شهدت فترة منتصف سبعينيات القرن الماضي ميلاد الدورة الأولى
من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، تحديدا في 16 أغسطس/آب 1976، حين قامت
الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما بتدشينه، وتولى رئاسته على مدار سبع
سنوات حتى عام 1983 أحد مؤسسي الجمعية؛ الناقد الراحل كمال الملاخ. أعقبه
المخرج كمال الشيخ الذي اقتصرت مدته على دورة واحدة فقط، ليدخل المهرجان
منعطفا جديدا في تاريخه برئاسة الكاتب سعد الدين وهبة - لمدة 12 عاما- ثم
تنتقل رعاية المهرجان والإشراف عليه لوزارة الثقافة، وقد "أورد تقرير
الاتحاد الدولي لجمعيات المنتجين السينمائيين عام 1990 أهم ثلاثة مهرجانات
للعواصم، فجاء مهرجان القاهرة السينمائي في المركز الثاني بعد مهرجان لندن
السينمائي، بينما جاء مهرجان ستوكهولم في المركز الثالث".
حملت الدورة 41 اسم الناقد الراحل يوسف شريف رزق الله،
عرفانا من الإدارة بمساهمته المتميزة مع المهرجان على مدار ثلاثة عقود،
وتنافس فيها 153 فيلما على جوائز المهرجان من 63 دولة، من بينها 35 في
عروضها العالمية الأولى، و84 فيلما في عروضها الأولى بالشرق الأوسط وشمال
أفريقيا.
وكما هو معتاد؛ استضاف المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية حفل افتتاح
الدورة الجديدة في 20 نوفمبر/تشرين الثاني واستمرت الفعاليات حتى 29 من نفس
الشهر. وتضمن حفل الافتتاح العرض الأول لآخر أفلام المخرج الأميركي الشهير
مارتن سكورسيزي "الإيرلندي
The
Irishman"
بطولة النجوم روبرت دي نيرو وآل باتشينو وجو بيسكي، إنتاج
شبكة نيتفيلكس.
وعلى مدار أربعة عقود قام المهرجان بتكريم العديد من النجوم
العالميين من بينهم صوفيا
لورين، إليزابيث
تايلور، آلان
ديلون، مورغان
فريمان وسلمى
حايك، ومن المخرجين إيليا
كازان، مايكل
أنجلو أنطونيوني، مصطفى
العقاد وغيرهم.
بين حفلي الافتتاح والختام ذهبت تكريمات هذه الدورة إلى
المخرج البريطاني تيري جيليام، والنجم العالمي بيلي زين عن مجمل أعماله،
ومن مصر المخرج شريف عرفة، كما حصلت الممثلة منة شلبي على جائزة فاتن حمامة
للتميز وأهدتها لوالدتها الراقصة زيزي مصطفى.
قدم الفنان خالد الصاوي حفل الافتتاح بعرض ارتجالي "ستاند
أب كوميدي" تناول من خلاله مشكلات وأزمات السينما بداية من مرحلة ما بعد
كتابة النص/ السيناريو ومرورا بمراحل الإنتاج المختلفة من تحضير وتصوير
وتنفيذ، في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تفرض هيمنة رأس المال وتحكمه في
خريطة الإنتاج السينمائي.
"رزق السينما"
في إطار تكريم اسم الراحل يوسف شريف رزق الله عُرض فيلم
بعنوان "رزق السينما" في احتفالية خاصة حضرتها وزيرة الثقافة ونخبة من
النقاد والسينمائيين، وزوجة الراحل ونجلاه.
فيلم "رزق السينما" إنتاج مهرجان القاهرة السينمائي وإخراج
عبد الرحمن نصر، ويتناول مسيرة رزق الله من خلال محاور عديدة؛ البدايات،
انضمامه لجمعية الفيلم في عمر السابعة عشرة، رحلة رزق الله المميزة في
تغطية المهرجانات السينمائية العالمية ونقل فعالياتها إلى المشاهد المصري،
وعلاقته بمهرجان القاهرة السينمائي الممتدة عبر أربعة عقود حتى استحق لقب
"الأب الروحي" عن جدارة.
حملت
الدورة 41 اسم الناقد الراحل يوسف شريف رزق الله، عرفانا من الإدارة
بمساهمته المتميزة مع المهرجان على مدار ثلاثة عقود
لمع اسم الناقد السينمائي يوسف شريف رزق الله في عقدي
الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي من خلال عدة برامج هامة، كانت
تعتبر الروافد الأولى للثقافة السينمائية وقتها قبل أن تتاح المعلومات على
شبكة الإنترنت، مثل "نادي السينما. تلي سينما. سينما نعم سينما لا. أوسكار.
ونجوم وأفلام"، حيث اشترك في هذه البرامج بالإعداد أو التقديم أو بالاثنين،
وفي هذه البرامج شاهدنا جميع كلاسيكيات السينما العالمية وبعض أفلامها
الجديدة حينها، بعرض الفيلم ومناقشته من قبل النقاد أمثال سمير فريد، سامي
السلاموني، هاشم النحاس وغيرهم، كما اختص لسنوات طويلة بمتابعة وتغطية أهم
المهرجانات السينمائية العالمية ونقلها عربيّا، مثل مهرجاني كان وبرلين
ومهرجان موسكو الدولي.
الانفرادات تأتي بعد الأحلام
تميزت هذه الدورة بعدة انفرادات لعل أهمها هو العرض الأول -
عالميا- لرائعة سكورسيزي المنتظرة "الإيرلندي"، وكانت وزيرة الثقافة
المصرية د. إيناس عبد الدايم قد أوكلت رئاسة الدورة الماضية للمنتج
السينمائي محمد حفظي بترشيح من يوسف شريف رزق الله، والذي تعرض للهجوم منذ
تصريحاته الأولى في العام الماضي بتكريم المخرج الفرنسي كلود ليلوش ثم
التراجع عن ذلك حين تبين لإدارة المهرجان علاقة ليلوش بالكيان الصهيوني.
وأطلق حفظي على دورة 2018 شعار "دورة الأحلام الكبيرة"،
مؤكدا على أن تاريخ دورته الأولى في رئاسة المهرجان يجعله في مواجهة مستمرة
لتحقيق أفضل النتائج من أجل التميز، وصرح حينها بأنه حقق 80% من أهدافه
خلال الدورة الماضية. لذلك سعت إدارة المهرجان هذا العام لإكمال الـ 20%
المتبقية في صورة انفرادات، بداية من "الإيرلندي"، ونسبة العرض الأول
لمجموعة من الأفلام اقتربت من 50% هذا العام؛ حيث تم عرض 84 فيلما في
عروضها الأولى بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا من إجمالي 153 فيلما، ثم خطوة
هامة في تاريخ المهرجان باعتماده من أكاديمية فنون وعلوم الصورة المتحركة،
لتكون أفلامه المنافسة مؤهلة للاشتراك بجوائز الأوسكار بداية من الدورة الـ
42 التي تقام في تشرين الثاني/نوفمبر 2020.
وقد علق حفظي عقب إعلانه الاعتماد: "نحن فخورون جداً بأن
ننضم إلى قائمة المهرجانات المؤهلة للأوسكار، ونشكر أكاديمية فنون وعلوم
الصورة المتحركة على دعمها للمهرجان. هذه الخطوة يمكن اعتبارها اعتماد جودة
للمهرجان وبرنامج أفلامه السنوي الذي يتكون من أفلام مبتكرة يقدمها أكثر
صُنَّاع الأفلام الرائعين والمبدعين النشطين دولياً. فرصة الوصول إلى هذا
النوع من التقدير، سوف تساعد صُنَّاع الأفلام على جذب انتباه العالم
بحكايات رائعة في صورة أفلام قصيرة".
وفي سياق آخر، أحيا المطرب المصري عمرو دياب حفلا لضيوف
المهرجان، وأحيت المطربة روبي حفل الختام، وكان تم استبعاد فيلم "عيار
ناري" من بطولتها في الدورة الماضية، مراعاة لاشتراك رئيس المهرجان بنسبة
في إنتاج الفيلم.
5 أيام قاهرية لصناعة السينما
للعام الثاني على التوالي يواصل برنامج أيام القاهرة لصناعة
السينما برنامجه الدعمي والأكاديمي الذي بدأ منذ الدورة الواحدة والأربعين،
وعلى مدار خمسة أيام استطاع المشاركون من شباب السينمائيين تطوير بعض
المشاريع السينمائية –على مستوى الإنتاج ومراحل ما قبل الإنتاج- وتطوير
السيناريو، ومحاضرات من صناع السينما العالميين، تنوعت بين "رحلة حول
العالم لاستكشاف الإنتاج العالمي" مع المنتج الهوليوودي ستيوارت فورد،
و"دروس من وكيل مبيعات أفلام شديد الانتقائية" لوكيل المبيعات جابور جرانر،
بالإضافة إلى حوار مطول مع المخرج المُرشح للأوسكار تيري جيليام حول "إيجاد
الهوية عبر الوسائط المختلفة"، والعديد من الشهادات والحوارات حول صناعة
السينما العالمية.
تنافست الأفلام على ست مسابقات محورية: المسابقة الدولية،
مسابقة آفاق السينما العربية، سينما الغد، أسبوع النقاد، جائزة أفضل فيلم
عربي، وأخيرا جائزة الجمهور.
ذهبت بعض الجوائز إلى أفلام تمت المراهنة على أحقيتها
بالفوز، فيما فازت أفلام أخرى لم تكن في الحسبان، وتغيبت بعض أفلام كانت
على قدر يؤهلها بالفوز ولكن الأمر في النهاية تحسمه لجان التحكيم وتصويت
الجمهور.
جوائز الدورة 41
*جائزة صندوق الأمم المتحدة للسكان: "بيك نعيش" إخراج مهدي
برصاوي - تونس وفرنسا ولبنان.
*تنويه خاص: "فخ" إخراج ندى رياض – مصر- مسابقة سينما الغد
للأفلام القصيرة.
*تنويه خاص: "تماس" إخراج سمير سرياني- لبنان- مسابقة سينما
الغد للأفلام القصيرة.
*جائزة لجنة التحكيم: "سوء الحظ العجيب للتمثال الحجري"
إخراج جابرييل أبرانتيس- البرتغال وفرنسا- مسابقة سينما الغد للأفلام
القصيرة.
*جائزة يوسف شاهين لأحسن فيلم قصير: "أمبيانس" إخراج وسام
الجعفري – فلسطين- مسابقة سينما الغد للأفلام القصيرة.
*جائزة فتحي فرج، جائزة لجنة التحكيم الخاصة: "اعتقال"
إخراج أندريه كون - رومانيا- مسابقة أسبوع النقاد الدولي.
*جائزة شادي عبد السلام لأحسن فيلم: "أرض الرماد" إخراج
صوفيا كيروس أوبيدا - كوستاريكا وتشيلي والأرجنتين- مسابقة أسبوع النقاد
الدولي.
*أحسن فيلم غير روائي: "بيروت المحطة الأخيرة" إخراج إيلي
كمال- لبنان والإمارات- مسابقة آفاق السينما العربية.
*أحسن أداء تمثيلي: الممثل علي ثامر– "شارع حيفا" إخراج
مهند حيال- العراق- مسابقة آفاق السينما العربية.
*جائزة صلاح أبو سيف، جائزة لجنة التحكيم الخاصة: "بيك
نعيش" إخراج مهدي برصاوي- تونس وفرنسا ولبنان- مسابقة آفاق السينما
العربية.
*جائزة سعد الدين وهبة لأحسن فيلم: "شارع حيفا" إخراج مهند
حيال- العراق- مسابقة آفاق السينما العربية.
*جائزة أفضل فيلم عربي وقدرها 15 ألف دولار: "بيك نعيش"
إخراج مهدي برصاوي- تونس وفرنسا ولبنان.
*جائزة الاتحاد الدولي للصحافة السينمائية "فيبريسي":
"أبناء الدنمارك" إخراج علاوي سليم- الدنمارك.
*جائزة يوسف شريف رزق الله (الجمهور) وقدرها 20 ألف دولار:
"احكيلي" إخراج ماريان خوري-مصر.
*جائزة هنري بركات لأحسن اسهام فني: "مينداناو" إخراج
بريانتي ميندوزا -الفلبين- المسابقة الدولية.
*جائزة أحسن ممثلة: جودي آن سانتوس عن فيلم "مينداناو"
إخراج بريانتي ميندوزا - الفلبين- المسابقة الدولية.
*جائزة أحسن ممثل: خوان مانويل جارسيا تريفينا عن فيلم "أنا
لم أعد هنا" إخراج فرناندو فرياس – المكسيك والولايات المتحدة- المسابقة
الدولية.
*جائزة نجيب محفوظ لأحسن سيناريو: فيلم "بين الجنة والأرض"
إخراج نجوى نجار- فلسطين وأيسلندا ولوكسمبورج- المسابقة الدولية.
*جائزة الهرم البرونزي مناصفة: "نوع خاص من الهدوء" إخراج
ميكال هوجينور- التشيك وهولندا ولاتفيا- المسابقة الدولية.
*جائزة الهرم البرونزي مناصفة: فيلم "الحائط الرابع" إخراج
جانج تشونج، جانج بو- الصين- المسابقة الدولية.
*جائزة الهرم الفضي: فيلم "شبح مدار" إخراج باس ديفوس-
بلجيكا- المسابقة الدولية.
*جائزة الهرم الذهبي: فيلم "أنا لم أعد هنا" إخراج فرناندو
فرياس -المكسيك والولايات المتحدة- المسابقة الدولية. |