20
فيلماً تتسابق على "السعفة الذهب" في الدورة الـ 62 لمهرجان
كانّ التي افتتحت أمس
كانّ - من هوفيك حبشيان
"مهداة"
إلى جهابذة الشاشة والمستقلين تتحدى الأزمة
الاقتصادية ببهرجة ونجوم أقل
مركز ثقل البرنامج أوروبا الغربية وآسيا القصوى في
غياب غيرمسبوق للأميركيين
لن تكون كاميرات التلفزيونات الوحيدة التي ستتركز على الحدث خلال 12
يوماً في
كانّ، بل هنالك ايضاً أجهزة المراقبة التي ستساعد الالوف من عناصر قوى
الامن على
تأمين سلامة نحو 60000 محترف موجود هنا و200000 فضولي آتين لمشاهدة صعود
النجوم على
السلالم المؤدية الى قصر المهرجان. تُعتبر كانّ بين أفضل المدن
الفرنسية تجهيزاً
بكاميرات المراقبة. فقد خصصت البلدية منذ عام 2003 شبكة تتضمن 100 كاميرا
مراقبة،
فضلاً عن شبكة تضم 50 كاميرا جُهّز بها قصر الاحتفالات، لاكتشاف أي عمل
مشبوه في
الوقت المناسب. "كانّ" عالم تبرق فيه النجوم، يجعل الفنادق
والمطاعم تكتظ سنوياً،
فتحقق في 12 يوماً بين 10 و12 في المئة من ارباحها السنوية. يؤمّن المهرجان
110
مليون أورو لـ"كان"، في مقابل 700 مليون أورو تجمعها المدينة خلال 300 يوم
في
السنة، وفق الارقام التي أعلنتها البلدية. بعض الفنادق تحقق 15 في المئة من
ارباحها
خلال المهرجان. ويراوح سعر الغرفة في الليلة الواحدة بين 490
و900 أورو. ولكن ثمة
فنادق اكثر تكلفة مثل الـ"مارتينيز" الذي يبلغ سعر الـ"سويت" فيه 28000
أورو لليلة
الواحدة. ومن الفنادق المعروفة الاخرى، الـ"كارلتون" الذي أفتتح قبل سنوات
7 أجنحة
تحمل اسماء نجوم مثل شون كونيري والآن دولون وصوفيا لورين. يتدفق المال
اذاً بكثرة
خلال المهرجان: فالمطاعم تمتلئ كلها. ويجتاح النجوم المتاجر
الفخمة ومحال المجوهرات
وتزدحم الـ"كروازيت" بسيارات الليموزين وسواها من المركبات السياحية
الفارهة.
"مهرجان كانّ" هذه السنة سيكون استثنائياً على أكثر من صعيد.
أولاً، الى
المنافسة الخلاقة التي ستحتدم بين الاسماء المعروفة والكبيرة، ستشهد هذه
الدورة
بداية أعمال الترميم المنتظرة جداً التي تشمل قصر المهرجان والتي كان
المسؤولون
يخططون لها منذ زمن طويل. ثانياً، هذه الدورة لا تشرّع الباب
على المفاجآت. فلن
يكون هناك، أقله في المسابقة الرسمية التي تنهض على 20 فيلماً، أي اسم جديد
وواعد،
وأي اكتشاف فتي آتٍ من أقاصي البلدان النامية. اذ، من أصل 53 فيلماً من 32
بلداً في
التشكيلة الرسمية، هناك فقط ثلاث بواكير. انها دورة شبه
تكريمية لمن اعتاد ان يضع
فيلمه تحت ابطه ويأتي الى الـ"كروازيت" منذ سنوات وسنوات. فأربعة من
المتسابقين سبق
أن نالوا "السعفة الذهب"، في احدى الدورات السابقة للمهرجان: كامبيون؛ لوتش؛
تارانتينو؛ فون ترير. من دون أن ننسى أن لقامات سينمائية مثل المودوفار أو
ايليا
سليمان، العائدين بدورهم، جوائز في هذا المهرجان، وبات لكل عمل
جديد لهم عبور شبه
اجباري من هنا. لذا، الطابة في ملعب الجهابذة هذه السنة. قد لا تكون هذه
المعلومة
دليل قيمة، لكن هكذا اراد كلٌّ من جيل جاكوب وتييري فريمو مهرجانهما، وشدد
عليه
جاكوب في كلمته "التاريخية" التي قد تعتبر مانيفستو لما سيكونه
المهرجان مستقبلاً:
السينما المستقلة أولاً. وسنرى في ختام 12 يوماً من المشاهدة والرصد لأفلام
ستشغل
العيون والاقلام ما اذا كان قرارهما في محله.
المهرجان في النهاية، ما هو الا
هذه الزمرة من الخارجين على قوانين السينما وأعرافها (نويه،
هانيكه، أوديار، هذه
السنة وسواهم). فهذا المهرجان صنع على مدار تاريخه المديد سينمائيين لمعت
اسماؤهم
اينما حلّوا. على مدار 62 عاماً من الحضور المستمر والمخلص والطاغي، عرف
المهرجان
كيف يمزج بين المتعة والثقافة والتجارة. وصفته السرية هذه، ظلّ
يكتمها القائمون على
كانّ حتى بعدما زاد عدد المهرجانات المنافسة. لا شك ان موقع كانّ الجغرافي
الساحر
والمطل على المتوسط والريفييرا الفرنسية، ساعد المهرجان في أن يطير صيته
ويزداد
بريقه عاماً بعد عام، في مكان يحلو للكثير من الاوروبيين
والاميركيين القاطنين
مدناً رمادية السماء، المجيء اليه، بغية الاسترخاء وتعريض جلدهم الابيض
الناصع
لأشعة الشمس! كانّ هو في منظورهم، المكان المثالي لذلك، اذ يستطيعون
الاستحمام وعلى
مقربة منهم كبار نجوم هوليوود المنهمكون في ترويج أحدث اعمالهم.
هذه المدينة
التي تبتعد عن كلّ من موناكو والحدود الايطالية نحو 60 كيلومتراً، لا أكثر،
يتغلغل
في نبضها صخب غير عادي وبريق اعلامي لا سابقة له منذ 62 دورة، الى حدّ أن
المدينة
وشوارعها وفنادقها ومطاعمها تعيش في حالة تأهب مثيرة، وهذا ما
يجعل شمسها تشتد
حرارة ولياليها أكثر دفئاً وساحاتها أكثر اكتظاظاً، وبائعيها، خصوصاً
النساء
المسنّات منهم، أكثر عدائية. مع أن طولها 9 كيلومترات وعرضها لا يتجاوز
الاربعة
كيلومترات ونصف الكيلومتر، فإن كانّ تمنح الاحساس بأنها تختصر
العالم وما يدور فيه،
أثناء الايام الـ12 التي يُعرض خلالها أكثر من 700 فيلم طويل موزعة بين
أقسام
مختلفة. كيفما ذهبت، هناك انطباع بأن كانّ تطعن في تاريخها القديم الذي
أرادها أن
تكون مجرّد مدينة لصيادي السمك والرهبان. هذا العدد المخيف من
الافلام يجلب معه
خدماً وحشماً، من اصحاب العمل والنجوم المشاركين فيه الى الملحقين
الصحافيين. ولعل
اختلافها الوحيد مع برج بابل انه توجد هنا لغة مشتركة، هي لغة السينما. ولا
عجب اذا
اشارت الارقام الى ان عدد سكان كانّ ينتقل بين ليلة وضحاها من
70 ألفاً الى 200
ألف، وهناك مكان للكلّ سواء أكانوا متطفلين أم صحافيين يبحثون عن سكوب، اذ
ان
الـ"كروازيت" الشهير يستوعبهم خير استيعاب. بمعزل عن الحدث الاساسي الذي
يتجسد في
اكتشاف الافلام ومرافقة عملية انتقال سينمائيين من الظلّ الى الضوء، ليس
"مهرجان
كانّ" شيئاً من دون السيارات الايطالية المكشوفة وفتيات الليالي العابرة
وتبادل
بطاقات التعريف في صالونات الفنادق الفخمة، والحديث عن ثمن
المجوهرات التي تقتنيها
نجمة معروفة.
لا شكّ ان حيوية "مهرجان كانّ" تكمن في وعيه أن السينما لا سابق
لها وهي الأم التي ستلد اجيالا من التقنيات تغير مفهوم المشاهد، ومثله
اساليب
الانتاج. الشيء الوحيد الذي لا يملك "كانّ" القدرة في صناعته
هو المتفرج العالمي
الذي ينتظر فرحة المهرجان كل سنة ليستأنس بأشرطة متميزة بمسؤولياتها
الابداعية
والايديولوجية والتي تنتصر له ككائن يسعى الى المشاركة الجمعية. وليس هناك
افضل من
السينما توفرها له من دون منّة.
اذاً، 1670 فيلماً طويلاً، من 120 بلداً، ارسلت
الى "مهرجان كانّ" السينمائي الذي انطلق أمس ويستمر الى 24
أيار، لم يختر منها الا
حفنة من الافلام التي سنشاهدها في الدورة الثانية والستين لأهم التظاهرات
السينمائية في العالم وأعرقها التي افتتحت هذه السنة بشريط التحريك "فوق"
لاستوديوات "بيكسار" الثلاثي البعد.
لكل من السينمائيين المشاركين في المسابقة
فيلم سيكون حديث الناس في الايام المقبلة، سلباً أو ايجاباً.
بعد انقطاع دام ست
سنوات، تعود المخرجة الاوسترالية جاين كامبيون بـ"النجمة الساطعة" وهذه حال
كوانتن
تارانتينو، الأميركي الوحيد المشارك في المسابقة، بحيث أنتهى أخيراً من
اتمام فيلمه "السفلة
المجهولون" الذي تجري حوادثه أثناء الحرب العالمية الثانية. وكان تارانتينو
يبلغ الثامنة عندما سمع بـ"كان" للمرة الأولى. في عام 1992 عندما تسلل
بطريقة غير
شرعية لمشاهدة فيلم "حدث بالقرب من منزلكم" قبض عليه رجل امن، ودار بينهما
"خبيط"
دموي. على رغم ذلك، بات يعترف بأن هذا المكان هو الجنة بالنسبة الى
السينيفيليّ،
"والجميع يحلم بالذهاب الى الجنة".
هناك أيضاً البريطاني كين لوتش الذي يأتي،
بعد 3 سنوات على نيله "السعفة" عن "الرياح التي تحرك الشعير"،
بعنوان غريب، "البحث
عن اريك"، حول اللاعب في فريق "مانشستر يونايتد" اريك كانتونا،
الذي له أيضاً دور
في الفيلم. أما آخر الحائزين "السعفة"، الدانماركي لارس فون
ترير، فمن المتوقع أن
يحدث فيلمه الجديد "انتي كريست" ("المسيح الدجال") "فضيحة" في المهرجان،
نظراً الى
المشاهد الساخنة التي يتضمنها، ويروي قصة ثنائي يعيش معاناة
وجودية كبيرة.
من
فرنسا، اربعة أفلام لأربعة سينمائيين يختلف أحدها عن الآخر على نحو جذري:
"نبّي"
للقدير جاك أوديار؛ "في الأصل" للحرفي كزافييه جيانولي؛ "فجأة الفراغ"
للصدامي
غاسبار نويه و"الأعشاب المجنونة" للمعلم الثمانيني آلان رينه، الذي تشكل
عودته الى
كانّ حدثاً استثنائياً. فالرجل، صاحب "هيروشيما حبي" و"السنة الماضية في
مارينباد"
شارف التسعين، تحديداً الـ87، ولكن سينماه لا تزال في ذروة النضارة والشباب
والحركة، ولا يزال لرينه الكثير ليقوله عن الطبيعة البشرية،
والعلاقات في المجتمع
الحديث، والعزلة في المدن الكبيرة. كذلك في جعبته تقنيات سردية واحتيالات
بصرية
قديمة ـــ جديدة. لم يصبح اسيراً لـ"سينما العجزة" التي الصقت كتهمة على
جبين
سينمائيين في ربيع عمرهم.
دقيقٌ في اتمامه العمل دقة تبلغ حد الوسواس، لا يزال
رينه وفياً لبعض معاونيه منذ ثمانينات القرن الماضي، ولا سيما فريق
الممثلين من
اندره دوسولييه الى بيار ارديتي فسابين ازيما التي يعتبرها
ملهمته. خلال رحلة
التقاط المَشاهد، الأحب الى قلب رينه أكثر من غيرها من الرحلات، يلعب
واياهم لعبة
قائمة على الحزازير وشدّ الحبال، والهدف من هذا كله: ان يعرف الممثل من
تلقاء نفسه
كيف يبني كاتدرائية الانفعالات التي يوصي بها المخرج الكبير.
الأهمّ لرينه ان لا
يجبر على الاجابة التبريرية لسلوك هذا أو ذاك. فالتبرير يُفقد الفن هيبته.
اكثر من
فيلم له دخل قائمة النقاد العالميين لأهم الافلام على الاطلاق. سورياليّ
النبرة،
وله اب روحي يدعى اندره بريتون. تعاون رينه مع كبار الاسماء في الادب
والسينما، من
مارغريت دوراس وهنري لابوري الى خورخيه سمبروم وألان روب غرييه،
بيد ان تعبير "مخرج
Intellectuel"
يتلقاه بسلبية كبيرة، مفضلاً تعريف "صانع الانترتنمنت" على
المثقف،
وهو بحسب الكثيرين الذين عاصروه، جديّ لكن بجرعات قليلة. بقي وفياً لأندره
دوسولييه
وسابين أزيما اللذين يلعبان في جديده، لمرة جديدة. يقول: "اذا تعاونت
والفريق نفسه
منذ سنوات، فذلك ثمرة الصدفة. لم يكن استخدام الاشخاص نفسهم نوعاً من مبدأ
عندي.
لكن كان من الممتع ان التقي هؤلاء مجدداً. لماذا استغني عن اشخاص يريحني
العمل
واياهم؟ بطولة سخيفة ان ارفض مثل هذه الفرصة. في المقابل، لا أقرر مسبقاً
من يلعب
من. اني منفتح في ما يخص هذا الجانب. أنا من الذين يدعمون فكرة
اعتماد سياسة
للممثلين على غرار سياسة المؤلفين. البعض يرى في هذا استفزازاً. ارى انه
ليس ما هو
أكثر بديهية من الذهاب لمشاهدة فيلم لأن هناك، بكل بساطة، نجماً نحبه يتربع
في اعلى
ملصقه الاعلاني. عندما بدأت بإنجاز الافلام، التزمت قاعدة
مفادها عدم اخراج فيلمين
متتاليين مع الفريق نفسه، وينبغي ان يفصل بين الفيلمين فيلم آخر يتم انجازه
مع فريق
آخر. الأمر المثالي هو ان ننجز فيلماً كل سنة، لكن في الواقع، لا أجد
منتجاً يسمح
لي بذلك، فأضطر الى انجاز فيلم مرة كل ثلاث سنوات، لذا لاحظت
والممثلين الذين اعتدت
ادارتهم اننا لم نكن نلتقي خارج اطار الفيلم بما يكفي، واعتبرنا ان افضل
طريقة
للمحافظة على علاقاتنا الطيبة هي ان نستمر في العمل معاً. من جهة اخرى ما
يعجبني في
العمل مع أناس حفظت خطواتهم عن ظهر قلب، هو انه يمكننا انتظار
المفاجآت منهم. أعرف
أن هناك تناقضاً في ما اقوله، لكن هذا يحصل. نلمس احياناً لدى الممثل الذي
سبق
وعملنا معه شيئاً، وهذا الشيء يجعلنا ندرك أننا امام شيء لم نعتده من قبل.
اما اذا
اخترنا العمل مع ممثل لا نعرفه، فهذا يحرمنا من المفاجآت".
الى هؤلاء الفرنسيين
يضاف الفرنسي الآخر يان كونن، الذي يختتم 12 يوماً من المشاهدة الأكولة
بفيلم "كوكو
شانيل وايغور سترافينسكي". ومن الذين اعتدنا حضورهم المتكرر على ضفاف
الريفييرا
الفرنسية دورة بعد دورة، هناك بيدرو ألمودوفار الذي ننتظر منه "العناقات
الكسيرة"،
وهو المخرج الذي "لامس السعفة" مراراً من دون أن ينالها. ينتمي
الشريط الى النوع
الاسود الذي يستهوي ألمودوفار."انا من الذين يعشقون الفيلم الأسود. في
اسبانيا لا
نملك هذا التقليد السينمائي. سبق وخضت تجربة الفيلم الأسود في "باللحم
والعظام"،
لكن في "التربية السيئة" اتطرق اليه بأسلوب مكتمل وعميق. هذا النوع بالنسبة
اليَّ
يمثل عرضاً لأسوأ ما تملكه الطبيعة الانسانية، و"الاسوأ" هو ما يهمّني
دوماً. احب
عندما يتخذ الشر مأوى في قلب البشر".
النمسوي ميكاييل هانيكه سيكون ايضاً من بين
العائدين الى المسابقة مع "الشريط الأبيض". بعد ثلاث سنوات على
تقديمها "طريق
حمراء" في كانّ، تشارك المخرجة الانكليزية اندريا ارنولد بـ"حوض سمك"، في
حين
تنافسها نظيرتها الاسبانية ايزابيل كواكسيت بـ"خريطة ضوضاء طوكيو".
عديدة هي
البلدان التي غيِّبت عن التشكيلة الرسمية هذه السنة، ولعل أهمها المانيا.
أما
المناطق التي كانت مصدر ثقل للمهرجان في الاعوام الماضية، وهي أميركا
الشمالية
والجنوبية، فلن تكون حاضرة في المسابقة. أوروبا الشرقية، هي
الأخرى، مستبعدة. في
المقابل، عادت سينما الشرق الاقصى تشقّ طريقها الى المهرجان، اذ لها فيه
ستة أفلام،
أي أقل بقليل من ثلث المسابقة: "أن نأخذ وودستوك" لآنغ لي، "كيناتاي"
لبريانت
ميندوزا، "عطش هذا هو دمي" لبارك تشان - ووك، "انتقام" لجوني تاو، "وجه"
لتساي مينغ -
ليانغ و"ليالي سكر ربيعية" للو يي.
في قسم "نظرة ما" المحاذي للمسابقة
الرسمية، نجد كذلك بعض الاسماء سبق لها أن اثبتت قدرتها
السينمائية، أهمّها باهمان
غوبادي، ميا هانسن ــ لاف، بافيل لونغين، كورنيليو بورومبيو ورايا مارتين.
بالاضافة
الى اثنين من كبار السينما العالمية: آلان كافالييه وهيروكازو كوري ــ
ايدا. الى
هؤلاء، هناك الكبير فرنسيس فورد كوبولا الذي يفتتح "اسبوعا
المخرجين" بـ"تيترو".
كلنا أمل في ان تجد "السعفة الذهب" ضالتها في هذا اليم الثري من
الاسماء التي
سبق لها أن كُرِّست من على أعلى منصة سينمائية. وأن تكون مهمة رئيسة لجنة
التحكيم
الممثلة ايزابيل أوبير غاية في الصعوبة. ولكن يجب عدم استبعاد الخيبة
أيضاً. ففي
الدورة الفائتة، كانت هناك نصوص عُرضت في "نظرة ما" مثل "جوع"
لستيف ماكوين كان
اكثر نضجا من شريط زميله الفرنسي فيليب غاريل "حافة الفجر"
المعروض في المسابقة،
والذي عانى تهافت فكرته وسفاهة حواراته وضعف شخصياته، فيما كان البعد
السياسي
لإضراب المناضل الايرلندي بوبي ساندز عن الطعام حتى الموت يملك ارتجاعات
آنية لما
يحدث في بقاع كثيرة في العالم من مظالم وتعذيب ومهانات. وفق المنطق عينه،
استبعدت
الكوميديا الشفيفة "أوهورتن" لصاحب "حكايات مطبخ" النروجي بنت
هامر الذي نال
المدائح عند عرضه عام 2003 لابتكارية قصته التي دارت في مطابخ
شخصيات ممسوسة، مع
انه أغنى بكثير من شريط "خدمة" لبريانت ميندوزا، (العائد هذه السنة!) ويكرّ
الامر
على أفلام أخرى في المسابقة، في وقت كان الفيلم الثاني للمكسيكي أمات
أسكلانتيه
"أولاد الزنى" المفعم بوحشيته المفاجئة، يعرض خارج المسابقة.
على رغم كل ما قيل
عن أفلام عربية جيدة قد تشارك في دورة هذه السنة، لم تختر الادارة في
المسابقة،
الاّ "الوقت المتبقي" للفلسطيني ايليا سليمان، الذي انطلق الى العالمية، من
هنا،
اثر مشاركته بـ"يد الهية" قبل سبعة أعوام. ولا شك ان إشكالية السينما
العربية في "كانّ"
هي من ذنوبنا الخاصة. المعضلة متراكبة بين الانتاج التقليدي المتهافت
والفورة المصطنعة التي بدأت بها مهرجانات وليدة تسبق العطايا
قبل تأسيس مشروعية
انتاجية. إضافة الى ذلك فإن عمل العرب فردي، الامر الذي يُكثر من خسائرهم
داخل
المنظومة السينمائية الدولية.
"السينمائي يخطئ بالاعتقاد انه يلتقط ما يدور
امامه من حقائق، لسبب انه يصوّب الكاميرا الى مكان، بينما تكون الحقيقة
احياناً على
بعد سنتيمترات من ذلك المكان". هذا القول لايليا سليمان الذي يروي 60 عاماً
من
التاريخ الفلسطيني، بين العام والخاص، في "الوقت المتبقي". يسعى سليمان
دائماً الى
خلق امكانات توصل المساحة الشعرية الى نوع من الدمقرطة، يستطيع المشاهد من
خلالها
ان يتشارك عملية انجاز الفيلم على النحو الذي يراه، وليس فقط بالشكل الذي
يريده
المخرج. يقول: "الحب يوصلك الى أقصى درجات الحياة، وأنت في كل
أحساسيك تعيش لحظات
آنية في الحاضر. هذه اللحظات ونشوتها تتسبب لك بالخوف والحرج، لأنها تقربك
الى شيء
غير موجود في حياتنا اليومية المملوءة بالسذاجة، وتوصلك الى أماكن تعيش
فيها هلوسات
معينة. عندما يحارب الانسان الموت، أو عندما يحب، يمر في حالة ذهنية ذات
شأن".
سينماه، حتى "يد الهية"، لا تؤمن كثيراً بالحوار. فهل من تفسير آخر
لغياب
الكلام في هذا الفيلم الذي حرص على تصوير فقدان الصلة بين الناس؟ لكن
سليمان يملك
نظرية اخرى قد تفسر هذا الصمت، وهو انه لم يتابع دراسات اكاديمية، وكونه لم
يدرس
تاريخ السينما كما في المعاهد المتخصصة، دخل المجال بالسذاجة
نفسها التي كانت عند
رواد السينما عندما قدموا أعمالهم الأولى. طبعاً، سينماه ليست ساذجة لأنها
تعيش في
عالم مركّب وعصري، والحقيبة الثقافية التي يمتلكها من خلال عبوره لكل
الثقافات،
جعلت عملية تحقيق الفيلم تتحول مسألة معقدة. فلأجل الوصول الى
البساطة التي يراها
المشاهد على الشاشة، يجدر المرور في عملية جد معقدة.
في السينما العربية، ابتكر
سليمان اساليب تعبير نظيفة غير مستهلكة وجديدة. أسلوبه في عرض
اللقطة يدفعنا الى
القول "وماذا بعد تلك اللقطة؟". أما إمكان تقليده، فكان ضيقاً: "من الصعب
ان يكون
لديّ العنجهية، بعد فيلمين طويلين و5 افلام قصيرة، ان اقول عن نفسي أني
تحولت الى
مدرسة!؟ ربما يساهم "يد الهية" في خلق نوع من الشجاعة والجرأة عند الجيل
الصاعد من
الشباب العرب، لكن لا استطيع ان اقول أكثر من ذلك"، قال لي في لقائي الأخير
معه.
يبقى أن نعرف ما اذا كان "الوقت المتبقي"
سيكون في المزاج عينه لأفلامه السابقة.
عروض منتصف الليل:
• "مدينة تدعى ذعر" لستيفان أوبييه وفانسان باتار.
• "خذني
الى الجحيم"
لسام ريمي.
• "لا
تستديري" لمارينا دو فان.
خارج المسابقة الرسمية:
• "أغورا" لأليخاندرو امينابار.
• "ايماجيناريوم
الدكتور بارناسوس" لتيري
غيليام.
• "جيش
الجريمة" لروبير غيديغيان.
المسابقة الرسمية:
•"فوق"
لبت دوكتر (افتتاحاً، خارج المسابقة).
• "العناقات
الكسيرة"
لبيدرو ألمودوفار.
• "حوض سمك" لأندريا أرنولد.
• "نبيّ"
لجاك أوديار.
• "انتصار"
لماركو بيلوكيو.
• "النجمة
الساطعة" لجاين كامبيون.
•"خريطة
ضوضاء
طوكيو" لإيزابيل كواكسيت.
• "في
الأصل" لكزافييه جيانولي.
• "الشريط
الأبيض"
لميكاييل هانيكه.
• "أن
نأخذ وودستوك" لأنغ لي.
• "البحث
عن اريك" لكين
لوتش.
• "ليالي
سكر ربيعية" للو يي.
• "كيناتاي"
لبريانت ميندوزا.
• "فجأة
الفراغ" لغاسبار نويه.
• "عطش،
هذا هو دمي" لبارك تشان ــ ووك.
• "الأعشاب
المجنونة" لألان رينه.
• "الوقت
المتبقي" لايليا سليمان.
• "السفلة
المجهولون" لكوانتن تارانتينو.
• "انتقام"
لجوني تاو.
• "وجه"
لتساي مينغ ــ
ليانغ.
• "انتي
كرايست" للارس فون ترير.
• "كوكو
شانيل وايغور سترافينسكي"
ليان كونين (ختاماً، خارج المسابقة).
نظرة ما:
• "أمّ" لبونغ جون هو.
• "ايرين"
لألان كافالييه.
• "ثمين"
للي
دانيالز.
• "غداً
عند الفجر" لدوني ديركور.
• "في
ديريفا" لهايتور
داليا.
• "كازي
أز ..." لبهمان غوبادي.
• "رحلات
الرياح" لسيرو غيرا.
• "والد
اولادي" لميا هانسون - لاف.
• "حكايات
العصر الذهبي" لكريستيان مونجيو
(وآخرون).
• "قصص
الظلام" لنيكولاي خوميريكي.
• "كوكي
نينجيو" لهيروكازو كوري -
ايدا.
• "انياب
الكلب" ليورغوس لانتيموس.
• "تسار"
لبافيل لونغين.
• "استقلالية"
لرايا مارتين.
• "شرطي،
صفة" لكورنيليو بورومبيو.
• "نانغ ماي"
لبن - ايك راتاناروانغ.
• "ان
نموت كرجل" لخاو بيدرو رودريغيز.
• "عيون
منفتحة" لهايم تاباكمان.
• "شمشوم
ودليلة" لوارويك تورنتون.
• "الجيش
الصامت"
لجان فان ديه فيلديه.
عروض خاصة:
•"جاري،
قاتلي" لآن أغيون.
•"مانيلا"
لأدولف اليكس، جي أر، ورايا
مارتين.
•"مين
ي" لسليمان سيسه.
•"شوكة
في القلب" لميشال غوندري.
•"عريضة"
لزاو ليانغ.
•"يافا"
لكارين يدايا.
النهار
اللبنانية في 14
مايو 2009
|