«صباح».. 71 عامًا من الشهرة و85 فيلمًا
و3000 أغنية
كتب: أ.ف.ب
استمرت الفنانة اللبنانية صباح التي غيبها الموت فجر
الأربعاء عن 87 عامًا تقاوم الشيخوخة بالغناء والحفاظ على أناقتها
واستمرارية حضورها الإعلامي، حتى الرمق الأخير، وذلك بعد أن طبعت أغنياتها
وأعمالها المسرحية والسينمائية تاريخ الفن اللبناني والعربي على مدى أكثر
من ستين عامًا.
وتوفيت صباح فجر الأربعاء في فندق في بعبدا قرب بيروت حيث
كانت تقيم بحسب ما أفاد مدير أعمالها جوزيف غريب لوكالة فرانس برس.
ولدت صباح أو جانيت فغالي في بلدة بدادون اللبنانية شرق
بيروت في 10 نوفمبر 1927، وكانت الثالثة بين أخوتها، أحبت الغناء والتمثيل
منذ طفولتها، واكتشف عمها موهبتها وعذوبة صوتها الجبلي.
وارتبط اسم صباح بغناء المواويل والميجانا والعتابا
والاغنيات البلدية الفولكلورية، وفي سجلها أكثر من ثلاثة آلاف أغنية.
غنت صباح التراث اللبناني والحب والوطن لكبار الشعراء
والملحنين في العالم العربي، بينهم محمد عبدالوهاب وزكي ناصيف والأخوان
رحباني وتوفيق الباشا وبليغ حمدي وجمال سلامة وسواهم.
ومن أغنياتها المعروفة التي لا يزال يرددها الكبار والصغار
«تعلى وتتعمر يا دار» و«دخل عيونك حاكينا» و«جيب المجوز يا عبود» و«ساعات
ساعات» و«عالضيعة».
وصباح التي لقبت بـ«الشحرورة» و«الأسطورة»، هي أول فنانة
لبنانية غنت على مسرح الأولمبيا في باريس مع فرقة روميو لحود الاستعراضية
في منتصف السبعينات، كما اعتلت خشبات مسارح عالمية أخرى كارناجري في
نيويورك، ودار الأوبرا في سيدني، وقصر الفنون في بلجيكا، وألبرت هول في
لندن، وغنت على مسارح لاس فيغاس في الولايات المتحدة. وبفضل المنتجة
اللبنانية الاصل اسيا داغر، دخلت صباح السينما المصرية في العام 1943 واطلت
في فيلم عنوانه «القلب له واحد» للمخرج هنري بركات.
وتوالت بطولات صباح السينمائية حتى شاركت في نحو 85 فيلمًا
مع كبار الممثلين، بينهم رشدي أباظة الذي تزوجته لفترة وجيزة، وأحمد مظهر،
ومحمد فوزي، وفريد الأطرش. وكانت تعتبر أن أفضل أدوارها السينمائية كان
فيلم «الايادي الناعمة».
وأطلت صباح في 27 مسرحية بينها «موسم العز» و«دواليب الهوا»
و«القلعة» و«الشلال» و«فينيقيا» و«شهر العسل» و«ست الكل» و«وادي شمسين».
و«كنز الاسطورة» هي اخر مسرحية قدمتها مع زوجها السابق فادي لبنان.
وحملت صباح، إضافة إلى الجنسية اللبنانية، ثلاث جنسيات أخرى
هي المصرية والأردنية والأمريكية. وكانت على صلة وثيقة بعدد من الرؤساء
والملوك العرب الذين قدروا فنها، وكانت صديقة لأسرة عاهل الأردن الراحل
الملك حسين.
وإلى جانب صخب حياتها الفنية، عاشت حياة صاخبة على الصعيد
العاطفي، اذ تزوجت تسع مرات من نجيب شماس والد ابنها الطبيب صباح شماس في
العام 1946، وخالد بن سعود بن عبدالعزيز، وعازف الكمان المصري انور منسي
الذي انجبت منه ابنتها هويدا في العام 1952، والمذيع المصري احمد فراج،
والفنانين رشدي اباظة ويوسف شعبان، والنائب السابق في البرلمان اللبناني
يوسف حمود، والفنانين اللبنانيين وسيم طبارة، ثم فادي لبنان الذي تزوجته في
العام 1984 واستمرت علاقتهما 17 عاما، وكان ارتباطها به من اطول زيجاتها.
ولم تتوان صباح التي عرفت بشخصيتها الصادقة والجريئة، عن الاعتراف في حديث
تلفزيوني انها خانت معظم ازواجها مع رجال اخرين لأنهم كانوا يخونونها أيضا.
ورأت ان غالبية ازواجها كانوا يستغلون شهرتها وثروتها
لمصالحهم. وعرفت صباح بكرمها، وكانت تنفق المال بسخاء على من تحب وتساعد من
يحتاج، لذلك كان يطلق المقربون منها عليها لقب«مدام بنك». واتسمت علاقتها
بابنتها بشيء من التوتر، واعترفت صباح بان شهرتها عذبت ابنتها، وان تجربتها
مع ازواجها أثنت هويدا عن الزواج. وحين اصيبت هويدا بأزمة صحية نتيجة
ادمانها في العام 2006 باعت صباح منزلها، واقامت في فندق وادخلت ابنتها إلى
مصح في كاليفورنيا... حتى تماثلت للشفاء.
وكانت صباح رمزا للاناقة، وعرفت بشعرها الاشقر الغزير
المتدلي على كتفيها حتى ارتبطت تسريحتها باسمها، وكانت تردد «أتمنى اذا
خسرت ثروتي إلا أخسر جمالي وأناقتي». ورغم تقدمها في السن، رفضت أن تشيخ
وان تعتزل الغناء، واستمرت في اجراء المقابلات والمشاركة في الاحتفالات
الفنية. ومن آخر اغنياتها «شو فيها الدني» التي تم تصويرها بطريقة الفيديو
كليب.
عبرت صباح عن سعادتها لحصولها على جوائز تكريمية عدة خلال
سنوات حياتها الاخيرة. وكرمها رئيس الجمهورية اللبنانية السابق ميشال
سليمان بتقليدها وسام الارز الوطني برتبة ضابط أكبر ضمن مهرجانات بيت الدين
2011. وكان عرض في العام نفسه مسلسل «صباح» الذي اثار جدلا حول دقة سرده
لمحطات معينة. |