فيلم «يوم الدين» حالة مختلفة فى السينما المصرية
إعداد: علاء عادل
استطاع فيلم «يوم الدين»، أن يجذب الانتباه إليه
قبل عرضه بمصر، بعد مشاركته فى مهرجان «كان» السينمائى، وحصوله على
جائزة
Francois chalais
ليكون أول فيلم مصرى يشارك فى هذه المسابقة منذ ٦ سنوات، كما منح
مهرجان الجونة السينمائى فى دورته الثانية مخرج الفيلم أبوبكر شوقى
جائزة فارايتى كأفضل موهبة عربية فى الشرق الأوسط، وحصل على
جائزتين فى ختام المهرجان، الأولى نجمة الجونة كأفضل فيلم فى
مسابقة «سينما من أجل الإنسانية»، والثانية نجمة الجونة فى مسابقة
الأفلام الروائية الطويلة، بجانب اختيار الفيلم لتمثيل مصر فى
جائزة الأوسكار العالمية، وطرح الفيلم بدور العرض السينمائية فى
محافظة المنيا مسقط رأس بطل الفيلم، ليكون له السبق فى أن يكون أول
عمل فنى يتم طرحه فى الصعيد قبل العاصمة.
عن مشاركة الفيلم فى المسابقة الرسمية لمهرجان
الجونة السينمائى وردود الأفعال حول الفيلم تحدثت «الوفـد» مع صناع
العمل.
راضى جمال: العمل ليس قصة حياتى.. والتمثيل كان
بالنسبة لى حلماً بعد أن عاش سنوات عمره كله فى مستعمرة بإحدى قرى
محافظة المنيا، أصبح راضى جمال، أحد أحاديث مواقع التواصل
الاجتماعى، ووصلت شهرته إلى مدينة «كان» فى فرنسا، ونشرت صورته فى
أعرق المجلات العالمية، بعد حصول فيلم «يوم الدين» على إحدى جوائز
مهرجان «كان» السينمائى، ليتحول راضى جمال من شخص منبوذ من المجتمع
إلى نجم سينمائى تطارده عدسات المصورين؛ للتحدث عن بطولة أول
أفلامه.
يقول «راضى»: لم أكن أتوقع كل هذا النجاح، وسوف
أحقق حلمى بالعمل كممثل، ولكن هذا الحلم الآن أصبح حقيقة، وسوف
أستمر بالعمل كممثل.
التقت «الوفـد» راضى جمال، وتحدث عن حياته فى
مستعمرة الجذام منذ 24 عاماً، وكيف كانت رحلته فى عالم التمثيل،
وحقيقة منعه من السفر لفرنسا وغيرها من الأمور..
·
هل كنت تتوقع كل هذا النجاح؟
-
لم أتوقع كل ما حدث لى، ولا كنت أتخيل أن يحدث ولو جزءاً صغيراً
منه، وأدين بالفضل فى هذا إلى أبوبكر شوقى، مخرج العمل، ودينا إمام
المنتجة.
·
كيف جاءت مشاركتك فى العمل؟
-
عن طريق أحد أقاربى يدعى «ميلاد»، عرَّفنى على المخرج أبوبكر شوقى
الذى أعجب بى، بعد هذه الجلسة، وقرر أن أعمل معه، بعد أن علم مدى
حبى للتمثيل.
·
هل واجهت صعوبة فى تصوير العمل؟
-
فى بداية التصوير فقط؛ حيث كان يوجد أشخاص لا يريدون أن يرونى
ممثلاً، ولكن إصرار المخرج والمنتج على وجودى جعلنى استمر.
·
كيف كنت تؤدى تقديم المشاهد؟
-
أنا لا أعرف القراءة والكتابة، لذلك كان يتم تحفيظى المشهد قبل
تصويره، ليظهر بهذا الشكل على الشاشة.
·
هل قصة الفيلم تعبر عن سيرتك الذاتية؟
-
قصة الفيلم واقعية، ولكنها لا تدور حول تجربتى، فهى
تشبه الكثيرين ممن
يعيشون فى المستعمرة.
·
ماذا كنت تعمل داخل المستعمرة؟
-
كنت أبيع الشاى والقهوة والمياه الغازية للمرضى والعاملين هناك.
·
هل ستواصل فى تلك المهنة؟
-
سوف أفتح مشروعاً كبيراً خارج المستعمرة، يجانب احترافى التمثيل.
·
ما المهن الأخرى الموجودة داخل المستعمرة؟
-
نعمل فى الأرض الخاصة بالمستعمرة مقابل 500 جنيه فى الشهر.
·
لكن هذا المبلغ زهيد لحياة كريمة؟
-
البركة فى فاعلى الخير الذين يساعدوننا على قدر المستطاع.
·
هل أنت متزوج؟
-
تزوجت مرتين الأولى استمرت 10 سنوات، وتوفيت فى حادث ومعها ابنتى،
والثانية طلقتها بعد سنة زواجاً، وأعيش بمفردى.
·
كيف يتم الزواج داخل المستعمرة؟
-
مرض الجذام غير معدٍ، فهو ليس «إيدز»، وأرحم من السرطان، فنحن
نتزوج ونعيش حياتنا على طبيعتها، وأبناؤنا يكونون طبيعيين، ونعيش
فى قرية تدعى أبوصفيح فى المنيا.
·
ما شعورك وأنت تسير على السجادة الحمراء فى مهرجان
الجونة؟
-
كنت أشعر بسعادة كبيرة، خاصة أن جميع النجوم صافحونى، وأعجبوا
بتمثيلى.
·
هل تقبل أن تجسد أدواراً فى السينما يسخرون منك
فيها؟
-
بالطبع، لا لن أقبل تلك النوعية من الأخبار؛ لأن هذا الفنان ليس
أفضل منى.
·
لماذا تم منعك من السفر إلى فرنسا؟
-
لم يتم منعى، ولكن بعد أن ذهبت إلى المطار اكتشفوا أن التأشيرة بها
شىء خاطئ، فتم إلغاء سفرى أنا وأحمد، البطل المشارك معى فى الفيلم،
وليس للحكومة يد فيما حدث مثل ما قال البعض، لأنها لو كانت تريد أن
ترفض لما أخرجت لى من البداية جواز سفر.
دينا إمام:
لا نتحدث عن المرض.. وتكلفة الفيلم وصلت ٣٠٠ ألف دولار قبل التعويم
أكدت المنتجة دينا إمام، أن فيلم «يوم الدين» هو
أول أفلامها فى مجال الإنتاج، وأن السبب فى خوض تلك التجربة هو
المخرج أبوبكر شوقى، الذى عرض عليها الفكرة وتحمست لها، خاصة أنه
سبق أن قدمها من قبل من خلال فيلم تسجيلى منذ ١٠ سنوات فى مشروع
التخرج الخاص به من معهد السينما.
وأضافت:
الفيلم لا يتحدث عن المرض بقدر ما هو يتناول حياة بنى آدم مختلف
يتعامل معه كل من حوله بشكل مختلف، فهو ليس مريضاً بالجذام بل تم
شفاؤه منه، ولكن حدث له تشوهات من المرض، فكنت أريد تقديم فيلم
يجمعنا كشعب، ويناقش أصل الإنسان، وكيف يمكن أن نستيقظ كل يوم
الصبح نتعامل مع بعضنا بشكل جيد حتى لو كان يسبب لى أذى.
وأشارت إلى أن الإنسان قام ببناء حضارات مختلفة
تستمتع بها البشرية كلها، فلماذا لا نستطيع التعامل مع بعضنا بشكل
جيد.
وأوضحت
دينا إمام، أن الفيلم لا يتحدث عن العنصرية؛ لأن البطل نفسه فى
الفيلم لا يشعر بالظلم مما حدث له، ومتقبل الأمر بشكل جيد، لذلك لا
تستطيع أن نقول إن العنصرية كانت مفتاح خروج الفيلم لمهرجانات
خارجية، فنحن لم نحاول أن نسوء سمعة مصر.
وقالت «دينا»، إنَّ ميزانية الفيلم وصلت إلى ٣٠٠
ألف دولار قبل التعويم، كانت عبارة عن منح من أماكن مختلفة، وليس
من مصدر واحد، وفى النهاية نحن غير مهتمين بالإيرادات على قدر نجاح
الفيلم ويراه الجمهور.
وأعربت دينا إمام عن سعادتها بحصول الفيلم علي
جائزتين ضمن فعاليات الدورة الثانية من مهرجان الجونة السينمائي،
وقالت: هذه الجوائز التي حصل عليها الفيلم حتي الآن عبارة عن رسائل
قوية لكل من يسخر من هؤلاء لأن لهم حق في الحياة، مثل اي انسان
عادي.
وواصلت حديثها قائلة: الفيلم حتي الآن حقق ايرادات
جيدة منذ طرحه، ومازال امامه محطات في مهرجانات عالمية اخري، و
أتمني ان يحقق نفس النجاح، وأن تصل الرسالة الإنسانية التي نريد
قولها من خلال الفيلم، وكما سبق وقلت من قبل اننا لا نتحدث عن
عنصرية او ابطال منبوذين من المجتمع، بل شخصيات راضية عن حياتها،
واختار بإرادته العودة الي المستعمرة لاستكمال حياته فيها.
أبوبكر شوقى:
الفيلم أبهر جمهور «كان» ولم يسئ لسمعة مصر
أعرب المخرج أبوبكر شوقى عن سعادته بحصول فيلمه على
جائزتين فى مهرجان الجونة السينمائى.
وأكد «شوقى»، أنه كان يوجد عدد كبير من الناس كانوا
رافضين ظهور راضى جمال كبطل لفيلم «يوم الدين»، وذلك بسبب مرضه،
فسخر عدد كبير من التجربة ومن وجوده، ولكن ذلك الكلام جعل التحدى
أكبر وإصرارى عليه زاد، وحصولى على هاتين الجائزتين هو أكبر رد
عليهم؛ لأن الفيلم الجيد ليس بوسامة بطله فقط.
وأضاف: راضى ليس مريضاً بالجذام بل تم شفاؤه منه،
لذلك فهو غير معدٍ، ولكن لديه تشوهات من المرض، وأنه يوجد مرحلة من
المرض تسبب العدوى فيقوم المستشفى بعزلهم لفترة معينة؛ حتى يتم
تخطى المريض تلك المرحلة، ليستكمل علاجه مع الأشخاص العاديين، ولكن
يترك أثراً على المريض يصل إلى التشوهات، لذلك لم أكن أشعر بالخوف
من التعامل مع راضى.
وأشار «شوقى» إلى أنه مرَّ بعدد من الصعوبات أثناء
تصوير الفيلم خاصة بالبيروقراطية واستخراج التصاريح الخاصة بتصوير
العمل من جهات مختلفة، وكان يجب أن أوضح فى كل مرحلة أنى أقدم
عملاً روائياً وليس وثائقياً عن مرض الجذام.
وعن وجود أحد المشاهد الخاصة بدار الأيتام وعدم
واقعيته قال: بالعكس المشهد واقعى جداً، وأنا سبق أن دخلت إحدى
المصالح الحكومية المهجورة التى بها الأوراق ما زالت موجودة ومرتبة
بالتاريخ، بالرغم من عدم وجود موظفين.
وأوضح «أبوبكر»، أن الفيلم لا يشوه صورة مصر أمام
العالم، وهذه الفكرة غير موجودة إلا فى مصر، وعندما عُرض العمل فى
مهرجان «كان» انبهر الجميع بالفيلم، ولم يتحدث أحد عن تشويه صورة
مصر، وفى المهرجانات العالمية يهتمون بوجود فيلم جيد وليس موضوعات
تسىء للبلاد.
وأنهى حديثه قائلاً: أنا «تعبت» جداً فى هذا
الفيلم، وشرف كبير لى الحصول على جائزتين فى مهرجان الجونة
السينمائى، وهذا يعنى أن الفيلم قد وصل للجمهور، وهذا ما كنت أريده
أن يصل للناس. |