تاريخ مهرجان دبي السينمائي الدولي
تم تأسيس "مهرجان دبي السينمائي الدولي" من وحي رؤية راعي المهرجان صاحب السمو
الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي،
ورئيسه الفخري سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم. وقد بنيت الفكرة على الإرث
التاريخي والجغرافي لدولة الإمارات ودبي باعتبارها ملتقى للثقافات، فكانت
المكان المثالي لاحتضان مهرجان سينمائي دولي، يبني جسور ثقافية وحضارية، ويشكّل
منبراً للحوار الثقافي بين الشرق والغرب، وبين العالم العربي وبقية شعوب الأرض.
واليوم أصبح "مهرجان دبي السينمائي الدولي" الرائد في المنطقة، ومنصة مؤثرة
للسينمائيين والسينما العربية لتقديمها على الساحة الدولية، والصرح السبّاق في
المشهد السينمائي للمنطقة. وخلال عقده الأول، نجح المهرجان في تطوير الثقافة
السينمائية في المنطقة، وتوفير فرص أكبر لصناع السينما العرب، وإثراء المشهد
الثقافي والفني في دبي والإمارات.
والمهرجان هو حدث سنوي غير ربحي، يقام ومنذ دورته الأولى بدعم من رعاته
الرئيسيين طيران الإمارات، السوق الحرة دبي، ومدينة جميرا.
وقد شهد المهرجان خلال سنواته العشر الأولى نمواً كبيراً، من 76 فيلماً و13 ألف
متفرج في 2004، إلى أكثر من 170 فيلماً 100 منها من العالم العربي في دورته
العاشرة، مع نمو في أعداد المتفرجين بنسبة 150%، ليكون المهرجان انعكاساً
حقيقياً لتأثيره الملموس على الساحة السينمائية العربية ودوره في تقديمها
للعالم.
في 2006 تم إطلاق جوائز المهر للاحتفاء بإبداعات السينما العربية ومواهبها
الصاعدة والمخضرمة على حد سواء، فجذبت أنظار العالم وقدّمت وكرّمت أكثر من 255
موهبة سينمائية. وكان للمهر الإماراتي دور كبير للارتقاء بالسينما الإماراتية
كماً ونوعاً، فشهدت الأفلام الإماراتية في الدورة العاشرة من المهرجان زيادة
وصلت إلى 50%، مع تطور كبير في أعداد الأعمال الأولى القوية للمخرجين
الإماراتيين.
ومن واقع التزام المهرجان بتحفيز ودعم وتطوير الصناعة والإنتاج السينمائي
إقليمياً وعربياً، أطلق في 2007 سوق دبي السينمائي، الذي شكّل لتجارة ونشر
الإنتاجات العربية. تقام أنشطة السوق بالتزامن مع المهرجان، ويضم تحته كافة
مبادرات المهرجان السينمائية الرامية لدعم الصناعة العربية والإقليمية
والمحلية، حيث وفّر الدعم منذ انطلاقه لأكثر من 240 فيلماً، كثير منها وصلت
لجمهور عريض، ونالت استحسان النقاد في جميع أنحاء العالم.
ونظراً للاهتمام الكبير والنمو في أعداد الأفلام الإماراتية التي استقبلها
المهرجان بين 2004 و2006، كان طبيعياً التفكير في توفير منصة مخصصة لهؤلاء
السينمائيين، فكانت ولادة مهرجان الخليج السينمائي في 2008، لتوفير المزيد من
الفرص للسينما الخليجية، وإيجاد مساحات مخصصة لعرضها، ودعماً لتطوير الحراك
السينمائي الخليجي ومستقبله.
في عام 2011، دخل مهرجان دبي السينمائي الدولي في شراكة مع دار "آي دبليو سي
شافهاوزن"، صانع الساعات السويسري الشهير، والشريك الرسمي وراعي "ضبط الوقت" لـ
"مهرجان دبي السينمائي الدولي" لإطلاق جائزة "آي دبليو سي للمخرجين الخليجيين"
بهدف تقديم المزيد من الدعم لأعمال السينما الخليجية، حيث تصل قيمة الجائزة إلى
100 ألف دولار أمريكي يتم منحها للمخرج صاحب السيناريو الفائز بهدف الانتقال
بمشروعه من السيناريو إلى السينما. ترأست لجنة تحكيم الجائزة في العامين
الماضيين النجمة العالمية الحاصلة على الأوسكار كيت بلانشيت، وفاز بالجائزة
المخرجة ميسون الباجه جي عن "كل شي ماكو" في 2012، والمخرج وليد الشحي عن
"دلافين" في 2013.
ويجتذب المهرجان سنوياً أهم صنّاع السينما والإعلاميين، حيث شهدت أروقته في
2013 مشاركة أكثر من 1800 سينمائي من 81 دولة، وأكثر من 1500 إعلامي.
ونجح المهرجان أيضاً في ترسيخ مكانته على أجندة الفعاليات الثقافية العالمية
الكبرى، وأصبح محطة سنوية تشهد حضور نجوم الخليج والعالم العربي وهوليوود
وأوروبا وبوليوود وآسيا، فأصبح واحداً من أهم عشرة مهرجانات سينمائية في العالم
وفق مجلة كوندي ناست المتخصصة في السياحة والأنشطة مما برهن بقوة على المكانة
الدولية التي يتمتع بها المهرجان باعتباره حدثاً ترفيهياً وثقافياً وتعليمياً
تفخر دبي باستضافته.
وتعتبر المشاركة والتفاعل المجتمعي من أهم عناصر نجاح المهرجان، فيجتذب في كل
عام المزيد من عشاق السينما من مختلف المشارب والاتجاهات. ويستمر المهرجان في
تحفيز التفاعل الجماهيري عبر تنظيم أحداث سينمائية على مدار العام توفر للجمهور
تجارب فريدة، بالإضافة إلى فرص العمل التطوعي التي يوفرها المهرجان، والتي تفتح
آفاقاً جديدة للمبادرين الذين يتمتعون بحس اجتماعي قوي، الراغبين في أن يكونوا
جزءاً فعالاً من نجاح المهرجان، مما يعزز لديهم الشعور بالانتماء القوي
لمجتمعهم، ليكون المهرجان بحق منهم ولهم.
إن أحد أهم الأهداف الرئيسية للمهرجان هو إيجاد الفرص لصنّاع السينما العرب
لعرض أعمالهم على الساحة الدولية، فدخل المهرجان في شراكات مع أعرق المهرجانات
والمؤسسات ذات التأثير الكبير في الساحة الدولية منها مهرجان كان السينمائي
الدولي، وسان سيباستيان، وفينيسا، ومهرجان مالمو للفيلم العربي، ودوربان الدولي
ومهرجان بياريتز لأفلام أمريكا اللاتينية.
ولا يزال "مهرجان دبي السينمائي الدولي" عاماً بعد عام يزداد زخماً وحضوراً
وتأثيراً وانتشاراً دولياً، دون التخلي عن هويته العربية الراسخة. ويستمر
المهرجان في ريادة نمو صناعة السينما، وتوسيع القاعدة الجماهيرية والثقافية لها
في دولة الإمارات العربية المتحدة. |