أحمد شوقي «متطرف ومؤمن بالحريات».. ما هي
«فضيحة مهرجان القاهرة السينمائي»؟
كتب: نورهان
مصطفى
«يُسعدنا الإعلان عن تولي الناقد أحمد شوقي رسميًا منصب
المدير الفني لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، خلفًا للناقد الكبير
الراحل يوسف رزق الله». بتاريخ 2 يونيو، أعلن مهرجان القاهرة السينمائي
عبّر حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، تولي «شوقي» رئيسًا
للمهرجان، الأمر الذي استقبلهُ رواد مواقع التواصل الاجتماعي بهجوم شديد،
إذ أطلقوا هاشتاج بعنوان «#فضيحة_مهرجان_القاهرة»
و«#مدير_فني_المهرجان_المتطرف».
امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بالأصوات المُعارضة لتولي
«شوقي» قيادة المهرجان الفني الأبرز في مصر، إذ نشر مُتابعوه آراءً وصفوها
بـ«المتطرفة» تبنّاها الناقد الفني عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي،
«فيس بوك»، يرجع تاريخها إلى 6 سنوات مضت، تحديدًا عندما وصف شهداء النادي
الأهلي، الذين راحوا ضحية التعصب في أحداث بورسعيد بـ«النافقة».
الهجوم الكبير الذي تعرّض له، أجبره على غلق حسابه الشخصي
عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، بعدما تعرض لعدد كبير من الرسائل
والتعليقات من قبل جمهور النادي الأحمر.. فما القصة؟.
آراء «متطرفة» لناقد «يؤمن بالحريات»
نوفمبر الماضي، سُأل «شوقي» بصفته القائم بأعمال المدير
الفني للمهرجان، عن الجدل الذي أثير حول ملابس الفنانة رانيا يوسف خلال حفل
افتتاح الدورة الـ41 لمهرجان القاهرة السينمائي، فجاءت إجابته أن «القاهرة
السينمائي مهرجان محترف ويؤمن بالحريات، وليس من مبادئنا التدخل في إطلالات
الحضور»، مؤكدًا أنه يؤمن بالحريات أيضًا.
آراء «شوقي» التي وصفها المتابعون بـ«المتطرفة»، جاءت عكس
قوله بإنه «يؤمن بالحريات». إذ كتب على ضفحته الشخصية على «فيس بوك» بشأن
شهداء النادي الأهلي، في 2012: «بصراحة مش عيب على ألتراس (جهلاوي) أنهم
يشتموا شيكابالا بالأم، طبيعي دي الكورة وده التشجيع وده اللي حارقهم،
العيب كل العيب في الاندفاع اللي خلاه يعمل تصرف ممحون ويتبرع (لنافقيهم)
باتنين مليون جنيه وهو أصلًا عليه ديون مش عارف يسددها».
لم تقف آراء «شوقي» المُتطرفة عند بوابة التعصب الكروي، بل
امتدت لتشمل العنصرية ضد اللاجئين، إذ هاجم الأفلام السورية التي وصلت
لمراحل متقدمة في منافسات «الأوسكار»، متهمًا المخرجين باستغلال المأساة
السورية للتسويق لأفلامهم، واصفًا معاناة اللاجئين السوريين
بــ«التمثيلية»: «أظهر جوازك السوري وشهادة اللجوء السياسي، شوية صور حرب
وبيوت مهدمة، حد بيحاول ينقذ الضحايا ويا حبذا لو واحد من الأبطال خلال
التصوير يموت ولا يتفقعله عين، يلعن روحك يا حافظ، مبروك عليك الترشح
للأوسكار».
وكأنها تصريحات لشخصين مختلفين، يؤكد «شوقي» في حواراته
الصحفية أن مهرجان القاهرة حريص أن يكون «مهرجانًا جيدًا فنيًّا وملتزمًا
بالقضايا الكبرى التي تهم دولتنا والعالم كله، وكل هذا يرتبط بما يحدث في
العالم من قضايا وأحداث كبرى مسيطرة على العالم، وطبيعي أنه عندما يكون
العالم مهتم بقضايا اللاجئين أو المرأة مثلًا، تلقائيًا سيكون ما نحصل عليه
من أفلام يميل لهذا الأمر»، حسبْ حوار منشورلهُ مع بوابة «الأهرام»
الإلكترونية.
لم تعجّ صفحة «شوقي» بالتعصب الكروي والسياسي، بل تضمنّت
أيضًا عنفًا واضحًا ضد المرأة، إذ سخر من الاغتصاب الحقيقي الذي تعرضت لهُ
الممثلة الفرنسية ماريا شنايدر خلال أحداث فيلم «آخر تانغو في باريس»،
1972، قائلاً: «بعدين هي مكنتش بتلعب دور الشيخة نادية، ده أشهر دور لوليتا
جيرل في التاريخ».
آراء «عنيفة» باسم حرية التعبير
يقول المخرج الروسي، أندرية تاركوفسكي، في كتابه «النحت في
الزمن» إن، الفن يحقق إمكانية التطهير الروحي والتحرر، إذ يهب الإنسان
الأمل والثقة التامة، وكلما كان العالم ميئوسًا منه، يضمن الفن الرؤية
الأكثر وضوحًا وصفاءً، وإلا فإن الحياة تُصبح مستحيلة، الفنّ يرمز معنى
وجودنا.
ولأن الفنّ يرمز لمعنى الوجود، لم يقبل جيونا نازارو، مدير
أسبوع النقاد بمهرجان فينيسيا، بأن يكون مدير مهرجان القاهرة السينمائي
متطرفًا في آرائه، وقال عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، «فيس بوك»:
«تلقيت رسائل من العديد من الصحفيين، مطالبين بتعليقي على منشورات الناقد
أحمد شوقي، لذا أقول إن تلك المنشورات كانت ستُقابل بالرفض الشديد إذا تم
نشرها في أمريكا وأوروبا أو حتى آسيا».
وأضاف: «هذه آراء عنيفة تحت مظلة حرية التعبير، لا يُمكننا
التغاضي عن آراء تدعو لإعدام الناشطين والسخرية من العنف ضد المرأة، لا
يوجد عذر أبدًا للفاشية، لابد من المحاسبة».
هل يُعد الاعتذار كافيًا؟
وبعد موجة الهجوم الحادة، خرج «شوقي» ليعتذر، قائلاً:
«أعترف أنني استخدمت في بعض الكتابات الشخصية التي ترجع لعام 2014 كلمات
جارحة تخص جمهور النادي الأهلي وضحايا بورسعيد، وهي كلمات أعتذر بالطبع إن
كانت قد سببت ألمًا للراحلين وأهلهم. لكن عزائي أن هذه الكتابات مر عليها
أكثر من ست سنوات، وهي فترة كافية لأن يراجع الإنسان مواقفه بل ويغيرها
كليًا، كما أنها كانت في إطار المناوشات الكروية مع الأصدقاء في حسابي
الشخصي، والمناوشات الكروية بطابعها تحمل بعض التجاوز».
وأضاف: «أؤكد هنا أن موقفي لم يعد أبدًا كوني مشجعًا مخلصًا
لنادي الزمالك، وأن تعليقًا قديمًا على صفحتي الشخصية ليس له علاقة من قريب
أو بعيد بعملي العام، وأكرر الاعتذار للنادي الأهلي وجمهوره عن بعض
المصطلحات، وذلك مع الاحتفاظ بحقي في التعبير عن حبي ودعمي لنادي الزمالك
الذي أنتمي له منذ طفولتي».
وتابع، مؤكدًا ولائه: «وقفت سنوات في وجه الجماعة الإرهابية وقت أن كانوا
في سدة الحكم، ودعمت القيادة المصرية عندما خلصتنا من كابوسهم، وسأظل على
دعمي هذا، الذي لا يمكن الطعن فيه ببعض الكتابات المفبركة، التي صارت وسيلة
لاغتيال الناس معنويًا والتشكيك في وطينتهم ومواقفهم».
واختتم اعتذاره الذي نشره عبّر «فيس بوك» بـ«مهرجان القاهرة
السينمائي حدث وطني ضخم، يستحق التفافًا من الجميع وتكاتف للجهود والأفكار
من أجل إخراجه بصورة تليق بمصر وبتاريخ السينما المصرية، وهو الحدث الذي
كرست له السنوات الماضية من حياتي، وسأستمر في خدمته بدعم كل صناع السينما
ومحبيها».
لم تعلّق إدارة مهرجان القاهرة السينمائي عن اعتذار «شوقي»،
لتترك السؤال مفتوحًا حول بقاءه في منصبه، فهل يعد الاعتذار كافيًا؟. |