رصيد سينمائي وتلفزيوني ومسرحي كبير لا ينساه تاريخ
الفن في مصر والعالم العربي. هذا التاريخ كتبه بأنامله، نور الشريف
هذا العبقري المثقف الممثل والمخرج والمؤلف والمنتج، اقتحم مجالات
عدة برع فيها ولكن علا نجمه كممثل بشكل أكبر.
نور الشريف هو محمد جابر لاعب كرة القدم في أشبال
نادي الزمالك، الذي ترك كرة القدم رغم حصوله على العديد من
الجوائز، ورغم إشادة كل من شاهده، وقدمه ممسكة بكرة القدم وأكدوا
أنه سيكون في غضون سنوات لاعباً محترفاً. لكن رغم كل هذه الإشادات
والنجومية التي حققها في ناديه إلا إنه أختار أن يسير في طريق آخر،
طريق لم يدرك أين سينتهي. لكنه مشى حتى أصبح نجماً مصرياً كبيراً.
لم يكن دخول نور
الشريف التمثيل
من باب المصادفة، بل كان بتخطيط وترتيب منه، فدخل في البداية بناءً
على رغبة والده كلية التجارة. وبعد عام واحد تركهاً رافضا عالم
الأرقام والحسابات، واختار أن يتقدم بأوراقه للمعهد العالي للفنون
المسرحية. وبالفعل وجد نور نفسه بين كتب التمثيل والإخراج، وعالم
الكاميرات، والإضاءة ونجح بتفوق في كل عام وقدم على خشبة المسرح
العديد من العروض المسرحية متقناً فن الإلقاء بشكل أدهش الجميع.
تخرج نور وكان اللقاء الأول له مع جمهوره مباشرة من
خلال العرض المسرحي، "الشوارع الخلفية" للمخرجسعد
أردش الذي
كان قد شاهده في بعض العروض في المعهد. يومها نال نور الشريف تصفيق
الجمهور وإشادة سعد أردش الذي قال له إنه سيكون صاحب حظ وفير في
الفن وسيعلو اسمه وشأنه.
وأثناء هذا العرض شاهده المخرج كمال عيد، فأعطاه
دوراً في مسرحية "روميو
وجوليت"
ورغم صغر مساحة الدور، إلا أن هذا العمل كان بمثابة فاتحة الخير
عليه، حيث وبالصدفة شاهدة النجم عادل إمام فجلس معه وأعجب كثيراً
بموهبته وقال له إنه يريى فيه نجماً صاعداً. هذا وجه إمام بأن
يرتّب له لقاءات بأهم مخرجي مصر في ذاك الوقت، وهو حسن الإمام. ظن
الشريف أن عادل إمام كان يقول له كلاماً في الهواء. لكن "الزعيم"
وفى بوعده، وتقابل الثلاثي سوية، وفي نهاية الجلسة فاجأ حسن
الإمام الاثنين
بقوله لنور الشريف: "تعلالي بكرا المكتب... ليك دور عندي". لم يملك
نور نفسه من السعادة وذهب إليه في الموعد المحدد، وكانت المفاجأة
الكبرى أن الدور في إحدى ثلاثيات نجيب محفوظ وهو فيلم "قصر الشوق"،
ومن هنا بدأت حكاية نجم تغير اسمه من محمد جابر إلى نور الشريف.
هذه كانت بداية نور الشريف التي لم ينسها، ولم ينس
أن عليه واجب دعم المواهب الجديدة، هو الذي قال في وقت سابق إنه
يؤمن "بضرورة أن يكون هناك تواصل بين الفنان صاحب التاريخ والممثل
الذي يبحث عن فرصة، فكم من مواهب فنية مهدور حقها تماماً في مصر
فلابد من الكشف والتنقيب عنها في أي مكان".
استطاع نور في مسلسل "الدالي" بأجزائه الثلاثة أن
يكتشف عدداً من الوجوه منها إيناس كامل، وأحمد
صفوتوابنته
مي التي كان هذا هو العمل الأول لها.
####
ثلاث أزمات في حياة نور الشريف
القاهرة ــ مروة عبد الفضيل
مر النجم الكبير نور
الشريف بلحظات
عصيبة في حياته الشخصية، رغم نجاحاته الفنية الكبيرة. فكانت أيام
إصابة ابنته مساعدة المخرج سارة، من أقسى وأصعب أيام حياته، حيث
أصيبت بفيروس نادر، فشل في علاجه الأطباء المصريون، مما اضطره لأن
يسافر معها إلى فرنسا ففشل الأطباء أيضاً، إلى أن سافر برفقتها إلى
انكلترا فعلم من هناك أن ابنته مصابة بفيروس نادر جداً ويجب عليها
أن تتعايش معه. وتم إدخالها إلى غرفة العمليات في محاولة لتحسين
وضعها. واستمرت العملية ساعات طويلة، أدت إلى سقوط نور الشريف
مغشياً عليه من التوتّر.
الأزمة الثانية التي مر بها نور الشريف، هي ما عرف
بـ "شبكة المثلية الجنسية"، حيث ذكر اسمه مع أسماء فنانين آخرين
قيل وقتها إنه تم ضبطهم. نشر حينها الكلام في جريدة تدعى "البلاغ"،
فطلب منه صديقه، كما روى، الاتصال بأشرف
زكي الذي
كان وقتها نقيباً للممثلين، ففعل والتقيا، ليتقدم بعدها بلاغاً إلى
النائب العام فتم "تبرئته" مما نسب إليه بعدها بفترة، وأصدر النائب
العام قراراً بإيقاف صدور الجريدة في مصر. ورغم الأزمة الشديدة
التي مر بها النجم المصري نور إلا إنه قال "رب ضارة نافعة" ووصف
الحادث بأنه كان استفتاءً على حب الناس له، مشيراً إلى أن أكثر ما
آلمه في هذا الموضوع هو حزن بناته وتدهور حالتهن النفسية بسبب
الاتهامات المغرضة اللا أخلاقية التي لاحقته.
من جهة ثانية، وفي الفترة نفسها، واجه نور الشريف
اتهامات كثيرة عن وقوفه ضد ثورة 25 يناير، ودعمه لنظام الرئيس
المخلوع محمد
حسني مبارك، خصوصاً
أنه امتنع عن التصريح طيلة تلك الفترة. فكان بالفعل غيابه عن
الإدلاء بآرائه وتحليلاته السياسية غير متوقع، لما عرف عنه من
ثقافة شديدة وقدرة على قراءة الأحداث والتحليل بصورة كبيرة. لكن
الحقيقة التي كشف عنها نور بعد الثورة بعام تقريباً هو أنه اعتكف
لسبب واحد هو ملف "شبكة المثلية الجنسية". وهو ما اتضح بالفعل
أثناء وجوده في فعاليات ملتقى القدس العربية في الأردن، فالتف حوله
العديد من الصحافيين وبعض القنوات الفضائية، للفوز بلقاء معه أو أي
تصريحات ولو قليلة إلا أنه اعتذر لهم تماماً.
ولكن وبعدها بأيام تقابل الشريف مع المخرج المصري عمر
زهران رئيس
قناة "نايل سينما" سابقاً، فتحدث معه عن ضرورة الظهور. فقال له نور
الشريف: "أوافق على التحدث وإجراء حوار تلفزيوني ولكن بشرط وحيد أن
تحاورني بنفسك" قال كلامه موجهاً إياه إلى عمر زهران، وفق ما روى
هذا الأخير. ويضيف زهران أثناء روايته للحادثة: "ودارت الكاميرات
وجلست لأول مرة كمذيع أمام النجم نور الشريف بناءً على رغبته، وبدأ
حديثه بالهجوم على كل وسائل الإعلام والإعلاميين، وأكد أنهم تحولوا
إلى قضاة ووكلاء نيابة يلقون بالتهم جزافاً ويحاكمون الأشخاص
غيابياً، ويصدرون عليهم الأحكام". وأكمل حديثه قائلاً "لقد امتلأت
مواقع التواصل بكليبات تظهر تلونهم من عصر إلى آخر ومن حاكم إلى
آخر".
####
ماذا قال رفاق نور الشريف عنه؟
مروة عبد الفضيل
قال المنتج محمد
فوزي إنه
والفنان الراحل لم تكن بينهما فقط علاقة عمل بل كانت علاقة صداقة
تمتد لسنوات، مشيراً إلى أن ما كان يتميز به نور الشريف كمنتج هو
أنه يفهم جيداً متطلبات العمل الفني. وكان نور الشريف قد اقتحم
مجال الإنتاج لأنه آمن كما قال بأهمية السينما كصناعة وليس كنوع من
أنواع الفنون فقط.
أما المنتج أمير
رمسيس فقال
إنه كان سعيد الحظ لأنه شهد آخر أعمال الفنان الكبير الراحل نور
الشريف من خلال فيلمه "فرق توقيت" مشيراً إلى إنه كان يخشاه جداً
مع بداية دوران الكاميرا، وكان يشعر بالخجل قبل أن يطلب منه إعادة
أي مشهد. وأضاف أنه "كان داخل الأستوديو مثالاً للفنان الملتزم
المتواضع وكان خير داعم له كما كان داعماً أيضاً لكل الوجوه
الجديدة، ولطالما تخرج في مدرسته الفنية الكثيرون من الفنانين ممن
أصبح لهم شأن كبير حالياً في عالم الفن".
وقد تحدث عنه الفنان السوري جمال
سليمان من
قبل في أحد لقاءاته التلفزيونية قائلاً إن الفنان الراحل كان
مثقفاً وكريماً لكن ليس الكرم المتمثل فقط في الذبائح والأموال،
"فسمو الكرم في إنسان مستعد يشاركك مخاوفه وأفكاره وتجربته في
الحياة".
وعن اكتشاف نور الشريف له قال الفنان أحمد زاهر إنّ
الراحل تخرج في مدرسته أجيال ووصف زاهر نفسه بأنه يعد من أكبر
أبنائه وقدمه للجمهور لأول مرة في مسلسل "الرجل الآخر" وأرجع أي
نجاح له إلى "الفنان نور الشريف بعد الله".
أخيراً، قالت عنه الفنانة الشابة آيتن
عامر التي
بزغ نجمها في مسلسل "الدالي" إنها كانت تعتبر نور الشريف أباها
الروحي ورغم أنها مثلت في بعض الأعمال قبل أن تعمل معه في مسلسل
"الدالي" إلا أن هذا المسلسل بشكل خاص كانت له مكانة خاصة في قلبه
لأنه امتلأ بالوجوه الجديدة فشعرت أنها في مدرسة ستتخرج منها هي
وزملاؤها بشكل ومفهوم مختلفين عن السائد، "كان يحضر في أيام ليس له
تصوير فيها حتى يساندهم ويكون لهم مرشداً" وأنهت كلامها قائلة:
"سأفتقد الأستاذ كما سيفتقده جمهوره كله".
####
باقة زهور باسم الرئيس الفلسطيني على قبر نور
الشريف
القاهرة _ العربي الجديد
وضع مدير المركز الإعلامي والثقافي لسفارة فلسطين
بالقاهرة ناجي الناجي إكليل زهور باسم الرئيس محمود عباس على ضريح
الفنان الكبير نور
الشريف،
وذلك أثناء مشاركة سفارة دولة فلسطين بالقاهرة، اليوم الأربعاء، في
تشييع جثمان الفنان القدير من مسجد الشرطة بمدينة 6 أكتوبر.
ونقل الناجي تعازي الرئيس محمود عباس إلى أسرة
الفنان نور الشريف، نيابةً عن سفير فلسطين بالقاهرة جمال الشوبكي،
وسلّم رسالة من سيادة الرئيس إلى أسرة الفنان الكبير جاء فيها:
"تلقينا ببالغ الأسف والتأثر نبأ رحيل الفنان العربي الكبير نور
الشريف بعد مسيرة طويلة حافلة بالعطاء الفني، أثرى خلالها الثقافة
والفن العربي والعالمي بالكثير من الأعمال السينمائية والتلفزيونية
والأدبية القيمة، كان خلالها مدافعاً قوياً عن قضايا الشعوب
العادلة ومناصراً لها، وفي مقدمتها قضية فلسطين التي ظلت في وجدانه
حتى لاقى وجه ربه الكريم، وبرحيله خسرت مصر والأمة العربية فناناً
كبيراً وأخاً عزيزاً سنظل نذكر مواقفه بإكبار وإجلال، ونحن نشارككم
الألم والعزاء برحيله لندعو الله سبحانه وتعالى أن يشمله بعميم
عفوه وغفرانه ويسكنه فسيح جناته، ويلهمكم جميعاً وكل محبيه الصبر
والسلوان".
واشتهر نور الشريف بمواقفه الداعمة للقضية
الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، من بداياته الأولى في
السينما وكان أبرزها فيلمه السياسي حول قصة رسام الكاريكاتير
الفلسطيني "ناجي
العلي"،
ومسرحيته "لن تسقط القدس" والتي تناولت قضية المخططات الصهيونية في
تدمير الوعي العربي وإنهاء حلم دولة فلسطين.
وكان الشريف حريصاً على ترسيخ دور الفنان العربي في
دعم الفعل النضالي، عبر سلوكه الشخصي في الحياة، وفي الأدوار التي
يعكسها في فنه حيث تخاطب فئات حاشدة من الرأي العام بما يعزز مكانة
فلسطين في ضمير الإنسان المصري والعربي.
####
نور الشريف: حدوتة مصرية سيذكرها التاريخ
محمد جابر
عن عمر 69 عاماً، رحل نور الشريف، بعدما هزمه سرطان
الرئة. رحيل كتب خاتمة قصة تستحق أن تروى.
ربما واحدة من أكثر الحكايات الملهمة والمعبرة
والمحورية في حياة نور الشريف، هو ما جرى في أواخر السبعينيات، حين
أتى إليه رجل في الثلاثينيات من عمره، يُدعى محمد
خان، وأخبره
بأنه باع كل ما يملكه ونقل حياته من العاصمة البريطانية لندن إلى
العاصمة المصرية القاهرة، من أجل أن يخرج أول فيلم له، أعطاه
سيناريو يحمل اسم "ضربة شمس"، قرأه نور الشريف في ساعات عدة، وقرر
ليس فقط أن يقوم ببطولة الفيلم.. ولكن أيضاً أن ينتجه.
100 فيلم في 10 سنوات
كان الشريف حينها واحداً من أهم نجوم الصف الأول في
السينما المصرية، مع نهاية عصر الستينيات الكلاسيكي، وخفوت أسماء
نجوم مثل رشدي أباظة، وحسن يوسف، وشكري سرحان، وغيرهم، وكان جيل
جديد يولد وعلى رأسه نور الشريف، وتحول "الوجه الجديد"ــ كما يتم
وصفه في تترات فيلمه الأول "قصر الشوق" (1966) للمخرج حسن الإمام
ــ إلى "نجم شباك"، يصنع ما يقارب الـ100 فيلم خلال 10 سنوات،
أغلبها في دور البطولة.
أفلام كوميدية، أفلام حركة بمزاج وأسلوب غربي،
أفلام رومانسية، وأخرى ميلودرامية، تحرك نور الشريف في السبعينيات
بين كل الأصناف التجارية التي يفرضها عليه "السوق"، كان صغيراً
ويسعى إلى إثبات نفسه، لا يرفض شيئاً، ينجح جداً، ولكنه يدرك أن
مسيرته لا تحمل أي فيلم مهم، باستثناء وحيد، ربما في فيلم "زوجتي
والكلب" للمخرج سعيد مرزوق الذي شارك في بطولته عام 1971.
اللقاء المحوري
ذلك اللقاء مع محمد خان، وقراره بإنتاج الفيلم، كان
محورياً جداً في حياة نور الشريف، لأنها اللحظة التي بدأ فيها يغير
تماماً من مسيرته، انتهى من مرحلة الانتشار وعدم رفض أي فيلم،
والاتجاه إلى خيارات "أكثر فنية" وأبقى في ذاكرة السينما
والتاريخ.
نجح "ضربة شمس"، نقدياً وجماهيرياً، وتجاوزت أهميته
كونه "فيلماً" منفرداً بقدر ما ساهم في انطلاق جيل جديد سيغير في
تاريخ السينما تماماً خلال السنوات اللاحقة، ونور الشريف كان
محظوظاً في رغبته بتغيير جلده وصنع أفلام أفضل.. تزامن مع ظهور
"جيل الثمانينيات" و"الواقعية الجديدة".
المسيرة الذهبية
في تلك السنوات، قدم "الشريف" مسيرة ذهبية فعلاً،
متنقلاً للتمثيل أمام كاميرات عدد من أعظم مخرجي السينما المصرية،
يصنع انطلاقة عاطف الطيب التاريخية في "سواق الأتوبيس" (1982) ــ
والذي قدم فيه أعظم أداء تمثيلي في مسيرته ــ دراما الانفتاح
والتغيرات الاقتصادية في "أهل القمة" مع علي بدرخان وكتابة نجيب
محفوظ (1981)، في واحد من "ألطف" أفلام السينما المصرية وأخفها
دماً في "غريب في بيتي" (سمير سيف – 1982)، يجسد جزءاً ثانياً من
سيرة حياة يوسف
شاهين في
"حدوتة مصرية" (1982)، يحقق معادلة الفيلم الجيد والنجاح الجماهيري
في أعلى صورها مع علي عبدالخالق في "العار" (1982)، بطلا لواحد من
أواخر أفلام العملاق كمال الشيخ في "الطاووس" (1982). يقف من جديد
مع اسم مهم في "جيل الواقعية الجديدة" حين يقوم ببطولة فيلم داود
عبدالسيد الأول "الصعاليك" (1985) ثم الثاني "البحث عن سيد مرزوق"
(1990)، وكما بدأ مع عاطف الطيب انتهى معه في آخر فيلم أنهى تصويره
ومونتاجه بنفسه "ليلة ساخنة" (1995).
كل تلك الأفلام، التي قدمها في ظرف 15 عاماً، هي
علامات حقيقية في تاريخ السينما المصرية، و"الشريف" طوال تلك
الفترة كان يساند التجارب الجديدة البعيدة عن "تجارية السوق"،
ويحاول مساعدة المخرجين الجدد ــ من الملفت جداً أن أول أفلام
الثلاثي "خان" "الطيب" "داود" من بطولته ــ ويبحث عن "التاريخ الذي
يُكتب بالأفلام الجيدة"، كما يقول عن نفسه في تصريح تلفزيوني.
وبين تلك الأفلام مثَّل أيضاً الكثير من الأفلام
التجارية الأخرى، عبر معادلته الخاصة التي أعلنها مراراً: "لو فضلت
أعمل أفلام فنية طول الوقت هقعد في البيت، عشان كده قررت إني أعمل
فيلم للسوق أعرف أنافس فيه في شباك التذاكر، وفيلم التاريخ يفتكرني
بيه". وهي المعادلة التي أثبتت نجاحها في حالته لفترة طويلة.
الحاج متولي
ورغم ابتعاده عن السينما، إلا فيما ندر خلال
العقدين الأخيرين، وتحقيقه نجاحا أكبر في التلفزيون، تحديداً مسلسل
"لن أعيش في جلباب أبي" (1995) و"عائلة
الحاج متولي"
(2001)، إلا أن تاريخ السينما في مصر سيذكره كثيراً كما رغب وتمنى،
بفضل العقدين الذهبيين اللذين ملأ فيهما الدنيا فناً وتجارب
ومغامرات وتدعيماً لمخرجين لم يكن أحد يعرفهم حين قَبِل بطولته
لأفلامهم الأولى.
هزمه المرض إذاً، بعدما قاومه عامين، وبعدما تمرّد
على الموت لأسابيع، وخرج في كل مرة لينفي شائعة وفاته. هزمه المرض.
رحل نور الشريف. لا عزاء للسينما العربية.
####
نور الشريف.. رحيل "نور" السينما
الجزائر ـ حنين عمر
لم يكن نور الشريف خلال مسيرته الطويلة التي انطفأت
اليوم مجرد نجم عابر، كان نوراً حقيقياً في تاريخ الفن، سطع لسنوات
من خلال أكثر من مائتين وثلاثين عملاً، تركها نور خلفه شاهدة على
تميّزه وعلى بصمته الفريدة من نوعها.
تميّز نور
الشريفمنذ
أول دور أدّاه في فيلم "قصر الشوق" عام 1966 مع المخرج الكبير حسن
الإمام الذي اختاره بوساطة من عادل إمام للقيام بدور بطولة إلى
جانب يحيى شاهين ونادية لطفي في رائعة نجيب محفوظ، وتوالت بعد ذلك
نجاحاته فقدّم عدداً من الأفلام التي لا يمكن أن تُنسى، ففي فيلم
"بئر الحرمان" عام 1969 قام بدور صلاح خطيب البطلة (سعاد حسني)
المصابة بحالة تقمّص نفسية، واستطاع أن يكسب تعاطف الجمهور معه
أكثر من خطيبته ووالدتها، ثم قدّم "أشياء لا تشترى"، و"المراية
والسراب"، و"غدا يعود الحب"، وغيرها من الأعمال التي كرسته أكثر في
المشهد الفني.
عام 1973 عاد نور الشريف إلى المنبع وقدّم فيلم
"السكرية" وهو الجزء الثاني من "قصر الشوق"، وكان من الواضح جداً
أن هناك نضجاً فنياً عميقاً لهذا الممثل من خلال أداء الدور ذاته،
لكن هذا العمق ظهر بشكل أكبر بعد سنة، حينما أدى دور "شوقي" في
فيلم "الإخوة الأعداء" المقتبس عن رواية "الإخوة
كارامازوف"
للمؤلف الروسي الكبير دوستويفسكي، فشخصية شوقي كانت محوراً أساسياً
يغذي فلسفة الشك داخل أحداث العمل، حيث يسعى للبحث دائماً عن
الحقيقة لتكون النهاية بهتافاته التي تترجم الإيمان المطلق بالله
والحقيقة داخل قاعة المحكمة.
في فيلم "الكرنك" عام 1975 دخل نور الشريف تجربة
جديدة مع شخصيات نجيب محفوظ داخل رواياته، وتربع لبقية فترة
السبعينيات والثمانينيات على أفيشات الأفلام الناجحة التي تنوعت
بين الكوميديا والدراما، والتي انتقل فيها بين شخصيات متعددة
ومختلفة، فتارة يكون الأرستقراطي، وأخرى العاشق، وتارة يكون الظالم
وأخرى المظلوم، وهذا الزخم هو ما صنع منه علامة فارقة.
أما فيلم "حبيبي
دائما"
الذي قدمه عام 1980 مع زوجته بوسي فلا يمكن لأحد أن ينسى تأثيره
كأحد أجمل الأعمال الرومانسية عبر الزمن، كما كان له دويتو ناجح مع
أخت بوسي الممثلة المعتزلة نورا وقدما معاً أعمالاً كثيرة.
أعمال كثيرة لا يمكن تجاوزها في تاريخ نور الشريف،
منها فيلم "العار" الذي قدم فيه دور تاجر المخدرات الذي يرث مملكة
أبيه، إضافة إلى فيلم "زمن حاتم زهران" الذي كان دوره فيه مركباً
وصعباً، كما له أعمال أخرى منها "أهل القمة"، و"المطارد"،
و"الشيطان يَعِظْ"، و"جذور في الهواء"، و"انحراف"، و"عندما يبكي
الرجال"، و"سكة سفر"، و"بئر الخيانة"، و"أصدقاء الشيطان"، و"كتيبة
الإعدام"، و"قلب الليل"، و"دماء على الأسفلت"، وطبعاً "المصير" مع
المخرج الكبير يوسف شاهين، كما قدم دوراً مميزاً في فيلم "دم
الغزال" إلى جانب يسرا ومنى زكي، كما أثار جدلاً واسعاً حين قام
بدور سجين تم تعذيبه في سجن أبو غريب ضمن أحداث فيلم "ليلة البيبي
دول" الذي شاركه بطولته محمود عبد العزيز، أما على صعيد الدراما
فقدم أعمالاً كثيرة منها "العطار والسبع بنات" و"الرجل الآخر"
و"هارون الرشيد" و"لن أعيش في جلباب أبي"، إضافة إلى مسلسل الحاج
متولي ومسلسل الدالي، وكان آخر دور له هو دور يحيى شكري في فيلم
"بتوقيت القاهرة" هذا العام.
خاض نور الشريف تجربة الإخراج السينمائي مرة واحدة
في حياته، حيث أخرج فيلم "العاشقان" عام 2001، وأنتج ستة من أعماله
في السبعينيات، كان آخرها "حبيبي دائما"، ليرحل اليوم عن عمر يناهز
الرابعة والسبعين عاماً، ذلك الرجل الذي سيظل "نوراً دائماً" في
تاريخ السينما المصرية.
####
13 يونيو 2015
نور الشريف الممثل الأفضل رغم غيابه عن مهرجان
وهران
رويترز
فاز الفيلم المغربي (جوق العميين) للمخرج محمد
مفتكر بجائزة أفضل فيلم روائي طويل في الدورة الثامنة لمهرجان
وهران الدولي للفيلم العربي الذي اختتمت فعالياته مساء أمس الجمعة.
وفاز المصري نور
الشريف بجائزة
أفضل ممثل عن دوره في فيلم (بتوقيت القاهرة) من اخراج أمير رمسيس.
ولم يكن الشريف حاضرا بالجزائر لتسلم الجائزة. فيما فازت السورية صباح
الجزائري بجائزة
أفضل ممثلة عن فيلم (الأم) للمخرج باسل الخطيب. وفاز بجائزة أفضل
سيناريو المصري أمير رمسيس عن فيلم (بتوقيت القاهرة) أيضاً.
وقال رمسيس عند تسلمه الجائزة: "أشكر لجنة التحكيم
على هذه الجائزة، كما أشكر اللجنة على جائزة الأستاذ نور الشريف
اللي كان نفسي يبقى بيستلمها معانا النهاردة".
وتنافس 12 فيلما في فئة الأفلام الروائية الطويلة
بالدورة الثامنة لمهرجان، وهران الدولي للفيلم العربي التي انطلقت
في الثالث من يونيو/حزيران الجاري. وحلت السينما التركية ضيف شرف
على دورة هذا العام.
وفي فئة الأفلام القصيرة التي شارك فيها 14 فيلماً،
ذهبت جائزة أفضل فيلم إلى (وتزوج روميو) للمخرجة التونسية هند
بوجمعة. وفي فئة الأفلام الوثائقية التي شارك بها 12 فيلما، ذهبت
جائزة أفضل فيلم إلى (أنا مع العروسة) للمخرج الفلسطيني خالد
السيلمان الناصري.
وشهد المهرجان حضورا كبيرا من نجوم وصناع السينما
العربية والعالمية، من أبرزهم الممثلة الإيطالية كلوديا كاردينالي
والممثل المصري يحيى الفخراني والمخرج الجزائري لخضر حمينة، وأذيع
حفلا الافتتاح والختام على الهواء مباشرة بالتلفزيون الجزائري.
####
(فيديو) أحمد بدير يبكي رحيل نور الشريف
بيروت ــ عمر قصقص
تفاجأ محبو وأصدقاء النجم المصري، نور الشريف بخبر
وفاته أمس، بعد صراع طويل مع المرض، فقد فتحت بعض القنوات المصرية
والعربية الهواء، للمداخلات الهاتفية من أقرباء وأصدقاء الشريف من
الوسط الفني.
وفي إحدى المداخلات على قناة "CBC
EXTRA"
بكى الفنان المصري أحمد
بدير خلال
برنامج "غرفة الأخبار"، أثناء حديثه عن الفنان الراحل، نور الشريف
على الهواء مباشرة.
وقال بدير "نور الشريف كان في منتهى التواضع والحب،
إذ كان يساعد الصغير والكبير"، كما استذكر بدير آخر مسلسل مثله مع
الشريف (لما عملت معاه منذ سنتين مسلسل "عرفة البحر" فكلمني وقلي
بوسي عايزة تقلك أنو نحنا زقفنالك)، وثم انهار بدير بالبكاء وتابع
"الله يرحمه كان أكتر من أخويا وأستاذي وكان إنساناً مثقفاً
وفناناً كبيراً، وبوفاة نور الشريف اليوم فقد الفن ضلعاً من أضلاعه
الفنية".
بدورها علّقت المذيعة بالقول "بالطبع نحن نقدر
الدموع التي اختنق بها أحمد بدير، رحم الله الفنان الراحلنور
الشريف وبالطبع
مصر كلها تبكي نور الشريف والوطن العربي أيضا، وهذا يعني رسالة
محددة بأن الفنان صاحب الرسالة يبكي عليه الجميع".
وختم بدير مداخلته بالقول "الله يرحمه ويصبر أهله
وأصحابه والوطن العربي ومحبيه في مصر وفي كل مكان، يعني لو قلت
الفن يبقى نور الشريف أو الثقافة يبقى نور الشريف، الصدق والتواضع
والحب للزملاء.. نتمنى يرحمه الله برحمته". |