من بين 17 فيلمًا تشارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة ضمن
فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان أبوظبي السينمائي (23 أكتوبر- 1
نوفمبر) تشارك مصر من خلال العرض الأول لفيلم المخرج إبراهيم
البطوط «القط»، وذلك ضمن سياق تنافسي يضم تجارب فيلمية مميزة
أبرزها «فرصة ثانية» لسوزان بيير من الدنمارك و«التجربة» لأكسندر
كوت من روسيا إلى جانب مشاركة عبدالرحمن سيساكو بفيلمه الذي سبق أن
عرض في مهرجان كان «تمبكتو» والملحمة الحوارية الإيرانية «قصص»
للمخرجة ركشان بناعتماد.
«القط» هو الفيلم الرابع في مشوار البطوط الذي بدأ مع تجربته
الرائعة «عين شمس» 2008 ثم «حاوي» 2010 ثم تجربته الأخيرة «الشتا
اللي فات» 2012.
ثمة جذوة كانت مشتعلة في أعمال إبراهيم الأولى (إيثاكي) على سبيل
المثال، ووصلت إلى ذروتها في «عين شمس»، ثم شرعت في الخفوت
تدريجيا، وباتت في أقل مستوياتها في «الشتا اللي فات».
في المشهد الأول من الفيلم نشاهد الرجل الغامض «فاروق الفيشاوي»،
وهو يهبط درجات من سلم نحو مكان يبدو مثل معبد قديم غارق في
المياه، ويبدو في ملابسه السوداء ونظرته إلى الماء مثل كيان غير
بشري قادم من عالم ما فوقي نحو الأرض.
مشهد مشوق وجاذب خاصة مع اختيار المكان الغريب وإضاءته النهارية
الساطعة التي جعلت تناسق ألوان الماء والحجارة ما بين الأخضر
والأصفر تناسق منصف للخيال ومحفز للعين.
فيما بعد سوف تمثل شخصية الرجل الغامض علامة استفهام كبيرة في سياق
الفيلم وسوف ينشغل المتلقين بمحاولة التعرف عليه لكي يدركوا حقيقة
الصراع الذي تتورط فيه شخصية القط «عمرو واكد»، الذي يبدو مثل كائن
آخر غريب يصيبنا ما نعرفه عنه من معلومات وتفاصيل بالحيرة أكثر مما
يقدم لنا من تفسيرات، أو يفتح لنا أقواسا لكي نقترب من الشخصية لكي
ندرك أزمتها، أو محور الصراع الذي تخوضه ضد شخصية الحاج فتحي، تاجر
الأعضاء البشرية.
لا يوجد ما يلزم أي سينمائي في العالم بالشرح أو تقديم المعلومات
الدرامية بطريقة سهلة، ولكن يوجد ما يلزمه بالإيهام المطلوب لكي
تتحول تفاصيل الشخصيات وأبعادها والبيئة الزمانية والمكانية التي
تتحرك فيها مقنعة بالنسبة لأي متلقٍ وعبر جسر الإيهام والإقناع
يتحرك وجدان المتفرج وذهنه صوب الأفكار التي من المتفرض أنها
تنتظره على الشاطئ الآخر من الفيلم.
في المشهد التالي مباشرة للمشهد الإفتتاحي نشاهد القط وهو يتحرك
وسط أمواج من البشر في القاهرة يرتدي زيا بلديا وتتابعه الكاميرا
في حركة ترافلينج طويلة سوف تصبح فيما بعد سمة أساسية لشخصية
الفيلم البصرية، وهي الحركة التي تسير فيها الكاميرا وراء أو أمام
الشخصيات في مسارات وطرق متعرجة توحي بأن الشخصيات تعيش في عالم
سفلي من الجحور والدهاليز التي لا تنتهي.
هذا التوظيف البصري الجيد لفكرة العوالم السفلية أو المسارات
المتعرجة التي تشبه أسلوب العيش في مدينة فقدت أمنها وحكومتها
وصارت نهبا لتجار قطع الغيار البشرية هو أبرز سمات الفيلم بصريا،
خاصة أن عددا من تلك المسارات المتعرجة يتم على ارتفاعات كبيرة في
الأحياء الجبلية بقاهرة العشوائيات والزبالين، لكنه في نفس الوقت
أحد عيوبه الأساسية لأنه يصبح نتيجة التكرار والإصرار الإخراجي
عليه بمناسبة وبدون مناسبة فاقدا لميزته الدلالية في كونه يعطي
إحساس الجحور والشقوق والحياة الأرضية الملتوية، ويكفي ذلك المشهد
الذي تخرج فيه فتاة لا ندري من هي من قصر لا ندري أين هو مرتدية
فستانا قصيرا يقال إنه موديل العشرينيات وبتسريحة شعر تنتمي
للعشرينيات بالفعل، ثم تسير في الشارع بهذا الشكل في وضح النهار،
وتعبر من أمام الحواجز الحجرية التي وضعت لحماية الوزارات الحيوية
لكي تصل إلى الغرفة الحجرية التي يعيش فيها الرجل الغامض كي تبلغه
بمعلومات مبهمة، وتختفي ثم تظهر بعد ذلك في مشهد أو مشهدين تستعرض
ساقيها النحيليتين وتستكمل الصورة النمطية للرجل الغامض بسلامته،
ومساعدته الحسناء التي تشرف على عمليات نقل الأعضاء المشروعة، وليس
سرقتها كما يفعل الحاج فتحي.
وجود هذه الفتاة بمشاهدها القليلة وحضورها الثقيل هو بالضبط ما
يخرج أي فيلم من دائرة الإيهام إلى الإبهام، خاصة إذا ما اتخذ
الفيلم في تصاعد أحداثه إطار غرائبي نسبيا يتجلى في قدرات الرجل
الغامض على استشراف المستقبل، ومشاهدة كل ما يحدث في أي مكان
والخوض في النوايا وبلبلة الأفكار، ويجسد المخرج هذا الاطلاع على
كل شيء بتحويل بعض اللقطات من الألوان إلى الأبيض والأسود، وكأن
الرجل الغامض يشاهدها عبر كاميرات تصوير مخفية في كل مكان، وهو
بالطبع تجسيد لقدرته المطلقة على أن يرى كل شىء في أي وقت.
ورغم ذلك لم تمنع تلك القدرات المطلقة من أن تظل الشخصية في إطارها
النمطي التقليدي الذي قدمت به نفس الشخصية من قبل في العديد من
الأفلام التي يمكن بسهولة أحداث مقاربة بينها وبين القط على رأسها
«سفير جنهم» و«اختفاء جعفر المصري»، ونقصد بها الأفلام التي اتخذت
من تيمة فاوست (الرجل الذي باع نفسه للشيطان) محورها الأساسي.
وبالمناسبة فالحاج فتحي الذي قدم دوره صلاح الحنفي – وهو أحد أسوأ
الممثلين الذين ظهروا في السينما المصرية خلال السنوات الأخيرة -
هو نموذج نمطي أيضا لرئيس العصابة الهارب من فيلم سبعيناتي على
أقصى تقدير، حيث الفجاجة في الشر والشهوانية المفرطة المتمثلة في
فتاتين عاريتين تحيطان به طوال الوقت سواء عند الاستحمام أو النوم.
تبدو المشاهد الأولى من الفيلم مبشرة وواعدة على مستويات كثيرة إلى
أن تبدأ أبعاد الشخصيات في التكشف تدريجيا، وبالتالي تخفت الحماسة
التي ولدتها مشاهد اختطاف أطفال الشوارع وشق أجسادهم، وبيع أعضائهم
أو المتاجرة بعذريتهم.
بالطبع لا ننسى أن تيمة سرقة الأعضاء قدمت من قبل في سياقات
سينمائية مختلفة أبرزها «الحقونا» بطولة نور الشريف، وإخراج على
عبدالخالق، و«الغابة» للمخرج أحمد عاطف، والذي قدم تحديدا عملية
سرقة أعضاء أطفال الشوارع بأكثر الطرق البصرية مباشرة وقسوة.
التيمة أذن ليست جديدة سواء مسألة سرقة الأعضاء أو الرجل الذي
تحالف مع الشيطان أو مع قوى عليا لكي يحقق هدفا ما، ويبني الفيلم
سياقه الدرامي بالكامل من خلال مزج التيمتين، ولكن الصراع الذي كان
يتخذ شكلا تصاعديا جيدا في البداية يصمت فجأة ويتحول إلى علامة
استفهام ضخمة في رأس المتلقي.
فمن هو القط؟ وما هي أهدافه التي يسعى لتحقيقها عبر قبوله التعاون
مع الرجل الغامض؟ ولماذا لم يتخلص الرجل الغامض بنفسه من الحاج
فتحي طالما لديه هذه القوى الضخمة؟ ولماذا يريد توريط القط في قتل
الرجل على اعتبار أن هذا نوع من الاختبار، والذي لن ينجح فيه القط
إلا إذا قتله؟
هناك نوعان من طرح الأسئلة في الدراما: الأول والأنضج هو أن تتحول
حكاية الفيلم وسياقه البصري إلى مجموعة من الأسئلة التي يتلقاها
وجدان المتفرج كي تحرك الدم في روحه وأفكاره، والنوع الثاني وهو
الأسوأ أن تتحول بديهيات الدراما نفسها إلى أسئلة، وعلى المتفرج أن
يجيب عليها كي يستوعب الحد الأدنى من الحكاية والصراع.
تنتمي أسئلة فيلم القط للنوع الثاني، فالمتفرج يجد نفسه طوال الوقت
يبحث عن إجابات لبديهيات درامية يجب أن تتوفر في الفيلم لكي يتفرغ
لمتابعة الصراع والوصول معه إلى الذروة التي تكشف عن الأفكار
والرؤى التي تقف خلف صناعته.
أولى تلك البديهات هي أن يتعرف المتفرج على الجوانب التي تجعله
يدرك من هي أطراف الصراع، وما هو طبيعته ولماذا يخوضونه بتلك
الشراسة، فمن هو القط؟ هل هو بلطجي أم رئيس عصابة سفلية تتعامل
بقانون الغاب لمعاقبة المجرمين في بلد يعيش في فوضى سياسية وأمنية
هي مصر- والفيلم يسميها بالاسم بالمناسبة وفي هذا تشويش كبير على
المتلقي الذي ينحو به الفيلم نحو التجريدية في التعامل مع شخصيات
مثل القط والرجل الغامض- ما هي خلفيته الثقافية أو التعليمية،
والتي تتجلى في صناعته لقنبلة شديدة الانفجار بدقة؟ ما نعرفه أنه
قرر محاربة الجريمة في المدينة بعد أن اختطفت ابنته أمينة، وذلك
بقتل أفراد العصابة التي تخطف أطفال الشوارع وتبيع أعضائهم! ولكن
هل هذا كاف لكي نتفهم دوافعه أو ندرك لماذا تم اختياره لكي يقتل
الحاج فتحي؟ وإذا كان الأمر كذلك فما هو الداعي إذن للخوض معه في
سياق مرض ابيه بالقدم السكري وبتر القدم ودفنه، وزواجه من سلمى
التي لا ندري من هي ولا لماذا عقد قرانه عليها وضاجعها بشدة قبل أن
يجعلها ترحل هي وابنه- الذي ليس منها- إلى الإسكندرية لكي يكونوا
في مأمن من شر معركته مع فتحي!!
هل أراد المخرج أن يبرز لنا سمات ما إنسانية في شخصية القط! حسنا
ولكن ما هي علاقة تلك السمات الإنسانية والتفاصيل الكثيرة بمعركته
مع فتحي!! هل أراد أن ينفي عنه صفة البلطجة والشر، وأن يغسل يديه
من الدم أولا بأول ونحن نراه يتعامل بلطف مع أبيه وبطيبة مع ابنه
الذي يشرب السجائر، ويحمل مطواة في جيبه!
يبدو كلا السياقين منفصلين تماما على مستوى البناء والحبكة ناهينا
عن أن أزمة القط نفسها والتي تتجلي في العثور على فتحي وقتله هي
أزمة مفتعلة جدا ولا معنى لها، ولم يتمكن المخرج من تلخيصها في
جملة (أن ما ردتش أقتل فتحي علشان مكنتش عارف مين اللي وراه) والتي
يقولها القط للرجل الغامض بعد أن يحضر له فتحي تحت قدميه، ثم يرفض
قتله بحجة أن الدم أصبح غير محتمل بالنسبة له، فيبرز الرجل الغامض
ورقته الأخيرة ويساوم القط على معرفة مكان ابنته المختطفة.
هذه المساومة تحديدا تأخرت كثيرا لأنها أكثر قوة بمراحل من شنطة
الفلوس التي يمنحها الرجل الغامض للقط كي يقتل فتحي، أن شخصية القط
شديدة الإنسانية كما نراها في سياق علاقته بأهله أو برفضه قتل أخاه
الغجري لكل من يساعدهم (مثل مزوري البطاقات أوالمخبر الذي يحضر لهم
السلاح)، والذي ترفرف روحه عاليا مثل الطائرة الورقية التي يلعب
بها وتمثل رغبته في السمو عن كل السفالات الأرضية، أو التي ترتبط
بالمنزل الذي ولد فيه أبناؤه في اللقطة التي نراه فيها ينظر إلى
الحجرة شديدة التواضع بأسى حقيقي لأنه سوف يغادرها بلا رجعة، هذه
الشخصية لم تكن في حاجة إلى المال لتقتل رجلا هي بالأساس تريد
قتله، بل كانت بحاجة إلى دافع أكبر وأهم مرتبط بتلك العناصر
وتحديدا الأهل (سواء الحاضرين منهم مثل أبيه أو زوجته وابنه أو
الغائبين مثل ابنته)، وساعتها لأصبحت الحبكة أكثر تماسكا ولوجدت
الصلة ما بين العالمين الذي يتحرك فيهم القط.
وحتى بعد انتهاء المساومة في النهاية وصرخة الرجل الغامض (انت عملت
الصح يا قط)، ويعني قتله لفتحي، نشاهد القط وهو يمضي فوق مركب نيلي
صغير دون أن ندري هل عرف شيئا عن ابنته! هل كان الرجل الغامض وراء
اختفائها من البداية! هل كانت خدعة! لا لمجرد إرضاء الفضول أو
معرفة نهاية القصة ولكن لأن الإجابة على هذا السؤال تحديدا سوف
تجعلنا نتقبل الأسئلة المطروحة من السياق الفليمي ككل، ولأنه على
ضوء الإجابة على أسئلة معينة في القصة تتكشف أسئلة أخرى أكثر أهمية
مثل: هل نحن نعيش في اختبار إلهي يحتم علينا أن نخطئ أحيانا كي
نصحح أخطاء ارتكبت بالفعل؟ هل سيادة قانون الغاب هو الحل في الزمن
الذي غابت فيه العدالة وانعدم الأمن كما في المشهد الذي يتحدث فيه
الرجل الغامض مع القط حول تسليم فتحي للعدالة الغير ناجزة، والتي
سوف تستغرق سنين للحكم عليه!
هل الإنسان مصير في الشر كما أوهمتنا العلاقة ما بين القط والرجل
الغامض أم كان مخيرا بين قبول صفقة القتل أو رفضها!
ثم لماذا هذا الإصرار على أن يتم التعامل مع الرجل الغامض على
اعتبار أنه يقف في منطقة وسطى ما بين الله والشيطان! إننا نشاهده
في مشاهد متتابعة تبدأ من زيارة المعابد الفرعونية، حيث رسومات
الأطباق الطائرة والطائرات الهليوكوبتر مرورا بالمعابد اليهودية
والكنائس وأخيرا المساجد ثم ينتقل بنا المخرج إلى حلقة رقص هستيري
مفعمة بالحسية وحركة الأجساد الساخنة والمغيبة، هل كان هذا ما
يقصده حين قال للقط أنا هتفرج على مصر، ما هذا الخلط بين ما هو
ديني وما هو سياسي وما هو تجريدي وفلسفي! إن التعامل مع الرجل
الغامض على اعتبار أنه شيطان فاوست الشهير لهو أكثر درامية من هذا
الخلط الفكري المبهم بين كون الرجل الغامض تاجر أعضاء بشرية بطريقة
مشروعة وأنه تصور عن الإله الذي قدم للبشر كل شىء في أديانه
المتتالية- وإن كانت الأطباق الطائرة لا علاقة لها بشريعة التوحيد
التي ظهرت في مصر الفرعونية- ثم تركهم يختارون مصائرهم دون أن
يعفيهم من أن يدخلوا في تجربة كلما هبط من عليائه كما في المشهد
الأول إلى الأرض.
تتابع مشاهد المعابد والكنائس تحديدا أحد أكثر المشاهد المبهمة
والمستفزة في سياق الفيلم ككل لأن المتلقي لا يدري لماذا يظهر
الإلة في صورة زعيم عصابة له مساعدة جميلة ويشرف على حفلات شهوانية
راقصة!! ولا نتصور أن صناع الفيلم بالسذاجة التي تسمح بإقحام سياق
سياسي ركيك لفكرة مصر مهد الأديان وأرض السلام إلى آخر هذه
الشعارات السياحية التي ماتت.
ما حدث أن التجربة كلها التي حاول المخرج أن يضع فيها القط عبر
شخصية الرجل الغامض ظهرت بشكل فاسد ومربك وضعيف جدا وهو ما سوف
يصيب هذا الفيلم بالنفور الجماهيري عند عرضه تجاريا لأنه لم يتمكن
من ضبط السياق القصصي على مستوى الحدوتة الخارجية أو تضمين العمق
الدرامي جوهر فكري وفلسفي حقيقي بل مجرد قشور ذهنية فيها من
الادعاء والافتعال أكثر ما فيها من التماسك والنضج والقوة الفكرية.
وتبقى الإشارة إلى أن البطوط أثبت للأسف أنه صاحب حساسية إخراجية
سيئة في اختيار الممثلين وهي الحساسية التي لم تتطور بشكل ناضج بعد
عين شمس وأثبتت فشلها تماما في حاوي والشتا اللي فات، فما الداعي
إلى استخدام أشخاص لا علاقة لهم بالتمثيل في أدوار مثل الأب أو
المخبر، والذين لا يكفون عن النظر إلى الكاميرا، وكأن الحوار ينسكب
من أفواههم بينما تفوح من ملامحهم علامات الاندهاش والحيرة
والارتباك لأنهم غير مؤهلين تماما للوقوف أمام الكاميرا.
أما صلاح الحنفي، وإن كان المنتج فليس له الحق أن يمثل بفلوسه
ويسبب للمتلقي أضرارا وجدانية نتيجة خشونة الأداء وفظاظة التعبيرات
والأساليب الحوارية التي يستخدمها في محاولة أدائه للشخصية.
إن أكثر ما يحدد قدرات المخرج على تحريك وإدارة ممثليه هو اختياره
لممثلين ذو حضور قوي وجاذبية ورسوخ أمام الكاميرا، خاصة في الأدوار
الصغيرة التي لا تخرج عن كونها عدة مشاهدة هنا وهناك، ويعتبر
اختيار كل من سلمى ياقوت بوجهها الشمعي الخامل وأسلوبها الرديء في
إلقاء الحوار وسارة شاهين بملامحها التي تشعرك بأنها مستفزة أو
حانقة طوال الوقت ومخارج ألفاظها المتآكلة هو أكبر دليل على أن
البطوط ينقصه الكثير جدا من خبرات وقدرات المخرج في وضع الممثلين
الملائمين داخل اللقطة كما أن إصراره على أن يعتمد على الارتجال
كأسلوب في بعض المشاهد كما تعود في أفلامه السابقة يعتبر مراهقة
سينمائية يجب أن يتخلص منها في تجاربه القادمة لأن الارتجال لا
يصلح مع كل أنواع الدرامات ولا جميع الأطر السينمائية، خاصة وأنت
تتعامل مع سيناريو معروف الأبعاد ومحدد الشخصيات والأماكن
والتفاصيل وليس حالة فيلمية مثل عين شمس كانت الواقعية الخشنة فيها
تفرض بعض الارتجال والتفاعل الحي بين الممثلين أثناء التصوير.
سيناريو وإخراج: إبراهيم البطوط
تمثيل: فاروق الفيشاوي- عمرو واكد
إنتاج: إبراهيم البطوط- عمرو واكد- صلاح الحنفي
مدة الفيلم: 92 ق |