تبدأ الدورة الـ68 لمهرجان كان السينمائي الدولي، في الفترة مابين
13- 25 من مايو الحالي، ويرأس لجنة التحكيم المخرجان الأمريكيان،
الشقيقان جويل وإيثان كوين، وهما من علامات السينما الأمريكية
المعاصرة، وتتميز أفلامهما، بالانغماس في عالم الغموض المغلف
بالسخرية، وعلاقة الأخوين كوين، مع مهرجان كان، قديمة جدا، تعود
الي عام 1991، ونستطيع أن نقول إنهما من اكتشاف المهرجان، فقد حصل
فيلمهما "بارتون فينك" علي السعفة الذهبية، بالإضافة لجائزة أفضل
إخراج، ونالا ترشيحا للسعفة في عام 2001 عن فيلم "الرجل الذي لم
يكن هناك"، كما ترشحا عام 2004 عن فيلم قاتل السيدة العجوز الذي
لعب بطولته توم هانكس، وحصلا في عام 2013 علي جائزة لجنة التحكيم
الخاص عن فيلم "داخل لوين دافيز"، ويشارك في عضوية لجنة تحكيم هذا
العام الممثلة الأسبانية "روسي دي بالما"، والممثلة والمخرجة
الفرنسية "صوفي مارسو"، والممثلة الإنجليزية "سيينا ميللر"، ومن
مالي "روكيا ترواريه"، ومن كندا "خافييه دولان" وهو مخرج وممثل،
بالإضافة إلي النجم الامريكي "جاك جلينهال"، أما أفيش هذه الدورة،
فيحمل صورة النجمة الراحلة أنجريد بيرجمان، بمناسبة مرور مائة عام
علي مولدها فقد ولدت عام 1915وتوفيت في عام 1982، وهي واحدة من
أساطين السينما في سنوات الأربعينيات والخمسينيات، ومن أهم أفلامها
"كازابلنكا" وأنستاسيا مع يول براينر، وجريمة في قطار الشرق
السريع، وزهرة الصبار، وقد تم اختيار الفيلم الفرنسي "الوقوف
بكبرياء" ليكون فيلم الافتتاح، وهو من إخراج إيمانويل بيركوت
وبطولة كاترين دي نيف، ويشارك في المسابقة الرسمية المخرج الفرنسي
جاك أودريان بفيلم
DHEEPAN
وسبق له المشاركة في السنوات السابقة بأفلام "النبي"، الذي فاز
بجائزة لجنة التحكيم الكبري في عام 2009 وهو من بطولة "طاهر رحيم"
وهو ممثل فرنسي من أصل جزائري، كما شارك من ثلاثة أعوام بفيلم "
العظم والصدأ " بطولة النجمة الفرنسية ماريون كوتيار، التي تشارك
هذا العام بفيلم "ماكبث" إخراج جوستين كورزيل، ويشاركها البطولة
مايكل فاسبندر، ويشارك المخرج "تود هاينيس" بفيلم "كارول" وهو من
بطولة كيت بلانشيت وروني مارا، وتدور أحداثه في سنوات الخمسينيات،
عن علاقة شاب طموحة، بسيدة ثرية، تكبره بعدة أعوام، أما المخرج
والممثل الإيطالي "ناني مورتي" فهو يشارك بفيلم "أمي"، وكان من
عامين فقط قاب قوسين من الحصول علي السعفة عن فيلمة الساخر"اصبح
لدينا البابا"، ويشارك المخرج جوليام نيكولاس بفيلم" وادي الحب"
وهو من بطولة الفرنسيين جيرارد بارديو، وإيزابيل هوبير، بينما
يشارك باولو سورينتيو فيلم "الشباب" وهو من بطولة مايكل كين،
وراشيل ويزس وتدور أحداثه حول أثنين من الأصدقاء العجائز أحدهما
مؤلف موسيقي متقاعد، والآخر سيناريست يقوم بكتابة أحدث أفلامه،
ويقومان برحلة استرخاء في جنوب جبال الألب، لينعما بالراحة
والسكينة، ولكنهما يلتقيان بفتاة رائعة الحسن، تقلب حياتهما رأسا
علي عقب، ويكون لها تأثير في مشروعهما الفني القادم، أما الممثل
الأمريكي ماثيوماكونهاي فهو يلعب بطولة فيلم "بحر من الأشجار"
إخراج جاس فان سانت، وتشارك النجمة إيميلي بلانت في بطولة فيلم "سيكارلو"
وهو من إخراج الكندي دينيس فينلوف، وتقدم شخصية عميلة في الـFBI
تستعين بها المخابرات الأمريكية، لإتمام عملية في المكسيك،
ويشاركها البطولة جوش برولين، وبينكيو ديل تورو، وكعادته يعرض
المخرج الأمريكي وودي آلان أحدث أفلامه خارج المسابقة وهو باسم
IRRATIONAL MAN
ويلعب بطولته يواكين فونيكس في أول عمل بينه وبين وودي آلان،
وتشاركه البطولة إيما ستون، وخارج المسابقة أيضا يعرض الفيلم
الامريكي "ماكس المجنون" بطولة توم هاردي، وتشارليز ثيرون وهو من
إخراج جورج ميللر، بينما يقدم الفرنسي كاسبرنويه فيلمه الجريء
"الحب" وهو عن علاقة ثلاثية بين شاب وامرأتين تقعان في حبه، وتقدم
الممثلة والنجمة الشابة نتالي بورتمان أول فيلم من إخراجها
A TALE OF LOVE AND DARKNESS
وهو عن مذكرات صحفي وكاتب إسرائيلي عن الصراع العربي الإسرائيلي،
وطبعاً لا ننسي أن نتالي بورتمان مولودة في إسرائيل وقضت سنوات
طفولتها في تل أبيب قبل الهجرة إلي أمريكا والعمل بالسينما!
في كان الــ ٦٨
أنجريد برجمان.. وحكايات الحب الثلاث
كتب : نعمــــــة الـلـــــه حســـيـن
وأميرتنا ملكت القلوب.. وأسرت العقول.. وسحرت النفوس وأصبحت ملكة
متوجة علي عرش السينما العمالية.. كانت نجمة هوليوود بدون منازع..
في زمن الفن الجميل «الأبيض والأسود».
«أنجريد
برجمان» السويدية الأصل التي تتصدر صورتها أفيش مهرجان «كان» في
دورته الثامنة والستين.. والذي يكرمها أيضا ويعرض فيلما عنها في
إطار «كلاسيكيات كان» من إخراج «ستيج بوجركمان» وسوف يحضر عرض
الفيلم ابنتها «إيزابيللا روسيلليني».. والتي ترأس لجنة تحكيم
«نظرة ما» والتي يعرض فيها عشرون فيلما.. وفي إطار الاحتفال وتكريم
«أنجريد برجمان» يعرض أيضا فيلم يتخلله استعراض يستعرض حياتها..
والرسائل المتبادلة بينها وبين روسيلليني.. من إخراج «جيدو
نورلينو» «ولودفيكا دامياني».
وعن الابنة «إيزابيللا روسيلليني» والتي أصبحت نجمة بدورها لامعة..
تضاهي في شهرتها وجمالها والدتها.. بدأت حياتها الفنية «لبيسة» في
أفلام والدها أي بدأت السلم من أوله.. وكان أول من قدمها للسينما
«الأخوان نافياني» والحقيقة إن «إيزابيللا» تشبه والدتها إلي حد
كبير.
< < <
أما عن الجميلة «أنجريد» فولدت لأب كان يبيع آلات التصوير.. ولذلك
منذ ولادتها وعندما وقعت عيناه عليها قام بالتقاط أجمل صور لها..
قائلا للجميع إنه رزق اليوم «بملكة جمال» وتحققت رؤية الأب بأن
أصبحت ابنته فيما بعد ملكة متوجة في هوليوود.
صغيرة «تربت يتيمة» فقد توفيت والدتها ولم يكن عمرها تعدي العامين
ولذلك تحملت مسئولية تربيتها «عمتها» «ألين» الشقيقة الكبري.. في
كنف العمة عاشت سعيدة لكن والدها توفي بعد ذلك ولحقت به عمتها..
فأخذها «عمها» الآخر لتعيش مع أولاده الأربعة.. وتشعر لأول مرة أن
لها أربعة أشقاء كانوا يعاملونها كأميرة باعتبارها الابنة الوحيدة
بينهم.. أولاد العم كانوا هم الإخوة والأصدقاء فيما بعد.. وبسبب
نشأتها وحيدة في سنوات عمرها الأولي.. كان ينتابها دائما إحساس
بالخجل والوحدة.. ظل يلازمها طيلة حياتها.
التمثيل «كان» طريقها للخروج من شرنقة «الوحدة» «والعزلة»
و«الخجل».. وقد شجعها علي ذلك زملاء الدراسة عندما كانت تؤدي لهم
العديد من الأدوار.. فكان المدرسون ينهرونها بشدة.. أما زميلاتها
فقد كن يصفقن لها ويطلبن منها الإعادة أثناء الفسحة المدرسية.. من
هنا بدأ عشقها للتمثيل وحبها للمسرح والسينما.
< < <
موجوعة أنا.. «بالحب».. «والفقدان» هكذا تقول «أنجريد برجمان» في
الكتاب الذي حكت فيها «سيرتها الذاتية».. وذلك بعدما قال لها
ابنها.. أنت وأبي مشهوران وحكايتك تصلح فيلما سينمائيا فلماذا لا
تروينها بنفسك فكان أن استمعت لصغيرها.. وبالفعل قامت بكتابة كتاب
أطلقت عليه اسم «حياتي».
في سنوات طفولتها العشر الأولي.. كانت تختبئ وراء شخصيات عديدة
تقوم بتمثيلها في المنزل.. فهي مرة «ساعي البريد» أو «شرطي
الدورية» أو «كلب» صغير.. يشجعها في ذلك «جمهورها» الذي تمثل في
عمتها «ألين».. ووالدها الذي احترف التصوير.
كان والدها يتمني أن تصبح مطربة «أوبرا».. لأنها تتمتع بصوت جميل..
لكنها هي كانت تعشق المسرح والتمثيل.. ولذلك وهي في الحادية عشرة
من عمرها قررت أن تكون ممثلة ولم يتحقق ذلك سوي بعد أربع سنوات
وذلك بعد رحيل عمتها التي توفيت بعد والدها بثلاث سنوات..
لكن «العم» لم يكن متفتحا مثل الأب.. فكلمة ممثلة كانت عنده مرادفا
«لداعرة».. لكن أمام إصرارها وافق علي أن تلتحق بمدرسة «فنون
الدراما».. في مدرسة الفنون تفتحت «أنجريد» كبراعم الزهر.. ولفتت
أنظار جميع الأساتذة بموهبتها.. وفي هذه الأثناء وقعت في حب طبيب
أسنان شاب يكبرها بسبع سنوات «بيتر ليندستروم».. وليتوج هذا الحب
بالزواج فيما بعد.
وكانت فرصتها الأولي في السينما «جوستاف مولنديه» سنة 34.. وتفتح
لها السينما السويدية أبوابها.. فتركت مدرسة الفنون وإن كانت
اشترطت علي الاستديوهات أن تدفع تكاليف دروس خصوصية لها في مجال
التمثيل لتستكمل ما فاتها من الدراسة.
في سنة 1937 تزوجت من الطبيب الشاب وأنجبت منه ابنتها الأولي «بيا»
ولتفتح لها هوليوود ذراعيها وكانت لم تكمل بعد عامها الرابع
والعشرين.. ليقع الأمريكيون في عشق وهوي هذه السويدية الجميلة.
أما الزوج الحبيب فقد فضل في البداية البقاء في السويد علي أن يذهب
كل فترة إلي أمريكا لملاقاة «أنجريد» وابنته «بيا».. ويزداد لمعان
«أنجريد» وصعودها للقمة بعد أن قدمت أدوارا عديدة من بينها «جان
دارك».
< < <
هذا العشق للسينما الذي قادها للنجاح الكبير.. ورغم السعادة التي
كانت تعيش فيها.. كل ذلك لم يستطع حمايتها من «طوفان» أو زلزال حب
جديد دمر حبها الأول لزوجها ووالد ابنتها.. وكان ذلك عندما شاهدت
فيلم «روما مدينة مفتوحة» فوقعت في غرام الفيلم ومخرجه.. وأرسلت له
خطابا تقول فيه: إنني ممثلة سويدية أمريكية وقعت في غرام فيلمك
وأجيد التحدث بالإنجليزية والفرنسية وبالطبع السويدية لكن لا أعرف
الإيطالية سوي كلمتي «أنا أحبك»
ووصل المعني إلي «زير النساء» روسيلليني.. فأرسل إليها بأنه مستعد
للتعاون معها. وعندما وصل لأمريكا ليتسلم جائزة عن فيلمه «روما
مدينة مفتوحة» عاد إلي إيطاليا بالجائزة وبأنجريد في يده.. والتي
كانت طلبت الطلاق من زوجها الذي رفض بشدة.
في ذلك الوقت قامت الدنيا عليها في أمريكا.. ووصفوها «بالخائنة»..
و«العاهرة» ولم ترحمها الصحافة علي تركها زوجها وابنتها «بيا»..
ولم يساندها في هذا الحب سوي «المفكر إرنست هيمنجواي» وإيرين زوجة
سيلزنيك» الذي وقف معها في بداية حياتها.. ووصلت الفضيحة إلي آخر
مدي عندما تسرب للصحافة أن «أنجريد» حامل وكان روبرت روسيلليني لم
يزل أيضا متزوجا من الممثلة الشهيرة «أنا مانياني» والتي كانت ترفض
الطلاق الذي تم بعد ذلك بصعوبة.
ولذلك كان يجب أن يتم زواجهما في المكسيك.. ورزقا بتوأم إيزابيللا
وإيزوتا.. ورغم الحب الكبير.. وحجم كل منهما فإن الأفلام التي
قدماها لم تكن علي المستوي المطلوب ولم تحقق النجاح المرجو.. ولذلك
أصرت عام 56 أن تقوم ببطولة فيلم «أناستازيا» مع «يول براينر»
ووافق علي ذلك «روبرتو» مضطرا.. فذهبت إلي انجلترا.. واستحقت عن
هذا الفيلم جائزة أوسكار.
والغريب أن هذا الحب الجارف الذي جمع بين «أنجريد» وربرتو انتهي
بالطلاق عندما اكتشفت خيانته لها مع فنانة هندية ناشئة.. وفي ذلك
الوقت كانت تجمعها صداقة مع رجل أعمال سويدي كان يحبها في صمت ولم
يعترف لها بهذا الحب سوي بعد طلاقها، وهو «لارس شميدت» وتتزوج منه
وتعيش معه في سعادة.
أما آخر فيلم قدمته فكان «معزوفة الخريف» مع «ليف أولمان» ومن
إخراج أنجريد برحمان.. وكانت وقتها قد أصيبت بالمرض اللعين «سرطان
الثدي» وتم استئصاله.. لكنها أبدا لم تفقد حبها وعشقها للتمثيل وإن
كانت توقفت عن السينما، لكنها استمرت في العمل علي المسرح حتي
توفيت في التاسع والعشرين من أغسطس عام 1982 وكان عمرها 67 عاما..
والغريب أنه كان نفس الشهر الذي ولدت فيه عام 1915 تاركة رصيدا
فنيا يصل إلي أكثر من خمسين فيلما.. لتكون واحدة من قلائل هوليوود
اللاتي حصلن علي أكثر من أوسكار عن دورها في «ضوء خافت» عام 1944
والثاني عام 1956 «أناستازيا». |