إخراج دينيس فيلانوف وبطولة إيميلي بلانت وبنوكيو دل تورو
«سيكاريو»
يكشف ممارسات وكالة الاستخبارات الأميركية
عبدالستار ناجي
كلما كان المخرج دينيس فيلانوف حاضرا كان هناك فيلم مثير
للجدل.يبدو للوهلة الاولى فيلم هوليوودي عالي الجودة ولكن في
الحقيقة يذهب الى ما هو أبعد من حدود الصورة والحكاية في جملة
اعمال فيلنوف تأتي الشكل لتمرير المضامين، وهي مضامين ناقدة مشاكسة
حادة وقاسية جدا. وفي فيلمه الاخير «سيكاريو» الذي قام بكتابته
واخراجه يذهب المخرج فيلنوف الى حكاية كيت ماسر «ايميلي بلانت»
التي تقوم بدور ضابطة تتم الاستعانة بها للمشاركة في مهمة في
المكسيك لمهاجمة أحد زعماء تجارة المخدرات والمصنف الاكثر خطرا على
الامن الاميركي، وفي رحلتها يكون معها المسؤول عن المهمة من قبل
وكالة الاستخبارات الاميركية مات جرافر «جوشا برولين» وشخصية غامضة
الملامح ذات اصول لاتينية اليخاندرو « بنوكويو دل تورو».
منذ اللحظة الاولى يكون الهدف تصفية ذلك الزعيم الذي يعتبر أحد أهم
التجار ولكن الضابطة كيت تكتشف بعض الملاحظات وحينما تسال لا تجد
اجوبة فثمة ممارسات عدوانية حادة وقاسية يقوم بها عناصر الفرقة
التي دخلت الى المكسيك والتي تقوم بتصفية الجميع، بما فيهم الفقراء
والهامشيون
.
ولحظة بعد لحظة تكتشف بان اليخاندرو هو من تلك النوعية من القتلة
المأجورين، ونشير هنا الى ان مفردة «سيكيرو» تعنى تلك النوعية من
القتلة المأجورين فكيف وقد جاء الى هذه المهمة وهو يحمل آثارا
شخصيا مع زعيم العصابة عندها يكون العنف أكبر وأخطر بل ان المفردة
هي ذات مفردة القاتل . او «الحشاشين» الذين كانوا يستخدمون في احد
العصور بعد ان يتم تعويدهم على الادمان بالتالي التحكم بهم ليصبحوا
قتلة مأجورين.
بقية الحكاية هي مثل أي حكاية فيلم هوليوودي حيث تمضي الفرقة في
طريقها الى تصفية الجميع وصولا الى الزعيم حيث ينفرد ألخاندرو
لوحده بهذه المهمة ليقوم بتصفيته ومن قبله أطفاله وزوجته وهي أمور
تعارض المهمات الرسمية لذا يأتي هذا الفيلم الذي يشير الى كثير من
الحكايات عن الممارسات الخاطئة لوكالة الاستخبارات اعتبارا من
اختيار قاتل مأجور وصولا الى كافة التفاصيل والحكايات التي تجد تلك
الضابطة الشابة نفسها حائرة وبلا أجوبة، ولكن الفيلم يجيب والمخرج
يجيب والمشاهد يكتشف بان هناك ممارسات أبعد من التوقع وخارج حدود
الممارسات حتى ضد الاعداء . المشاهد العادي ومنذ اللحظة الاولى
لفيلم «سيكاريو» يظل يعتقد بانه امام فيلم هوليوودي من نوعية افلام
المغامرات، ولكن عند التحليل والذهاب الى عمق التفاصيل والشخصيات
نكتشف باننا أمام فيلم من نوع آخر فيلم يورطك بالمشاهدة ولكنه في
الحين ذاته يورطك بتعرية الواقع والممارسات السلبية لوكالة
الاستخبارات ليس في المكسيك بل في أنحاء العالم
.
فيلم عالي الجودة احترافي يعتمد على نجوم كبار في مقدمتهم النجمة
الرائعة إيميلي بلانت التي تعيش الشخصية بكافة تفاصيلها خصوصا وهي
تعلم ابنها تقف أمام نجم عالي الكعب هو بنوكيو دل تورو الذي يمتلك
مقدرة واحترافية تجعله يسرق الكاميرا من جميع الشخصيات التي تحيط
به ونشير هنا الى ان دل تورو هو أهم نجم لاتيني يعمل في هوليوود
وهو من بورتو ريكو.
في الفيلم ايضا المصور المبدع جان ديكنز الذي كان وراء الكثير من
التحف السينمائية ومعهم الموسيقار جوان جوهانسون الذي يقدم موسيقى
تصويرية لا تفارقك حتى حينما تغادر الصالة.
فيلم «سيكاريو» من تلك النوعية من الاعمال السينمائية التي تجعلك
تفتح عينيك على اتساع وأنت تشاهد الممارسات السلبية لوكالة
الاستخبارات الاميركية بحجة المحافظة على أمن الولايات المتحدة
الاميركية حيث يتم استباحة كل شيء هكذا يقول الفيلم ومخرجه.
«الزين
اللي فيك» للمغربي نبيل عيوش:
حينما تتحول المرأة إلى سلعة!
عبدالستار ناجي
تابعت النسبة الاكبر من أعمال المخرج المغربي الاصل نبيل عيوش منذ
مرحلة مبكرة من مشواره السينمائي في فيلم «مكتوب» عام 1998 ثم «علي
زاوا» 2000 وصولا الى فيلمه قبل الاخير «ياخيل الله» الذي قدمه في
تظاهرة نظرة ما في مهرجان كان السينمائي عام 2012 وتناول خلاله
موضوع الارهاب والتطرف وتجنيد الشباب في الاحياء الفقيرة التي تحيط
مدينة كازابلانكا وقد أثار الفيلم يومها كثيرا من الجدل لجرأة
القضية وعمق التحليل والحرفية السينمائية العالية المستوى التي قدم
بها نبيل عيوش تجربته السينمائية تلك.
وخلال الدورة الحالية لمهرجان كان السينمائي 68- قدم عيوش فيلم
«الزين اللي فيك» وهو عنوان لاغنية مغربية شهيرة وان ظل العنوان
الانكليزى يختلف شكلا ومضمونا وهو «المحبوبات» او «المزيد من الحب».
وهو يذهب بنا الى حكاية أربع فتيات مغربيات يمتهن الدعارة في مدينة
مراكش عبر كم من الحكايات التي تظل دائما تتحرك في اطار من النمطية
والصور المكررة والاهتمامات الصريحة للعرب الخليجيين في تلك
الممارسات ولكنه يوجه الاتهام لقطاعات عدة أخرى ومن بينها الشرطة
المغربية
.
حكاية نهى وراندا وسكينة وتنضم اليهن لاحقا حليمة هن المحاور
الاساسية والخطوط الرئيسية التي يظل يشتغل عليها نبيل عيوش في
فيلمه ولكن جملة الاحداث تكاد تكون مكررة ونمطية لا تذهب الى العمق
بقدر البقاء على السطح والانشغال بالممارسات أكثر من ابعاد القضية
وأسبابها وحيثياتها
.
كل منهن ذهبت الى الشارع والسهرات الخاصة للخليجيين من أجل حلم
يغير حياتها وينقذها من مستنقع الظروف فاذا بهن جميعا يسقطن الى
قاع الهاوية عبر سقوط مجلجل مدو يحمل كثيرا من الاتهامات للجميع
ولكن لا ينتهي الى الخلاص بل الى استراحة قصيرة للعودة الى الحضيض.
كل الأحلام مقتولة ومستلبة والمرأة في فيلم نبيل عيوش هي مجرد سلعة
ينال منها الجميع اعتبارا من الزبائن بكافة جنسياتهم وصولا الى
الادمان ثم حصة الشرطة والحراس وحتى سائق التاكسي الذي يتفرغ لهن
ويعيش معهن عذابات الحالة والظرف
.
ولكن الفيلم يظل دائما مشغولا بالصور النمطية سواء للشخصيات أنفسهن
او العربي الخليجي وهو يحدد جنسية محددة وهكذا الامر من الأجانب
مثل الفرنسيين
.
شخصيات في الغالب هي شخصيات مفرغة من الألم تعيش للحظة وتذهب الى
الهاوية حتى محاولاتها في الخلاص تبدو غير جادة فكيف لاحداهن ذهبت
للحصول على جواز سفر للسفر الى والدها في اسبانيا وهي لا تمتلك
بطاقة هوية
!
وهنا نتساءل كيف لمخرج اشتغلت أعماله في الغالب على قضايا كبرى وهو
هنا يذهب الى هامش الهامش وحينما يكتب لا يذهب الى العمق حتى وهو
يؤكد خلال المؤتمر الذي عقده لعرض الفيلم في قاعة الماريوت انه قام
بمحاورة العشرات بل المئات من المومسات في عدد من المدن المغربية
لتقديم تلك الشخصيات الأربع ولكنه في ظل الانشغال بالهامش تناسى
الاساس وهنا مشكلة الفيلم الكبرى انه يعزف على الهامش وعلى الصور
والحوارات والمفردات النمطية التي لا تحقق القيم والمعاني الكبرى
وراء هكذا تجربة سينمائية كان حري بها ان تمثل صرخة لانقاذ المجتمع
من الهاوية التي يسقط اليها أكثر من الحديث عن سهرات حمراء وكمية
من مشاهد الجنس الصريح
.
لا يخلض الى نتيجة بل الى ان هذا الرباعي وهو يقضي اجازته في
أغادير فانه عائد الى قدره وقدر شريحة كبيرة من المجتمع الى قيعان
الهاوية الرعناء.
سينما لا تذهب الى العمق عكس جملة تجارب نبيل عيوش السابقة التي
ظلت منذروة لقضايا الانسان في المملكة المغربية لانه فيلم ينشغل
بالهامش حتى وهو يذهب بنا الى قاع المجتمع.
ويبقى ان نقول:
فيلم «الزين اللي فيك» حينما تخرج منه تتساءل... ثم ماذا؟.. فلا
يأتي الجواب!
وجهة نظر
«كان
9»
عبدالستار ناجي
الفيلم العربي «الزين اللي فيك» للمخرج المغربي هشام عيوش والذي
عرض في تظاهرة «اسبوعا المخرجين» هو في حقيقة الأمر فيلم يسقط في
النمطية فهو حينما يذهب الى موضوع الدعارة في المغرب فانه لا يرى
الى عرب الخليج زبائن وموضوعا وركنا أساسيا لتلك الصناعة
.
فيلم يجعل هشام عيوش الذي عرفناه عبر الكثير من الأعمال الناجحة
بالذات فيلم «ياخيل الله» الذي ناقش خلاله موضوع الارهاب والتطرف
وساكن الاحياء الفقيرة عبر دراسة عالية المستوى، ولكنه هنا في «الزين
اللي فيك» يلقي بالاتهامات ويسقط كل تلك الكارثة على الخليجين
وبأنهم وما يحملون من أمراض نفسية تصل لوصفهم بالمثلية في مشاهد
عدة والعنف المجاني وغيرها من الاتهامات تجعلنا نعتقد بان عيوش لم
يذهب الى ابعاد ومضامين القضية بقدر ذهابه لأكبر كم من المشاهد
الاباحية. التي ستجعل الفيلم يخصص حتما لمن هم فوق الثامنة عشرة
ولعله يريد ذلك بل هو لا يفكر بالسوق العربية بقدر تفكيره بالسوق
الاوروبية حيث يعيش ويحمل الجنسية الالمانية
.
الحديث عن الفيلم هو الحديث عن بيان اتهامي وصيغة سينمائية مفرغة
من المضامين والقيم تذهب بالاهتمامات الصريحة للخليجين دون سواهم
وكأن تلك الشرائح المنفردة هي من يمثل الانسان الخليجي والعلاقات
الرفيعة المستوى بين المملكة المغربية ودول مجلس التعاون الخليجي.
لا أتحامل على الفيلم بل أتحامل على المضامين التي يقدمها أمام
أكثر من عشرة آلاف صحافي وناقد جاءوا من أنحاء العالم في مهرجان
كان السينمائي حيث يقول هشام عيوش ان عرب الخليج هم السبب الأساسي
في صناعة الدعارة والسقوط المجلجل ولكنه يجافي الحقيقة لانه يذهب
الى النمطية في الحوار والشخصيات وأكبر كم من العري لتسويق فيلمه
الذي سيذهب الى النسيان.
وعلى المحبة نلتقي |