•
جوائز «القاهرة السينمائى» تؤكد أن فيلمى جيد ويستحق
•
السينما التجارية ربطت المهمشين فى مصر بالمخدرات والسلاح..
وأعمالى تعيد لهم قيمتهم كعمال وصنايعية
• «حميدة»
دعمنى إيمانًا بموهبتى.. والفيلم حالة فنية لا تعتمد على النجوم
فى ثانى تجاربه السينمائية بعد الفيلم التسجيلى «جلد حى»،
حصد المخرج أحمد فوزى صالح 3 جوائز عن فيلمه الروائى الأول «ورد مسموم» من
مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الاربعين، وهى جائزة أحسن فيلم
عربى، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة التى تحمل اسم مخرج الروائع «صلاح
أبوسيف»، إضافة إلى جائزة صندوق الأمم المتحدة للشباب، وهى الجوائز التى
توجت رحلة الفيلم فى أكثر من 40 مهرجانا حول العالم، حيث حصد أيضا جائزتين
أخريين، هما أفضل فيلم من مهرجان الفيلم الإفريقى بإسبانيا، وجائزة خاصة من
لجنة التحكيم بمهرجان الفيلم الإفريقى الدولى بنيجيريا.
وفى حواره مع «الشروق» كشف المخرج أحمد فوزى صالح عن كواليس
رحلة فيلمه، وكواليس مشاركاته فى المهرجانات المختلفة..
•
فى البداية.. كيف استقبلت فوز «ورد مسموم» بـ ٣ جوائز فى
مهرجان القاهرة السينمائى الدولي؟
ــ بالتأكيد سعدت بالجوائز التى نالها من المهرجان وكذلك
فريق العمل بالفيلم، ورغم أنها ليست الجائزة الأولى لنا، إلا أن السعادة
أكبر لأن الجائزة من «القاهرة السينمائي»، مهرجان بلدى التى أحمل ثقافتها
وهويتها، والسعادة مضاعفة 3 مرات، لأن هذه المرة 3 جوائز من 3 لجان تحكيم
مختلفة، وهو ما يؤكد أن الفيلم جيد ويستحق.
•
للمرة الثانية تميل لمنطقة المدابغ بعد نجاح فيلمك «جلد حى»
الذى قدمته قبل سنوات.. فما سر الارتباط بهذا المكان؟
ــ «ورد مسموم» كان مشروع تخرجى من معهد السينما عام 2009،
لكن وجدت صعوبة فى تنفيذه وقتها، وكان البديل أن أقدم فيلما روائيا قصيرا
تطور لاحقا ليصبح فيلما تسجيليا عن منطقة المدابغ باسم «جلد حي»، وهو
بمثابة بحث عن الصورة واللغة التى اريد تقديمها فى ورد مسموم، واعلان عن
مشروعى الكبير، فكان بمثابة خطوة استباقية للفيلم.
•
ماذا عن فكرة المزج بين التسجيلى والروائى بالفيلم واستخدام
مواقع حقيقية والاستعانة بشخصيات حقيقية من العمال؟
ــ السينما فى العالم كله تجاوزت هذه التصنيفات، وإن كان
العمل روائيا أو تسجيليا فهو فى النهاية تحت مسمى فيلم، فأنا أريد تقديم
سينما مختلفة عن النوعية التجارية الموجودة على الساحة حاليا، واتطلع
لسينما تطرح أسئلة وتناقش أفكارا، لتكون أشبه بحجر فى بركة راكدة، وهدفى
تقديم تجربة فنية تعتمد على مقومات الفن وتنتصر للصورة.
*
هل ستستمر بتقديم هذه النوعية من السينما؟
ــ بالتأكيد، هذه النوعية من السينما التى التحقت من أجلها
بمعهد السينما، وتعبر عن أفكارى وقناعاتى، وأسير بخطوات متأنية فى مشروعى
الذى بدأته بفيلم «جلد حى» فى 2010، ثم فيلمى الثانى «ورد مسموم»، واتمنى
استكمال المسيرة يكون لدى 5 أفلام أو أكثر يرى فيها الجمهور تجربة فنية
مكتملة.
•
قلت إن الفيلم عانى فى بدايته من مشاكل وعثرات حتى خرج
للنور.. فكيف كانت تلك المشاكل وكيف سارت الرحلة؟
ــ تأخر تنفيذ الفيلم بسبب أزمة الإنتاج، لأن الفيلم فنى
بحت، ولم نجد فى البداية منتجا يغامر معنا، فى إنتاج فيلم فرص نجاحه فى دور
العرض قد تكون قليلة، لذلك اعتمدنا على فكرة صناديق الدعم، وحصلنا على دعم
قيمته 750 ألف جنيه من وزارة الثقافة، لكن تعطل صرف الدفعات للفيلم، ورغم
التحفظات على قيمته، إلا أنه ساهم ولو بجزء فى إخراج العمل للنور، واضطررت
لبيع سيارتى، وتقسيط ثمن وجبات فريق العمل أحيانا، ثم لاحقا وافق المنتج
صفى الدين محمود على المشاركة فى إنتاج الفيلم، بعد قبول الفيلم فى مهرجان
فينسيا قيد الإنتاج، والفيلم بالنسبة لى رحلة تصوف اكتشفت خلالها الكثير.
•
لماذا قمت بتعديل السيناريو أكثر من مرة، وهل بالفعل حذقت
ما يقرب من 40 دقيقة منه؟
ــ التعديل كان ضروريا، فأنا أريد تقديم فيلم جرىء، وقوى
بصريا، بعيدا عن الحبكات والقصص التقليدية، والسيناريو الأخير الذى توصلنا
إليه بعيد تماما عن رواية «ورود سامة لصقر»، للكاتب أحمد زغلول الشيطى، رغم
ذلك حافظنا على التقدير الأدبى له، لأن العمل بدأ من هذه الرواية، لكن هناك
اختلاف فى الزمان والمكان وطبيعة العلاقات بين الشخصيات، فالرواية تدور
أحداثها فى دمياط بثمانينيات القرن الماضى، بينما تدور أحداث الفيلم فى
منطقة المدابغ بالألفية الجديدة، واقتبسنا فقط الخط الرفيع فى علاقة الأخت
بأخيها.
وبعد تصوير عدد من المشاهد، شعرنا كفريق عمل أن طموحنا لم
يتحقق بالقصة التقليدية التى قتلت الروح الجريئة التى نحاول تحقيقها فى
الصورة السينمائية، لذا قررنا إعادة كتابة السيناريو وتطويره وإعادة
التصوير مرة أخرى، وتناولنا القصة من خلال وجهة نظر الأخت «تحية»، والتخلى
عن الجانب التقليدى فى الرواية للخروج لشيء أكثر سينمائية وجمالا.
•
ما هى قناعتك فى نقل واقع المناطق الشعبية والمهمشين.. خاصة
أن هذه النوعية تجد من يتهمها بتشويه صورة مصر؟
ــ أغلب أفلام السينما المصرية التجارية فى السنوات
الأخيرة، قدمت الفقراء والمهمشين على أنهم مجرمون أو تجار مخدرات أو حاملو
سلاح، وهذه ليست الحقيقة، فهم عمال ومنتجون يعملون ما يقرب من 12 ساعة
يوميا، لذلك اتجهت لصنع فيلم فى المدابغ، انتصارا لقيمة العمل، وهى مكان
صعب للغاية وظروف العمل فيه شبه مستحيلة، وبيئة مليئة بالمخاطر والعقبات،
وأنا كسينمائى لدى همٌ اجتماعى هو أن أنحاز لهؤلاء، وأساندهم بصورتهم
الإنسانية الحقيقية.
•
بعد نجاح يوم الدين فى لفت الأنظار ونجاح فيلمك فى حصد ٣
جوائز بـ«القاهرة السينمائى».. هل يمكن أن تجد هذه النوعية من الأفلام
مكانا فى شباك التذاكر؟
ــ سبق فيلمى وفيلم «يوم الدين» عدة تجارب منها: أخضر يابس
والخروج للنهار وآخر أيام المدينة، وهذا يدل على أن هناك سينما جديدة
قادمة، وهناك نوعية من الجمهور ينجذب لهذه النوعية من الأعمال، وأظن
تدريجيا أن المساحة ستكون أكبر لإنتاج هذه النوعية من الأفلام، والتى تحاول
كسر الصورة النمطية لشكل ونوعية الفيلم السينمائى، والخروج من القالب
التقليدى للصناعة لأنها تقدم أفكارا جديدة وجريئة، وتمنح قبلة الحياة
لاستمرار هذه الصناعة.
•
الفيلم بدأ عرضه الجمعة الماضية للجمهور بسينما زاوية..
فكيف وجدت الاستقبال للفيلم؟
ــ سينما زاوية تتميز بأن لديها جمهورا ثابتا يفضل هذه
النوعية من الأفلام، لذلك كان الاستقبال بشكل جيد، وهناك جمهور سعيد بجرأة
التجربة، وهناك من لم يعجبه الفيلم وهذا أمر طبيعى.
ونحن مدركون أن الفيلم صادم على مستوى الصورة وفى طريقة
السرد من خلال الصور، فالفيلم لا يعتمد على قصة تتطور أحداثها وبها منحنيات
صعودا وهبوطا، ولا يعتمد على حبكات معينة تدغدغ مشاعر المتفرج، الفيلم
مشغول بطرح أسئلة حول النفس البشرية والمجتمع الذى نعيش فيه وحول الفن نفسه.
•
الفنان محمود حميدة دعم الفيلم وشارك بالتمثيل فيه، فهل
وجوده كان سببا للفت الأنظار للفيلم خاصة أن أبطال الفيلم وجوه جديدة
نسبيا؟
ــ الفيلم فنى، لا يعتمد على وجود النجوم ولم يتجه لوجوه
جديدة بسبب الميزانية، فهو يسير فى طريق معين، وكان يحتاج شخصية أشبه
بأبطال الأساطير، واخترنا شخصية غريبة اقرب لهذا العالم، وكانت ذلك من خلال
شخصية الساحر التى استطاع وجود محمود حميدة تحقيقها على الشاشة شكلا
وموضوعا بعيدا معيار النجومية.
•
ولكن هناك أقاويل أن أسباب دعمه بحكم الصلة الاجتماعية التى
تجمعكما؟
ــ الدعم كان إيمانا بالفيلم وبموهبتى، وإذا كان الأمر
هكذا، فكان من الأولى الاستفادة من الفنان محمود حميدة بتواجدى داخل السوق
التجارية، واكون مخرجا لأفلام ومسلسلات أجنى من خلالها الكثير، لكنى فى
النهاية اخترت طريقى ومشوارى الذى يشبهنى وأؤمن به.
•
وماذا عن المهرجانات التى يشارك فيها الفيلم الفترة
القادمة؟
ــ رحلة الفيلم مع المهرجانات لا تزال مستمرة، الفيلم يعرض
خلال مهرجان مراكش الدولى، وبعدها بمهرجان بالهند، ويواصل رحلته الأوروبية
فى بلجيكا وفرنسا، ثم الارجنتين حيث يشارك بمهرجان الفيلم اللاتينى العربى،
ونأمل أن تبدأ عروض الفيلم تجاريا فى بعض الدول الأوروبية، فالتجربة تكون
ممتعة عندما يصل فيلمك لأماكن مختلفة فى العالم، ويشاهده جمهور لا يفهم
لغتك لكن يفهمون لغة الصورة، وهى اللغة الإنسانية الأولى التى يشترك فيها
الناس جميعا.
وعلى المستوى العربى سيعرض الفيلم قريبا بالإمارات وتونس
والمغرب من خلال موزع الفيلم زاوية.