«أوكا»
لسليمان سيسيه.. عندما تنام العدالة فى أحضان الفساد
نعمة الله حسين تكتب من «كان» لـ«سينماتوغراف»
عندما يحتضن الفساد العدالة فانها تصبح غافلة عن الوعى، ونائمة فى
أحضان الظلم والطغيان، وفى دولة «مالى»ينخر
الفساد فى عظامها، يحاول أن يقضى على انسانية شعبها، لتصبح البلاد
مرتعا للعنف والتطرف ومقبرة للحرية، يحاول فنانيها وبعض من ساستها
أن يتصدوا للظلم لينهضوا ببلادهم ويخرجوا بها من عنق الفقر والجهل
والتخلف والمرض
.
فى «مالى» هذه
البلاد الثرية بخيراتها الطبيعية والتى ينخر الفساد فى عظامها،
ليواجه أهلها «العزل» من
خلال بعض المرتزقة من أبنائها والموالين للجماعات الاسلامية
المتطرفة .. لتتحول من أكثر البلاد ثراءا فى أفريقيا الى أفقرها.
المخرج القدير سليمان سيسيه يرسل صرخة مدوية ضد الفساد عبر فيلمه
الجديد الذ حمل عنوان «منزلنا
ـ أوOKA
ـOUR
HOUSE » الذى
عرض أمس خارج مسابقة كان ضمن قسم العروض الخاصة، وفى هذا الفيلم
يقدم سيسيه سيرة ذاتية له ولأسرته ولمدينته «باماكو»،
وذلك من خلال قضية ممتدة فى المحاكم منذ مايقرب من العشر سنوات
والى الآن لم يتم الحكم فيها رغم مناشدة وزارة العدل لتقيم
العدالة، وتفحص جميع الأدلة بشكل جدى.
الحكاية أن منزل أسرة «سيسيه» الذى
يقع فى الحى الرئيسى لمدينة «باماكو»،
وتقيم فيه شقيقاته العجائز وأبنائهن وأحفادهن، يفاجأ الجميع فى أحد
الأيام بالشرطة تأتى فى الصباح الباكر وتهدم السقف فوق رؤوس من فيه
وتحطم المنزل وتلقى بهم خارجه، وذلك بناء على حكم صادر من قاض
مرتشى فاسد من قبل بعض عائلة
«دياكيته»..
وهذه العائلة لم تكن تعيش أصلا فى «باماكو» لكن
واحدة منهن لجأت هى وزوجها لعائلة سيسيه لتحتمى بهم، وأقامت فترة
فى كنفهم .. ليصبح أحد أبنائها من أكبر رجال الأعمال واستطاع أن
يشترى أراضى أهل البلدة بالتدليس، ويتسبب فى تشريد كثير من
العائلات، ووصل فساده الى القضاء بعدما نجح فى شرائه أيضا.
وفى هذا الفيلم يوظف سليمان وبصورة سينمائية غاية فى الروعة
والجمال، كل مناظر الطبيعة ليظهر جمال بلاده، وخيرها الوفير، وعلى
خطى فيلمه القديم وفى الصحراء المالية يقدم مايشبه العزاء لبلاده..
لكنه لايسقط فى فخ اليأس، ويصر على الاحتفاظ بالأمل دائما والرهان
على وعى الناس، والتنوير الذى يحصلون عليه من التعليم والثقافة
التى تحصنهم من الجهل، لذلك يبقى الأمل فى الغد كبير.
يقدم سليمان سيسيه فى هذا الفيلم كل التحية لنساء بلاده، خاصة
شقيقاته الأربع اللاتى مازلن يجلسن أمام بوابة المنزل فى العراء،
فى إصرار على أن يصل صوتهن الى الجميع ، غير عابئين بشئ سوى إظهار
الحقيقة للعالم، ولاشئ سوى الحقيقة، فهى الخطوة الأولى التى
يستقيم بها كل الأزمات وأهمها القضاء على الفساد والرشوة.
وفى رؤية تحمل الأمل، يصور سليمان الأطفال الذين يحلمون بالغد فى
ملابس بيضاء.. والكراسات التى يحملونها دعوة للعلم والتعلم ..
ومسيرة النهر وإختراقه للمدن رسالة حياة .. والأشجار العالية
الغارقة فى القدم مايعنى أن الجذور متأصلة ومن الصعب إقتلاعها أو
التنصل منها.
إن المنزل ليس فقط مجرد «البيت
القديم» لسليمان
وشقيقاته وعائلته، بل هو الوطن «مالى» نفسها..
والتى بعدما يزيد عن الخمسة وأربعين عاما من الاستقلال مازالت
تعانى من الفساد الذى يعيق تنميتها ويقف حجر عثرة حقيقية فى سبيل
تقدمها.
ويقول «سليمان» أنه
رغم الشهرة العالمية التى يتمتع يها فانه وقف عاجزا لسنوات عن
نصرة شقيقاته، وإعادة الحق الى أسرته قبل أن يقرر أن يقدم هذا
الفيلم والذى يحلم من خلاله بمستقبل أفضل لبلاده.
فى هذا الفيلم تستطيع القول بأن جميع أفراد أسرة سيسيه شاركوا فيه
سواء بالتمثيل أو خلف الكاميرا، وهو يعد تكريما أيضا للسينمائية
المونتيرة «اندريه
دافنتور» التى
رافقته فى جميع أفلامه كمونتيرة على مدى أربعين عاما.
واذا كان سيسيه قد حصل على جائزة النقاد الخاصة 1987عن فيلمه «الضوء»،
فانه يشارك هذا العام بفيلمه المثالى «المنزل» خارج
المسابقة، وكأنه اكتفى بالحصول عليها مرة واحدة ويريد أن يفسح
الطريق للآخرين ليحصلوا على فرصهم أيضا.
إن سليمان الذى عشق السينما منذ كان طفلا فى السابعة من عمره،
مازال لديه هذا العشق اليوم بصورة أكبر، ومازالت السينما هى حلمه
لتحقيق أهدافه فى الحياة.. وسلاحه لانقاذ بلده من كل ما يعيق
تقدمها.
«ديجراديه»
يرصد أجواء الحصار والاختناق بغزة في «كان»
كان ـ الوكالات: «سينماتوغراف»
عالم من الفوضى والاختناق الكامل يقدمه الأخوان طرزان وعرب ناصر في
فيلم «ديجراديه» ،
الذي تدور أحداثه في صالون نسائي بقطاع غزة وبطلاته 12 امرأة من
رواد المركز الذي تملكه امرأة روسية متزوجة من فلسطيني.
قدم الفيلم ضمن تظاهرة «أسبوع
النقاد» وقد
لاقى تصفيقًا وتشجيعًا من الحاضرين، وهو يتسابق على جائزة الكاميرا
الذهبية التي تكافئ العمل الأول للمخرج، وهو من إخراج الأخوين
التوأمين الشابين طرزان وعرب ناصر ومن إنتاج فلسطيني- فرنسي –
لبناني مشترك.
وقال طرزان عرب بعد عرض الفيلم الذي صور في العاصمة الأردنية عمان
وتدور مجمل أحداثه في داخل الصالون، ما يعكس جو الاختناق والحصار
الذي يعاني منه الناس في غزة، «الناس
خارج غزة لا يعرفون نكهة الحياة في هذا المكان، أردنا الذهاب نحو
الواقع في معالجتنا للقصة».
وبينما كان الأخوان ناصر يستعدان لتصوير قصتهما، اندلعت الحرب
الإسرائيلية على قطاع غزة صيف العام 2014، ما دفع بكثيرين إلى
الطلب منهما معالجة الحرب في فيلمهما.
وفي هذا الموضوع، صرح عرب ناصر «نحن
اخترنا الكلام عن الحياة، صالون التجميل هو رمز للمكان المقفل،
واخترنا أن نحكي غزة بلسان اثنتي عشرة امرأة كل واحدة منهن تعكس
نوعية مختلفة من النساء وتملك وجهة نظر بخصوص ما تعيشه».
وخضع السيناريو لجملة تعديلات، ومنطلقه قصة واقعية حدثت العام
2007، حين عمدت إحدى العائلات في غزة إلى سرقة أسد من حديقة
الحيوانات لتعلن تمردها على حركة حماس التي تدير القطاع، فتنشب
اشتباكات بين أفراد العائلة المسلحة وشرطة حماس، ما يجعل النساء
سجينات الصالون طيلة فترة الاشتباك.
في الصالون تجلس الحماة والعروس ومعهما كل خلافاتهما، المتدينة
والمطلقة، المتحررة والعاشقة التي تفقد حبيبها، وهناك صفية
الثرثارة التي لا تكف عن الحديث عن الآخرين لكن زوجها يشبعها
ضربًا، وثمة أيضًا البورجوازية المتعالية، والمرأة الحامل على وشك
الولادة.
وأشار طرزان إلى أن اختيار صالون نسائي كمركز الأحداث في الفيلم،
وهو مكان عادة ما يتركز الحديث في داخله عن الجمال والموضة، «يتناقض
تمامًا مع ما يحدث في الخارج من اشتباكات بين الفصائل الفلسطينية».
ويحاول الفيلم في صيغته الواقعية أن يصنع نوعًا من كوميديا سوداء
ساخرة، تتناول هذا الواقع الفلسطيني من خلال حكايات النساء ضمن
قالب فيه الكثير من العبثية.
كذلك اعتبر طرزان ناصر «أن
السخرية كانت أقرب طريق لنا لنتكلم عن الواقع الفلسطيني المعقد،
والفيلم تدور أحداثه في منطقة الشجاعية التي مسحت تمامًا في الحرب
الأخيرة في غزة».
وحول هذه النقطة تحديدًا، أضاف عرب «اخترنا
أن نتكلم عن منطقة شعبية ونعالج كيفية حب شاب واقع في المشاكل
والمخدرات لصبية في الحي، إنها الحياة الطبيعية لأناس يعيشون في
مكان صغير جدًّا ومحاصر».
معظم الممثلات في فيلم «ديجراديه» من
غير المحترفات، وقد أدى بعضهن أدوارًا للتليفزيون والسينما، من
بينهن منال عوض وهدى الإمام التي تشارك في فيلم “آفي ماريا” القصير
المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان “كان” ضمن فئة الأفلام
القصيرة.
وقد كلف إنتاج هذا الفيلم مبلغ 700 ألف يورو (حوالي 800 ألف
دولار)، بحسب المنتج الفلسطيني رشيد عبد الحميد الذي يملك مع
الأخوين المخرجين شركة إنتاج خاصة.
ويعد «ديجراديه» الأول
الذي ينتج ضمن اتفاق الشراكة، الذي وقع بين المركز السينمائي
الفرنسي والسلطة الفلسطينية.
وكان الأخوان ناصر قدما قبل عامين في مهرجان «كان» فيلمهما «كوندوم
ليد»،
ضمن مسابقة الفيلم القصير الرسمية. |