شهد أمين: "سيدة البحر" يهدف إلى إظهار الصورة الحقيقية للمرأة السعودية
كتب: ضحى
محمد
فى تطور واضح للسينما السعودية، قررت إحدى المخرجات السعوديات أن تتحدى
الظروف، وتكسر المألوف، من خلال تجسيد قصة حقيقية عاشت تفاصيلها ونقلها
لعمل سينمائى مدته لا تزيد على 76 دقيقة.. المخرجة شهد أمين، التى قررت أن
تكون أولى مشاركاتها الروائية الطويلة من خلال فيلم «سيدة البحر»، الذى
يشارك ضمن مسابقة آفاق، والذى حصل على التانيت البرونزى فى الدورة السابقة
لأيام قرطاج، وسبقه الحصول على جائزة «فيرونا» للفيلم الأكثر إبداعاً ضمن
مسابقة أسبوع النقاد فى الدورة السابقة من مهرجان «فينيسيا»، بالإضافة إلى
حصوله على 3 جوائز خلال منافسته فى المسابقة الرسمية للأفلام الروائية فى
مهرجان «الرباط».
وتحدثت «الوطن» مع المخرجة شهد أمين عن تفاصيل الفيلم رغم وجود الفكرة منذ
6 سنوات، كما كشفت عن الصعوبات التى تعرضت لها خلال التصوير، فضلاً عن
حصولها على أكثر من جائزة من مهرجانات دولية.
·
فى البداية، ماذا عن مُشاركتك فى
مسابقة «آفاق للسينما العربية»؟
- شرف كبير بالنسبة لى مشاركة الفيلم فى مهرجان القاهرة السينمائى، فهو
يعتبر من أهم المهرجانات التى تحرص على تبادل الثقافات وإثارة الوعى لدى
الجمهور، خاصة فى ظل منافسة الفيلم خلال مسابقة آفاق، فهذا يعتبر شيئاً
مميزاً، خاصة أن تلك الأفلام المنافسة شاركت فى مهرجانات أخرى، وهذا يعتبر
شيئاً مشرفاً للسينما العربية أن يكون بها تلك النوعية من الأفلام، فأهم ما
يميزها أنها تملك رؤية بصرية مختلفة، فهناك جيل جديد من شباب العرب يطرحون
أفكارهم تستطيع تقديم رؤية مختلفة.
·
ما سبب إصرارك على أن يكون أول مشاريعك
الروائية الطويلة من خلال «سيدة البحر»، رغم تقديمك للقصة من خلال فيلم
قصير؟
- إننى لست من نوع المخرجات التى تعيد ذاتها، ولكننى كنت على ثقة من أن
لدىّ أشياء أخرى أريد أن أظهرها للجمهور من خلال فيلم روائى طويل، خاصة
أننى كان لدى فكرتين قبل تنفيذ مشروع «سيدة البحر»، ورغم تحمس المنتجين
لتقديم فكرة جديدة، أصررت أن يكون «سيدة البحر» أول فيلم روائى طويل فى
مشوارى الفنى، وأردت من خلاله توصيل رؤية بصرية معينة، دون الحاجة إلى
استخدام لغة الحوار بشكل أساسى.
·
ولكن الفكرة كانت موجودة منذ 6 سنوات،
ما سبب تأخير ظهورها إلى الجمهور؟
- بدأت فى كتابة الفيلم منذ ٢٠١٣، واستغرقت كتابة النص فترة طويلة، ثم
توقفنا بسبب عدم وجود شركة منتجة، بالإضافة إلى الوقت الذى استغرقته فى
معاينات التصوير، واختيار فريق عمل مناسب لفكرتى بالفيلم.
الفيلم إذا لم يكُن جريئاً فلن أقدمه.. والعمل يعتمد بشكل أساسى على الطرح
البصرى الخاطف وكثير من الرمزية
·
اعتمد الفيلم على السرد البصرى أكثر من
لغة الحوار، ألم تخشَى من عدم فهم الجمهور للأحداث؟
- بالعكس، فقد تعمدت أن يكون العمل معتمداً بشكل أساسى على الطرح البصرى
الخاطف وكثير من الرمزية، وتضمين اللغة الشاعرية فى كل مشهد، فإثارة حالة
من الجدل لدى الجمهور بشأن عدم فهمه للأحداث يعتبر شيئاً إيجابياً بالنسبة
لى، فأهم ما يشغلنى هو توصيل رسالة بصرية ممتعة من خلال مشاهد البحر التى
تكمن فى خلفيتها رسالة واضحة.
·
معنى ذلك أنك اعتمدتِ فى فيلمك على
مشاركته فى المهرجانات، وليس النجاح التجارى؟
- لم أفكر فى الأمر بتلك الصورة، فقد كنت أركز فى تقديم فكرة جيدة مكتملة
التفاصيل بغض النظر عن مشاركته فى المهرجانات أو عرضه تجارياً فى دور
العرض، فأنا ركزت على أن يكون الفيلم جيداً على مستوى الفكرة واللغة
البصرية، وتقديم قصة عصرية بطابع قديم، وفى الحقيقة أن «إيمج نيشن أبوظبى»،
الشركة المنتجة للفيلم، ساعدتنى على ذلك لأنها كانت تؤمن بالفكرة ومدى
أهميتها فى ظل تطور السينما السعودية.
·
ما رسالتك الأساسية من فيلم «سيدة
البحر»؟
- رسالتى الأساسية أن أوصل للجمهور مدى معاناة الفتاة الصغيرة التى تتعرض
لأذى مستمر، وإبراز صورة المرأة السعودية الحقيقية، فالفيلم يكشف عن تجربة
حقيقية عاشت تفاصيلها بطلة العمل «حياة» التى حاولت أن تخرج عن المألوف
وتختار مصيرها بنفسها فتتحدى أسرتها وتثور على التقاليد المظلمة المتبعة فى
قريتها، والتى تفرض تقديم الإناث من أطفالها إلى مخلوقات غريبة تعيش فى
المياه المجاورة، فكل المشاهد خاصة بالتأمل، وهذا كان تحدياً بالنسبة لى.
·
من وجهة نظرك، ما العوامل التى ساعدت
فى نجاح تجربتك الأولى فى عدد من المهرجانات الدولية؟
- شرف كبير لى مشاركة الفيلم فى عدد من المهرجانات الدولية، وحصوله على
إشادات من النقاد والسينمائيين، والذى ساعدنى على ذلك هو أداء الممثلين على
رأسهم الطفلة بسيمة الستار، فهى كانت تضع وجهها أمام الكاميرا فقط دون
الحاجة إلى تمثيل، فكانت ملامحها تتحدث بدلاً منها، بالإضافة إلى أداء أشرف
برهوم ويعقوب الفرحان وفاطمة الطائى، فكل منهم بذل مجهوداً مضاعفاً من أجل
خروج الفيلم بتلك الصورة رغم صعوبة أجواء التصوير.
·
ماذا عن شعورك بعد حصول الفيلم على
أكثر من جائزة؟
- خطوة كبيرة بالنسبة لى، وأتمنى أن يكون الأمر بداية لطريق حافل
بالنجاحات، وأن نستكمل طريقنا فى السينما السعودية؛ لأن لدينا طاقات موهوبة
فى السعودية والعالم العربى، وهذا يدل على أن الأفلام العربية فى تطور
مستمر.
·
صورتِ جميع أحداث الفيلم بسلطنة عُمان،
ما الصعوبات التى واجهتك خلال التصوير؟
- عدّة أشياء، أولها صعوبة التصوير فى مراكب وسط البحر، فلكى نعيد تصوير
المشهد كان الأمر يستغرق ما يقرب من 4 ساعات على حسب اتجاه الموجة،
بالإضافة إلى الظروف المناخية الخاصة بسلطنة عمان كانت متقلبة بشكل واضح،
فضلاً عن اعتماد أحداث الفيلم بشكل أساسى على الطفلة بسيمة الستار، فكنت
على ثقة بها منذ كان عمرها 6 سنوات.
·
ولكنها شاركتك فى تجاربك السينمائية
القصيرة السابقة...
- (مقاطعة): هى شاركتنى تجربتى السينمائية فى الأفلام القصيرة، فهى طفلة
تمتلك موهبة فطرية، ولم تُبدِ أى ضيق من صعوبة الأجواء أو مشقة المكان،
فإنها لم تحتَج أن تمثل الدور لأنها عاشت تجربة الفيلم بكل تفاصيلها رغم
أننى كنت سأخسرها قبل التصوير بأسبوعين بسبب انشغالها الدراسى.
·
لماذا تعمدتِ عدم استخدام الموسيقى
التصويرية بشكل واضح فى الفيلم؟
- بشأن الموسيقى فإننى أصررت على حذفها وقت المونتاج، واستبدالها بصوت
الطبيعة، فكنت أريد أن أصل للجمهور من خلال الهدوء وأصوات الطبيعة، وهذا
أثار تخوفاً شديداً لدى الشركة المنتجة ومهندسى الصوت باعتماد الفيلم على
موسيقى فى بداية ونهاية الفيلم فقط.
·
هل تعرضتِ لانتقاد بسبب ظهور الفنانات
دون حجاب خلال أحداث الفيلم؟
- الفيلم إذا لم يكن جريئاً فلن أقدمه، وعلى الرغم من ذلك لم أتعرض لأى
انتقادات من هذا النوع، ولم تتدخل الرقابة فى العمل بحذف أى مشاهد، ولم
نعرض الفيلم فى السعودية حتى الوقت الحالى، ولكننا نسعى لعرضه خلال الفترة
المقبلة فى دور العرض.
السينما السعودية
أعتقد أن السينما السعودية فى طريقها للصعود تدريجياً، ولدينا خطة استثمار
فى صناعة السينما، خاصة أن بها مخرجات لديهن فكر جديد يعتمد على الرؤية
البصرية، ويحاولن خلق هوية لذواتهن بأن يتحدثن بأصواتهن ويحكين عن قصصهن
دون الشعور بأى مخاوف. |