي هشام أمال في فيلمه “ميلوديا
المورفين” بين الموسيقى والسينما، ويستعين بالممثل هشام بهلول ليقدّم رؤيته
المغايرة عن اقتران الإبداع الفني بالألم.
وإذا كان الراسخ في الأذهان عند التطرّق لهذه الثنائية هو
الألم النفسي أو المعاناة التي قد تدفع المبدع لإخراج أفضل ما عنده، فإن
المخرج قدّم نموذجا لملحن موسيقي يستعذب الألم الجسدي لصنع موسيقاه.
والفيلم بطولة ياسمينة بناني وحسن بديدة، وتنطلق أحداثه من
حادث سير يتعرّض له الملحن الموسيقي وعازف الكمان سعيد الطاير فيصاب على
إثره بفقدان مؤقت للذاكرة بسبب الصدمة. لكن الطبيب يطمئنه أنه سيستعيد
ذاكرته سريعا.
ويتحقّق تشخيص الطبيب ويستردّ سعيد معظم ذكرياته، لكنه
يكتشف أنه فقد موهبة التلحين بعدما طلبت منه شركة تجارية وضع موسيقى لأحد
إعلاناتها فيعجز طويلا عن أداء المهمة وتخفت نجوميته، فيحاول الانتحار في
العديد من المرات لكنه يفشل.
وينتقل سعيد إلى غرفة حقيرة للعيش فيها، وبينما يستعّد
لمحاولة جديدة للانتحار يكتشف أن من بين ما نسيه والده الذي كان يعالج من
مرض عضال بالمستشفى. لكن تم طرده لعدم الوفاء بتكلفة العلاج لتزيد مشاكل
الملحن التعس وأعباؤه.
وفي أحد الأيام بينما كان سعيد يحلق ذقنه يتذكّر كيف كان
يستلهم ألحانه سابقا، فقد كان يذهب إلى المستشفى ليضغط على ورم أبيه وكلما
صرخ وتألّم انسابت الألحان في خيال الابن، وبالفعل تعود الأمور إلى سابق
عهدها تدريجيا ويلمع نجم الملحن من جديد.
ورغم أن مخرج الفيلم برّر سلوك البطل مع أبيه بلقطة أوضح
فيها أن الأب كان السبب الرئيسي لتعاسة ومعاناة الابن في الطفولة، لأنه كان
سكيرا ومهملا ممّا دفع الأم للتخلي عن الأسرة، فإن نهج البطل بعد وفاة الأب
في استلهام الألحان ظل غير مألوف.
ورحيل الأب أعاد سعيد إلى الفشل من جديد فلم يجد سوى نفسه
ليعذّبها وبدأ في إيذاء نفسه، ووجد أنه كلما قفز من سطح بناية أو كسر ساقا
أو يدا يهبط عليه الإلهام فأدمن هذا النهج.
وعن فكرة الفيلم، أكّد أمال أنها وليدة فكرتين شغلتاه طويلا
ورأى دمجهما في فيلم روائي طويل.
وقال “الفيلم هو مزيج لفكرتين منفصلتين، فكرة عن شخص يعيش
في غرفة واحدة مع أبيه المريض بمرض عضال، والأخرى هي فكرة الإبداع في
الكتابة لأني بدأت مشواري كسيناريست وكانت دائما لديّ مشكلة مع الورقة
البيضاء وماذا سأكتب فيها”.
وأضاف “في إحدى المرات كنت أشارك في ورشة كتابة مسلسل
كوميدي، ومن المفترض أن هذا النوع من الأعمال بسيط، لكني تأخرّت كثيرا في
موعد التسليم، ومن هنا اخترت أن يكون البطل مؤلفا موسيقيا تتعطّل موهبته”.
وبينما تنطلق أحداث الفيلم من حادث سير تعرّض له البطل وفقد
الذاكرة جزئيا بسببه، تصادف أن الممثل المؤدّي للشخصية هشام بهلول تعرّض
أيضا لحادث سير مروّع في الواقع.
وقال بهلول الذي حضر عرض الفيلم بمهرجان القاهرة “هناك نقاط
التقاء كثيرة جمعت بين أحداث الفيلم وما حدث لي في الواقع. فبعد الحادث
الذي تعرّضت له حدث لي شرخ كبير في الذاكرة وكان المخرج يذكّرني بالكثير من
الأشياء لاستكمال العمل”.
وأضاف “أيضا بعد تصوير جزء كبير من الفيلم شعر أبي ببعض
الآلام وبعد زيارة الطبيب اكتشفت أنه مريض بالسرطان وفي مرحلة متأخرة، ثم
توفي لاحقا”.
وبهلول (47 عاما) من أبرز الممثلين في المغرب وتشمل أعماله
أفلام “المطمورة” و”القلوب المحترقة” و”الماضي لا يعود”، كما قدّم العديد
من المسلسلات التلفزيونية الناجحة.
وينافس الفيلم المغربي “ميلوديا المورفين” في مهرجان
القاهرة السينمائي الدولي على مسابقة “آفاق السينما العربية”، فيما ينافس
الفيلم المصري “حضر تجول” على المسابقة الدولية للمهرجان وأيضا على جائزة
أفضل فيلم عربي بالمهرجان الذي تختتم فعالياته في العاشر من ديسمبر الجاري. |