«من
أجل القضية».. حتى لاننسى آلام فلسطين
نجلاء سليمان
شهدت قاعة المسرح الصغير بدار الاوبرا المصرية، العرض العالمي الأول للفيلم
المغربي "من أجل القضية" الأحد، بحضور مخرجه المغربي حسن بنجلون.
الفيلم الذي تدور أحداثه حول عازف ومغني فلسطيني يسمى "كريم" يتعرف على
مغنية فرنسية "سيرين" التي تقدم له فرصة للغناء في وهران بالمغرب مع
فريقها، ولكنهما يواجهان أزمات تتعلق بالتعقيدات الحدودية، ويقضيان يوما
بليلة يتنقلان بين الجسر الذي يربط بين الجزائر والمغرب.
سيرين التي دخلت حياة كريم وقلبتها رأسا على عقب وأعادت له خلال الرحلة
ذكريات طفولته المأساوية مع قوات الاحتلال ومعاناة أسرته حتى هاجر إلى
إسبانيا، هي يهودية فرنسية لا تؤمن بالصراعات والحدود، وهذه الأفكار
المتفائلة التي أعلنت عنها جهرا ، وضعت كريم في مأزق مع موظفي الجمارك خاصة
على الحدود الجزائرية الذين قرروا استخدام سلطتهم معه ومنعه من الحصول على
الفيزا، في البداية طلبوا منه تقصير شعره لكي تطابق صورته مع جواز السفر
الخاص به، ثم طلبوا منه التقاط صورة جديدة له لكي تتطابق مع التي على
الفيزا المغربية التي حصل عليها قبل تقصير شعره.
لكن يتمكن كريم من تلبية رغباتهم كان عليه أولا التحلي بالصبر الشديد ثم
التوجه لأقرب قرية مغربية للقيام بهذه الأمور التي لم تكن ضرورية لولا أنه
جواز سفره الفلسطيني لا يساعده كثيرا مثلما فعل جواز سفر صديقته الفرنسية
التي حصلت على كلتا الفيزتين بسهولة تامة ولكنها لم تتمكن من العبور بسبب
أزمات صديقها.
الشيء الملحوظ في رحلة كريم إلى القرية المغربية هو أن القضية الفلسطينية
حاضرة بقوة في أذهان أهلها، وظهر ذلك في المعاملة الودودة جدا من أهل
القرية له سواء في رحلته الاولى للبحث عن مصفف شعر ورحلته الثانية لالتقاط
صورة على خلفية بيضاء.
"من
أجل القضية" الفلسطينية كان الجميع متعاونا مع كريم على عكس موظفي الحدود
الجزائرية، الذين كانت ازمتهم الحقيقة معه هي صديقته اليهودية التي كسرت
الكثير من القواعد والتابوهات أمامهم مثل الاعتراض على طلباتهم المعقدة أو
الصراخ في وجوههم أو تدخين الحشيش والسباحة عارية أثناء انتظار كريم حتى
يعود من القرية.
في العودة الثانية للقرية اصطحب كريم سيرين معه وتصادف احتفال فتاة بعرسها
على رجل لا ترغب به وخلال الحفل وقعت عدد من المواقف الساخرة والمحزنة في
الوقت نفسه منها سيدة عجوز هي جدة العروس ودار بينهما حديث عن وضع الفتيات
قديما وعجزهن عن رفض القمع والزواج المدبر ولكن الآن تغير كل شيء في إشارة
لعجز العرب قديما عن حل القضية الفلسطينية ولكن الان الامر اصبح بيديهم
وبقرارهم يمكن إحداث تغيير.
أيضا استغل عمدة القرية وجود فلسطيني ببلدته وأمر بجمع التبرعات المادية "
من أجل القضية" وسط تجاوب الجميع إلا أنه في النهاية تقاسم الأموال مع والد
العروس، وهو إسقاط مباشر على وجود منتفعين دائما من حال الفلسطينيين.
في نهاية الفيلم الذي تخلله الكثير مِن المواقف الكوميدية التي لم تكن
مقصودة ولكنها الكوميديا الحياتية التي تنشأ من معاناة البشر، اكتشف كريم
أنه لم يكن بحاجة إلى قص شعره أو التقاط صورة جديدة لان موظف الحدود
الجزائري الذي تسلم وردية عمل اليوم التالي أخبره أن الفلسطينيين مرحب بهم
على أرض الجزائر دون الحاجة للحصول على فيزا.
وقال المخرج حسن بنجلون في ندوة أقيمت عقب عرض الفيلم، إنه حاول تحريك
الضمائر بالحديث عن القضية الفلسطينية حتى لا ينساها الإنسان العربي، موضحا
أن قصة الفيلم حقيقية وقعت معه في السبعينات ولكن ببعض التفاصيل المختلفة
حيث كان يحول المرور من النمسا لتشيكوسولفاكيا في وقت الصراع بين
الرأسمالية والشيوعية، وطلب منه قص شعره واضطر للذهاب إلى إحدى القرى، كما
دار بينه وبين صديقته التي لازمته الرحلة حوارا شيقا وقاموا بالعديد من
الأشياء الغير معتاد عليهما.
وشرح مخرج الفيلم، عدد من الإسقاطات التي أشار لها فيلمه مثل إسقاط المرأة
العجوز التي تمثل حال جامعة الدول العربية حينما قسمت الأراضي الفلسطينية،
وأيضا كيف تاجر الكثيرون بالقضية.
وعن اختيار فتاة يهودية لمصاحبة الشاب الفلسطيني في رحلته، أوضح بنجلون أن
هذه التركيبة منحت القصة قوة في مضمونها الإنساني، الذي يؤكد أن حل القضية
سيكون باتفاق هذان الطرفان ولا أحد آخر. |